سانحة
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
إلى أين،،
متى تشريح الإرهاب؟
تونس / الصواب/
18/03/2015
18 مارس 2015
لم يكن مفاجأة إلا لمن كان يريد أن يفاجأ ، أو من كان نائما نوما عميقا.
إن مسار
الإرهاب مسار واضح المعالم ، من تونس دار دعوة ، إلى تونس بلد طاغوت ينبغي القضاء
عليه ، بكل ما عناه ذلك من استهداف الأمنيين والعسكريين والسياسيين، إلى الخطوة
الموالية التي كم نبه لها الاخصائيون في شأن الإرهاب ، وكم ذكرنا أنها قادمة بما
لا يدع مجالا للشك.
وجاءت الخطوة
فتم استهداف متحف باردو، وكم كانت الرسالة واضحة بكل أبعادها:
-
متحف باردو بكل الذاكرة الوطنية التاريخية
التي يختزنها ، هو رمز للدولة الوطنية وتواصلها
، دولة الثلاثة آلاف سنة وأكثر، وهم لا يؤمنون بالدولة الوطنية ويحاربونها ،
ويجرون وراء وهم الخلافة "التي يحكمها شرع الله"
-
متحف باردو هو مركز من مراكز السيادة بين ،
موقع موطن القرار السيادي المتمثل في السيادة الشعبية ، وثلاث أو أربع مقرات أمنية
عسكرية ترمز لجهاز الدولة.
-
متحف باردو هو موقع استقطاب سياحي للذين
يتطلعون لمعرفة تاريخ هذه البلاد، والسياحة هدف محدد ومبرمج، ولنرى ما حصل في مصر
وفي المغرب وفي جربة قبل سنوات لتدمير السياحة ، "حاملة لواء الكفر
والمعصية".
-
ضرب باردو باعتباره ضرب للسياحة هو طريق
تدمير اقتصاد البلاد ، فهي أي السياحة تقدم
12 إلى 13 في المائة من الناتج الداخلي الخام ، وهي المصدر الأول للعملات الأجنبية
، وهي أيضا تستخدم مليونا من التونسيين، يراد لهم أن يحالوا على البطالة ومزيد
الفقر ، حتى يثوروا على دولة" الكفر والردة"
من هنا فليس غريبا أن تأتي هذه الضربة، بل الغريب أن
البعض منا ما كان ينتظرها.
غير أن الذين خططوا وبرمجوا هذه الجريمة ، (واعتقادي
الجازم أن وراء الإرهابيين الاثنين الذين نفذا هذه الجريمة ، عقول مبرمجة ، وأموال
سخية، ممن يتسترون ، ومن يدفعون سذجا لموت
محقق ، عبر تلاعب بعقول البسطاء ، ووعدهم بالجنة ، فيما هم ينعمون بالحياة ، وفي
كثير من الأحيان بمباهجها) سيبقون في سلامة في انتظار انتداب سذج آخرين يدفعون
للموت دفعا، فيما إن الشعب التونسي – كغيره من شعوب أخرى – يرفض منطق القتل والموت
، ويسعى للحياة.
وقد أظهر الشعب التونسي بقوة رفضه لمنطق القتلة، الذين
يقفون وراء الأيدي المنفذة الساذجة التي تدفع للموت دفعا، وأقر العزم على مجابهة
الإرهاب بكل شجاعة وقوة.
ولكن الإرهاب ليس قدرا محتوما، فله أسبابه العميقة ، وله
من شجع عليه ، وعليه اليوم أن يقوم بنقده الذاتي ، إن كان صادقا في رفضه ، بدء
بالشيخ راشد الغنوشي، وامتدادا إلى منصف
المرزوقي ، وذلك أيضا بقطع الصلة مع مريديه ومؤيديه ، لا الظهور معهم قبل أيام وهم
من هم ممن يصفهم المجتمع الدولي بالإرهابيين.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن الإرهاب وراءه مدد مالي
سخي جدا ، عبر الحدود ومن الداخل، ولكن كل
الدلائل تشير إلى جمعيات ضالعة فيه ما زالت تتحرك بكل حرية منذ حكم الترويكا وإلى
الآن.
لنتفق جميعا ، هل نريد بناء مجتمع مدني ، سواء بمرجعيات
علمانية ، أو محايدة أو حتى دينية ، أم إننا ما زلنا نختلف على نمط المجتمع ،
ويسعى بعضنا إلى أمل يراوده بتغيير جذري عن طريق "التدافع الاجتماعي"(؟).
وعندها يمكن أن ننطلق على طريق تشريح ظاهرة الإرهاب..
الأولوية الأولى هي، ما إذا كنا متفقين أم لا على طبيعة
الوحدة الوطنية ومحتواها، ومقوماتها ، وهل يراد لنا أن نسير على طريق آبائنا
وأجدادنا وميراثنا ، أم على خطى توجهات غريبة عنا وعن تراثنا.
بعد ذلك يمكن أن نتحدث عن وحدة وطنية ،، ووقتها يمكن لنا
فقط أن نتقدم على طريق تشريح الظاهرة في بلادنا ، وهو أول طريق وقف تقدمها كبداية
لاجتثاثها أو على الأقل كف شرورها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق