Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 26 مارس 2015

عربيات : الحرب الجديدة في الشرق الأوسط ،، عرب وعرب،، ووراءهم قوى دولية من جهة وإيران من جهة أخرى


عربيات
بقلم عبد اللطيف الفراتي
9 دول عربية تحاول
وقف التمدد الإيراني ..
ولكنها تلعب بالنار
تونس / الصواب /26/03/2015
بعد أن تمددت إيران إلى العراق وسوريا ، ويمكن القول إنها سيطرت عليهما ، عبر شيعة العراق (65 في المائة من السكان ) و العلويين السوريين (6إلى 10 في المائة من السكان) يناصرهم حزب الله اللبناني  الشيعي وقوات خاصة إيرانية ، وبعد أن سيطرت على قاعدة إريترية في القرن الإفريقي مطلة على باب المندب ، امتدت مطامع طهران لتسيطر كذلك على اليمن ، عبر الزيدية من شيعة علي المعتبرة غير متطرفة.
كان الرئيس علي صالح وهو زيدي المذهب هو بيدقها لسنوات طويلة ، ولم تكن في حاجة إلى تحريك بيادق أخرى ، حتى قامت الثورة اليمنية الكاسحة ، في أوائل 2011 ، وجرفت عميلها الرئيس اليمني ، الذي حرك أنصاره وجيشه الذي حرص على تطويقه بالزيديين ، فحصد ما لم تحصده الثورة لا في تونس ولا في مصر بأضعاف مضاعفة، غير أن التيار كان جارفا فاضطر للاستقالة ومغادرة البلاد ، ليعود إليها ويحرك شركاؤه في المذهب  الزيدي الحوثي الذين يشكلون حوالي 20 في المائة من السكان ، فيتمكن بهم وبتسليح إيراني كبير من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، وكاد أن يحكم سيطرته على البلاد كلها ، لولا أن الرئيس الشرعي المنتخب والحائز على المساندة الدولية بحكم شرعيته ومشروعيته ، استنجد بأشقائه العرب وبالمجتمع الدولي لإنقاذ اليمن مما كان يراه استيلاء إيرانيا على بلاده ، وعدوانا خارجيا غير مقبول في القانون الدولي.
**
السعودية بالذات ولكن أيضا جاراتها الخليجيات ، ومصر والأردن والسودان  وحتى المغرب البعيدة و باكستان أيضا  ولكن أيضا تركيا ، لم تكن تنظر بعين الرضا للتمدد الإيراني الذي كان يخفي أمرين اثنين لا بد من الإصداع بهما بصراحة وبغير حياء زائف:
1/ أن النظام الإيراني ومنذ قيام ثورة الخميني ، كان يسعى لنشر المذهب الشيعي وبالخصوص الإثني عشري المنتشر في إيران ولكن أيضا في السعودية والكويت والبحرين ولبنان خاصة، مع جر المذاهب الشيعية الأخرى إلى ساحته مثل العلويين في سوريا والزيديين في اليمن، والإسماعيليين في باكستان ( نفس المذهب الفاطمي الذي ساد عندنا قبل أن يرحل إلى مصر وينقرض عندنا).
وفي تونس وفي مصر بالذات قامت دعوة شيعية نشيطة  في السنوات الأخيرة، وأحدثت جمعيات وحسينيات تدعو لأهل البيت.
2/ أن النظام الإيراني لم يكتف بالناحية الدينية المذهبية ، بل أخذ يحيي من مواتها القومية الفارسية الآرية ( مثل أوروبا)، باعتبارها متفوقة وأكثر حضارة من "الأجلاف العرب" والطورانيين والأتراك، إضافة إلى الأجناس السائدة في باكستان و أفغانستان وشبه القارة الهندية.
وبعد غياب طويل رجعت نغمة الدولة الصفوية، التي انتشر المذهب الشيعي في زمنها بعد دخول ملوكها في بوتقة ذلك المذهب.
**
ولعل صدام حسين  كان الأول الذي تفطن للأطماع الإيرانية التي كان يسميها فارسية وصفوية ، ونبه إلى خطرها جيرانه الخليجيين الذين سارعوا في نصرته في حرب الثماني سنوات ضد إيران ، وكانت الكويت بالخصوص ولكن السعوديون وبدرجة أقل الممول الأكبر له في تلك الحرب، التي انتهت بانتصاره العسكري في الحرب ، ولكن بهزيمته الاقتصادية والمالية وانهيار مقومات الدولة، ما دفعه إلى الخطأ  الأكبر ، باجتياح الكويت في سنة 1990 والدخول في حرب غير متكافئة ، أدت  بعد أطوار عديدة إلى هزيمة مدوية في العام 2003  انتهت بسقوطه وتفتت الجيش العراقي، وانهيار التوازن الإقليمي ، وسقوط العراق السد المنيع للبوابة الشرقية للعالم العربي  أمام المد الإيراني، وإعادة توزيع أوراق اللعبة الداخلية العراقية ، الذي أصبح محكوما بالأغلبية الشيعية للسكان الميالة باستمرار للإيرانيين ، خاصة وأن جانبا من الشعب العراقي هو من أصول إيرانية.
**
جاءت الثورة السورية في سنة 2011 في ذيول الثورات التونسية والمصرية واليمنية والليبية ، وكان يمكن لو كان حكام سوريا من الشيعة العلويين يملكون ذرة من الوطنية ، أن تأخذ تلك الثورة مسارها الطبيعي فينسحب الأسد من الحكم ، ويترك للثورة طريقا مفتوحا كما حصل في مصر وتونس اللتين تكافئهما سوريا تطورا وتقدما ، وما كان يحصل ما حصل من تمطي المارد الإرهابي المتأسلم ، ولكن النعرة الطائفية ، والخوف من تبدد الحكم الشيعي العلوي، دفع وما زال يدفع بشار الأسد للتمسك بالسلطة ، حفاظا عليها بيد الشيعة العلوية ، ووفقا للإرادة الإيرانية المباشرة ، وإرادة حزب الله الشيعي اللبناني وتوسيعا للرقعة الشيعية.
من هنا وكما العراق فإن سوريا يمكن القول إنها سقطت هي الأخرى بين براثن الأطماع الإيرانية الفارسية الصفوية والسيطرة الطهرانية.
**
لم تكتف طهران بذلك بل لعل أطماعها امتدت لمنطقة أخرى، تتوفر على أقلية شيعية مهمة نسبيا بحدود 20  في المائة من سكان اليمن ، هي الطائفة الزيدية، التي استولى عليها الحوثيون ، استعدت إيران لذلك منذ سنوات فاتخذت لها قاعدة في أريتريا في القرن الإفريقي وبذلك أصبحت على قدرة لو سيطرت على اليمن أن تخنق مضيق باب المندب  وبالتالي البحر الأحمر وفي نهايته قناة السويس التي تصبح تحت رحمتها، وإذا تسنى لها أن تسعى للسيطرة على الخليج العربي لأمكنها أن تسيطر كذلك على مضيق هرمز ، أكبر طريق للنفط والغاز في العالم.
من هنا تحركت الآلة الإيرانية بقوة في اليمن ، وبفضل ضخ أسلحة كثيرة للحوثيين ومدد  بلا حساب لوجيستكي استخباراتي ، والبعض يقول من الرجال أيضا كما في سوريا ، كادت أن تسيطر على اليمن كذلك.
**
ماذا كان يعني هذا ؟
ببساطة شديدة محاصرة السعودية ودول الخليج  من الشمال والشرق والجنوب الغربي ، وكذلك محاصرة السودان ومصر عبر البحر الأحمر، ووضع قناة السويس تحت السيطرة اعتبارا للمدخل الجنوبي ، الذي يمكنها أن تضع يدها عليه عبر باب المندب ، الذي تطل عليه شرقا عبر قاعدتها في أريتريا، واحتمالا غربا عبر البر اليمني وجزر تابعة له.
**
من هنا فإن سقوط اليمن في يد الحوثيين من الشيعة الزيديين لا يعدو أن يكون خنقا لكل المنطقة العربية الباقية خارج السيطرة في آسيا ، وكذلك حصار السودان ومصر فعليا.
ما هو الهدف النهائي :
هل هو حصار سياسي يستهدف فقط اعتماد قوة ضاغطة؟
أم أبعد من ذلك سيطرة على المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة ، ووضعها تحت سيطرة إيرانية ، وحتى نسمي الأشياء بأسمائها  نقول سيطرة شيعية ، استكمالا لاعتبار أن المرجع الأكبر هو علي بن أبي طالب ، "الذي نزعت عنه الخلافة  عنه وعن نسله عن غير وجه حق؟" بالمنطق الشيعي.
و بذلك تكون كل الأماكن المقدسة الإسلامية خارج الأيدي العربية سواء في القدس أولى القبلتين وهي حاليا بيد إسرائيل أو في مكة والمدينة.
**
من هنا فإن الدول العربية التسع بما فيها المغرب،  الذي تنتسب فيه الأسرة الحاكمة إلى العلويين المنحدرين من نسب النبي صلى الله عليه وسلم، ويهمه أمر الأماكن المقدسة.
 ألم يكن ملك المغرب هو رئيس لجنة تحرير القدس.؟
من هنا إذن فإن المسألة إستراتيجية في هذه الحرب الجديدة في المنطقة ، والتي يمكن في نظر الغرب أن يتولاها العرب بأنفسهم ، وبالتالي فإن السعودية والدول التي معها ، تذود عن حياضها ، وهي تدافع عن بقاء السيادة على المدينة ومكة بأيد عربية، كما كانت دوما منذ فترة النبوة.
كما تدافع هي والدول الخليجية الأخرى عن مصالحها باعتبار مداخلها أو مداخل بعضها عبر مضيق هرمز ومضيق باب المندب، إذ يمر منهما القسم الأكبر من صادراتها البترولية.
أما الإخراج القانوني فهو سهل بسيط:
أولا: أن عبد ربه هادي هو الرئيس الشرعي للبلاد، والعالم كله معترف به، وهو الذي وجه نداء استغاثة ، ولا تثريب في الاستجابة إليه، وبالتالي فاستغاثته شرعية، والاستجابة لها لا فقط شرعية بل ومشروعة أيضا.
ثانيا: أن العودة إلى نصوص ميثاق الجامعة العربية، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، يمكن أن تقوم مبررا إزاء عدوان أجنبي(إيران ) على دولــــــــــــــة عربية تشترك معها بقية الدول في التزامها بتلك النصوص.
ولعل مجلس الأمن يمكن أن يضيف إلى ذلك كله قرارا ضد الحوثيين دون ذكر إيران ويستند إلى البند التاسع من ميثاق الأمم المتحدة.
بقي بعد هذا إن كان بقدرة إيران أن يستمر بقاؤها في العراق وسوريا إذا دارت رياح الوضع ضدها في إيران ، وتركيا العدو التاريخي تطالب اليوم بخروجها من سوريا والعراق وغدا لبنان؟
سؤال، ولكن السؤال الأخطر ، أليس العالم على أبواب حرب عالمية ثالثة؟

الخميس، 19 مارس 2015

سانحة : للمقاومة الحقيقية للإرهاب : متى تنتهي اللغة المزدوجة؟

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي 
إلى أين،، متى تشريح الإرهاب؟
تونس / الصواب/ 18/03/2015
18 مارس 2015 لم يكن مفاجأة إلا لمن كان يريد أن يفاجأ ، أو من كان نائما نوما عميقا.
إن مسار الإرهاب مسار واضح المعالم ، من تونس دار دعوة ، إلى تونس بلد طاغوت ينبغي القضاء عليه ، بكل ما عناه ذلك من استهداف الأمنيين والعسكريين والسياسيين، إلى الخطوة الموالية التي كم نبه لها الاخصائيون في شأن الإرهاب ، وكم ذكرنا أنها قادمة بما لا يدع مجالا للشك.
وجاءت الخطوة فتم استهداف متحف باردو، وكم كانت الرسالة واضحة بكل أبعادها:
-        متحف باردو بكل الذاكرة الوطنية التاريخية التي يختزنها ، هو رمز للدولة  الوطنية وتواصلها ، دولة الثلاثة آلاف سنة وأكثر، وهم لا يؤمنون بالدولة الوطنية ويحاربونها ، ويجرون وراء وهم الخلافة "التي يحكمها شرع الله"
-        متحف باردو هو مركز من مراكز السيادة بين ، موقع موطن القرار السيادي المتمثل في السيادة الشعبية ، وثلاث أو أربع مقرات أمنية عسكرية ترمز لجهاز الدولة.
-        متحف باردو هو موقع استقطاب سياحي للذين يتطلعون لمعرفة تاريخ هذه البلاد، والسياحة هدف محدد ومبرمج، ولنرى ما حصل في مصر وفي المغرب وفي جربة قبل سنوات لتدمير السياحة ، "حاملة لواء الكفر والمعصية".
-        ضرب باردو باعتباره ضرب للسياحة هو طريق تدمير اقتصاد البلاد ، فهي  أي السياحة تقدم 12 إلى 13 في المائة من الناتج الداخلي الخام ، وهي المصدر الأول للعملات الأجنبية ، وهي أيضا تستخدم مليونا من التونسيين، يراد لهم أن يحالوا على البطالة ومزيد الفقر ، حتى يثوروا على دولة" الكفر والردة"
من هنا فليس غريبا أن تأتي هذه الضربة، بل الغريب أن البعض منا ما كان ينتظرها.
غير أن الذين خططوا وبرمجوا هذه الجريمة ، (واعتقادي الجازم أن وراء الإرهابيين الاثنين الذين نفذا هذه الجريمة ، عقول مبرمجة ، وأموال سخية، ممن  يتسترون ، ومن يدفعون سذجا لموت محقق ، عبر تلاعب بعقول البسطاء ، ووعدهم بالجنة ، فيما هم ينعمون بالحياة ، وفي كثير من الأحيان بمباهجها) سيبقون في سلامة في انتظار انتداب سذج آخرين يدفعون للموت دفعا، فيما إن الشعب التونسي – كغيره من شعوب أخرى – يرفض منطق القتل والموت ، ويسعى للحياة.
وقد أظهر الشعب التونسي بقوة رفضه لمنطق القتلة، الذين يقفون وراء الأيدي المنفذة الساذجة التي تدفع للموت دفعا، وأقر العزم على مجابهة الإرهاب بكل شجاعة وقوة.
ولكن الإرهاب ليس قدرا محتوما، فله أسبابه العميقة ، وله من شجع عليه ، وعليه اليوم أن يقوم بنقده الذاتي ، إن كان صادقا في رفضه ، بدء بالشيخ راشد الغنوشي، وامتدادا  إلى منصف المرزوقي ، وذلك أيضا بقطع الصلة مع مريديه ومؤيديه ، لا الظهور معهم قبل أيام وهم من هم ممن يصفهم المجتمع الدولي بالإرهابيين.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن الإرهاب وراءه مدد مالي سخي جدا ، عبر الحدود  ومن الداخل، ولكن كل الدلائل تشير إلى جمعيات ضالعة فيه ما زالت تتحرك بكل حرية منذ حكم الترويكا وإلى الآن.
لنتفق جميعا ، هل نريد بناء مجتمع مدني ، سواء بمرجعيات علمانية ، أو محايدة أو حتى دينية ، أم إننا ما زلنا نختلف على نمط المجتمع ، ويسعى بعضنا إلى أمل  يراوده بتغيير  جذري عن طريق "التدافع الاجتماعي"(؟).
وعندها يمكن أن ننطلق على طريق تشريح ظاهرة الإرهاب..
الأولوية الأولى هي، ما إذا كنا متفقين أم لا على طبيعة الوحدة الوطنية ومحتواها، ومقوماتها ، وهل يراد لنا أن نسير على طريق آبائنا وأجدادنا وميراثنا ، أم على خطى توجهات غريبة عنا وعن تراثنا.
بعد ذلك يمكن أن نتحدث عن وحدة وطنية ،، ووقتها يمكن لنا فقط أن نتقدم على طريق تشريح الظاهرة في بلادنا ، وهو أول طريق وقف تقدمها كبداية لاجتثاثها أو على الأقل كف شرورها.


الثلاثاء، 17 مارس 2015

الموقف السياسي : من أجل نظرة متعملقة لا متقزمة

الموقف السياسي               
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
غياب البصيرة .. وانعدام الطموح
تونس/ الصواب / 18/03/2014
قدوم الرئيس السبسي للرئاسة ، وتكليف رئيس حكومة ، مجرد موظف (قد يديه )، كان رغم كل شيء يدفع للأمل ، بأن يتم تعويض أربع سنوات من الجمود المطبق ، بحركية ، ولو معقولة ، وبصيرة نافذة ، وطموح كبير ومشاريع ، شجاعة وكبرى ـ تخلق نوعا من المعانقة بين المواطن ووطنه.
ولكن وبعد مرور 45 يوما على تشكيل الحكومة، التي تأخر تكوينها كثيرا حيث انتخب البرلمان في 26 أكتوبر، وبقي الانتظار مستمرا لحد أوائل فيفري، لا يبدو أننا قد نكون على نفس نسق السنوات الأربع الماضية رغم الوعود والبرامج المعلنة.
وإذا كانت القدرة على التصور ضعيفة والاستنباط غائبا فلعل هناك مشروعات ضخمة، معروفة وربما حتى جاهزة دراساتها يمكن القيام بها.
لعل المواطن لا يدرك الكلمات الكبيرة لتنشيط اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر الموعودة ، ولكنه يعرف معنى أن يتم الوعد بإعداد القانون الانتخابي للبلديات ، حتى يتحسن محيطه ويشعر بالمشاركة في اتخاذ القرار الذي يهم حياته اليومية وعن قرب.
ولعل المواطن أيضا يفهم جيد أن تقول له أننا وبعد أسابيع سنقيم لك ، الأقاليم الستة الموعودة بكل ما يعني ذلك من اندماج اقتصادي وحركية كبرى: على أن تكون تلك الأقاليم أفقية  مفتوحة على البحر وبموانئ ومطارات ، وتسند العواصم فيها لمدن تبدو اليوم ثانوية ولكنها ستكبر وتصبح أقطابا مثل مدنين أو توزر أو  سليانة أو جندوبة أو زغوان أو سيدي بوزيد  أو غيرها فتكون قاطرة لجهات بأكملها وتحيى بقوة،
كل ذلك ولم لا أن تنقل عاصمة البلاد إلى مدينة القيروان، ولو على مدى 10 أو 20 سنة.
كل هذا كأهداف نوعية من شأنها أن تخدم التنمية وتحركها.
ثم وعلى الصعيد الكمي لماذا لا نفكر في إنشاء 800 أو ألف كيلومتر من الطرقات السريعة ، وبعد الإسراع بإنجاز الطريق السريعة الساحلية ، لم لا خط آخر مواز داخليا يمر من العاصمة تونس منطلقا إلى المدن الداخلية فضلا عن خطوط أخرى متقاطعة ، فالنقل السريع هو أكبر حافز للتنمية ، وموفر لمناخها ، وكذلك قيام شبكة خطوط حديدية متشابكة طولا وعرضا.
و في الجنوب لماذا لا تتم الاستفادة من تجربة المغرب في مجال إنتاج الطاقة الشمسية بملايين اللوحات الفوتوفولتاييك ، و لماذا لا يتم استخدام ذلك لتحلية ماء البحر فضلا عن التنوير العمومي والخاص بإنتاج كهرباء رخيصة الكلفة ، وربما نقلها إلى أوروبا ، فقد حبا الله البلاد بثروتين غير مستغلتين مطلقا هما الشمس والبحر.
ومع هذه المشاريع الميغا أي الكبيرة جدا والطموحة هناك إمكانيات ضخمة أخرى، ليس هنا مجال استعراضها ، ولكن يمكن القول ، إن موقع تونس ، يمكن أن يجعل منها ساحة مالية كبرى ، ففي الظرف الراهن ولطبيعة أحوال جيراننا الذين يستخدمون بلادنا للمرور وتمرير أموالهم ، لماذا لا تتحرر عمليات الصرف بالتمام والكمال ، ولماذا هذا التقوقع الذي فات وقته ، ولماذا هذا الانكفاء على الذات ، والخوف المفرط من كل شيء ، وغلق الأبواب والنوافذ ، وترك ملايين هكتارات الأرض التي تنبت حتى الزعفران غير منتجة جدباء عقيمة ، عبر أراض دولية لا تنتج ما فيه الكفاية ، وأراض اشتراكية لم ننجح في حل مشكلها على مدى 50 أو 60 سنة ، بينما كان يمكن أن تكون مصدر ثراء ، وموقع استخدام لطاقة عمل معطلة.
وحتى يكون ذلك ممكنا ومقنعا، لا بد أيضا أن يشعر المرء بالعدالة والإنصاف، عدالة الأداء والضريبة، وعدالة القضاء، وهذا عن حق أو باطل الشعور بهما غائب، وبالتالي الإحساس بالاندفاع نحو البذل والعطاء للوطن منعدم.
ما ينقصنا  هو تصور عظمة نحن قادرون عليها، وبصيرة للقيادة لا تبدو متوفرة.
وليكن واضحا أنه يكفي أن تتبلور المشروعات، وسيتوفر التمويل، ويخرج من الداخل ويأتي من الخارج.
ولن يحمل أحد إنجازا على ظهره ويغادر به البلاد.



الأحد، 8 مارس 2015

الموقف السياسي : ابحثوا عن رئيس الجمهورية

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
غياب رئيس الجمهورية الملفت
تونس / الصواب/ 08/03/2015
بعد أكثر من شهرين من استلامه رئاسة الجمهورية ، تميز الباجي قائد السبسي بغياب ملفت ، يتناقض مع ما كان عليه أيام كان رئيسا لحزب ، ومرشحا للرئاسة.
وإذا صح ما يقال على أن النصيحة التي أسديت إليه من مستشاريه ، تقتضي أن يقتصد في الكلام ، وحتى في الظهور ، اعتمادا على مقتضيات دستور 27 جانفي 2014 ، الذي أقر نظاما برلمانيا معدلا ، فإن الواضح هو أن الرئيس السبسي "كثر على اللي وصاوه" ، وأنه من مقتضيات الدستور ، إلى الفراغ الكامل شوط يبدو أنه قطعه.
وللواقع فإن الدستور الجديد قد أقر نظاما برلمانيا يحمل في طياته قدرا من الصلاحيات الرئاسية أشبه بالنظام البرتغالي ، بل أكثر من ذلك فإن صلاحيات الرئيس الجديد تفوق بكثير صلاحيات الرئيس السابق منصف المرزوقي، التي كان أكثر محدودية ، وقد قبل بها في أواخر 2011 عند تحرير الدستور الصغير ، لأنه كان متلهفا على المنصب أكثر من مقدار ما يمكنه من قدرة على القرار. وإذ كان الأمر كذلك فقد اصطدم عديد المرات مع رؤساء الحكومات الثلاثة الذين تداولوا مدة ولايته، وهو أمر ليس متوقعا مع الباجي الذي كان للواقع وراء اختيار رئيس الحكومة ، من بين أكثر الموالين له.
وبالطبع فإن الرئيس السبسي لا يتمتع بصلاحيات مثل تلك التي كان تمتع بها ، الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة ، ولا الأكثر منها الذي تمتع بها خلفه زين العابدين بن علي ، ولكن قراءة متأنية للدستور الجديد تبرز أن الرئيس الجديد ، ليس خالي الوفاض من الصلاحيات ، وهو يتمتع مثلا بالحق في رئاسة مجلس الوزراء ، وكلما انعقد المجلس بحضوره إلا وكان هو رئيسه ، مع كل ما يعني ذلك من تأثير كبير ، خاصة وهو منحدر من الحزب الحاكم الرئيسي الذي يمتلك أغلبية نسبية محترمة في البرلمان وفي الحكومة.
فلماذا هذا الصمت، ولماذا هذا الغياب، بالنسبة لرجل معروف عنه القدرة على الخطابة، والتأثير، والقدرة على الحركة ، كل ذلك رغم التقدم في السن ، فلا يبدو عليه لا تناقص في الذاكرة ، ولا تقهقر على قدرة التحرك بالنسبة لمن في مثل سنه؟
هل هي نصيحة المقربين منه.؟
فقد جاءت مناسبات عديدة كان الواجب يقتضي منه أن يكون على غير ما كان ، فمناسبة الفيضانات كانت تقتضي منه زيارة المنكوبين ، في جندوبة ، وبو سالم وغيرهما ، حتى بطائرة الهيليكوبتر ، ومواساتهم حتى وإن لم يبذل وعودا باعتباره نظريا لا يملك صلاحية القرار، وهذا مثال أقصى يهم كارثة طبيعية ، ولكن كانت هناك مناسبات أخرى كان متوقعا منه أن يدلي بدلوه فيها ، ولم يفعل.
وإذا كان يريد أن يقنعنا بأنه يكتفي بالدور الذي أناطه بعهدته الدستور ، فإنه يواجه عقبتين اثنتين :
أولهما أن التونسي الذي تعود على رئيس نشيط في العهود السابقة  وبيده كل خيوط القرار ، ومع وعيه بمحدودية الصلاحيات للرئيس الحالي كسابقه  فإنه ينتظر من رئيسه أن لا يدفن نفسه في القصر بلا ظهور ولا حركة ولا تواصل مع الشعب.
وثانيهما أن يكون قوة دفع للحكومة، خصوصا وأنها حكومته، تنطلق من قواعد حزبه أساسا و، بالتالي ورغم استقالته من حزب نداء تونس  المعلنة ، فإن تأثيره فيه يبقى كبيرا ، معنويا وربما حتى فعليا.
ربما  يحاول الباجي قائد السبسي أن يوهمنا بأنه ليس كبير تأثير على الحكومة وقراراتها، والجميع يعلمون أنه هو الذي اختار رئيسها وشارك مشاركة كبيرة في اختيار أعضائها ، وبالتالي فهي لا يمكن أن تمثل القابس le fusible  الذي يمكن أن " يطير " في أي حين دون المساس برئيس الجمهورية .
ولكننا لا نراه فاعلا بوضوح (ربما من وراء ستار ) في المجالين الذين هما من اختصاصه أي الخارجية ( فأين إعادة العلاقات مع سوريا) والقوات المسلحة وبصورة غير معلنة الأمن الوطني ، الذي تمتد مجالاته ليس فقط لجهاز الأمن، بل للاقتصاد والحياة الاجتماعية بكل تفرعاتها ، والتعليم واحد منها.




السبت، 7 مارس 2015

إقتصاديات : من أجل ميزانية متوازنة، لا بد من فرض أداءات جديدة تسلط على من لا يدفعون

اقتصاديات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
عجز الميزانية ،، هل من دواء ؟
تونس / الصواب / 07/03/2015
المعلن اليوم وبوضوح أن ميزانية الدولة التونسية للعام الحالي تبلغ 29 مليار دينار 21.5 مليار منها يتم تمويلها بالموارد الذاتية ، أي من مداخيل الدولة وهي أساسا من الأداءات ، جانب كبير منها مسلط إما على المستخدمين من موظفين وأجراء، وجزء آخر مقتطع من المؤسسات، بالvغم من كل الحوافز ما هو منطقي منها و ما هو غير منطقي.
ومن وجهة نظرنا فإن الجباية التونسية تعتمد سياسات غير عادلة وغير منصفة، فهي تخضع وأحيانا بعبء كبير العاملين والمؤسسات  والشفافة منها بالذات ،فيما هناك مجالات أخرى مهملة ، رغم أنها يمكن أن توفر لخزينة الدولة موارد مهمة.
ولو عدنا إلى ما كادت تقره ميزانية الدولة لسنة 1972 ، والتي استجاب وقتها  الهادي نويرة بشأنها لضغوط أصحاب المهن الحرة ، لما كانت البلاد وصلت إلى ما وصلت إليه من ضائقة اليوم ، ومن انعدام قدرة على الاستثمار الأساسي الذي تتولاه الدولة ، ولما أصاب هيكلنا الأساسي ما أصابه من تخلف بالقياس إلى بلدان أخرى مماثلة لنا ، ولما أصاب مؤسساتنا التربوية والصحية من وهن ما بعده وهن.
إننا نزعم أن تونس ، وبقطع النظر عن القطاع الموازي ، وهو موضوع آخر لا بد من الاهتمام به ، يمكن أن توفر عن طريق الضرائب ليس فقط ما يمكنها من سد العجز الجاري في الميزانية ، بل وتوجيه المديونية سواء الداخلية أو الخارجية ، لاستثمار في بنية تحتية ضرورية لإيجاد الركيزة للنهوض بالمناطق البائسة ، وشد سكانها إليها بدل هذا النزوح المفرط.
وحتى لا نطيل نقدم في ما يلي 6 مجالات للأداءات  قابلة للتطبيق، في وقت معقول من شأنها أن تغطي العجز الحالي بل وتوفر للدولة موارد مهمة:
أولها : إخضاع أصحاب المهن الحرة عن طريق رقابة فاعلة ومخصصة إلى الأداء ، مثل الأجراء والمؤسسات الشفافة ، والعودة إلى قرارات 1972 المجهضة ، واتخاذ القرارات الشجاعة ، ولقد قال لي طبيب كان يفحصني  منذ أيام عندما واجهته بحقيقة ما ينبغي أن يكون عليه الأمر، " ما ينجموناش وليذكروا 1972 وكيف تراجعت الدولة"، وهذا صحيح على المحامين وكل الخبراء والمهندسين الأحرار وغيرهم ممن يصرحون بمداخيل مخجلة بالقياس للمداخيل التي يصرح بها الأجراء مثلا.
ثانيها إخضاع أحواض السباحة للأداء ضروري باعتبارها مظهرا من مظاهر الثراء كما كان تقرر سنة 1972 قبل التراجع.
ثالثها إخضاع الفيلات التي تتجاوز مساحتها 500 متر مربع لأداء باعتبارها مظهرا من مظاهر الثراء الفاحش.
رابعها إخضاع السيارات التي تفوق قوتها 10 خيول إلى أداء ثقيل، فضلا عن الأداء السنوي على الجولان ، فهي تثقل كاهل ميزاننا من الطاقة إضافة إلى ارتفاع أسعارها عند التوريد.
خامسها إخضاع الأراضي المعدة للبناء والشاغرة والمستعملة في الاحتكار إلى أداء ، غير الأداء المخصص للبلديات وهو تافه ، وذلك إذا فاقت ملكيتها مدة 5 سنوات وكان عددها متجاوزا ثلاثة باسم فرد واحد.
سادسها ، إخضاع مظاهر معينة منها كراء عشرات آلاف الشقق والفلل ، والتدريس في المنازل لأداء يسهم به المرء في موارد الدولة.
وفي نفس الوقت لعله وجب التخفيف من نسب الأداء العالية نسبيا، والتي تثبط عزائم الأفراد والمؤسسات عن القيام بالواجب الضريبي ، فالنسب العالية تقتل المجموع في الدخل بالنسبة للأداءات ، وما دام الفرد مطالبا بـ35 في المائة أو أكثر فلماذا تريده أن يصرح بكل دخله ، والأجراء وحدهم الذين حكم عليهم أن يسقطوا في الفخ ، على الأقل منهم من يصرحوا بمداخيلهم كل سنة.
وبهذه الصورة يخف العبء على ميزانية الدولة، فتستطيع أن توفر الشغل ولو بصفة غير مباشرة ، وترفع الأجور التافهة التي تدفعها بما يرفع أجور كل العاملين ولنا في المغرب الأقصى أسوة وأي أسوة.



الاثنين، 2 مارس 2015

الموقف السياسي : إضراب ارتهان التلاميذ يوم تقييمهم وتقييم عمل أساتذتهم

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
على هامش إضراب الأساتذة
تونس بلد يهوي ،، وبسرعة
تونس / الصواب / 03/03/2015
هل ستقوم لهذه البلاد قائمة ؟ أم إنها تسير على منحدر حاد؟
سؤال يطرحه المرء، أمام إضراب الأساتذة، في أيام الأسبوع المغلق، أي في أيام التقييم لا فقط لمستوى منظوريهم، ولكن وبالأساس لتقييم نتيجة تدريسهم.
دعني أقول ، وأنا تماما مع حق الإضراب ، حق عام ودستوري وغير قابل للنقاش على الأقل في مبدئه، أن هذا الإضراب وبكل قوة ما في الكلمة ليس أخلاقيا ، وهو يتخذ من التلاميذ من أطفالنا وشبابنا رهائن ، تفهمت إضرابات الامتناع عن التدريس ، بقطع النظر عن أسبابها ، وتفهمت الوضع المزري الذي باتت عليه مرتبات المدرسين كما غيرهم من الموظفين ، وحتى المستخدمين في القطاع الخاص ، تفهمت المعاناة التي يعيشها المواطن التونسي مع غلاء غير مسبوق للمعيشة ، فالأسعار في تونس ليست أقل منها في دول أوروبا اليوم ولا حتى جوهانسبورغ المشهورة بأنها أغلى مدن العالم، كل ذلك رغم فروق فضائية في الأجور، ولكني لم أفهم مطلقا أن تقدم فئة تتولى القيام بعمل يعتبر الأنبل بين المهن، مهنة تمرير المعرفة الإنسانية المتراكمة على مدى آلاف السنين إلى أجيال غضة ستحمل المشعل، أن تقدم على الإضراب تجاه امتحانات ليكن واضحا ، أنها بقدر تقدير المكتسبات العلمية للأبناء ، بقدر ما هي أيضا قياس لمدى النجاح في تمرير تلك المعرفة وترسيخها لدى الأبناء.
95 ألفا من الأساتذة المدرسين وفقا للإحصائيات المتاحة ، لنفترض أنهم كلهم شاركوا في الإضراب ، إما اقتناعا أو مجرورين بفعل الانجرار الجماهيري ، أو خوفا من اتهامهم بالتخاذل وحتى الانهزامية ، ولكن أكثر من مليون تلميذ ، يجدون أنفسهم في التسلل ، من يدري إن كان سيتاح لهم تقييم آخر أو لا ، وبالتالي يعجزون عن تقييم معارفهم في مرحلة معينة.
ووراء المليون لا أقل من ثلاثة أو أربعة ملايين يعيشون على وقع هذه الحالة ، متأسفين في أدنى الأحوال ، محملين الأساتذة المدرسين مسؤولية ، كل هذا الذي يجري ، معتبرين أن كل شيء يهون ولكن مستقبل أبنائهم وأحفادهم وإخوتهم  لا ينبغي أن يكون في الأرجوحة ، وأن الامتحان هو خط أحمر لا ينبغي تجاوزه.
سيثور علي من يثور ، وستطلق علي  وعلى أمثالي(   ممن يعتقدون أنفسهم من الشجعان الذين لا يرهبهم أحد) ستطلق   التهم والسهام المسمومة  ، وسأوصف  وغيري بأسوإ الأوصاف ، ولكني وأنا الذي جربت  في وقت من الأوقات الحرب  حتى على رزقي ورزق أبنائي كما آخرين  ، لست من الذين يتخلفون عن قول ما أراه حقا ، مهما كانت التهم التي ستكال إلي ، فلقد تعودت ، ولن أنثني.
فقط أعتقد وأصدع، بأن الحكومة تشجعت هذه المرة، ولم تقبل بالخنوع، كما كان الأمر على مدى أربع سنوات ماضية، وهذه علامة جيدة تحسب لها.
أمل حقيقي بعد اليوم قد يؤشر لعدم انهيار بدأ به المقال.