Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 28 يوليو 2013

الموقف السياسي - الترويكا في عين الإعصار، فهل حل موعد الرحيل؟

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الترويكا في عين الإعصار
وليس لها من حل إلا الرحيل أو..
تونس/ الصواب/27/07/2013
إذا جاز أن نتحدث عن الترويكا، فإنها اليوم تبدو في عين الإعصار.
نقول إن جاز ذلك، لأن الواقع السياسي منذ كانون الثاني يناير 2012 ، ينبئنا أنه ليس هناك ترويكا  ولا هم يحزنون، وأن النهضة هي الحزب الحاكم والحاكم وحده، وأن "الحزبين" المؤتلفين معها، كانا في أحسن الأحوال لا أكثر من أفراد كومبارس، لا حول ولا قوة لهما، نالا مناصب يمكن مجازا أن تعتبر عالية ، ولكن خالية من التأثير.
وبدا عن حق أو باطل  للكثير من التونسيين أنهما في تلك الصفقة قد باعا مبادئهما، وتحولا إلى تابعين لا أكثر ولا أقل، ونالا مقابل ذلك، منصبا لرئاسة الجمهورية فارغا من كل محتوى، ومنصبا لرئاسة المجلس التأسيسي ليس له من حول ولا طول، باعتبار أنه منصب خضع لأغلبية نسبية للنهضة، تحكمت بالمؤتمر والتكتل، الحريصين على المناصب أكثر من حرصهما على أن تكون لهما كلمة مسموعة، كما هي العادة عند عقد التحالفات الحكومية في الديمقراطيات الحقيقية الفعلية، ولنا مثال لذلك اليوم في بريطانيا وفي ألمانيا.
إذن وببضعة مناصب لا معنى ولا وزن لها كرئاسات مفرغة، ووزارات ثانوية وكتابات دولة مركونة تحت سلطة وزراء نهضويين أقوياء يجمعون كل الخيوط، قبل التكتل والمؤتمر أن يبتلعا كل الثعابين ، ويصطفا تحت رغبة "نهضة" استقر لها حكم مطلق ، كما يكون الأمر في أحكام الإطلاق كما وصفها بن أبي الضياف في كتابه الشهير"إتحاف أهل الزمان".
وعلى مدى عام وسبعة أشهر انتظر مناضلو الحزبين، أن "ترتجف" القيادتين بمعنى الاستفاقة والتحرك، ولكن لا من منادي، وغلب التشبث بالكراسي على كل شيء آخر، ولو ذهبت البلاد في داهية. واليوم جاءت ساعة الحساب.
استولت النهضة، على الولايات والمعتمديات، استولت على الإدارات العامة في الوظيفة العمومية، استولت على رئاسات الشركات الوطنية، استولت على السفارات، وتركت الفتات لحزبين كان الهم الأكبر لهما، البقاء في مناصب رئاسية مفرغة، ووزارات معينة لا هي في العير ولا في النفير، وبشخصيات غالبها تنقصها الكفاءة، والخبرة، والقدرة، تماما كما هو شأن غالب وزراء النهضة.
وأعفي رجال كانوا في قمة العطاء وركنوا على الرف رغم خبرتهم وكفاءتهم، المشهود بها  في بعض الأحيان دوليا، وتم تجاوز القانون بفظاظة في تعيين الولاة، وهو قانون تم احترام مقتضياته على مدى أكثر من 50 سنة، وبات الانتماء للنهضة هو المقياس الأوحد للتعيين.
من هنا فإن مسؤولية الحزبين الاثنين، أو ما بقي منهما، فقد أصبح كليهما شبحا لما كانا عليه في 23 تشرين الأول أكتوبر 2011، بالإضافة إلى  أن ما كانا عليه في تلك الفترة  لم يكن لا كبير أو مؤثر، وأن أحدهما اعتمد في مرشحيه على استلاف نهضويين عرفوا بنهضويتهم منذ سنوات طويلة، حسبوا خاصة على المؤتمر، فيما ولاؤهم للنهضة والنهضة وحدها.
هذا ما أوصل البلاد، إلى أن تضع النهضة  يدها ليس فقط على مقدرات البلاد، ولكن أيضا على مفاصل الدولة ، بتواطئ  دعنا نقول إنه "مجرم" من منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر.
رجلان سيحاسبهما التونسيون، حالا، ولكن أيضا سيحاسبهما التاريخ على مساهمتهما فيما وصلت إليه البلاد حاليا من عنق زجاجة ضيق، لا مخرج منه، وما يتمنى المرء هو أن لا يكون ذلك المخرج بسيل من الدماء.
**
 هذه الوضعية التي كانت عليها البلاد عند منتصف النهار من يوم الخميس 25 تموز يوليو 2013عندما انطلقت 14 رصاصة في جسم رجل عرف بدماثة الأخلاق، الحاج محمد البراهمي نائب في المجلس التأسيسي زعيم حزب ورجل ذو قرار في تحلف حزبي هو الثالث في الأهمية في البلاد، أصيل سيدي بوزيد التي أطلقت ثورة ستكون مرجعيتها الدولية تاريخية.
الأمر قبل تلك اللحظة وبعد تلك اللحظة ليس متماثلا.
ابتلع التونسيون قول الحبيب بن خذر:"سنبقى على قلوبكم"
ابتلع التونسيون أيضا: قول الصحبي عتيق الذي أعلن أن"معارضي الشرعية سيسحقون بالأقدام" وأكثر من ذلك مما يوحي بالقتل.
ولكنهم هذه المرة لم يستطيعوا ( التونسيين) أن يبتلعوا المرور إلى الفعل، باغتيال محمد البراهمي ، 6 أشهر يكاد يوما بيوم بعد اغتيال رجل سياسي آخر هو شكري بلعيد، 9 أشهر بعد سحل مناضل سياسي آخر هو لطفي نقض.
الاستنتاج الذي خرج به التونسيون أو جانبا كبيرا منهم لأن التعميم الشامل غير جائز، أن المعارضين ليسوا في أمان في هذا البلد الآمن، الذي لم يعرف في تاريخه الحديث الاغتيال كأداة للتعامل السياسي.
 هذا الاستنتاج الأول أفضى باستقراء الواقع المعاش إلى استنتاج ثان، يقوم على قاعدة سياسية معروفة، في كل بلاد الدنيا حتى تلك التي لا تقوم فيها ديمقراطية، وهي أن الحكومة التي لا تقدر بل تعجز عن تأمين حياة أبنائها عليها أن ترحل.
طبعا الحكومات لا تقدر دوما على دفع ما يخبئه القدر، ولكنها تعتبر مسؤولة، وكل التجارب تدل على أنها لا بد في مثل هذه الأحوال أن ترحل.
لنعطي كمثل على ذلك، بمناسبة المؤامرة التي حيكت في سنة 1962، وكانت تستهدف تقويض النظام القائم، وحياة بورقيبة، دفع الثمن مدير الأمن آنذاك إدريس قيقة، فعزل في ظروف قاسية، وتردد أن بورقيبة وقتها سعى إلى عزل وزير الداخلية الطيب المهيري، إلا أن اللقمة كانت أكبر من أن يستطيع ابتلاعها، فتراجع عن ذلك تحت ضغط الرجل وزملائه في الديوان السياسي.
في سنة 1967 وبعد أحداث يوم 5 حزيران يونيو 1967، بعد اندلاع حرب  حزيران يونيو،  دفع مدير الأمن العام آنذاك فؤاد المبزع الثمن ، وكاد يدفع الثمن معه يومها الباجي قائد السبسي وزير الداخلية وكان وقتها تحت حماية أحمد بن صالح الرجل القوي في السلطة، ولكن رفاق بورقيبة منعوه من أن يقدم على تلك الخطوة.
مباشرة بعد الهجوم على "قفصة" في كانون الثاني يناير  1980، تم عزل زين العابدين بن علي من الإدارة العامة للأمن الوطني، وأرسل سفيرا في بولونيا،  وتم عزل وزير الداخلية عثمان كشريد ، بينما أصيب  رئيس الحكومة الهادي نويرة بالفالج وغادر منصبه.
  وفي شهر كانون الثاني يناير 1984، وبعد ثورة الخبز، تمت التضحية مرة أخرى بإدريس قيقة ، وزير الداخلية آنذاك ، وكاد أن يصل الأمر إلى رئيس الحكومة محمد مزالي ، الذي تم الاحتفاظ به سنتين عزل بعدهما في سنة  1986 وفقد فيهما الغالب من صلاحياته بين فترة تلك الثورة وفترة عزله.
بعد اغتيال شكري بلعيد في 6 شباط فبراير 2013  وما بالعهد من قدم ، تحمل حمادي الجبالي رئيس الحكومة ما أسماه بالفشل وذهبت حكومته ، واستنتج أن عليه إما أن تطلق يده في تشكيل حكومة كفاءات أو أن يذهب.
 وذهب غير قابل باستمرار تجربة حكومة محاصصة حزبية، لا تعتمد كفاءات تكنوقراطية قادرة على تسيير ما بقي من المرحلة الإنتقالية.
إذن الطبيعي في مثل هذه الأحوال، إما أن يذهب الوزير المناط بعهدته أمر أمن المواطنين، أو الحكومة بأكملها باعتبار خطورة الحالة.
**
وسقطت الحكومة ..
سال الدم وانسكب فروى أرض تونس.
أمر لا ينبغي الاستهانة به.
أمر لا يمكن أن يمر هكذا.
أمر انقبضت له قلوب التونسيين أغلبهم حتى لا نقول كلهم، وكادت أن تنفطر.
إلا مجموعة ممن فقدوا الإحساس الإنساني، ذلك طبيعي وهو أمر يهمهم، ولكنهم فقدوا أيضا الحس السياسي وهذا يهم بلدا بكامله بكل فئاته، إلا من يقفون معهم إما تأييدا أعمى، أو طمعا.
هكذا يمكن للمرء أن يلخص ما تمر به تونس هذه الأيام.
للمرة الثانية في ستة أشهر يتم فيها اغتيال زعيم وطني، رميا بالرصاص في واضحة النهار وفي أحياء مأهولة، للمرة الرابعة منذ قدوم النهضة للحكم وتوابعها، ممن لا وزن لها، مجرد زوائد دودية بقيت أو استؤصلت لا فائدة لها ولا مضرة من إزالتها. ابتلعت كل الثعابين التي تم تقديمها لها، وانتهت إلى مجرد اللهاث وراء كراسي تتشبث بها بلا أدنى شعور بالكرامة، تشهد على ذلك ديباجة الدستور المقترح، والفصل 141، والأحكام الانتقالية، وهي تسمي نفسها أحزاب مدنية إن لم تقل لائكية.
والحكومة القائمة استقالت أو لم تستقل، سقطت بحكم عناصر عديدة:
أولا: أن الدم الذي انفجر من شرايين محمد البراهيمي، ليس ماء، وأن مسؤوليته تقع على عاتق الحكومة،  والمقصود ليس الحكومة في القصبة ولكن توابعها في قصر قرطاج وفي باردو ،وأي حكومة قائمة في العالم وبعد حالة (لا أريد وأخجل من  أن أقول حادثة كما قال الوزير بن حميدان الذي فقد هو الآخر الحس الإنساني والحس السياسي) مثل هذه الحكومة لا بد أن تذهب وترحل، إذا لم يكن همهم أي أعضاؤها  منصبا، إن لم يكن أخطر من ذلك بالاستقرار إلى ما لا حد له في الحكم، واعتبار أن النجاح ، ولو بأغلبية نسبية في انتخابات سابقة  هو تذكرة ذهاب بلا عودة، والبقاء المؤبد في السلطة.
ولعل السيطرة على مفاصل الدولة عبر تسميات في غالبها نهضاوية  وفتات منها لأحزاب "الائتلاف"، في زمن فترة انتقالية هو دليل قرار بالبقاء المستمر.
 ألم يقل شيخهم بأنهم سينجحون في الانتخابات المقبلة وفي الانتخابات الموالية ومن يدري لعله يريد أن يكرر تجربة بورقيبة وتجربة بن علي.
ثانيا: لأنها حكومة فاشلة كسابقتها التي اعترف رئيسها بفشلها في لحظة مصارحة للشعب لاتتكرر كثيرا، ولعل أبرز مظاهر الفشل يتمثل في هذه الاغتيالات المتكررة، هذا الداعية القلال ، وهذا السياسي لطفي نقض، وهذا الزعيم بلعيد، وهذا النائب في التأسيسي البراهمي، ومن يدري الدور على من في المرة المقبلة؟ ولا من يقظة من نوم عميق.
ثالثا: لأنها حكومة لا تحترم وعودها وتعهداتها، لا الانتخابية فقط، التي أطلقتها بمناسبة الحملة الانتخابية، والتي طال عليها العهد، ولكن حتى تلك التي جاءت في خطاب التنصيب والقسم، والتي كان قوامها أربعة وعود لم تحقق منها شيئا.
رابعا: آخرا وليس أخيرا لأنه بات واضحا أنها لا تدرك معنى للفعل السياسي، وهي تبدو خارج الواقع وخارج التاريخ وخارج المستقبل.
**
إذن لا تنتظروا سقوطها، فهي سقطت فعليا,و لو بقيت في القصبة، ولو بقيت في قرطاج ، ولو بقيت في باردو سواء بصلاحياتها التأسيسية أو التشريعية-الرقابية، أو التنفيذية بشقيها الرئاسي أو الحكومي.
والتعامل معها لم يعد تعاملا موضوعيا بل فقط تعاملا م واقعيا بما يقتضيه التعامل لا غير.
وهي إن أصرت على البقاء، وهذا المتوقع منها بفروعها كلها، لأنها لا تتمتع بإدراك سياسي، وتعرف أنها لو خرجت من الحكم وقد خرجت فعلا، فإن الناس تم تطعيمهم وتلقيحهم من إعادة التجربة معهم. سواء كنهضة أو كمؤتمر أو كتكل، هذا إن بقي للأولى قاعدة مثلما كانت قبل عام ونصفا، وإن بقي للمؤتمر والتكتل أي قاعدة شعبية فعلية يعتد بها، بعد أن اكتسحهما التيار، وأصاب منهما تآكل لا قيام لهما بعده.
هذا الاستنتاج منبثق عن استقراء الواقع الحالي، فتجربة الأيام القليلة الماضية، بعد أن عميت الأبصار عن رؤية الواقع، الذي فرض نفسه بعد إطلاق الرصاصات القاتلة الخميس الماضي والقائم على:
-         تعبئة جماهيرية لم يسبق لها مثيل في تونس تذكر مع الفارق النسبي بما حصل في القاهرة في 30 يونيو حزيران الماضي، ويوم 26 تموز يوليو الماضي.
ولقد نبهنا في مقال سابق على أعمدة هذه المدونة، إلى أن على النهضة أساسا أن تتعلم الدرس مما جرى في مصر، وأن لا تستصغره، أو تحتقره، وأن لا تتشبث بشرعية هي بطبيعتها متحركة، ولكنها أصرت على القول أن تونس ليست مصر، كما سبق أن أصر حسني مبارك على أن مصر ليست تونس، وأصر العقيد القذافي على أن ليبيا ليست لا مصر ولا تونس.
-         خطأ خطير في التقدير بشأن الشرعية الانتخابية، فهناك الشرعية الانتخابية ولا شك، ولكن هناك أيضا الشرعية التوافقية ، وأيضا الشرعــــــــــــــــــية التـــــــــــمردية( insurrectionnelle) التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  ومصادر عديدة أخرى ، وفي تونس نجد أن هذه الشرعية بصدد الوقوف على رجليها على أنقاض الشرعية الإنقلابية، وسيجد الزائر صحبة هذا تذكير آخر بما سبق أن نشرناه حول هذه الشرعية.
-          عدم القدرة على مواجهة التيار الجارف والذي يمكن أن تكون له أساليبه القصيرة المدى عبر الاعتصامات اليومية، والتظاهرات الدورية، والاستقالات الجماعية، وعبر وسائل النضال الأخرى للعصيان المدني السلمي ، مثل الامتناع عن دفع الأداءات، أو كل مستحقات الدولة، بما يخنق الحكومة ومصالحها، ويؤدي سريعا وباعتبار الوضع الحالي الاقتصادي والمالي للكف عن دفع الرواتب، وهو أكبر خطيئة ترتكبها حكومة، وحصولها مدمر وبسرعة.
**
هذا ليس فقط على مستوى الحكومة، ولكن على مستوى سلطات الدولة التنفيذية والتأسيسية، فكيف يستطيع المجلس التأسيسي أن يواصل عمله وقرابة ثلث أعضائه يقاطعونه، وحتى إذا واصل وشرع، وأسس ، فما هي القيمة الواقعية لعمله.
ولعل أغرب الغرائب في هذا الوضع ، هو أن يكون وزراء محترمين ولهم مكانة في المجتمع ودخلوا الحكومات النهضوية المتعاقبة على أنهم من المستقلين، كيف لهم أن يواصلوا احتلال مقاعدهم الوزارية، وقد زالت عنها كل شرعية بل وكل مشروعية ، بمن في ذلك وزير الثقافة، ووزير التعليم، ووزير الداخلية، ووزير العدل، ووزير الخارجية ، ووزير الدفاع وعدد من كتاب الدولة ولقد استغربت في حينه من قبولهم أن يكونوا كتاب دولة وهم من هم وتحت وزراء ليس لهم ماض ولا غير ذلك مما لا نريد أن نعلنه ، وربما أيضا غيرهم من الوزراء الذين لم أذكر، والذين وكل واحد منهم ليس في حاجة ليضيف صفته الوزارية على بطاقته الشخصية، بل هو هو الذي يزين كرسي الوزارة باسمه وعلمه ونزاهته  وتآليفه والأثر الذي طبع به  المجتمع.
**
بعد هذا النهضة هي التي وضعت نفسها في مأزق ، وهي اليوم في عين العاصفة، فهي إما أن تنحني أي تقبل بكل الشروط التي فرضها واقع جديد، لم تحسن كيفية  التعامل معه، كما فعل حمادي الجبالي قبل 6 أشهر، لقصر في النظر، وقلة احترافية سياسية، وعمى مكثف، وفي هذه الحال يمكن أن تحافظ بعكس حليفيها على جملة أوراق للمستقبل، بالتورط في إقامة حكومة إنقاذ وطني، وإنجاز مشروع مجلس وفاقي لاستكمال المرحلة، عبر حل المجلس التأسيسي لنفسه بنفسه  ( se saborder) ، وتتم التوافقات بشأن تركيبة حكومة تكنوقرط من 15 وزيرا لمدة لا تزيد عن 6 أشهر لا حق لأعضائها في الترشيح لأي استحقاق انتخابي، فيما يتعهد المجلس كما كان الأمر سنة 2011 بإنهاء دستور لكل التونسيين لا لفئة دينية لا تعلن عن نفسها وتدعي المدنية، وهو  مشروع دستور  مرفوض  حاليا من جانب كبير من المجتمع، بالنظر أساسا لديباجته والفصل 141 منه  وأحكامه الانتقالية، و بعد ذلك استكمال هيئة الانتخابات، وإنجاز القانون الانتخابي.
بدون كل ذلك فإن البلاد مقدمة على فترة اضطرابات قد تكون خطيرة ، ومسؤولية النهضة فيها كبيرة باعتبار ما أنتجته فترة حكمها، الرابح فيها خاسر، يمكن أن تذكرنا بما حصل ويحصل في مصر، فالتجارب غير بعيدة، عن بعضها ونتائجها قد تكون متماثلة لا قدر الله.
إن الجماهير انطلقت، ولا أحد يمكن مهما كان أن يوقف مسيرتها، مهما اعتقد من قوته.
هذا هو أكثر السيناريوهات احتمالا، ولكن إذا كانت النهضة ستنجح في الخروج من عين الإعصار هذا، فإن التمكين سيكون كاملا، والدولة الدينية ستكون في انتظارنا بهذا التمكين.







وثيقة الوثائق - كل ما ينبغي أن تقرأه عن حق التمرد



وثيقة الوثائق:
حق التمرد .. حق من حقوق الإنسان
القضاء الإداري  المصري :
الإعلان العالمى لحقوق الإنسان
منح الشعوب حق التمرد
الثلاثاء 02 يوليو 2013 - 07:01 مساءً

أوقفت محكمة القضاء الادارى بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة القرار السلبي للحكومة بالامتناع عن تنفيذ الإحكام الصادرة من المحكمة.. وتضمن الحكم أحقية الشعب المصري في أن يؤسس نظام الحكم الرشيد الذي يستمد شرعيته من الشعب اعتباره مصدرا للسلطات الذي تصدر الأحكام القضائية وتنفذ باسم الشعب.
وأضافت المحكمة في حيثياتها أن السلطة الحاكمة تستمد منه (الشعب) شرعيتها وتخضع لإرادته وان مسؤولية نظام الحكم وصلاحيته أمانة يحملها لصالح الشعب وليست امتيازات يتحصن النظام خلفها.
وأكد الحكم أن ديباجة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان منحت الشعوب الحق في التمرد على الأنظمة في حالة الظلم والاستبداد وعدم حماية حقوق الإنسان. كما أكدت المحكمة أن امتناع السلطة التنفيذية عن تنفيذ الأحكام يؤدى إلى تقويض دعائم الحكم في البلاد وجعل شرعية نظام الحكم محفوفة بالمخاطر مما عرضها  للانهيار.
وذكرت المحكمة أن إعلان رئيس الدولة عدم رضائه عن الأحكام, أدى إلى غضب الشعب واستهجان القوى العالمية التي حاولت التدخل في شان إرادة الشعب المصري.. لافتا إلى أن مصر الفرعونية علمت البشرية فكرة العدالة واحترام القضاء وسيادة القانون وجعل المصريون القدماء العدالة أساسا للحكم في البلاد التي قال عنها الملك الفرعوني "أن العدالة هي خبزي واني اشرب دائما من نداها".
وقالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى وخالد جابر نائبي رئيس مجلس الدولة - أن ظاهرة الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية في ظل النظام الحاكم الجديد,هو مقدمة حتمية للفوضى وضياع هيبة القانون وجدوى القضاء وتقويض دعائم الحكم في البلاد.
وأضافت المحكمة أن الاستمرار في عدم تنفيذ الحكومة لتلك الأحكام أدى إلى أن تكون شرعية النظام الحاكم محفوفة بالمخاطر مما عرضها  للانهيار بحسبان أن سيادة القانون أساس حرية الفرد ومشروعية السلطة وخضوع الدولة للقانون, ومن ثم فان الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية يعد انتهاكا للشرعية الدستورية وتتحول معه سلطات الدولة ومواد الدستور ونصوص القانون إلى حطام مما ينال من شرعية نظام الحكم في البلاد.
وأكدت المحكمة انه من الحكمة والمصلحة الوطنية أن يحتفظ للسلطة القضائية بمكانة متميزة     بين سائر السلطات والهيئات والإفراد, حتى تظل كلمتها العليا كلمة الحق والعدل تطبيقا لمبدأ وضعته كافة الشرائع يعلو ويسمو على كافة القواعد القانونية هو مبدأ قوة الشئ المحكوم فيه وتمليه الطمأنينة العامة وتقضى به ضرورة استقرار الحقوق والروابط الاجتماعية.
وأضافت أن الجديد في الأمر أن رئيس الدولة أعلن إمام العالم عدم الرضاء عن بعض الأحكام القضائية-  والقضاء في مصر كلا غير منقسم ونسيجا واحدا - مما يمثل قمة المأساة لعدم احترام أحكام القضاء والتطاول على السلطة القضائية التي لم تتجاوز اختصاصها ولم تعمل بعيدا عن حقها ولم تعمل رقابتها إلا في مجالها ولم تغتصب سلطة غيرها.
وأشارت  إلى أنه لابد من احترام أحكام القضاء ووجوب تنفيذها وتوقير قضاتها ورئيس الدولة بحكم ما اقسمه من اليمين الدستورية هو أولى الناس بالحرص على استقلال القضاء وتأكيد احترام أحكامه والعمل على شيوع هذا الاحترام بين سلطات الدولة كافة, لافتة إلى أن القول بغير ذلك عدوان على الدستور الذي نص على أن القضاء مستقل شامخ صاحب رسالة سامية في حماية الدستور وإقامة موازين العدالة وصون الحقوق والحريات.
 

مصدر الخبر: ا ش ا
الموقف السياسي
يكتبها عبداللطيف الفراتي
الحق في التمرد،، حق من حقوق الإنسان
تونس / الصواب/ 07/2013
حضرت منذ يومين أو ثلاثة وسط جمع، خرجت منه مذهولا، ليس من قيمة النقاش   أو ضعفه ، ولكن وللأسف من قلة العقلانية فيه.
ليلتها قيل في ما قيل ، إن الفريق الأول عبد الفتاح السيسي يجري مفاوضات للخروج من الورطة التي أوقع نفسه فيها،  وذلك لإعادة الرئيس السابق (أمج استعمال كلمات المخلوع والمعزول) ، والبحث عن مخرج لنفسه وللمجموعة التي كانت معه، وكان الاقتناع لدى هذا الجمع بحيث ارتفع إلى مستوى العقيدة. وكان يقال إنه وبعد ساعتين فإن الرئيس مرسي، سيعود إلى موقعه وإلى قصره.
ولقد استغربت أن يكون جمع مثل هذا، جماعة منه تحمل شهادة دكتوراه، أي في خيالي تتمتع بأسلحة المنهجية العلمية، المستندة إلى ما تعلمناه عن ديكارت ، ومن قبله من الفلاسفة العرب، ومن بعده من المفكرين العرب وفي مقدمتهم طه حسين، من إخضاع كل شيء للبحث والتمحيص والشك.
ولكن لله في خلقه شؤون، ولعل انعدام الاخضاع ، للبحث ، وغياب العقلانية تدفع للمواقف غير العقلانية، إلا إذا كانت تلك المواقف تخضع لاعتبارات أخرى بعيدة عن العلم ،وما يستوجبه من استعمال لأسلحة العقل، أي للتفكير السياسي البدائي.
**
فالاسلاميون في تونس ولكن خاصة في مصر، وأكثر من ذلك في ليبيا، يعتقدون أو أظن حتى لا أكون جازما أكثر مما يجب، ومطلقا لنظريات جامدة كما هو شأنهم، يعتقدون أنهم يحملون رسالة إلهية، ولذلك فإن لديهم حقيقة مطلقة، لا يأتيها الباطل لا من أمام ولا من خلف.
وبالتالي فإنهم يحملون رسالة معينة ، لا بد لهم من تأديتها، ولذلك كانت إزاحتهم ، أو إزاحة قيادتهم المركزية  في مصر ( و التنظيم  الدولي للإخوان المسلمين وقلبه في القاهرة ) من السلطة هي مانعا من تأدية تلك الرسالة، وهي رسالة مقدسة ، أو على الأقل لدى أتباعهم.
 أما بالنسبة لتلك القيادات ، فإن الحكم  ليس وسيلة لخدمة الشعب ورفع شأنه، بل لا يعدو إلا  أن يكون غنيمة ، لا بد من أن تدر  عليهم ، ومن هنا يتضح سبب  ذلك الاستعجال في الهجوم على المواقع الأهم في الدولة لتغيير ملامح المجتمع، والقبض عليه من خلال القبض على السلطات، التي هي سلطات الدولة كل الدولة بما تعني الدولة، وليست سلطات حزب.
هذا حصل في تونس، ولكن بصورة أكبر في مصر.
**
و لذلك ومن وجهة نظري فإن شباب "تمرد" المصري بقيادة جيل قيل إنه تحت الثلاثين، قد استطاع بداية أن يجمع 22 مليونا، طلبوا أن يخضعوا صحتها حتى من الأجهزة الدولية للفحص والتأكد، واستطاعوا أن يجمعوا في الميادين والساحات في القاهرة وفي الإسكندرية  وكل المدن والقرى والنجوع في مصر ،الملايين، وإذا لم يكونوا 33 مليونا كما قالت س ن ن وكما قالت واشنطن بوست، وفق ما تردد بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فلعلهم لم يكونوا يقلون عن 20 أو 22 مليون.
 ولقد اعتمدنا على "إرث قوقل" التي لا يمكن لأحد أن يشكك في مصداقيتها، لتحديد مساحة الميادين التي ضمت المعتصمين منذ يوم 28 حزيران يونيو في القاهرة ، ووصلت للتعبئة الكاملة يوم 30 حزيران يونيو، وأيام 1 و2 و3 تموز يوليو بالوصول للعدد المعلن طبعا باَلإضافة إلى ميادين مئات المدن والقرى والنجوع  :
-         ميدان التحرير مع الشوارع المحيطة 26 ألف متر مربع
-         ميدان طلعت حرب ومحيطه 8 آلاف متر مربع
-         ميدان القصر العيني والشوارع المحيطة 9 آلاف متر مربع
-         ميدان المتحف القومي مع الشوارع المحيطة 15 ألف متر مربع
-         محيط كوبري قصر النيل 10 آلاف متر مربع
-         ميدان عمر مكرم 6153 متر مربع
-         ميدان قصر الاتحادية 13 أل و893 متر مربع
-         ميدان قصر القبة 9500 متر مربع
أي في المجموع 97 ألف متر مربع
 في المقابل احتل أنصار الرئيس السابق مرسي ميدان رابعة العدوية  الذي تبلغ مساحته مع محيطه وشوارعه 6735 متر مربع.
يستخلص من هذا أن العدد كان بالملايين، ممن كانوا يطالبون بصرف الدكتور محمد مرسي، ولنا أن ننظر في العدد الذي ناله الدكتور مرسي في انتخابات العام الماضي الرئاسية :
ففي الدورة الأولى نال الدكتور محمد مرسي 5 ملايين و764 ألف صوت من 23 مليون ناخب،
وفي الدورة الثانية نال الدكتور محمد مرسي 13 مليون و230 ألف صوت من بين 25 مليون ناخب.
وبكل المقاييس فإنه هو الفائز في تلك الانتخابات باعتباره حصل على 51.73 في المائة، لكن المحللين السياسيين لا يمتنعون من القول ، أن وزنه الحقيقي هو 5 ملايين و700 ألف صوت، أما البقية فقد جاؤوه بين دورتين لا حبا فيه بل رفضا لخصمه، وهذا لا يقلل من شرعيته الانتخابية، وهو أمر متفق عليه ولا يمكن التشكيك فيه.
هذا في يوم الانتخاب وكل الفترة بعده الممتدة حتى صباح يوم 30 حزيران يونيو 2013.
ففي ذلك اليوم خرج للشارع ملايين أكثر بكثير، أسقطوا بخروجهم شرعية الصندوق ، وخلقوا شرعية أخرى ، هي شرعية ثورية  أو مشروعية تفوق الشرعية وزنا، وسواء كانوا 17 مليونا أو 22 مليونا أو 33 مليونا، فهي أكبر مظاهرة في تاريخ البشرية وفي كل مكان، وهذا ما اتفقت بشأنه كل أوساط المراقبين السياسيين وغير السياسيين.
هذه الجحافل البشرية الكثيفة خلقت وضعا، كان على الرئيس محمد مرسي، أن يتفاعل معه، خصوصا وهو الذي سبق له أن أجاب على سؤال طرح عليه ـ طبعا قبل الانتخابات الرئاسية ـ وقبل أن يفوز فيها، مفاده أنه إذا خرج الشارع بالملايين  ضده ، قائلا ما معناه أنه سيستقيل فورا.
الشرعية الانتخابية أو شرعية الصندوق تكون قد انتهت عندما خرجت أغلبية عددية لتقول له ارحل، أي إنه لو قرأ الدرس في 30 حزيران يونيو ،  كما ينبغي أن يقرأه رجل ديمقراطي لكان استقال وكفى المؤمنين شر القتال، كما فعل في السنوات الأخيرة والأمر ليس ببعيد رؤساء حكومات إيطاليا واليونان  وإسبانيا وإيرلندا، وربما غيرهم.
ولكن وأيضا لننظر في النظريات العالمية المعتمدة، ففضلا عما قاله أفلاطون وتعرضنا له في المقال الذي سبق لنا نشره على أعمدة هذه المدونة الأسبوع المنقضي تحت عنوان "الصدمة"،يمكننا أن نجد حق التمرد كحق من حقوق الإنسان منذ كتابات الفيلسوف " هوبس" أو الفيلسوف "لوك" وحتى "كنت".
 ويعرف المنظرون التمرد " L’INSURRECTION"   بانتفاضة مسلحة أو غير مسلحة، على الحكم القائم، ويدعى الذين يشاركون في التمرد المتمردين.
و كان إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 في فصله الثاني قد نص على حق مقاومة الظلم كواحد من أربعة حقوق غير قابلة للسقوط بمرور الوقت.
وقال الميثاق الخاص بحقوق الإنسان والمواطن الصادر في سنة 1793 في فصله الخامس والثلاثين، عندما تخرق الحكومة حقوق الشعب، فإن التمرد بالنسبة للشعب أو أي جزء من الشعب، يصبح حقا من الحقوق الأكثر قدسية، والواجب الأكبر.
**
تبعا لكل ذلك يصبح أمر الشرعية في جانب شعب تمرد ، وفقا للحق في التمرد، وتسقط الشرعية عن الحاكم المنتخب، وذلك سواء باعتبار الأسباب التي أدت إلى التمرد، أو بسبب المد الشعبي الكبير.
ووفقا لتلك النصوص المرجعية لحقوق الإنسان، من أن التمرد يمكن أن يكون مسلحا أو لا ، فإن  انحياز القوات المسلحة المصرية إلى جانب الشعب جاء تطبيقا لتلك المبادئ السامية التي كان أول من جاء بها ، هم منظرو الثورة الفرنسية، وسبقهم إليها أفلاطون وهوبس ولوك وفترات النور لما بعد فترة النهضة الأوروبية.
**
وللواقع ما ذا كان  الخيار الممكن  أمام القوات المسلحة المصرية، والذي كان يساير المنطق  ويدفع القوات المسلحة  المصرية يوم 30 حزيران يونيو وما بعده من الأيام العصيبة، إلى القيام بما قامت به.
 كان أمامها أحد أمرين:
** إما أن تتولى قمع الشعب بملايينه الكثيرة ، وضبطه، وهو ما لم تفعله في شباط فبراير2011  إبان الثورة المصرية في موجتها الأولى، لا هي ولا القوات المسلحة التونسية بقيادة رشيد عمار، والتي كان يمكنها أن تقمع الشعب، وتشارك في عملية التقتيل.
** أو إنها تضع نفسها في خدمة حماية الشعب، وبالتالي تنهي تسلط من خرج الشعب لإنهاء تسلطه.
تلك معاني التمرد ، كما جاءت بها النصوص المرجعية لحقوق الإنسان والمواطن.
والمهم أن الجيش المصري ، ينبغي له أن يترك العمل السياسي للسياسيين المدنيين، وهو ككل جيش لا يحسن الفعل السياسي ، كما إنه لم يحسن قط الفعل الاقتصادي.



سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الصدمة
تونس/الصواب/04/07/2013
ما من شك في أن تصحيح مسار الثورة في مصر، كان له رجع صدى قوي ومزلزل في عدة عواصم عربية، وخاصة في تونس، وفي ما استبشر الكثير من الناس ببوادر التغيير وإعادة ثورة مصر إلى طريقها القويم  وهنأ الناس بعضهم البعض وغصت المقاهي بالمدعوين على قهوة أو ما هو أكثر من قهوة، كان آخرون خاصة من حركة النهضة ، والجهات المقربة منها، والذين التحقوا بها انتهازية، يتململون خشية وخوفا، خشية مما يخبئه المستقبل، وخوفا من الحساب العسير.
وفيما تحمست كل الصحف وبعض القنوات التلفزيونية والإذاعية، ساد خطاب إخواني بأن تونس ليست مصر، تماما مثلما قال حسني مبارك بعد انتصار ثورة تونس بأن مصر ليست تونس، خرجت صحيفة "الضمير" القريبة من النهضة ، بعناوين في صدر صفحتها الأولى تقول :"الانقلاب.. الجيش يتمرد على الثورة.  ثم "الشعب يبدأ التعبئة ضد حكم العسكر".
 ثم إن القياديين  في حركة النهضة  رياض الشعيبي وفتحي العيادي اعتبرا أن ما حصل في مصر هو انقلاب عسكري، وأن الشرعية تبقى للرئيس محمد مرسي العياط.
وفي هذه اللحظات القريبة من الحدث، فإن النهضة ما زالت لم تفق من الصدمة، ولذلك فإن ردود الفعل ما زالت انفعالية ، وستبقى كذلك لمدة قد تطول أو تقصر ، بحسب ما يجري في مصر، وبحسب مدى التفاعل مع الحدث،.
وكلما ابتعد زمنيا وقع الحدث ووقع الصدمة، كانت النهضة أكثر قدرة ، على التعاطي مع الزلزال الذي حصل في مصر، وكان عقلاؤها أكثر قدرة على التعامل السياسي مع التطورات.
وإذا استقر الوضع في مصر، أو ذهب إلى استقرار نسبي معقول، فإن النهضة وزعاماتها ستتصرف بمنطق الدولة ، لا منطق الحزب، أو حتى الجماعة.
والغالب على الظن أنه سيذهب إلى استقرار ، بقليل أو كثير من الجهد ومن التضحيات.
ولا بد أن يفهم الإخوان التونسيون ، أن الشرعية التي تمسك بها الرئيس السابق وأقول السابق لأن ذلك هو الوضع القانوني مهما اختلفنا في التقييم، انتفت عمليا بواقع أمرين اثنين:
أولهما: أن فترة حكم السنة، قد أنهت شرعية أصبحت في حالة هشاشة كاملة،فالإعلان الدستوري، ومحاولة السيطرة على القضاء، والمحاصرة المادية الفعلية للمحكمة الدستورية العليا، والقيام باستفتاء شهد مقاطعة كاملة، بحيث تم الاعتماد بنعم على "أغلبية" 19 في المائة من الجسم الانتخابي، فضلا على محاولة تغيير نمط المجتمع، وفرض نمط مجتمعي غريب على مصر، وانفتاحها العريق والتقليدي، وهو سبب مركزي من أسباب استرجاع مسار الثورة من الثورة المضادة التي حاول حزب العدل والتنمية أن يسرق بها ثورة الشعب.
ثانيهما: أنه وحتى في حالة ما سلم المرء بالشرعية الانتخابية  للرئيس السابق محمد مرسي، ولم يكن أفضل ولا أذكى من في الجماعة، فإن شرعية جديدة قد خلقتها الجماهير الشعبية، عندما خرج 33 مليونا من المصريين إلى الميادين والساحات في القاهرة والإسكندرية وكل المدن والقرى مطالبين برحيل الرئيس، كان ذلك تصويتا ثانيا سحب الثقة، وكان المذيع خيري في سي بي سي قد سأل محمد مرسي قبل ستة أشهر في لقاء خاص ، ماذا ستكون فاعلا لو خرج الشارع طالبا رحيلك فأجابه بدون تردد : أترك الرئاسة.
ولكن عندما جاءت التجربة الفعلية نكص عن وعده كما نكص عن كل وعوده الانتخابية التي سبق له بذلها.
وعندما يعود المرء إلى كتاب الجمهورية لأفلاطون قبل آلاف السنين سيجد ما معناه، أن الشعب عندما يخرج يكون ذلك هو الشرعية التي تتوفر للحكم.
أما الفرنسي روبيسبيير فيقول:" إن الثورة هي بالأساس غير شرعية، ولكنها تتمتع بالمشروعية لأنها فعل الشعب، الوحيد الماسك بالسيادة، وإذا كان الشعب قد فوض السيادة التي يمتلكها، فهو كفيل باسترجاعها في كل وقت عندما يتهدد الذين انتخبهم حقوقهم غير القابلة للتفريط ".
وسواء في مصر أو تونس أو تركيا أو غيرها، فإن الخروج غير المسبوق تاريخيا وفي كل العالم لثلاثة وثلاثين مليونا من الكتل البشرية، لا يمكن أن يفاجئ وكان ينبغي أن تقع قراءة دروسه، وهذه القراءة ينبغي أن يقرأها اليميني واليساري، العلماني والإسلامي، وأن يفهم هؤلاء عمق ما في هذه القراءة.
لست أدري ، كيف سيكون المستقبل في المنطقة، وما هو مستقبل الحركات الإسلامية في مصر ، في ليبيا ، في تونس، في الجزائر، في المغرب، في موريتانيا في السودان، ثم في الخلفية في إفريقيا ما وراء الصحراء، ولكن ما أعرف أن هذا العالم كله مترابط، وأن حلقة القوة فيه، وحلقة التأثير الكبرى تقع في مصر، وأن هناك تفاعلا تاريخيا ، بين عنصرين في هذه الحلقات أخذا وعطاء بين تونس ومصر، سواء في لحظات التنافس وحتى العداوة أو في لحظات العناق والصداقة.
الفتح الإسلامي جاء لتونس من مصر، ولحظات القوة في الزمن الفاطمي جاءت من المهدية لمصر، القاهرة كلها والأزهر وحتى باب زويلة  شاهد  على ذلك، والنهضة بمعناها الصحيح لا الحزب أو الحركة  دشنها الملك المصري محمد علي، وسريعا ما انتقلت إلى تونس عبر المشير أحمد باي، كان هناك أخذ وعطاء بين تونس ومصر أكثر من أي بلدين في العالم العربي، إذا استثنينا الشام الذي كان لسنوات يعتبر امتدادا لمصر.
جاءت "كفاية" منذ منتصف العشرية الأولى من القرن، إلى مصر لتبدأ إرهاصات الثورة ، ثم جاء الحوض المنجمي بأول ملامح الثورة في تونس، وسبقت تونس في إطلاق ثورتها الجارفة، في 17 كانون الأول ديسمبر2010 ونجحت في مسعاها في 14 كانون الثاني يناير 211، في 25 كانون الثاني يناير 2011 انطلقت الثورة في مصر بعد 18 يوما فرضت نفسها ، وتعانقت الثورتان.
لا يمكن استنتاج شيء من ذلك، ولا يمكن الاستقراء، فالوضع في مصر في العام الماضي، كان الأسوأ، والأخطاء التي ارتكبها الإخوان كانت فظيعة، سياسية ، من جهة ، اقتصادية اجتماعية من جهة أخرى، وفي نمط المجتمع وهذه أفاضت الكأس من جهة ثالثة ولعلها الأهم. لعل النهضة في تونس كانت أكثر عقلانية، لا يفهم من ذلك أنها تصرفت بعقلانية، ولكنها تصرفت بأفضل التفضيل، وليس هو الأفضل في المطلق.
سؤال، بعد كل ذلك هل ستستفيد "النهضة، أي "حركة النهضة" من الدرس؟
مستقبلها مرتبط بمعرفة جوابها..
والجواب عندها وإلا...
سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الصدمة
تونس/الصواب/04/07/2013
ما من شك في أن تصحيح مسار الثورة في مصر، كان له رجع صدى قوي ومزلزل في عدة عواصم عربية، وخاصة في تونس، وفي ما استبشر الكثير من الناس ببوادر التغيير وإعادة ثورة مصر إلى طريقها القويم  وهنأ الناس بعضهم البعض وغصت المقاهي بالمدعوين على قهوة أو ما هو أكثر من قهوة، كان آخرون خاصة من حركة النهضة ، والجهات المقربة منها، والذين التحقوا بها انتهازية، يتململون خشية وخوفا، خشية مما يخبئه المستقبل، وخوفا من الحساب العسير.
وفيما تحمست كل الصحف وبعض القنوات التلفزيونية والإذاعية، ساد خطاب إخواني بأن تونس ليست مصر، تماما مثلما قال حسني مبارك بعد انتصار ثورة تونس بأن مصر ليست تونس، خرجت صحيفة "الضمير" القريبة من النهضة ، بعناوين في صدر صفحتها الأولى تقول :"الانقلاب.. الجيش يتمرد على الثورة.  ثم "الشعب يبدأ التعبئة ضد حكم العسكر".
 ثم إن القياديين  في حركة النهضة  رياض الشعيبي وفتحي العيادي اعتبرا أن ما حصل في مصر هو انقلاب عسكري، وأن الشرعية تبقى للرئيس محمد مرسي العياط.
وفي هذه اللحظات القريبة من الحدث، فإن النهضة ما زالت لم تفق من الصدمة، ولذلك فإن ردود الفعل ما زالت انفعالية ، وستبقى كذلك لمدة قد تطول أو تقصر ، بحسب ما يجري في مصر، وبحسب مدى التفاعل مع الحدث،.
وكلما ابتعد زمنيا وقع الحدث ووقع الصدمة، كانت النهضة أكثر قدرة ، على التعاطي مع الزلزال الذي حصل في مصر، وكان عقلاؤها أكثر قدرة على التعامل السياسي مع التطورات.
وإذا استقر الوضع في مصر، أو ذهب إلى استقرار نسبي معقول، فإن النهضة وزعاماتها ستتصرف بمنطق الدولة ، لا منطق الحزب، أو حتى الجماعة.
والغالب على الظن أنه سيذهب إلى استقرار ، بقليل أو كثير من الجهد ومن التضحيات.
ولا بد أن يفهم الإخوان التونسيون ، أن الشرعية التي تمسك بها الرئيس السابق وأقول السابق لأن ذلك هو الوضع القانوني مهما اختلفنا في التقييم، انتفت عمليا بواقع أمرين اثنين:
أولهما: أن فترة حكم السنة، قد أنهت شرعية أصبحت في حالة هشاشة كاملة،فالإعلان الدستوري، ومحاولة السيطرة على القضاء، والمحاصرة المادية الفعلية للمحكمة الدستورية العليا، والقيام باستفتاء شهد مقاطعة كاملة، بحيث تم الاعتماد بنعم على "أغلبية" 19 في المائة من الجسم الانتخابي، فضلا على محاولة تغيير نمط المجتمع، وفرض نمط مجتمعي غريب على مصر، وانفتاحها العريق والتقليدي، وهو سبب مركزي من أسباب استرجاع مسار الثورة من الثورة المضادة التي حاول حزب العدل والتنمية أن يسرق بها ثورة الشعب.
ثانيهما: أنه وحتى في حالة ما سلم المرء بالشرعية الانتخابية  للرئيس السابق محمد مرسي، ولم يكن أفضل ولا أذكى من في الجماعة، فإن شرعية جديدة قد خلقتها الجماهير الشعبية، عندما خرج 33 مليونا من المصريين إلى الميادين والساحات في القاهرة والإسكندرية وكل المدن والقرى مطالبين برحيل الرئيس، كان ذلك تصويتا ثانيا سحب الثقة، وكان المذيع خيري في سي بي سي قد سأل محمد مرسي قبل ستة أشهر في لقاء خاص ، ماذا ستكون فاعلا لو خرج الشارع طالبا رحيلك فأجابه بدون تردد : أترك الرئاسة.
ولكن عندما جاءت التجربة الفعلية نكص عن وعده كما نكص عن كل وعوده الانتخابية التي سبق له بذلها.
وعندما يعود المرء إلى كتاب الجمهورية لأفلاطون قبل آلاف السنين سيجد ما معناه، أن الشعب عندما يخرج يكون ذلك هو الشرعية التي تتوفر للحكم.
أما الفرنسي روبيسبيير فيقول:" إن الثورة هي بالأساس غير شرعية، ولكنها تتمتع بالمشروعية لأنها فعل الشعب، الوحيد الماسك بالسيادة، وإذا كان الشعب قد فوض السيادة التي يمتلكها، فهو كفيل باسترجاعها في كل وقت عندما يتهدد الذين انتخبهم حقوقهم غير القابلة للتفريط ".
وسواء في مصر أو تونس أو تركيا أو غيرها، فإن الخروج غير المسبوق تاريخيا وفي كل العالم لثلاثة وثلاثين مليونا من الكتل البشرية، لا يمكن أن يفاجئ وكان ينبغي أن تقع قراءة دروسه، وهذه القراءة ينبغي أن يقرأها اليميني واليساري، العلماني والإسلامي، وأن يفهم هؤلاء عمق ما في هذه القراءة.
لست أدري ، كيف سيكون المستقبل في المنطقة، وما هو مستقبل الحركات الإسلامية في مصر ، في ليبيا ، في تونس، في الجزائر، في المغرب، في موريتانيا في السودان، ثم في الخلفية في إفريقيا ما وراء الصحراء، ولكن ما أعرف أن هذا العالم كله مترابط، وأن حلقة القوة فيه، وحلقة التأثير الكبرى تقع في مصر، وأن هناك تفاعلا تاريخيا ، بين عنصرين في هذه الحلقات أخذا وعطاء بين تونس ومصر، سواء في لحظات التنافس وحتى العداوة أو في لحظات العناق والصداقة.
الفتح الإسلامي جاء لتونس من مصر، ولحظات القوة في الزمن الفاطمي جاءت من المهدية لمصر، القاهرة كلها والأزهر وحتى باب زويلة  شاهد  على ذلك، والنهضة بمعناها الصحيح لا الحزب أو الحركة  دشنها الملك المصري محمد علي، وسريعا ما انتقلت إلى تونس عبر المشير أحمد باي، كان هناك أخذ وعطاء بين تونس ومصر أكثر من أي بلدين في العالم العربي، إذا استثنينا الشام الذي كان لسنوات يعتبر امتدادا لمصر.
جاءت "كفاية" منذ منتصف العشرية الأولى من القرن، إلى مصر لتبدأ إرهاصات الثورة ، ثم جاء الحوض المنجمي بأول ملامح الثورة في تونس، وسبقت تونس في إطلاق ثورتها الجارفة، في 17 كانون الأول ديسمبر2010 ونجحت في مسعاها في 14 كانون الثاني يناير 211، في 25 كانون الثاني يناير 2011 انطلقت الثورة في مصر بعد 18 يوما فرضت نفسها ، وتعانقت الثورتان.
لا يمكن استنتاج شيء من ذلك، ولا يمكن الاستقراء، فالوضع في مصر في العام الماضي، كان الأسوأ، والأخطاء التي ارتكبها الإخوان كانت فظيعة، سياسية ، من جهة ، اقتصادية اجتماعية من جهة أخرى، وفي نمط المجتمع وهذه أفاضت الكأس من جهة ثالثة ولعلها الأهم. لعل النهضة في تونس كانت أكثر عقلانية، لا يفهم من ذلك أنها تصرفت بعقلانية، ولكنها تصرفت بأفضل التفضيل، وليس هو الأفضل في المطلق.
سؤال، بعد كل ذلك هل ستستفيد "النهضة، أي "حركة النهضة" من الدرس؟
مستقبلها مرتبط بمعرفة جوابها..
والجواب عندها وإلا...
سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الصدمة
تونس/الصواب/04/07/2013
ما من شك في أن تصحيح مسار الثورة في مصر، كان له رجع صدى قوي ومزلزل في عدة عواصم عربية، وخاصة في تونس، وفي ما استبشر الكثير من الناس ببوادر التغيير وإعادة ثورة مصر إلى طريقها القويم  وهنأ الناس بعضهم البعض وغصت المقاهي بالمدعوين على قهوة أو ما هو أكثر من قهوة، كان آخرون خاصة من حركة النهضة ، والجهات المقربة منها، والذين التحقوا بها انتهازية، يتململون خشية وخوفا، خشية مما يخبئه المستقبل، وخوفا من الحساب العسير.
وفيما تحمست كل الصحف وبعض القنوات التلفزيونية والإذاعية، ساد خطاب إخواني بأن تونس ليست مصر، تماما مثلما قال حسني مبارك بعد انتصار ثورة تونس بأن مصر ليست تونس، خرجت صحيفة "الضمير" القريبة من النهضة ، بعناوين في صدر صفحتها الأولى تقول :"الانقلاب.. الجيش يتمرد على الثورة.  ثم "الشعب يبدأ التعبئة ضد حكم العسكر".
 ثم إن القياديين  في حركة النهضة  رياض الشعيبي وفتحي العيادي اعتبرا أن ما حصل في مصر هو انقلاب عسكري، وأن الشرعية تبقى للرئيس محمد مرسي العياط.
وفي هذه اللحظات القريبة من الحدث، فإن النهضة ما زالت لم تفق من الصدمة، ولذلك فإن ردود الفعل ما زالت انفعالية ، وستبقى كذلك لمدة قد تطول أو تقصر ، بحسب ما يجري في مصر، وبحسب مدى التفاعل مع الحدث،.
وكلما ابتعد زمنيا وقع الحدث ووقع الصدمة، كانت النهضة أكثر قدرة ، على التعاطي مع الزلزال الذي حصل في مصر، وكان عقلاؤها أكثر قدرة على التعامل السياسي مع التطورات.
وإذا استقر الوضع في مصر، أو ذهب إلى استقرار نسبي معقول، فإن النهضة وزعاماتها ستتصرف بمنطق الدولة ، لا منطق الحزب، أو حتى الجماعة.
والغالب على الظن أنه سيذهب إلى استقرار ، بقليل أو كثير من الجهد ومن التضحيات.
ولا بد أن يفهم الإخوان التونسيون ، أن الشرعية التي تمسك بها الرئيس السابق وأقول السابق لأن ذلك هو الوضع القانوني مهما اختلفنا في التقييم، انتفت عمليا بواقع أمرين اثنين:
أولهما: أن فترة حكم السنة، قد أنهت شرعية أصبحت في حالة هشاشة كاملة،فالإعلان الدستوري، ومحاولة السيطرة على القضاء، والمحاصرة المادية الفعلية للمحكمة الدستورية العليا، والقيام باستفتاء شهد مقاطعة كاملة، بحيث تم الاعتماد بنعم على "أغلبية" 19 في المائة من الجسم الانتخابي، فضلا على محاولة تغيير نمط المجتمع، وفرض نمط مجتمعي غريب على مصر، وانفتاحها العريق والتقليدي، وهو سبب مركزي من أسباب استرجاع مسار الثورة من الثورة المضادة التي حاول حزب العدل والتنمية أن يسرق بها ثورة الشعب.
ثانيهما: أنه وحتى في حالة ما سلم المرء بالشرعية الانتخابية  للرئيس السابق محمد مرسي، ولم يكن أفضل ولا أذكى من في الجماعة، فإن شرعية جديدة قد خلقتها الجماهير الشعبية، عندما خرج 33 مليونا من المصريين إلى الميادين والساحات في القاهرة والإسكندرية وكل المدن والقرى مطالبين برحيل الرئيس، كان ذلك تصويتا ثانيا سحب الثقة، وكان المذيع خيري في سي بي سي قد سأل محمد مرسي قبل ستة أشهر في لقاء خاص ، ماذا ستكون فاعلا لو خرج الشارع طالبا رحيلك فأجابه بدون تردد : أترك الرئاسة.
ولكن عندما جاءت التجربة الفعلية نكص عن وعده كما نكص عن كل وعوده الانتخابية التي سبق له بذلها.
وعندما يعود المرء إلى كتاب الجمهورية لأفلاطون قبل آلاف السنين سيجد ما معناه، أن الشعب عندما يخرج يكون ذلك هو الشرعية التي تتوفر للحكم.
أما الفرنسي روبيسبيير فيقول:" إن الثورة هي بالأساس غير شرعية، ولكنها تتمتع بالمشروعية لأنها فعل الشعب، الوحيد الماسك بالسيادة، وإذا كان الشعب قد فوض السيادة التي يمتلكها، فهو كفيل باسترجاعها في كل وقت عندما يتهدد الذين انتخبهم حقوقهم غير القابلة للتفريط ".
وسواء في مصر أو تونس أو تركيا أو غيرها، فإن الخروج غير المسبوق تاريخيا وفي كل العالم لثلاثة وثلاثين مليونا من الكتل البشرية، لا يمكن أن يفاجئ وكان ينبغي أن تقع قراءة دروسه، وهذه القراءة ينبغي أن يقرأها اليميني واليساري، العلماني والإسلامي، وأن يفهم هؤلاء عمق ما في هذه القراءة.
لست أدري ، كيف سيكون المستقبل في المنطقة، وما هو مستقبل الحركات الإسلامية في مصر ، في ليبيا ، في تونس، في الجزائر، في المغرب، في موريتانيا في السودان، ثم في الخلفية في إفريقيا ما وراء الصحراء، ولكن ما أعرف أن هذا العالم كله مترابط، وأن حلقة القوة فيه، وحلقة التأثير الكبرى تقع في مصر، وأن هناك تفاعلا تاريخيا ، بين عنصرين في هذه الحلقات أخذا وعطاء بين تونس ومصر، سواء في لحظات التنافس وحتى العداوة أو في لحظات العناق والصداقة.
الفتح الإسلامي جاء لتونس من مصر، ولحظات القوة في الزمن الفاطمي جاءت من المهدية لمصر، القاهرة كلها والأزهر وحتى باب زويلة  شاهد  على ذلك، والنهضة بمعناها الصحيح لا الحزب أو الحركة  دشنها الملك المصري محمد علي، وسريعا ما انتقلت إلى تونس عبر المشير أحمد باي، كان هناك أخذ وعطاء بين تونس ومصر أكثر من أي بلدين في العالم العربي، إذا استثنينا الشام الذي كان لسنوات يعتبر امتدادا لمصر.
جاءت "كفاية" منذ منتصف العشرية الأولى من القرن، إلى مصر لتبدأ إرهاصات الثورة ، ثم جاء الحوض المنجمي بأول ملامح الثورة في تونس، وسبقت تونس في إطلاق ثورتها الجارفة، في 17 كانون الأول ديسمبر2010 ونجحت في مسعاها في 14 كانون الثاني يناير 211، في 25 كانون الثاني يناير 2011 انطلقت الثورة في مصر بعد 18 يوما فرضت نفسها ، وتعانقت الثورتان.
لا يمكن استنتاج شيء من ذلك، ولا يمكن الاستقراء، فالوضع في مصر في العام الماضي، كان الأسوأ، والأخطاء التي ارتكبها الإخوان كانت فظيعة، سياسية ، من جهة ، اقتصادية اجتماعية من جهة أخرى، وفي نمط المجتمع وهذه أفاضت الكأس من جهة ثالثة ولعلها الأهم. لعل النهضة في تونس كانت أكثر عقلانية، لا يفهم من ذلك أنها تصرفت بعقلانية، ولكنها تصرفت بأفضل التفضيل، وليس هو الأفضل في المطلق.
سؤال، بعد كل ذلك هل ستستفيد "النهضة، أي "حركة النهضة" من الدرس؟
مستقبلها مرتبط بمعرفة جوابها..
والجواب عندها وإلا...
طالعوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
انقر على google ثم انقر على أحد المواقع المخصصة للإعلان وتنبه إلى ما جاء في الديباجة، ولها نفس قوة متن الإعلان ورمزيا أكثر منه.