Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 7 سبتمبر 2017

الموقف السياسي : سياق تكتيك بين الباجي والغنوشي

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
بعد تشكيل حكومة جديدة
استنتاجات وخفايا
تونس / الصواب /7/09/2017
بعد مرور أقل من 24 ساعة على تشكيل الحكومة الجديدة  تغيرت في العمق ، أخذت تتضح ملامح ما جرى خلال الأيام الأخيرة التي سبقت الإعلان :
فمن جهة بدا أن هذه الحكومة بتركيبتها هي حكومة رئيس الجمهورية ، وليس رئيس الحكومة المسؤول دستوريا عن التركيبة ، فيما اعتبر الأمر وكأنه عودة إلى نظام رئاسي غير معلن ، وإن كان رئيس الجمهورية قد ألمح ـ ربما أكثر من أن يكون ألمح ـ في حديثه المطول لجريدة الصحافة ، عن عدم رضاه على طبيعة نظام الحكم كما حدده دستور 2014 ، وربما عدم نجاعته ، وباعتباره هو ورئيس الحكومة ينتميان لنفس حزب النداء فإنه بد ا ، أن الأمر طبيعي ، أن يعود التعيين إليه ولو بصورة غير معلنة حفظا للمظاهر  ، وأن يكون رئيس الحكومة مجرد واجهة إعلامية.
ومن هنا فإن رئيس الجمهورية لم يبخل على نفسه ، بـ"تطعيم " حكومة الشاهد 2 بأسماء تدين بالولاء الكامل إليه ، وإلى ابنه حافظ الفاتق الناطق في حزب نداء تونس ، واكتفى رئيس الحكومة بمجرد عدد قليل من المقربين إليه من بين 13
وزيرا وكاتب دولة منحدرين من النداء ، ومن هنا جاءت قوة التصميم التي لم تكن لتكون متاحة لرئيس الحكومة منفردا ،
**  بتعيين وزير الداخلية ابراهم  الذي  كان معتقدا أن النهضة وضعت على اسمه فيتو ، قابلة كأخف الأضرار ببقاء الوزير السابق المجدوب  ورفض تعيين الوزير الجديد ،
** والإبقاء على وزير العدل الذي كانت تتمنى صرفه من المنصب ، خاصة في ظل ما يقال من أن قطر كانت غير راغبة فيه.
** ثم استقدام الوزير الأسبق الزبيدي  كوزير للدفاع تشفيا من الرئيس السابق منصف المرزوقي  الذي وجه له اتهامات برغبة في استقدام قوات أمريكية خلال "غزوة " السفارة ، وهو ما نفاه وزير الدفاع الأسبق والذي تم التجديد له ، مهددا بتأكيد كلامه بالوثائق التي يملكها والتي يدعوه واجب التحفظ لعدم إبرازها.
غير أن السبسي لم يكن ليكتفي بهذه التوزيعة ، إذ أضاف لها  من الرجال من يعتبرون الأقرب إليه وإلى ابنه حافظ قائد السبسي ، وخاصة كل  من سليم شاكر في الصحة وشلغوم في المالية ،  وماجدولين في الشباب والرياضة رغم كل الدعوات لصرفها ، عدا آخرين محسوبين على ابنه ، ويتحركون في فلكه ، خاصة وأن مؤشرات عديدة تفيد بأنه تم إفراغ مقعد النيابة في ألمانيا بتعيين صاحبه في منصب كاتب دولة  ، بحيث يبيت شاغرا ، فيملؤه الإبن العزيز ، ويصبح له تمثيل انتخابي ، في دائرة كل الدلائل تشير إلى إنها عائدة لا محالة إلى النداء.
وإذ حافظت آفاق على مقعدين وزاريين ، فإن مفتاح المشروع لمرزوق دخل الحكومة من باب موارب ،  إن لم يكن من نافذة ضيقة بنيل مقعدي كاتبتي دولة ، ضامنا بذلك حضورا فعليا واعترافا صريحا .
بالمقابل فإن النهضة وفقا لما كتبه نائبها في البرلمان ماهر المذيوب قد نالت 8 مقاعد يضاف إليهم مستشار برتبة وزير لدى رئيس الحكومة ، فقد حصلت النهضة على وزارة التنمية أي التخطيط وما تابعها ، والصناعة وتكنولوجيا الاتصال ووزارة الاصلاحات الكبرى وثلاثة كتابات دولة ، ولعل ما يلفت النظر أن غالب الوزارات الاقتصادية باتت من نصيب النهضة باستثناء المالية والفلاحة ، وفي وقت يستبعد فيه السبسي في تصريحاته النهضة  ويضعها في الزاوية ، ويشكك في مدنيتها كحزب ، يغدق عليها المناصب الهامة في حكومة الشاهد 2 ،  ولكن يكبلها بمجال اقتصادي في قمة التأزم ، ولا يعتقد أحد  أن يتحسن حاله من هنا لسنة 2019 سنة الانتخابات الرئاسية والتشريعية  ، بحيث تبدو بذلك النهضة مسؤولة عن استمرار الأزمة الاقتصادية في البلاد.
أما الاستنتاج الأكبر فيتمثل في أمرين ، هو إشفاق على حكومة لا تعرف كيف ومن أين تبدأ علاج المشاكل ، وما إن كانت ستواجه معضلة الفساد وقد تحررت أيديها  بوزراء جدد ، في مجالات السيادة كلهم متحمسون لمحاربته ، وما إذا لم يكن تعيين سليم شاكر في الصحة هو  بمثابة محاولة من السبسي استرجاع قطاع بات خارجا عن سيطرة الحكومة ، وتتحكم فيه نقابات قوية لم تجد إلا دعما ولو مكرها ، من مركزية نقابية تجاوزتها على الأقل في هذا الميدان الأحداث ، وجعلتها أسيرة منظوريها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق