Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

السبت، 28 نوفمبر 2015

الموقف السياسي : الخلافة هل ستكون الخصومة القادمة بين داعش والرئيس التركي

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
عندما كانت في تونس دولة
تونس / الصواب / 25/11/2015
عندما كانت في تونس دولة ، مهما قلنا فيها فإنها هي التي أقامت كيانا حداثيا مستنيرا ، استقبل الرئيس الحبيب بورقيبة في أوائل أكتوبر 1985 السفير الأمريكي ، على إثر العدوان الإسرائيلي على حمام الشط ، وهدده بأن تونس ستقطع علاقاتها مع الولايات المتحدة ، إذا حدث وصوتت بالفيتو على اللائحة المقدمة لمجلس الأمن والمُدينة لذلك العدوان ، وكان أن احتفظت أيامها  واشنطن بصوتها ما مكن من تمرير اللائحة القرار ، وكان الباجي قائد السبسي أيامها وزيرا للخارجية ، وكان هو رئيس الأركسترا الناجحة التي أضافت لتهديد الرئيس بورقيبة التونسي لمسة أخيرة  بالتحرك في الكواليس ، وإذ لم تكن تلك أول مرة احتفظت الولايات المتحدة بصوتها في أمر يهم إسرائيل ،  بعكس ما قيل وقتها وما تم ترويجه خطأ ، وما كتبه قائد السبسي في مذكراته، فإنه كان انتصارا للدولة التونسية،، والعبرة ،، العبرة أن الرئيس بورقيبة ، على ما يجمعه مع أمريكا من علاقات وشيجة، فإنه هدد بقطع العلاقات معها ، وكان يمكن أن يفعل، لأنه لا ينطق عن الهوى باعتباره رئيس دولة من المقام الأول.
مؤكد أن له أخطاؤه وهناته ، ولكنه عرف دوما بأن ما يعزم عليه ينفذه.
أقول هذا الكلام اليوم باعتبار أمر في غاية الأهمية ، وهو أن الدولة التي استقر قرارها منذ 3000 سنة باتت مهددة في كيانها ووجودها ، فالدواعش يريدون لها أن تذوب في خلافة هلامية وهمية ، وأن تمحي و تنتهي ، وهو ما لن نسمح به ولن يحدث ، والذين وقفوا ويقفون مع ووراء الدواعش بالمال والسلاح والتدريب واللوجيستية لن يمروا ولن ينالوا من دولتنا مهما أوتوا من قوة ، ومهما اعتقدوا أننا ضعفاء ، بعضهم لم يكن دولة مطلقا واليوم يأتون ليهددونا في عقر دارنا ، يأتون ليعتقدوا أن مسالمتنا ضعفا.
على قطر أولا دولة وأفرادا أن تمد السلطة التونسية  بقائمة الأموال التي تدفقت منها إلى تونس ، لمن ذهبت  ولمن أنفقت ، فهي الأولى التي جاءت منها الأموال واللوجيستية ، بدعوى مناصرة الدين الإسلامي ، ولا بد من معرفة ، دور السلطة هناك ، وتدل كثير من المؤشرات أن هناك تنظيمات فاعلة في هذا المجال ، تحركت بسخاء حاتمي للتمويل الإرهابي . ولا بد أن تقدم للمجتمع الدولي تقريرا وافيا عن الأموال التي أنفقتها على القاعدة والنصرة وما يسمى بالدولة الإسلامية.
والسعودية أيضا ،  التي تقول مؤشرات أخرى أن دولتها قد لا تكون مورطة في دعم الإرهاب التونسي مباشرة ، ولكنها تبقى  مورطة في دعم القاعدة والدواعش والنصرة  وغيرها ، بصورة فاعلة لإسقاط النظام السوري ، بينما الإرهاب لا يعرف حدودا ، فيما مجموعات وأفراد سعوديون يؤيدون بالفعل والمال هذه التنظيمات الإرهابية  حتى داخل بلادنا ، ووجب أيضا تقديم قائمات لمن ذهبت هذه الأموال مباشرة أو عن طريق سوريا وتركيا وليبيا.
ولن يغيب عن الذهن أن الدولتين تدينان بالمذهب الوهابي المتطرف ، وأن كلتاهما مع دول أخرى وقفت إلى جانب القاعدة والنصرة وداعش لدواعي معاداة الشيعة ،  التي أحكمت سيطرتها على العراق منذ الغزو الأمريكي لبغداد سنة  2003 وبالتالي معاداتها للعلوية الحاكمة في سوريا ، وهي الأخرى فرقة شيعية متحالفة مع طهران.
أما تركيا ثالث الأثافي فيبدو أنها يتقاذفها أمران اثنان :
 1/ الحنين لعودة الخلافة إليها ، ويضع رئيس الجمهورية  رجب طيب أردوغان  وفقا لما يتردد بإلحاح صورة للخليفة العثماني الأول وراءه ، بعد أن كان المكان مخصصا لمصطفى كمال أتاتورك ، باعث الجمهورية التركية على أنقاض الخلافة العثمانية.
2/ثانيهما العداوة المستحكمة ضد المذهب العلوي الذي تدين به السلطة السورية، وهو مذهب شيعي أقلي يحكم البلاد منذ أوائل الستينيات بالحديد والنار. ، وأيضا لحماية التركمان.
ومن هنا فإن تركيا ، تعتبر أكبر دولة مشجعة للإرهاب ، باعتبارها الممر الرئيسي للأفواج الوافدة من بلدان متعددة ، وجدت التشجيع غالبا في بلدانها أيام حكم الإخوان في مصر ،  و أجنحة من النهضة في تونس ، وبعد سقوط الدولة في ليبيا التي اصبحت عبارة عن مجمع عصابات.
وبالتالي باتت سوريا وقبلها العراق مجمع كل التطرف في المنطقة ، ومصدر انطلاق الإرهابيين نحو إفريقيا ونحو تونس والجزائر ومصر عبر ليبيا.
على أن للبلدان الثلاثة لأسباب مختلفة  تتولى ( مع غيرها) تمويل وتدريب ودعم داعش ،  وقبلها القاعدة و جبهة النصرة وفتح أبواب المرور لسوريا ومن سوريا أمامها .
تركيا  بالذات لا تغفر لنظام الأسد ضرب التركمان ( أتراك مقيمين في سوريا وفي تركمانستان التي كانت خاضعة للإتحاد السوفييتي) ،  فيمن ضرب ممن ثاروا عليه خلال الانتفاضة عليه في ربيع 2011 ضمن الربيع العربي ، كما رأت في قلاقل أكراد سوريا خطرا يتهددها ، من الأكراد الأتراك الذين قاموا على الدولة التركية ،  منذ سنوات طويلة والتحموا مع أكراد سوريا وأكراد العراق ، الذين أقاموا كيانا  في عداد الدولة المستقلة عن الدولة المركزية العراقية.
أما السعودية وإن اعتقد بعض المراقبين أن حكومتها لم تتورط ، أو لم تتورط كثيرا في تمويل وتسليح الجهات المتشددة  في سوريا ، فإنها لم تفعل شيئا لردع متطرفيها ، عن  مد يدهم دعما للقاعدة والنصرة وأخيرا داعش،  في إطار ما رأت في قيادات هذه المجموعات  من توجهات دينية متطرفة ، تتوافق مع طبيعة المذهب الحنبلي السائد لدى العائلة المالكة السعودية  ، ويدها المتنفذة  الوهابية هذه الوهابية الحاكمة إلى حد بعيد في الأسرة المالكة.
ومن جهتها فإن قطر المعتبرة دولة مؤتمرة بأوامر أمريكية أكثر من غيرها في المنطقة  منذ انقلاب حمد على أبيه  قبل 24 سنة ، فإن لها أجندتها الخاضعة للولايات المتحدة ، وهي بالتالي تلعب أدوارا معينة في زعزعة استقرار الدول العربية عبر ما اعتبر مخلب أمريكيا أكثر من أي طرف آخر في .
ولقد كانت داعش  التي تسللت من العراق في غفلة من الزمن ، مقبولة غربيا طالما إنها لم تكن تهدد مصالح الغرب ، ولكن منطق الخلافة والتمدد الجغرافي  أبرزها على حقيقتها ، ككيان أو ما يشبه الكيان الذي يسعى للانفلات من كل الضوابط ، بحيث لم تعد مهمته تقتصر على مجابهة النظام السوري ، بل أخذ بتصدير الإرهاب  والتطرف عراقيا وسوريا  ، وداخل وخارج المنطقة من السعودية إلى الكويت إلى تركيا ، مرورا إلى شمال إفريقيا وأخيرا إلى فرنسا ، مع اعتماد قاعدة قارة في بلجيكا ، بحيث بات خطر هذا التنظيم الذي يعتبر نفسه دولة خلافة ، تنافس  على ما يبدو ما يتجه له رئيس تركيا من حلم بإعادة الخلافة الى بلاده ، بعد قرابة قرن على سقوطها ، وأصبح الاتجاه لمحاربته عاما وشاملا ، ولكن مع فروق في التقييم وحرص جماعي على أمر يوحد كل الفرقاء.
فمن جهة تتجه الدول الأوروبية وأمريكا ، إلى محاربته  أي داعش والتنظيمات الأخرى مع إسقاط نظام الأسد الذي يعتبر "نظاما مارقا " ،  وإيجاد بديل له يكون مدنيا ، فيما روسيا التي دفعت بطيرانها بقوة إلى ساحة المعركة ، تتجه للقضاء على كل المقاومة لنظام الأسد ، دون تفريق  بين ما هو تطرف ديني ، وما هو مقاومة مدنية،  حفاظا على ذلك النظام ، باتفاق كامل في ذلك مع إيران وحزب الله اللبناني ، وذراعه العسكرية ،  المصنفة غربيا تنظيما إرهابيا.
وتركيا بالذات لا تنظر بعين الرضا إلى المنحى الروسي  في التدخل في سوريا ، الذي يقصف كل معارضي بشار الأسد بمن فيهم الثائرون التركمان، ولعل هذا ما يفسر إسقاط الطائرة الروسية  من قبل  طيران  أنقرة ،  وهي الطائرة التي ربما كانت تقوم بقصف مناطق أبناء العمومة من الجنس التركي ، داخل الأراضي السورية على الغالب.
السؤال هل سيتوقف التمدد الداعشي والديني المتطرف داخل سوريا والعراق ، ليبحث لنفسه عن مجال آخر ، يبدو أن تركيا اختارت له ليبيا ، ما يمثل خطرا على الساحل الإفريقي وخاصة على تونس والجزائر ومصر؟ والذي  أخذنا نحن نكتوي بناره الحارقة ، مادام تمدده الليبي في تصاعد ، وهو ما دعا السلطة التونسيين لغلق الحدود مع ليبيا وربما الاستعداد لفرض تأشيرة على الليبيين.


الخميس، 26 نوفمبر 2015

بكل هدوء: التقصير وما بعد

بكل هدوء
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
بعد تفجير حافلة الأمن الرئاسي
 تقصير ،، وانعدام مسؤولية
تونس / الصواب / 25/11/2015
أتحمل مسؤوليتي وأنا أقول أن هناك تقصير ، وأن هناك انعدام مسؤولية.
أليست الأجهزة الرسمية تقول إننا في حالة حرب ضد الإرهاب؟
أليس غريبا أن يكون مستهدفا من توكل إليهم حماية رئيس الجمهورية الرمز الحي للبلاد ورأس مؤسساتها؟
أليس غريبا أن يتم ذلك على مبعدة بضعة عشرات الأمتار عن وزارة الداخلية ، "الحارس الأمين للشعب"؟
أليس غريبا أن لا تتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية من يتحملون  مسؤولية حماية الشخصيات العليا في الدولة ، فيركبون روتينيا من مكان واحد وفي حافلة لا تتغير؟
في أقل الأحوال، أقول و أكرر، إن هناك لامبالاة في بلد معرض للأعمال الإرهابية ، وقد جربها واكتوى بلظاها ، مرات ومرات ، في الجبال والوهاد والعواصم ، ولكن أن تتعرض لها قيادات أمنية من أعلى مستوى فإن ذلك يبدو لنا وللكثيرين مثلنا ، أمر غير معقول ولا مقبول ، ويتحدى كل منطق.
لنقل بعيدا عن أي لغة خشبية ، أننا خائفون وخائفون جدا ، وبعكس شجاعة الحيطان ، فالخوف يعم البلاد، نحن نعيش حياتنا صحيح ، ولكننا نعيشها ليس في طمأنينة ، خائفون على أنفسنا ، وخائفون على أزواجنا وخائفون على أولادنا وخائفون على أقاربنا وأصدقائنا ، فأمهات الضباط الشهداء وزوجاتهم لمن تزوج منهم وأطفالهم لمن لهم أطفال ، ما كانوا ينتظرون أن يعود إليهم الابن أو الزوج أو الأب في صندوق وقد غادر البيت قبل ساعات في كامل حيويته وشبابه.
قد يقال ذلك هو حكم القدر ، صحيح ، ولكنه حكم قاس وغير منتظر ، وكان ينتظر دفعة أصبع ليتحقق.
من هنا فكلنا اليوم وأمس  وغدا معرضون لمثل ما تعرض له النقيب محمد الحجري والآخرون ، نترك بيتنا  للعمل أو للفسحة أو لقضاء شؤون ، ونعود له وقد فارقتنا الحياة ، نحن بالذات أو أحد أعزائنا.
طبعا لن تتوقف الحياة ، ولا ندعي الشجاعة ، ولكننا نسير والخطر يتهددنا في أي لحظة.
من هنا يحق لنا كمواطنين أن ننتظر من دولتنا، ومن حكومتنا ومن الجهاز المكلف بحفظ أمننا تحركا في مستوى الحدث.
أولا:
هل لنا من الكفاءة الحق لنكشف من ضرب مساء الثلاثاء ، ومن خطط ومن مول ومن وفر السلاح ومن أعد اللوجيستيك "لإنجاح" العملية الإرهابية.
ثانيا:
ثم هل لنا الإرادة الحق للكشف عن من وراء حالة الإرهاب التي تعيشها بلادنا منذ ثلاث أو أربع سنوات ، بالأسماء وبالشجاعة الكاملة مهما كانوا ولأي حكومة إنتموا أو لم ينتموا ، سواء بالمساعدة أو بالإخفاء للحقائق.
ثالثا:
وكذلك كشف الجهات التي تلقت التمويلات من الداخل والخارج  تحت عنوان جمعيات ، وصرفتها على الإرهاب تسليحا وإعدادا وتنظيما وتلقينا وتدريبا ، وكف يدها ووضعها وراء القضبان ، ألم تكشف فرنسا عن 5500 تحويلا واردا من قطر يشك في أنها توجهت وجهات فيها خطر على الأمن.
**
بقي الضرب بيد من حديد بدون هوادة  وبدون قفازات مخملية على رأس الذين تثبت عليهم الإدانة، إن حالة الطوارئ تطلق يد السلطة التنفيذية في القيام بكل أعمال التفتيش ، ليلا ونهارا وفي كل الأوقات ، للمساكن وأدوات التنقل ومحلات العمل والمخازن ، وغيرها ، في انتظار القرار القضائي مع تطويل مدة الاحتفاظ، حتى نهاية التحقيقات ، ولمدة ولو كانت محدودة فهي أطول مما كان.
إن هذا لا يطلق يد الضابطة العدلية كما اتفق ، بل في إطار القوانين والتقاليد المرعية وفقا للمواثيق الدولية بعيدا عن أي عبث بحقوق الإنسان.
وبعد هذا وقبله فإن العبرة بالنتيجة، والنتيجة تأتي كذلك بعمل إزاء الخارج بدون مجاملة :
لنعد لفتح سفارتنا في دمشق وستكون لنا عونا في كشف أسماء مورطين كثيرين يعيشون بين ظهرانينا في أمان وهم عبارة عن قنابل موقوتة  في إطار ما أسمي بالذئاب المنفردة أو غير المنفردة.
ولنطلب الحساب من دول مولت وشجعت على تسفير أبناء لنا ، لنطلب الحساب صراحة من قطر، ولنطلب الحساب صراحة من السعودية ، ولنطلب الحساب صراحة من تركيا التي كانت ممرا ممهدا للذين غادروا بلادنا وتم تسريبهم إلى سوريا خدمة لقضية للحكومة التركية في حربها مع النظام السوري، فصنعت إرهابا نعاني منه ولا يجرؤ حكامنا عن الحديث عنه ولا عن من وراءه لا صراحة ولا مواربة.
أما ليبيا فمعها حديث آخر حيث لا دولة ولا هم يحزنون ، لنستعيد التونسيين الراغبين في العودة ، فبلادهم  أولى بهم وهي تحتضنهم ، ولنغلق الحدود إن لزم الأمر تماما " والباب اللي يجيك منو الريح سدوا وارتاح".
وعندها  يسهل أمر محاربة الإرهابيين الفعليين أو الإفتراضيين  الباقين في بلادنا،  الذين فرختهم  قنوات الشر التي ينبغي لنا أن نغلق أفواهها، ونوافذ الفايسبوك وتويتر الموتورة ،  وجوامع عشش فيها " أئمة" التطرف والتي  عاشت علىالتحريض والتكفير  والدعوة للعنف،  ومدارس  وبعضها حكومي ،وكتاتيب دُفعت إليها فلذات أكبادنا  في غفلة من الزمن وما زالت تُدفع.



الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

سانحة : أحداث باريس: من يدفع الثمن ؟

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الضحايا
تونس / الصواب / 24/11/2015
سقط في باريس قبل أسبوع 130 قتيلا ، فيما مائة  من البشر ومن كل الأجناس بين الحياة والموت.
سقط مثلهم أو أكثر عددا في فلسطين المحتلة ، وسقط مثلهم أو أكثر في سوريا والعراق ولبنان ، ويسقط كل يوم عشرات في مختلف أنحاء العالم.
كل هؤلاء يسقطون كل يوم تحت ضربات إرهاب ، يعلن عن نفسه أو لا يعلن ، وهو إرهاب صهيوني يمر " تحت حس مس "، أو إرهاب داعشي وقاعدي أو من أفعال النصرة أو كتائب عقبة أو المرابطون ، ولكن تقييمه ليس متماثلا ، فهو في حالة إسرائيل "دفاع عن  النفس " ، وفي حالات أخرى هو إرهاب ينبغي حربه والقضاء عليه.
والإرهاب إرهاب مهما كان مأتاه أو كانت نتائجه.
ولكن وفي كل الأحيان فإن ضحاياه يشار إليهم بالأصبع السبابة وفي إصرار.
وفي كل الأحوال فإن المتضررين منه ، هم العرب والإسلام.
وإذا لم يكونوا  بمليارهم ونصفا بين القتلى والجرحى ، فإنهم السبب المعلن والمقرر.
وعدا اتهام دينهم بأنه هو أصل الداء، فإن أصواتا  ترتفع للمطالبة بطردهم من بلاد، جانب كبير منهم هي بلادهم  ووطنهم ، بحكم ما حصلوا عليه من جنسية ، البعض منذ نصف قرن أو أكثر.
و لا  يكفي  للبعض من الفرنسيين والأوروبيين الآن ،  أنهم بالملايين ويمثلون في بعض البلدان 10 في المائة من مجموع السكان ، وأنهم مندمجون تماما في المجتمعات التي هاجروا إليها فتبنتهم و تبنوها ، فترتفع أصوات إن لم يكن لدعوتهم للرحيل والعودة من حيث أتوا ، فعلى الأقل ، لإعادة قراءة في كتابهم المقدس ، إن لم يكن في إعادة كتابته.
ولعل الضحايا  الحقيقيين  اليوم وعلى الأمد القصير وربما الأطول هم العرب والمسلمون ، سواء كانوا في بلادهم وفي أرض العروبة والإسلام ، أو حيث يقيمون مما يراد أن يفرض عليهم من أنها بلاد الغربة ، والبعض منهم هي وطنهم ولا بديل عنه.
و النتيجة .. النتيجة هي أن الإرهاب الأعمى والأرعن ، ينتج ضحايا ، هم من العرب والمسلمين أولا ،  وهم الذين يجهدون أنفسهم اليوم في البرهنة على أنهم ليسوا إرهابيين ، وأن دينهم ليس دين إرهاب ، وأنهم ينخرطون في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان بكل سخائها الفكري ، وكما جاءت به مبادئ عصر الأنوار ، وفلاسفة القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر ، والمواثيق الكونية العالمية .
الضحايا اليوم ، نحن كلنا  أينما كنا وفي أي مصر نقيم ، وخاصة منا أولئك المهاجرين في الغربة ، وليس فقط العشرات أو المئات من ماتوا  أو جرحوا في أتون "حرب " كما وصفت   لم يختر  العرب ولا  المسلمون أن  يخوضوها ، وفرضت عليهم من قبل رهوط لا تنتمي واقعا لا للعروبة ولا الإسلام ، ولا تدين لا بمبادئ العروبة ولا الإسلام ، وتتصرف من موقع الجهل والضغينة ، وتعيش خارج إطار الزمن ، ولكن ضحاياه هم كل العرب وكل المسلمين ، لأن تلك الجرائم التي ارتكبوها تحسب على العرب والمسلمين.

الجمعة، 6 نوفمبر 2015

الموقف السياسي : غاب الذكاء ، وغاب الدهاء

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
النداء ..
وماذا بعد ؟
تونس / الصواب / 6/11/2015
أعرف أن الديمقراطية لا تستقيم إلا بتعددية حزبية.
وأعرف أن الأحزاب هي قاعدة تأطير الحياة السياسية
وأعرف أيضا أن القبول بمبدأ  التداول السلمي على السلطة هو شرط قيام نظام ديمقراطي
ولكني أقول عاليا أيضا أني وطيلة حياتي لم أنخرط في حزب ، ولست مستعدا لذلك ، على كثرة ما دعيت  إليه من انخراط وفي أحزاب مختلفة.
ليس ذلك لأن أي حزب لم يستهويني، لا بزعاماته ولا ببرامجه،
ولكن لسببين :
 أولهما أن الانخراط في حزب  ما ، يعني أن على المرء أن يقبل بتنازلات ( ما يسمونه توافقات) غالبا ما تكون يوما على حساب القناعات والمبادئ، ذلك هو الانضباط الحزبي. وهو ما لا طاقة لي به وأنا كما يقول الفرنسيون عبارة عن خلية منفلتة  Electron Libre
وثانيهما . أنني كصحفي عشت من هذه المهنة ولها، وسأموت وأنا أكتب في رحابها ، أرى من وجهة نظري أنها لا تتأقلم مع الالتزام الحزبي ، الذي يفقد الصحفي موضوعيته وحياده، وإن كنت أحترم اختيار أعداد من الصحفيين يستطيعون أن يجمعوا بين مهنة المتاعب والالتزام الحزبي.
ورغم ذلك فإني أيضا لا أحرم على نفسي من الكتابة في الشأن الحزبي من منطلق أنه شأن عام يهمني كمواطن من جهة وكصحفي مكلف بأن يبدي الرأي ويصدع به م جهة أخرى .
**
و لذلك ورغم أني بعيد عن الأحزاب، فإن لي أن أتفاعل مع أحداثها عندما، تتلامس، وربما تتصادم مع ما أعتبره مصلحة عامة للبلاد.
لذلك أيضا  فإن ما يجري في نداء تونس ، على المسافة التي أحرص على أن تكون بيني وبين الأحزاب ، يهمني أن أتحدث عنه وأعبر فيه عن موقف من منطلق بعيد عن التحزب لألاحظ ثلاثة أمور أخشى منها على توازنات البلاد:
أولا إني ضد التوريث في الجمهوريات، فهي جمهوريات لأنها قطعت قطعا كاملا مع التوريث الذي تختص به الملكيات.
وسواء كانت تحركات حافظ قائد السبسي ووالده ذات خلفية توريثية أولا ، فإنها  بحكم السوابق في العالم العربي ما نجح منها وما فشل ، تثير الشكوك.
ثانيا إني لا أجد تفسيرا لانخراط رضا بالحاج وهو مدير ديوان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ، والد حافظ قائد السبسي  في ما يجري في نداء تونس ، إلا تفسيرا واحدا أنه مكلف بمهمة إسناد طرف معين ، وكان الذكاء يقتضي تجنب الإيحاء بأن رئيس الجمهورية يساند ابنه في معركة حزبية ، ليس له أن يتدخل فيها، وهو ما يعيدنا للعنصر الأول.
ثالثا : عندما أكون في بيتي فإن أي عنصر خارجي يزاحمني في ذلك البيت هو اعتداء وعدوان ، وأشير فقط إلى موقف نداء تونس في 5 ديسمبر 2013 عندما جاءت جهات أجنبية عن الساحة بكل زخم رموزها  إلى ساحة محمد علي "لتأديب" الاتحاد العام التونسي للشغل.
أقل ما يقال في الخلافات التي لا تهمني أنها لا تدل لا على ذكاء سياسي،  ولا معرفة لا قليلة ولا كبيرة  بكيفية قيادة معركة سياسية ، بقطع النظر عن التوريث من عدمه ، وانخراط رئيس الجمهورية  عبر مدير ديوانه  فيها من عدم انخراطه، تجمعت فيها أوصاف لا أريد أن أعلنها ويكفي ذكاء القارئ لاكتشافها.
وعلى ذكاء الرئيس ودهائه،  فلعله خانه الذكاء و خانه الدهاء هذه المرة ، عندما أصبحت القضية عائلية.
وأعود لأقول ما كتبته يوما ، قبل الدورة الرئاسية الثانية  منذ أقل من عام وعلى أعمدة هذه المدونة : "أصوت على كره مني للباجي .. لأني لا أثق في المرزوقي"، وما زلت عند موقفي ذاك رغم كل شيء.

الخميس، 5 نوفمبر 2015

سانحة : قضية بنك لا زارد ، للأعمال وما يحيط بها من خلط وعدم فهم

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
 المعرفة والفهم يسبقان المواقف
تونس / الصواب / 05/11/2015
عندما اطلعت على المذكرة التوجيهية للمخطط 2016/2020 التي أعدتها جهات معينة من الخبراء بمعرفة وزير التخطيط والاستثمار ياسين إبراهيم ، واضطر للعودة إلى مصالح الوزارة ذات الكفاءة والتجربة العالية ، بحكم خبرة مشهود لها عالميا لإصلاح ما أمكن إصلاحها ، تولينا على أعمدة هذه المدونة الصواب انتقادها بحدة  ، واعتبرنا تلك المذكرة متراجعة شكلا ومضمونا على ما تعودت عليه تونس في السابق من علو شاهق في كتابة تلك المذكرات التوجيهية ، ورغم ما أدخل على تلك المذكرة من إصلاحات وتحسينات ، فإننا باقين على موقفنا من أنها تبقى متدنية سواء في متنها أو في الأهداف التي حددتها والوسائل التي ضبطتها للمخطط.
ولو عهد بالأمر من البداية  لمصالح الوزارة وهي بالكفاءات العالية فيها والخبرة والتجربة الواسعة المشهود لها عالميا ، لكانت المذكرة التوجيهية أفضل ، وإن استفادت من توجيهات الوزير وفريقه.
لكننا عندما نشاهد الحملة ضد الوزير بسبب ما يبدو أنه سيعهد لمؤسسة عالمية ذات شهرة واسعة للقيام بتسويق سنرى بعض تفاصيله لاحقا ، نعتقد أن عدم المعرفة حتى لا نقول الجهل ، إن لم يكن سوء النية هو الذي يقود هذه الحملة التي بلغت حد المطالبة باستقالة الوزير.
وحتى نبدأ من البداية ، لنقل أولا أن بنك الأعمال ، ليس بنكا  للتسليف والإقراض، بل هو بمثابة المؤسسة التي تتولى الاستشارات وعمليات التسويق ، لدولة معينة أو لمشروع معين أو لقطاع ما ، ومن هنا ينبغي الكف عن هذا الخلط الذي نرجو أن لا يكون غير مقصود.
فما هو أولا بنك لازارد الذي رسا عليه عطاء التسويق لتونس.
تقول موسوعة ويكيبيديا إنه مجموعة عالمية للاستشارة المالية وإدارة أصول الدول أو المؤسسات ، وهو في الأصل مؤسسة فرنسية أمريكية تم إنشاؤها سنة 1848 ( نعم 1848) ، وهو بنك مرسم في بورصة نيويورك وينشط في 43 مدينة في 27 دولة عبر الولايات المتحدة والدول الأمريكية وأوروبا وإفريقيا وآسيا وأستراليا .
"وبنك لازارد بعكس بنوك أعمال أخرى تعتبر فروعا لبنوك تجارية أو بنوك استثمار ، فإن هذا البنك يكتفي بأنشطته في مجال الأعمال أي الاستشارة في مجال الإستراتيجيات الاقتصادية واندماج الشركات وشراء الأسهم وإعادة الهيكلة وأسواق رؤوس الأموال وهيكلة الموازنات والتدبير في مجال توفير أصول جديدة ، عدا النصائح في مجال التسويق"
 إلى هنا ينتهي ما جاء في الموسوعة .
وللبنك تجربة في مجالات منها تسويق قطاع معين مثلا السياحة ، وقام بذلك لفائدة دول عديدة مثل المغرب وتركيا وماليزيا ، وتلجأ له المؤسسات أو الدول.
ومن هنا فإنه لا يكتب مخططات ، ولا يتدخل في القرار الوطني ، بل هو كفيل مثلا بالتسويق للسياحة التونسية ، أو البحث عن احتمالات الاستثمار لدى المؤسسات أو الدول التي لديها فوائض وسوائل مالية كبيرة ، فمثلا وفي الوقت الحاضر فإن دولة مثل الكويت تتوفر على سيولة ضخمة ، تسعى لتوظيفها للاستفادة من مردودها ، وهي متأتية من تدبير محكم للمداخيل البترولية وخاصة للمتجمع من الأصول المتوفرة في صندوق الأجيال ، وهو صندوق تم إنشاؤه منذ الاستقلال سنة 1963  وتودع فيه سنويا نسبة من مداخيل الدولة ، فتستثمر ويكون مردودها إضافة إلى الأصول الأولى  مصدرا لزيادة مقادير المتوفر لديه  ، وبلغ حاليا حجما ضخما يتعاظم عاما بعد عام ، سواء بالنسبة من دخل الدولة السنوي أو مردود ما يتجمع لديه ويستثمره.
وعبر تجربة تبلغ 165 سنة فإن هذا البنك يعرف حاجيات البلدان والمؤسسات  المانحة وتلك الطالبة ، كما إنه يعرف وبالتفصيل إمكانيات الأسواق ما يساعده على تسويق سلع أو خدمات أو قطاعات بأكملها بالتقريب بين الأسواق العارضة وتلك التي تبحث عن الاستفادة من تلك العروض.
ولعله من المؤكد أن يدرك الصحفي حقيقة الأمور، قبل أن يندفع في مجالات غامضة ، وتحتاج إلى معرفة المختصين أو يعود للإنترنت، ففيه جواب لكل سؤال.

الأحد، 1 نوفمبر 2015

اقتصاديات : السيناريو المرسوم للكارثة ،، جاء من تقصير 2012

إقتصاديات                                    
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
ووصلنا إلى قاع الهاوية
تونس / الصواب /01/11/2015
الهاوية.. ووصلنا إلى قاعها ، لم يكن ذلك مفاجئا بل كان متوقعا ومنتظرا ، وليس هناك إلا العميان أو أولئك الذين يتعامون لم ينتظروا ما نحن عليه اليوم ، وما ينتظر بلادنا في قادم الأيام من صعوبات قصوى، ولا من منقذ أو ما يمكن الاعتماد عليه من أشقاء أو أصدقاء.
ووزير المالية وحده الذي بات محبطا لأن الوعود لم تتحقق، في وقت تحتاج فيه موازنة الدولة للعام 2016إلى مدد لتغطية عجز وإن بدا نسبة أقل من العام الذي سبقه، فإنه وبالأرقام المطلقة مفجعا.
لقد أحرقنا أوراقنا ، فلا الأشقاء القادرين نسوا مواقفنا سنة 1990  عندما اندفعنا على طريق خاطئ واختلطت على حكامنا آنذاك السبل وضاع من أقدامهم طريق القانون الدولي ومقتضياته من عدم احتلال الدول ، ولا نحن من الناحية الإستراتيجية في موقع من لا يمكن الاستغناء عنه، ولا نحن دولة من الحجم مساحة أو ديمغرافيا بحيث تكون وازنة ، ثم إن البلد مخترق إرهابيا ، وبلا قيادة سياسية حقيقية بحيث يوحي بالثقة ، تلك حقائق لم يعد بالإمكان إخفاؤها ولا حتى على أنفسنا ، وقد باتت معروفة عربيا ودوليا ، فضلا عن أن دول الـج 8 ، هي نفسها في أوضاع تحتاج الكثير من دولها  إلى مدد، والبعض منها كأحوالنا في حالة انكماش اقتصادي.
ولقد كان ممكنا بعد "الثورة" أن نندفع على طريق صحيحة ، بما تحتاجه من إصلاحات لم يكن بالإمكان تأخيرها ، ولكن الحكومة المنتخبة في سنة 2011 ، أخذت تماطل ما أدى إلى استقالة وزير ماليتها ، وقد أدرك ، وعلم الاقتصاد وإن لم يكن علما صحيحا فله ضوابطه ومساراته التي لا تخطئ ، واضطر وزير المالية حسين الديماسي وقد تفطن مبكرا أن إرادة الإصلاح غائبة عند حكومة النهضة ، وأنها تسير بالبلاد إلى الكارثة إلى تقديم استقالته ، مقدما توصيفا للوضع وكأنه سيناريو مكتوب وهو سيناريو نشهده فعلا اليوم ونكتوي بناره.
المالية العمومية في أزمة خانقة
التوازنات الخارجية في اختلال لم تعرفه البلاد من قبل
السياحة معطلة
الثروات التعدينية والنفطية في أدنى مستوياتها
الدينار ينزلق فتتكسر أطرافه يوما بعد يوم
المديونية ارتفعت نسبتها ومقدر لها أن تصل إلى 53 في المائة من الناتج، وقد خصصت في السنوات الأخيرة للاستهلاك لا لخلق الثروة
البلاد على وشك أن تعجز عن سداد ديونها وقد تضطر لطلب إعادة جدولتها في 2017، وهي الكارثة العظمى.
وبعد ذلك هل سيستمر على المدى المتوسط دفع الأجور والجرايات  خاصة في القطاع الحكومي إلا إذا كان بنقد القردة بدينار تتآكل قيمته يوما بعد يوم
ويستغرب الناس أن تكون بلادنا وصلت إلى هذا الوضع ، وأنها سترهن بصورة أو أخرى بعضا من تراثها الذي تفخر به ، في معاملة بالمالية الإسلامية التي لم يبق للبلاد غير اللجوء إليها لأن الأسواق المالية الدولية فقدت ثقتها فينا ، وباتت إن قبلت إقراضنا فهي لا تفعل ذلك إلا بنسب فائدة ربوية، وهي بكل الأحوال أقل ضغط من الصكوك الإسلامية.
تلك حال بلدنا لأن حكام 2012 و2013 و2013 ، وحتى 2014 رفضوا أخذ الثور من قرونه ، والمواجهة المسؤولة لأوضاع قام حسين الديماسي بتوصيف آثارها بدقة منذ 2012 واضطر للاستقالة بعد أن رفضوا الاستماع إليه، لأسباب انتخابية ، فليس شعبيا تحت أي سماء القيام بإصلاحات موجعة ، واليوم لم يعد هناك  بد  من الإقدام  على هذه الإصلاحات الأكثر إيلاما مما كان عليه الأمر سنة 2012 لو تم تفعيلها.
واليوم وصلنا إلى قاع الهاوية، ونحن في وضع أشبه بذلك الذي كانت عليه تونس قبل انتصاب الحماية ، والأغرب أن لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة ولا وزير المالية ، يشير بأصبعه لمن كان سبب ذلك ، لأن المتسبب شريك حاليا  في الحكم ولا ينبغي التعرض إليه ، وتلك حال البلاد المتخلفة ، تعرف السبب ولا تجاهر به.
ومهما يكن من أمر فنحن جميعا في قارب يوشك على الغرق.
fouratiab@gmail.com