Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 22 يوليو 2013

الموقف السياسي
يكتبه عبداللطيف الفراتي
ضباب قاتم
تونس / الصواب / 22/07/2013
لا يبدو إلا في حالة معجزة إلهية، أن الانتخابات ستجري كما هو موعود في أواخر العام 2013، ورغم ذلك فإن السباق الانتخابي على منصب الرئاسة( أكثر من التشريعية) بات مسيطرا على ساحة سياسية تشكو مراهقة سياسية فاضحة.
فالدستور ما زال قيد الإعداد وليس أكيد أنه سيكون جاهزا في وقت قريب، وإذا كان الخلاف بشأنه كبير وخاصة الديباجة والفصل 141 والأحكام الانتقالية، التي يراد بها إطالة وضع يد النهضة على مقدرات الدولة حتى بعد نهاية الفترة الانتقالية الثانية، فإن النواب لا يبدون على عجلة من أمرهم للانتهاء من صياغته.
والهيئة العليا للانتخابات التي لم تتشكل إلا بشق الأنفس، أثارت شعبيا الكثير من التشكيك قبل قيامها. والأمر يتطلب منها على الأقل 6 أشهر لإعداد لانتخابات مزدوجة هذه المرة، مع نقص في الخبرة ، وما يحتاجه المر من تمويل لن يأتي غالبه من الخارج.
والقانون الانتخابي وهو قطعة من أهم القطع على رقعة العالم السياسي التونسي، سواء من حيث طريقة الاقتراع أو احتمالا التقطيع الترابي، إن تم اللجوء إلى التصويت على الأفراد في دوائر فردية صغيرة، وإن كان ذلك مستبعدا، هذا القانون ليس جاهزا.
واحتمالات أن يصار لعرض الدستور على الاستفتاء، وفي هذه الحالة ، وإذا صودق عليه فإن ذلك قد يتطلب ، على الأقل 6 أشهر إضافية، أما إذا تم رفضه شعبيا في الاستفتاء فإن ذلك لا يعني إلا دخول البلاد في مأزق لا يمكن تصور الخروج منه ولا الوقت اللازم لذلك.
من هنا يبدو موعد آخر السنة لإجراء انتخابات رئاسية و تشريعية، غير واقعي البتة.
ولكن وفي نفس الوقت فقد  استشرى السباق على الرئاسة، التي يبدو أنها في هذه المرحلة هي المستقطبة للاهتمام، بالرغم من القناعة السائدة بأن هذه الانتخابات، لن تجري في الموعد المعلن.
فالدستوريون تحت الإشراف المباشر لأحد أقدمهم الأحياء السيد حامد القروي، وبالزعامة المفترضة لأحد أقدرهم وهو السيد كمال مرجان، ينظمون صفوفهم، ويعرفون كيف يتصرفون بذكاء للحاضر والمستقبل " وما جزاء الإحسان إلا الإحسان" من نطق رئيس حركة النهضة السيد راشد الغنوشي.
أما السيد أحمد نجيب الشابي، الذي "أفلتت " منه رئاسة كانت في متناول اليد وفق تقديره، مباشرة بعد ثورة 14 جانفي، فهو يعتقد أنه يمكن أن يكون لا فقط مرشح حزبه "الجمهوري" الذي هو بصدد الذوبان والانطفاء  والتآكل الداخلي، الحاصل لكل من التصق بالنهضة، على اعتبار ، أن التحالف معها يفيدها هي ولا يفيد من يأتلف معها، وهذا ما لم يشعر به الحزبان اللذان قدما للنهضة كل شيء، وما ربحا شيئا ولا ربحت البلد من تحالفهما معها شيئا ، وهما المؤتمر والتكتل، وكلاهما أصبح شبحا لنفسه، بعد أن هزلا إلى حد يكاد يصل لانعدام الوجود.
أحمد نجيب الشابي ، أخطأ في أمرين اثنين، أن تحركه ، لموالاة النهضة ، جاء متأخرا جدا ، كان يمكن أن يكون له دور بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، وأن انتخابات المرة المقبلة إذا حصلت وإذا حصلت في الأجل الموعود، هي انتخابات رئاسية بالاقتراع العام، وليس في مجلس أبوابه مغلقة. ولذلك فالتصويت عام وحظوظه وفق عمليات سبر الآراء تفيد أنه ليس في أفضل المواقع بل في أدناها.
وليس مؤكدا أن النهضة ستتخلى عن نصيريها منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر، لسواد عيون أي كان وإن كانت تعرف أن كليهما لم يكن ليزن في الماضي شيئا لولا دعمها، وأنهما باتا في قاع الحياة السياسية ، بحيث أن كلا منهما لا يتمتع بأي حظوظ للنجاح ، في انتخابات بالاقتراع العام كما هو أمر الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وبالتجربة فإن وعود النهضة لا يعتد بها سياسيا، وتشهد على ذلك التجربة مع الباجي قائد السبسي، الذي كان مبوبا للرئاسة بعد الانتخابات التي انتظمت في 23 أكتوبر 2011، وذلك بمعرفة الأمريكان والفرنسيين ، وعموما الغرب، ولكن جاء منصف المرزوقي وقطع طريقه، بتواطئ من النهضة، رغم الوعود المقطوعة.
ولذلك فإنه لا المرزوقي ولا بن جعفر ولا أحمد نجيب الشابي سيكون أي منهم الرئيس المقبل لتونس في حالة ما إذا حصلت الانتخابات في الوقت الموعود أو حتى بعده.
من إذن سيكون رئيسا للبلاد، إذا لم تتنازل النهضة عن الموقع، فإن مرشحها سيكون وافر الحظوظ، والمنافس الحقيقي له، سيكون لا فقط الباجي، الذي تحف باحتمالات ترشحه أخطار حقيقية، تتمثل في احتمالات قانون الإقصاء المعروض حاليا على المجلس التأسيسي، وكذلك عامل السن، ولكن أيا من مساعديه والطيب البكوش بالذات وهو رجل يتميز بسمعة جيدة فعلية.
وقوة الباجي قائد السبسي  تكمن في أن وراءه حزبا ، بات مهيكلا، وفرض نفسه على الساحة بزعامات قوية، لا يمكن أن يقلل منها إلا حزب بصد التشكيل للدستوريين يضم هو الآخر زعامات قوية.
سؤال مطروح، هل إن حزب القروي/ مرجان سيكون شوكة في حلق الباجي قائد السبسي وحزبه، أم في حلق النهضة ، أم كليهما، أم إنه سينهي الاستقطاب الثنائي ، ويجعل الساحة السياسية التونسية قائمة على ثلاثة أقطاب لا اثنين، وحولهما ، مجموعة من الأحزاب الصغيرة.
وبالنسبة للكثيرين من المراقبين السياسيين فإنه من المؤكد  أن هذا الوضع سيقسم الجبهة المواجهة للنهضة ويضعفها. ويعيد الحياة السياسية إلى مربع ما قبل انتخابات 23 أكتوبر 2011.
في ما يرى آخرون أن حزب القروي/ مرجان سيكون إضافة مهمة للحياة السياسية لها مكانها.
وقتها يحق القول هل ستتحالف النهضة، مع القروي/مرجان ؟
أم إنها أي كتلة القروي/مرجان  ستتحالف مع الباجي ومجموعته،
وهذا يفترض في هذه الحالة أن تكون هذه الجبهة إن تحققت لاعبا رئيسيا في كل الأحوال.
ولكن النهضة وفي كل الأحوال  لن تجد أمامها هذه المرة أحزابا "كرتونية" من نوع المؤتمر والتكتل، تفرض عليهما ما تشاء اعتمادا على أغلبيتها النسبية،  بل  حزبان أو جبهة واحدة ومهما كان وزنها عليها أن تقرأ لها حسابا، وألف حساب، وتنتهي  بذلك القرارات النهضوية  التي لا مرد لها مثلما كان الأمر أثناء ائتلاف الترويكا.
بقيت حالة الرئيس منصف المرزوقي، الذي لا يعرف أحد أنه يدرك أم لا أن احتمالات التجديد له في قصر قرطاج باتت في أدنى أحوالها، وأنه لا يتمتع بأي حظوظ للعودة، وهو المتمسك بالقصر، تحت أي ظروف بصلاحيات أو لا، ولذلك يبدو في موقف لا يتسق مع المعروف عنه ولو بدون إجماع من أنه رجل حقوقي، ورجل مبادئ، من ذاك تلك الشكوى المقدمة ، بدون أي مبررات قانونية "فيما يسميه دفاع عن الشرعية"، ولعله وفي ظل الخوف مما حدث في مصر ، هو الأكثر توجسا، والأقل سيطرة على النفس تجاهه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق