Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الجمعة، 29 سبتمبر 2017

اقتصاديات : ماضيا وحاضرا ... الوقت الضائع .. وبعد

اقتصاديات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
المستقبل الضائع
تونس/ 28 الصواب/09/2016
في تقديري فإنه لا أحد يتمنى أن يكون اليوم في منصب وزير المالية ، بل إن كل وزير في الحكومة ، باعتبار ثقل المسؤولية التي تفرضها عليه طبيعة الظرف لا يمكن أن يشعر بالراحة إن كان واعيا بالتحديات ، ولم يكن همه نيل المنصب الوزاري.
ووزير المالية الجديد بالذات يجد نفسه في موقف لا يحسد عليه ، فمن جهة يجد نفسه أمام معادلة مستعصية على الحل ، بموازنة للدولة لا يعرف مأتى  جزء مهم من الموارد التي تحتاجها ، بحيث لا تعتبر موازنة مستقيمة على اعتبار أنها مختلة العناصر ، و من جهة أخرى فإنه يركب القطار أثناء مسيره ، وهيكلية الموازنة جاهزة ، ومهما كانت مواهبه ومهما كانت كفاءته ، ومهما كانت تجربته ـ فإنه موجود اليوم أمام وضع يبدو مستحيلا ومستعصيا على الحل ، في بلد مستعص على الإصلاح ، وطبقة رجال أعمال متوجسة وبالتالي غير قابلة للإقدام على المخاطرة ، وغيابها لا يشجع إضافة عن  عدم إقدامها على الاستثمار ، العنصر الخارجي  بدوره على المغامرة في تونس أو الثقة فيها ، هذا فضلا عن غياب الدولة أو لنقل صراحة عن استقالتها ، وتواجد حركة نقابية قائمة على المطلبية المفرطة دون أي تحليل للوضع الحقيقي للبلاد ومتطلباته ، معتبرة أن الدولة بمكوناتها بقرة حلوب لا ينضب ضرعها ،  حركة غير قابلة للجلوس على مائدة الدرس ، في نظرة للاقتصاد الكلي للدولة ، كما هو الشأن في البلدان المتقدمة ، حيث كل الأطراف الاجتماعية تنطلق من وضع قائم ، وتبني مواقفها على أساسه,
وإذ نقول ذلك فلا يفوت المرء ، ملاحظة هذه الثروات الضخمة التي تنشأ بين يوم وليلة ، بلا جهد ولا فكر ، متوسلة بالتهريب وفساد الادارة ، أو إحجام التونسيين عن دفع ضرائبهم إما بالامتناع ، أو بنقص التصريح ، ما يؤدي إلى إخضاع من هم تحت اليد ، حتى النزيف ، ما يوقف الاستثمار ، ويقلل فرص الادخار.
وقد وجب القول أن التهريب  والتجارة الموازية والتهرب الضريبي تمثل دملا في جسم الامة تعتبر ثلاثتها صنوا للإرهاب ، لا تختلف عنه في النتيجة بل لعلها تصب في بعضها البعض.
ويتفق كل المحللين سياسيين واقتصاديين واجتماعيين على القول بإن الاقتصاد الموازي يمثل نصف الأنشطة القائمة في البلاد ، وهو اقتصاد لا يساهم بدفع الضرائب ، ولا بدفع ما عليه للصناديق الاجتماعية إلى ما يدخله من اضطراب على الدورة الاقتصادية ، وتقول مسؤولة كبيرة سابقة في إدارة الضرائب ، إن الدولة لا تحصل إلا على ،صف مستحقاتها ، وبالتالي يبقى الضغط الضريبي مرتفعا على من تحت اليد ، من أجراء وشركات من القطاع المنظم .
وفي اقتصاد بتمش طبيعي ، فإن نسبة النمو المتصاعدة من عام إلى آخر تكفي الدولة مؤونة زيادات متلاحقة في الضرائب والأداءات ، وإذا رأيت وزير مالية ، حائرا باحثا عن موارد جديدة لمجابهة مصاريف عادية عادة ، فاعلم أن الاقتصاد في أزمة ، وأنه لا يوفر الكفاية من الموارد للسير الطبيعي لمصالح الدولة فضلا عن العجز عن الاستثمار العمومي وتجهيز الدولة.
وهذا هو حال البلاد منذ 7 سنوات أي منذ الثورة ، وإذا كان من ثاروا أو انتفضوا يأملون في السنة الأولى ثورة أن تتحسن أوضاعهم ، فلقد كانت خيبتهم دافعة إلى المرارة ، فالوضع يزداد سوء عاما بعد عام ، ومقدر له أن يزداد سوء في العام الوافد 2018 وربما أكثر في العام 2019 وما بعدها.
والحكومات المتعاقبة منذ 2011 لم تأخذ الثور من قرنيه لتقوم بالإصلاحات الواجبة ، توسلا للنجاح في الانتخابات ، وكان أن استقال وزير المالية حسين الديماسي بعد أن نبه بدون جدوى إلى أن البلاد تسير على طريق خاطئ ، كان ذلك بعد تشكيل حكومة الترويكا الأولى بستة أشهر عندما كان ممكنا للحكومة وقتها أن تصارح الشعب بحقيقة الأوضاع على أساس أمرين اثنين :
أولهما أنها ورثت وضعا سيئا ، سواء كان ذلك صحيحا أو خاطئا وأنها في حاجة إلى تسامح شعبي واسع يطلق يدها.
وثانيهما أن إصلاحات عميقة ضرورية موجعة كانت ضرورية لم يقع الاقدام عليها .
ولسنا من الذين يقولون بأن الوضع كان مثاليا قبل 2011 ،حقيقة كانت النسبة المتوسطة للنمو في حدود معدل 5 في المائة ، ولكنها لم تكن لتفرز تنمية دليل ذلك أن الشعب سواء بإيعاز خارجي أو لا ثار على وضع لم يكن قد حقق له الكفاية  وهذه النسبة وإن كان مأمولا الرجوع إليها اليوم فإنها كانت قاصرة بسبب قصور الادخار والاستثمار نتيجة تدهور الثقة داخليا وخارجيا بسبب تسلط فئة الأقارب على رجال الاعمال والاستئثار بالمشاريع المربحة  وتعاظم الفساد ،وعدم قيام العدالة بواجبها  مما لم يمكن من تحقيق نسبة نمو مخططة زمن وزير التخطيط مصطفى كمال النابلي  بسبعة في المائة  على الاقل في وقت باتت بلدان  عربية وإفريقية أقل من تونس موارد وكفاءات تحقق نسبة نمو من رقمين ، وكان كل ذلك الوضع  أفرز بطالة هيكلية ، وتفاوتا بين الجهات والفئات لم يعد محتملا ، صحيح أن هناك وضع متمثل في توازن ميزانية الدولة ووفرة في الموارد مكنت من استقرار عجز الميزانية بنسبة 2.6 في المائة ، صحيح أن المديونية تقلصت إلى 38 في المائة  ( وصلت حاليا لم يفق 70 في المائة من الناتج )، صحيح أن  ميزان المبادلات التجارية وإن لم يكن متوازنا فإنه سمح لميزان الدفوعات بأن يكون في حال أفضل باعتبار الموارد المتعددة من العملة الأجنبية  صحيح أن قيمة الدينار تدهورت ،  ولكن إلى ربع ما  كان عليه قبل بضع سنوات ولكن الدينار حاليا أصبح شبحا لنفسه ، أما نسبة التضخم الحالية قياسا فحدث ولا حرج ، وإذ كان ينبغي اتخاذ قرارات موجعة في 2012 عند قيام حكومة الترويكا ، ولم تكن لها الشجاعة لاتخاذها مما زاد الأمر سوء ، كما كان صحيحا أن حكومة الحبيب الصيد ثم حكومة الشاهد كان عليها مصارحة الشعب بحقيقة الوضع ، ولكنها كانت من الجبن بحيث تركت حبل الخراب على الغارب لحد ما وصلنا إليه حاليا ، في سنة 2017 وخاصة ما سيعانيه الشعب في 2018 و2019 ومن يدري المتوقع بعد ذلك.
القادم أعتى وأكثر إيلاما ووجيعة فلقد تأخر اتخاذ القرارات الواجبة في الوقت المناسب ، وكما هي الصحة فإنه كلما تأخر التشخيص والمداواة كلما استفحل المرض ، وتونس اليوم تشكو من مرضن أزمن نتيجة إهمال تواصل 7 سنوات زاد من استفحاله وضع سياسي ضبابي ، فالمجتمع ليس واثقا ممن سيحكم البلاد مستقبلا وبأي نمط ، ولذلك فإن الثقة مهتزة ، يزيد من ذلك تولي المسؤوليات من لا يحملون لا كفاءة ولا عزيمة ولا شجاعة.
وجب اليوم أن تقف السلطة لتونس كما قال رئيس الحكومة والقيام بعملية جراحية دقيقة على أساس :
-        الاستعادة الفعلية لهيبة الدولة وقرارها وتنفيذ القرار ، وكف الاضرابات والإعتصامات  وقطع الطرق ومنع منع العمل
-        مجابهة قضية الدعم بالشجاعة الواجبة فالنزيف بلغ حدا ليس بعده حد وميزانية الدولة لم تعد قادرة على الإحتمال ، ولقد وجد المغرب حلا مرضيا لكل الفئات في هذا المجال . فلماذا لا يتم  الاستئناس  بالحل المغربي , ونخفف على ميزانية الدولة ،
-        ميزانية الدولة ليس ضرعا لا يجف من الحليب ، لماذا إذن تتحمل العجز المالي للمؤسسات العمومية ، وبدل أن تقدم السند لميزانية الدولة نجدها تحلبها فوق الطاقة ، كما هو الحال بالنسبة للصناديق الخاصة بالتأمينات الاجتماعية ، ولعل التقاعد في تونس ووفقا لأقوال الاختصاصيين هو الأكثر سخاء في العالم منذ 1985/1986.
-        إن العلاج لا بد أن يكون موجعا ولكن هل من سبيل غيره ، وحكومة تخاف من شعبها ، ليست سوى حكومة على غير قدرة بيداغوجية للتواصل مع ذلك الشعب وقدرة على إقناعه.

-        fouratiab@gmail.com

الاثنين، 25 سبتمبر 2017

الموقف السياسي : دستور وؤسسات دستورية

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الدستور ليس لعبة
ولكن كيف تنظيم المؤسسات  الدستورية ؟
تونس / الصواب /24/09/2016
عندما تحرر الدساتير فذلك لعشرات السنين ، فليس من المنطق أن يتم تعديلها كل سنوات قليلة ، وإذ كان الدستور التونسي الجديد الصادر في جانفي 2014 ، قد اقتضى تنظيما للحريات ، والتصاقا شديدا بالحقوق الكونية ، كما هو الشأن في البلدان العريقة في الديمقراطية ، وكذلك تنظيما لمؤسسات الدولة ، فقد افترق عن سابقه دستور جوان 1959  قبل أن يقع التلاعب به ويصبح عبارة عن صورة باهتة ،  افترق لا فقط من حيث التشديد على الحريات ، وربط تونس بالحقوق التي تكفلها المواثيق الدولية بدون أي تحفظ ، بل من حيث التنظيم المؤسساتي ، ومن حيث طرائق الانتخاب.
فقد اقتضى حكم بورقيبة اللجوء إلى إقامة نظام رئاسي على الطريقة الأمريكية ـ بل رئاسوي ـ تتجمع فيه كل خيوط القرار بين يدي رئيس الدولة ، دون صلاحيات رقابية تذكر لسلطة البرلمان ، وهو نظام تجذرت مظاهره شيئا فشيئا وبلغ الأوج تحت حكم بن علي ، وزاد من حدته اختيار طريقة انتخابية قائمة على التصويت على القائمات بالأغلبية ، تقتضي تحقيق استقرار شديد في الحكم ، بلغ من شدته أنه قبض على رقبة البلاد مدة 55 سنة ، زاد من حدته اللجوء المستمر لتدليس الانتخابات ، وفقا لاعترافات وزراء داخلية سابقين ، زيادة عما عرف وأصبح أمرا معروفا.
وجاء الدستور الجديد بتغيير في العمق من حيث أقر نظاما برلمانيا  تتركز فيه السلطة في يد مجلس النواب ، ويفوضها  لسلطة تنفيذية تبقى تحت رقابته الشديدة ، سوى منها ما أفلت وبقي بين يدي رئيس الدولة ، الذي لا يعرف وفي الأحوال العادية  ، إن كان خاضعا للمساءلة والمحاسبة أم لا في الصلاحيات التي خولها له الدستور .
ومما زاد الطين بلة أنه بعكس ما يجري في  غالب الأنظمة البرلمانية ، فإن رئيس الجمهورية في تونس ينتخب بالاقتراع العام ، وبالتالي ونظريا فإنه يتمتع بشرعية منفردا تماثل شرعية البرلمان مجتمعا ، وإذ النظام الذي اختارته النهضة ليس متفردا في العالم ،  فإنه شبيه بما يسمى بالنظام البرلماني المعدل كما هو البرتغال مثلا ـ ومختلفا عن الانظمة البرلمانية في ألمانيا أو إيطاليا أو إسرائيل أو النمسا ، فإنه يضع حقيقة السلطة بالوكالة لدى الحكومة التي يشكلها رئيس للحكومة.
ومثل كل نظام فإن الأنظمة السياسية كلها لها حسناتها وسيئاتها ، ولكنها كلها تعتبر ديمقراطية.
وقد أعطت التجربة القصيرة للنظام  البرلماني  المعدل ، صنفان من السلوكات السياسية :
أولهما حكومات ما قبل وحتى بعد إعلان الدستور ما خضع منها وما لم يخضع للدستور الصغير متمثلة في حكومات حمادي الجبالي وعلي العريض ( بنفس النفس مع الدستور الدائم ) ، وحكومة المهدي جمعة ، وكانت الخيوط كلها بيد رئيس الحكومة ( الذي لم يعد وزيرا أول حتى تسمية ومضمونا ) وكلها في زمن  الرئيس منصف المرزوقي الذي لم يتمتع حتى بصلاحياته الدستورية بالكامل .
وثانيهما الحكومات الثلاث التي خضعت من وجهة نظرنا لقيادة مشتركة إن لم تكن بسطوة رئاسية  ، بعد انتخابات 2014 ، فقد أدت هذه الانتخابات إلى فوز الرئيس الباجي قائد السبسي بالرئاسة ، ولاحقا لفوز حزبه (نداء تونس ) بأغلبية تشريعية  نسبية أهلت الحزب لاستلام السلطة ، وتعيين رئيس للحكومة.
وإذ نص الدستور على تولي تعيين الحزب الفائز ( الأول أصواتا  في البرلمان ) لرئيس الحكومة ، فإن المراقبين يتفقون على أن ذلك لم يكن إلا إجراء شكليا ، حيث إن الرئيس الجديد للجمهورية هو الذي اختار رئيس الحكومة الحبيب الصيد الوفي  له بين الأوفياء  ، وحتى من خارج صفوف حزبه ، بحيث لا يتمتع بقوة ذاتية ، وما كان من قيادات نداء تونس إلا أن قبلت بالأمر الواقع ، وقد تجدد ذلك مع حكومة الشاهد ( وإن لم يكن رئيس الجمهورية هذه المرة مطالبا بترشيح رئيس للحكومة بترشيح من حزب الأغلبية ) ، وهو ما سيحصل مع حكومة الشاهد الثانية قبل أقل من شهر.
ولم يقع احترام حتى الشكليات ، فقد أعلن رئيس الحكومة عن تركيبتها من قصر قرطاج  ، مما يوحي بأن الحكومة استمرت في عهد الباجي تتشكل في قصر قرطاج  ، مثلما كان عليه الأمر زمن بورقيبة وبن علي ، مما يفترض أن أصابع سي الباجي كانت والغة في تلك التشكيلة ، ولعلها كانت هي العنصر الأقوى لتركيبتها.
ولعل للمرء أن يتصور فرضا ، أن الأغلبية الرئاسية والأغلبية التشريعية لم تكونا متماثلتين ، أي لو أن الانتخابات أفرزت انتخاب سي الباجي رئيسا للحكومة ، وانتخاب أغلبية نسبية من حركة النهضة ، فماذا كان يحدث ، وهل كان الرئيس الباجي يتدخل في تشكيل الحكومة التي يتولاها أحد زعماء النهضة ، وهو احتمال وارد باعتبار طبيعة النظام السياسي البرلماني المعدل ، هل سنسقط في تعايش على مثال  ما حصل مرات خلال سير الجمهورية الفرنسية الخامسة ، كان ذلك في بلد من نمط مجتمعي واحد ، أما في تونس فإننا أمام تصورات أنماط  مجتمعية مختلفة ، حداثية ، ودينية.
**
هذا من ناحية الحقوق والحريات وتنظيم السلط ، وسير دواليبها ومؤسسات الحكم فيها  ، ولكن ألا ينبغي أن نتوقف قليلا عند مؤسسات الدولة الدستورية  التي اقتضاها الدستور ، وإلى جانب مجلس النواب الذي يزداد اسمه تعقيدا بنعته بمجلس نواب الشعب ، بدل ما كان عليه اسمه قبلا أي مجلس النواب أو ما درجت عليه عدة دول من تسميته مجلس الشعب ، بعد أن كان ينعت باسم مجلس الأمة وهو ما تم التخلي عنه لأسباب إيديولوجية ، من حيث إنه لا تونس ولا مصر مثلا ولا غيرها تعتبر نفسها أمة ، بل هي جزء من أمة سواء كانت عربية أو إسلامية حسب الميول والإيديولوجيات.
غير أن الأعمق من ذلك يتمثل من وجهة نظرنا في أمرين اثنين :
1/ تضخم مجلس النواب عدديا ، وإذ كان ذلك مبررا لكتابة الدستور ، فإن الأمر لم يعد ضروريا ، بعد استقرار الدولة ومؤسساتها ، وليس الأمر فقط مسألة اقتصاد في النفقات ، فالنواب التونسيون لا ينالون أعلى المرتبات بالمقارنة مع نواب الدول المجاورة ، وإنما لمزيد النجاعة والحسم الأسرع ، ولعل للمختصين والقانون المقارن أن يجدوا الحجم الملائم لمجلس النواب ، وفي محاولة غير معمقة ولكن وبالمقارنة يبدو لي أن عدد النواب ينبغي أن يعتمد على مقياس عملي مثل نائب عن كل مائة ألف  ساكن مع إضافة نائب عن كل عدد يزيد عن 50 ألفا بحيث لا يتجاوز عدد النواب 130 نائبا (217 حاليا ) ، مع تمتيع كل نائب بمكتب وسكريتيرية ليتمكن من القيام بعمل جدي قوامه البحث والتعمق والمقارنة وهو عمل لا يستطيع أن يضطلع به النائب  الجلسات العامة و جلسات اللجان والتواصل المطالب به في دائرته .
2/ اعتبار أن الهيئات الدستورية ومن الناحية الشكلية خاضعة للمراقبة البرلمانية ، ولمحكمة المحاسبات كما هو الشأن في أعتى الديمقراطيات ، أما من ناحية المضمون فتبقى لها حريتها المطلقة ، كل واحدة حسب اختصاصها.




الجمعة، 22 سبتمبر 2017

بكل هدوء : تونس هل في الطرق إلى نظام رئاسي كما يريد السبسي

بكل هدوء
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
صيحة فزع
 هل يراد العودة للنظام الرئاسي
** أمنية السبسي غير قابلة للتطبيق
تونس / الصواب /20/09/2017
" إن تدهور الدولة يؤدي بصورة  مؤكدة  لابتعاد الشعوب ، واضطراب الجيش خلال المعارك  (1) ، والتفكك القومي وضياع  الاستقلال ، فمنذ 12 سنة (2) وفرنسا تقف في مواجهة مشاكل قاسية جدا ناتجة عن نظام الأحزاب ، وتوجه كارثي  .
ففي عهد سابق  أعطاني الشعب في أعماقه  المقود لقيادته كله إلى بحر الانقاذ والسلامة ،  واليوم (3) وأمام التحديات والمحنة المتصاعدة  التي يواجهـــها  مجددا ، ليعلم ويتيقن أني جاهز وعلى استعداد للاضطلاع  بسلطات تسيير  الجمهورية "
كان ذلك هو أول بلاغ وزعه الجنرال ديغول ، وقد تعطش للسلطة  بعد أن " اجتاز سنوات صحراوية " ، ابتعد فيها عن الحكم مضطرا ، بعد أن سقط الدستور الذي ارتآه للبلاد في استفتاء عام 1946.
هل تونس في نفس الوضع اليوم ؟
وهل إن دستور   تونس لـ 2014 ، الشبيه من عدة نواحي بدستور الجمهورية الفرنسية الرابعة  ، وخاصة من حيث أنه دستور في عمقه هو دستور جمهورية برلمانية ، ولو قيل إنه  نظام برلماني  معدل ، فإن السلط فيه المرتكزة في قبضة البرلمان مفوضة لرئيس الحكومة ، فيما سلطات رئيس الجمهورية محدودة ، وباستثناء الخارجية والدفاع ، فإنها تكاد تكون تشريفاتية مثلما كان الأمر  زمن الرئيسين الفرنسيين الذين تعاقبا على الرئاسة الفرنسية بين  1946 و1958 فانسان لوريول وروني كوتي .
وحتى قبل إعلان دستور 2014 فإن الدستور الصغير الذي أعلن في 2012 ، انتظارا للدستور الدائم ، فإن الرئيس المرزوقي كانت صلاحياته محدودة ، وأمام قوة شخصية حمادي الجبالي و علي العريض وحتى المهدي جمعة فإنه لم يستطع أن يفتك شيئا ، وكأن كل همه أنه بلغ منصب رئيس الجمهورية واستقر في قصر قرطاج ، وكان يعتقد أنه سيستمر بعد انتخابات 2014 .
كان الوضع مخالف بعد 2015 ، فالتوازنات السياسية اختلفت ، وإذا لم يكن المرزوقي تمتع بأغلبية تعضده ، فإن انتخابات أواخر 2014 دفعت إلى الواجهة أغلبية رئاسية متمتعة بأغلبية برلمانية ولو نسبية من نفس الحزب والعائلة.
وبالتالي اختلف الوضع وجاء لقصر قرطاج ، رجل يملك أغلبيتين  رئاسية وتشريعية ( نسبية ) ، وإن كان الباجي قائد السبسي قد استقال من حزبه  ، فإنه حافظ  على سطوته على الحزب الذي أسسه أي نداء تونس.
ولذلك تجمع المعطيات المتاحة أنه هو الذي أوحى باسم الحبيب الصيد ليقدمه النداء مرشحا لرئاسة الحكومة ، وقيل في وقته إنه اختار رئيسا للحكومة مناسبا لمقاس رجله ، وهو الذي كان وراء التحالف أو التوافق مع حركة النهضة و"صديقه اللدود " راشد الغنوشي.
دستوريا هو الذي كان  عليه أن يختار رئيس الحكومة  بعد سقوط حكومة الصيد ، وبعد أن دفع الحبيب الصيد للخروج من النافذة ، فأتى بيوسف الشاهد.
** الفارق مع فرنسا في 1958 :
-        أن باريس كانت تخوض حربا مدمرة ماليا ورجالا في 1958 . وأن أحدا لم يتوفق لتشكيل حكومة.
-        وثانيا أن رئيس الجمهورية الفرنسية كان بلا حول ولا طول ، ولم يكن الرئيسان الفرنسيان المتعاقبان من قوة الشخصية ليستطيعا شيئا أمام برلمان متشذر  
-        أما في تونس فالبرلمان وفقا للطريقة الانتخابية  المعمول بها منذ 2011 والقائمة على النسبية مع أعلى البقايا ، وطبيعة التنظيم الحزبي ، يقوم على حزبين كبيرين نسبيا لكن أي منهما لا يملك أغلبية حتى بسيطة ، فيما أن بعض القوانين والتصويتات تحتاج وفقا للنظام الداخلي للمجلس  إلى ثلثي الأصوات ، ولو كان اعتمد على طريقة الاقتراع بالأغلبية على القائمات مثلما كان الأمر من 156 إلى 2010 لحصل نداء تونس على ما بين 135 و140 مقعدا وهي أغلبية مريحة ولكن لا تكفي لتمرير قوانين أساسية أو نتيجة إيجابية في بعض المسائل المعينة ، مثل انتخاب أعضاء هيئة الانتخابات.
**
المهم أن الباجي قائد السبسي غير راض عن الصلاحيات التي يتمتع بها ، والتي لا يراها من مقاسه ، وهو يغمز ليصنع ما صنع الجنرال ديغول عام 1958 بتأسيس الجمهورية الفرنسية الخامسة ، حتى يكون مطلق اليد في تسييره للدولة ، ويحكم وحده فعلا كما قال في سنة 2011.
كان في  تصريحه في جريدة الصحافة أكثر من تلميح ، أما في تصريحه للقناة الوطنية فقد أوكل المبادرة في ذلك للنواب. وسواء لما بقي من عهدته أو في احتمال الحصول على عهدة ثانية في 2019 لا يبيدو أنه يستبعدها ، بل لعله يسعى إليها.
ومهما يكن من أمر فإنه يبدو  أن الأمر ليس بالسهولة المتوقعة :
-        فالدستور التونسي الحالي هو من الدساتير المغلقة التي يصعب كثيرا تغييرها أو يستحيل تغيير بعض فصولها.
-        إن تمنيات الرئيس الباجي لا تجد حماسا مطلقا من عدة جهات سياسية وفي مقدمتها حركة النهضة ، وهذه الجهات تخشى من أن تكون عودة النظام الرئاسي بأي شكل من الأشكال مناسبة لعودة التسلط والديكتاتورية ، فما زالت الذاكرة الجماعية مطبوعة بذكريات الفترة 1957 /2011 التي اتسمت بالحكم الفردي المتسلط تحت يافطة حكم جمهوري كان يفصله عن الديمقراطية بون شاسع.
-        وبالتالي فإن تمنيات سي الباجي تبقى غير قابلة للتطبيق ، وهو يمارس فعليا نظاما رئاسيا ، لكن بدون سند دستوري.  
---------------------------------


(1)كان ذلك في بلاغ وجهه الجنرال ديغول للشعب الفرنسي عن طريق رئيس ديوانه أوليفيي قيشار ، وقد تورط الجيش الفرنسي في حرب تحرير الجزائر .
(2)الإثنتا عشر سنة التي قضاها الجنرال ديغول خارج الحكم بين 1946 و1958 ، بعد استقالته على وقع رفض الشعب خلال استفتاء عام لمبدإ  النظام الرئاسي وتخيير النظام البرلماني ، وهو النظام الذي برزت عيوبه وعدم قدرته على السير بالبلد ، ففي 12 سنة تداولت على حكم فرنسا 24 حكومة أي بمعدل حكومتين كل عام .
(3)   كان ذلك بين شهري أفريل وماي 1958 ، بعد أن دعا رئيس الجمهورية روني كوتي ثلاثة من رجال السياسة الفرنسيين فشل كل منهما في تشكيل حكومة لغياب أغلبية برلمانية ، مما اضطره لاستدعاء الجنرال ديغول الذي فرض فكرة صياغة دستور جديد باتجاه رئاسي كما كان يرغب في 1946 ، وهذا ما مكن بعد تشكيل لجنة خبراء من تحرير دستور الجمهورية الخامسة ، الذي بدأ العمل به في سنة 1958 ، وعمد إلى اختيار رئيس الجمهورية الفرنسية بالاقتراع العام منذ 1962.





الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

قرأت لكم : في الذكرى ال64 لاغتياله : الهادي شاكر الزعيم المنسي ، تماما كالجهة التي ينتسب إليها

قرأت لكم
كانت العطلة المدرسية على وشك الانتهاء عندما استيقظنا على خبر اغتيال الهادي شاكر ، الزعيم الوطني الذي لم ينل حظه من الاعتراف بالجميل رغم الدور المتقدم الذي لعبه في الكفاح الوطني ، وخاصة ما أسمي بالمعركة الحاسمة بين 1952 و1955 ، عندما ترأس المؤتمر السري للحزب الحر الدستوري يوم 18 جانفي 1952 ، يوم إلقاء القبض على الحبيب بورقيبة ، وهو المؤتمر الذي قررت فيه قيادات الحزب الدخول في المعركة المسلحة ضد فرنسا.
كنا أطفالا على أبواب المراهقة عندما وجدنا أنفسنا نتجه جميعنا إلى الجامع الكبير في مدينة صفاقس ، كنا ثلاثة لا نفترق المرحوم مصطفى المصمودي و شقيقي  المرحوم محمد الفراتي وأنا ، كنا في الصفوف الأولى نبكي بحرقة ، وكان يقف في المحراب أحمد دريرة نائب  رئيس الجامعة الدستورية الذي لم يكن سوى الهادي شاكر ، يقف هنيهة ليرفع صوته مرددا مرة بعد مرة الله أكبر الله أكبر ، فتخنقه العبرات ولا يستطيع أن تخرج من جوارحه العبارات التي كان ينتظرها مئات الحاضرين الملتاعين ، كنا نعرف جيدا أحمد دريرة فقد كان يقضي بعض الليالي بصفة دائرية في بيتنا ، اتقاء لشر ما  كان يتهدده هو وبقية الزعماء الدستوريين ، من تهديد بالقتل ، منذ اغتيال صنيعة الاستعمار أحمد بلقروي ، الذي مثل تونس في تنصيب الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا ، وأعلن أن تونس فرنسية وستبقى فرنسية ، فصدر عليه حكم الاعدام.
منذ ذلك اليوم كان كل واحد من زعماء جهة صفاقس مهددا بالموت ، فقد وعدت فرنسا تحت حكم السفير المقيم العام الفرنسي ديهوتوكلوك ، ووعد صنائعها باغتيال أحد الزعماء أو أكثر.
ولم يكن في الحسبان أن تتجه يد الغدر للسلطة المركزية في باريس والسفير المقيم العام في تونس والمراقب العام في صفاقس والمراقب العام في نابل ، إلى الهادي شاكر فقد كان في عاصمة الوطن القبلي تحت حماية وحراسة الدولة الفرنسية ، وكان أحد الزعماء الوطنيين  الكبار الذين كان يعتقد أن فرنسا لا يمكن أن تستهدفهم ، وإن كانت قد طالت قبل أشهر ابن مدينته وابن ولايته فرحات حشاد على ما كان يتمتع به من حصانة نقابية.
غير أن فرنسا فقدت قوة الادراك في تلك الفترة ، واختلطت عليها السبل ، ولم تعد تتقيد بسياسة منطقية ، فامتدت يدها إلى الهادي شاكر بعد أن كانت قد امتدت إلى فرحات حشاد.
وإذ قرأت قطعة رائعة لقريب الهادي شاكر ، نشرتها له مشكورة مجلة "ليدرز" ، فقد استأذنت من الصديق توفيق الحبيب إعادة نشرها كما تقتضيه الأخلاق الصحفية  ، على مدونة "الصواب" تعميما للفائدة ، وإذ بدأت بترجمة هذه القطعة الرائعة ، فقد عدلت عن ذلك وفضلت نشرها بلغتها الأصلية ، معتقدا أن الترجمة ، يمكن أن تفقدها  صدقها وحميميتها.
وإليكم هذه القطعة الرائعة :










Des turpitudes posthumes contre le martyr Hédi Chaker
Des turpitudes posthumes du martyr Hédi Chaker
Par Jamil Chaker - Les historiens ont certainement beaucoup à faire encore sur l’histoire de Hédi Chaker, son combat, ses performances en tant que chef de la lutte anticoloniale notamment dans l’ensemble du Sud tunisien à partir de la ville de Sfax et sa capacité à jouer un rôle national chaque fois que Bourguiba était écarté. 
J’entends, quant à moi, rendre compte des turpitudes posthumes contre un martyr national qui a été victime de calculs, de jalousies et, plus récemment, de tiraillements politiques qui ont porté préjudice à sa mémoire.
Un crime pas encore totalement élucidé
Les récentes découvertes à Paris de Noureddine Hached publiées dans Leaders du 9 septembre 2015 montrent que l’histoire n’a pas encore livré tous ses secrets au sujet de l’assassinat de Hédi Chaker. Du temps de Bourguiba, il y a bien eu l’affaire des mains criminelles tunisiennes qui ont exécuté l’assassinat. Mais qui l’a commandité ? Comment ce crime a-t-il été politiquement négocié ? Quels sont les enjeux de cet acte ?  Les documents révélés par Hached montrent à l’évidence que les autorités coloniales sont impliquées dans ce crime. Ce travail de dépistage des archives françaises devrait donc se poursuivre et une demande d’autorisation d’accès aux archives devrait être établie par le gouvernement tunisien aux autorités françaises pour l’élucidation spécifique de l’assassinat de Hédi Chaker (à l’instar de l’autorisation donnée à Noureddine Hached). 
Une dépouille malmenée par les assassins
Sa première mésaventure posthume est certes la profanation de sa dépouille par la tribu de ceux qui l’ont assassiné. En effet, il faut que les Tunisiens sachent que sa dépouille, déjà criblée de balles (comme me l’a décrite mon père Abderrahmane qui s’est rendu à Nabeul pour récupérer la dépouille), a été livrée, contre les vœux de la famille, par les autorités françaises à la tribu de ses assassins tunisiens qui ont bu du vin sur son cercueil dans une localité située à 60 km de Sfax (Bouthadi). 
Les transferts de la dépouille et la destruction du mausolée.
En 1960, la dépouille du martyr a été déplacée du premier cimetière où elle a été inhumée à la périphérie de la ville, au mausolée qui a été érigé en plein centre de la ville de Sfax juste en face de la municipalité, dans ce point d’intersection névralgique entre l’avenue Hédi Chaker et l’avenue Habib Bourguiba. Une statue du martyr a été placée juste au-dessus d’une fresque magnifiquement sculptée réalisée par des artistes italiens. Depuis lors, la dépouille de Hédi Chaker ne se trouvait plus « en terre », mais « en l’air » dans un tombeau couvert par cette œuvre d’art. Cela constituait certes un bel hommage au martyr. Mais, la dépouille a été privée du « retour du corps à la terre » après la mort, comme le signalent les religions. 
Cela devait servir à Bourguiba d’argument de taille pour détruire ce site historique. En effet, quelques années plus tard, Bourguiba, en visite à la ville de Sfax, n’apprécie pas ce mausolée. Il ordonne que la dépouille soit transférée et inhumée paisiblement dans un cimetière à l’écart du tumulte de la ville. Tout cela semblait a priori raisonnable. Car, après tout, il fallait bien « remettre en terre » la dépouille. Mais, les intentions politiques malveillantes se dévoilaient clairement dans le court et le moyen terme. 
Dans le court terme, le mausolée  a été totalement défait : la statue et la belle fresque sculptée ont disparu. Certains disent qu’elles sont mises dans la ferraille de la municipalité de Sfax. Comble du culte de la personnalité qui s’empare des symboles de l’histoire et les destitue afin d’établir dans les esprits la figure hégémonique et unique du « combattant suprême ». 
Dans le moyen terme, le projet de Bourguiba se précise quand celui-ci installe à l’exacte place du mausolée de Hédi Chaker sa propre statue. Il n’y a plus d’idole que Bourguiba. L’histoire est revisitée pour que les grands militants du mouvement de libération nationale soient mis en sourdine à la faveur de la mégalomanie du Chef.
La famille Chaker, politiquement discrète, n’a pas osé s’opposer à ces manœuvres. Mais, l’ironie de l’histoire a voulu que la statue de Bourguiba soit elle-même déboulonnée et subisse la même mésaventure que celle de Hédi Chaker.
Aujourd’hui, il faut rétablir la statue et la fresque commémorative de l’assassinat de Hédi Chaker en les installant dans leur lieu d’origine.
Hédi Chaker après le 14  janvier 
La plus récente turpitude du martyr Hédi Chaker est l’oubli de son assassinat après le 14 janvier 2011. Dans les plateaux de télévision, deux martyrs ont été systématiquement évoqués au cours des débats : Farhat Hached et surtout Salah Ben Youssef. Hédi Chaker est totalement oublié. Avec le gouvernement de la Troïka, Hédi Chaker n’existe plus, n’a plus de place dans l’histoire du pays. La famille va alors se débrouiller comme elle peut pour organiser les cérémonies de commémoration (invitation de personnalités politiquement neutres comme Mansour Moalla, ou, en 2014, présence de Béji Caïed Essebsi, président de Nidaa). Du temps de la Troïka, des activistes des Ligues de Protection de la Révolution (LPR de Sfax) s’opposaient devant le cimetière Chaari à la présence de vieilles figures de l’ancien régime. Ce sont ces mêmes activistes qui ont brutalisé le fils du martyr dont le nom n’est pas du tout médiatisé et n’est donc pas connu des Tunisiens, Mongi Chaker. Celui-ci a été  grièvement blessé par les assassins de son père, cogné à la tête par une crosse de fusil, et il a été le seul citoyen de la ville de Sfax à s’être opposé au déboulonnage de la statue de Bourguiba, évoquant l’argument qu’il s’agit là d’une pièce du patrimoine historique national.
Le problème est très grave malgré les apparences et les palliatifs imaginés par la famille. Il faut que le Secrétariat d’Etat auprès du chef du gouvernement chargé des dossiers des martyrs et blessés de la Révolution, devienne un Secrétariat d’Etat assurant la préservation de la mémoire de tous les héros nationaux, victimes mutilées par les accidents et les cataclysmes de l’histoire. Il est inacceptable que nos martyrs soient les jouets des tiraillements et des aléas politiques. 
En somme, le parcours posthume de Hédi Chaker est aussi parsemé d’ignominies et de souffrances que sa vie. Mais, dans sa lettre à son fils Mhammed écrite trois jours avant son assassinat, il précise qu’il appartient à une famille dont le destin est l’amour de la patrie et le sens du sacrifice pour la cause collective. On sait que des Nabeuliens lui ont conseillé le jour de son assassinat d’aller se cacher en quittant sa résidence surveillée autour de laquelle ils ont constaté des présences inhabituelles, mais il leur a répondu que s’il devait mourir le 13 septembre 1953, il était prêt au sacrifice pour que la Tunisie conquière sa liberté et sa dignité.
Jamil Chaker


الخميس، 7 سبتمبر 2017

الموقف السياسي : سياق تكتيك بين الباجي والغنوشي

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
بعد تشكيل حكومة جديدة
استنتاجات وخفايا
تونس / الصواب /7/09/2017
بعد مرور أقل من 24 ساعة على تشكيل الحكومة الجديدة  تغيرت في العمق ، أخذت تتضح ملامح ما جرى خلال الأيام الأخيرة التي سبقت الإعلان :
فمن جهة بدا أن هذه الحكومة بتركيبتها هي حكومة رئيس الجمهورية ، وليس رئيس الحكومة المسؤول دستوريا عن التركيبة ، فيما اعتبر الأمر وكأنه عودة إلى نظام رئاسي غير معلن ، وإن كان رئيس الجمهورية قد ألمح ـ ربما أكثر من أن يكون ألمح ـ في حديثه المطول لجريدة الصحافة ، عن عدم رضاه على طبيعة نظام الحكم كما حدده دستور 2014 ، وربما عدم نجاعته ، وباعتباره هو ورئيس الحكومة ينتميان لنفس حزب النداء فإنه بد ا ، أن الأمر طبيعي ، أن يعود التعيين إليه ولو بصورة غير معلنة حفظا للمظاهر  ، وأن يكون رئيس الحكومة مجرد واجهة إعلامية.
ومن هنا فإن رئيس الجمهورية لم يبخل على نفسه ، بـ"تطعيم " حكومة الشاهد 2 بأسماء تدين بالولاء الكامل إليه ، وإلى ابنه حافظ الفاتق الناطق في حزب نداء تونس ، واكتفى رئيس الحكومة بمجرد عدد قليل من المقربين إليه من بين 13
وزيرا وكاتب دولة منحدرين من النداء ، ومن هنا جاءت قوة التصميم التي لم تكن لتكون متاحة لرئيس الحكومة منفردا ،
**  بتعيين وزير الداخلية ابراهم  الذي  كان معتقدا أن النهضة وضعت على اسمه فيتو ، قابلة كأخف الأضرار ببقاء الوزير السابق المجدوب  ورفض تعيين الوزير الجديد ،
** والإبقاء على وزير العدل الذي كانت تتمنى صرفه من المنصب ، خاصة في ظل ما يقال من أن قطر كانت غير راغبة فيه.
** ثم استقدام الوزير الأسبق الزبيدي  كوزير للدفاع تشفيا من الرئيس السابق منصف المرزوقي  الذي وجه له اتهامات برغبة في استقدام قوات أمريكية خلال "غزوة " السفارة ، وهو ما نفاه وزير الدفاع الأسبق والذي تم التجديد له ، مهددا بتأكيد كلامه بالوثائق التي يملكها والتي يدعوه واجب التحفظ لعدم إبرازها.
غير أن السبسي لم يكن ليكتفي بهذه التوزيعة ، إذ أضاف لها  من الرجال من يعتبرون الأقرب إليه وإلى ابنه حافظ قائد السبسي ، وخاصة كل  من سليم شاكر في الصحة وشلغوم في المالية ،  وماجدولين في الشباب والرياضة رغم كل الدعوات لصرفها ، عدا آخرين محسوبين على ابنه ، ويتحركون في فلكه ، خاصة وأن مؤشرات عديدة تفيد بأنه تم إفراغ مقعد النيابة في ألمانيا بتعيين صاحبه في منصب كاتب دولة  ، بحيث يبيت شاغرا ، فيملؤه الإبن العزيز ، ويصبح له تمثيل انتخابي ، في دائرة كل الدلائل تشير إلى إنها عائدة لا محالة إلى النداء.
وإذ حافظت آفاق على مقعدين وزاريين ، فإن مفتاح المشروع لمرزوق دخل الحكومة من باب موارب ،  إن لم يكن من نافذة ضيقة بنيل مقعدي كاتبتي دولة ، ضامنا بذلك حضورا فعليا واعترافا صريحا .
بالمقابل فإن النهضة وفقا لما كتبه نائبها في البرلمان ماهر المذيوب قد نالت 8 مقاعد يضاف إليهم مستشار برتبة وزير لدى رئيس الحكومة ، فقد حصلت النهضة على وزارة التنمية أي التخطيط وما تابعها ، والصناعة وتكنولوجيا الاتصال ووزارة الاصلاحات الكبرى وثلاثة كتابات دولة ، ولعل ما يلفت النظر أن غالب الوزارات الاقتصادية باتت من نصيب النهضة باستثناء المالية والفلاحة ، وفي وقت يستبعد فيه السبسي في تصريحاته النهضة  ويضعها في الزاوية ، ويشكك في مدنيتها كحزب ، يغدق عليها المناصب الهامة في حكومة الشاهد 2 ،  ولكن يكبلها بمجال اقتصادي في قمة التأزم ، ولا يعتقد أحد  أن يتحسن حاله من هنا لسنة 2019 سنة الانتخابات الرئاسية والتشريعية  ، بحيث تبدو بذلك النهضة مسؤولة عن استمرار الأزمة الاقتصادية في البلاد.
أما الاستنتاج الأكبر فيتمثل في أمرين ، هو إشفاق على حكومة لا تعرف كيف ومن أين تبدأ علاج المشاكل ، وما إن كانت ستواجه معضلة الفساد وقد تحررت أيديها  بوزراء جدد ، في مجالات السيادة كلهم متحمسون لمحاربته ، وما إذا لم يكن تعيين سليم شاكر في الصحة هو  بمثابة محاولة من السبسي استرجاع قطاع بات خارجا عن سيطرة الحكومة ، وتتحكم فيه نقابات قوية لم تجد إلا دعما ولو مكرها ، من مركزية نقابية تجاوزتها على الأقل في هذا الميدان الأحداث ، وجعلتها أسيرة منظوريها.