Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 29 فبراير 2016

قرأت لكم : لعبة الكراسي




قرأت لكم    
نص طريف نشرته مجلة ليدرز العربية كتبه الدبلوماسي الأديب توفيق جابر ، بعنوان الكرسي بطل الرواية ، وقد رأينا بعد ما استرخصنا من صاحبه كما تقتضيه أعراف المهنة الصحفية وأخلاقياتها نشره تعميما للفائدة لمن لم يقرأه في المجلة وفي ما يلي النص :

"الكرسي بطل الرواية"

                                                         
جمعتني الصدفة في بداية سنة 1988 بالمرحوم الشاذلي زوكار وكان حينها سفيرا باليمن... حضر مراحل الصراعات والمفاوضات التي توجت بالوحدة اليمنية وحضر كذلك رفع أول برميل نفط يمني.
كان دائم الابتسامة، محبا للحياة...  نشأت بيننا صداقة مفعمة بالود وحضرنا معا العديد من التظاهرات الثقافية ومن بينها أمسيات شعرية، حيث كان مولعا بالشعر. واستمرت   صداقتنا رغم بعدنا عن بعض بسب عملي في عدد من البعثات بالخارج،  إلى حين وفاته المفاجئة في  شهر ديسمبر من سنة 2008.  وأتذكر أننا كنا نقول عند لقاءاتنا الصيفية " إن الجغرافيا هي التي فرقت بيننا، لا التاريخ..."
السفير الشاذلي زوكار  ديبلوماسي وأديب وشاعر وقصاص من مؤسسي اتحاد الكتاب  التونسيين، كما كان عضوا فخريا في رابطة الأدب العربي بالقاهرة. أهداني عددا من مقالاته، استحضرت منذ زمن وجيز إحداها التي كتبها سنة  1982 وعنوانها "الكرسي بطل الرواية"  بسبب ما تعيشه الساحة السياسية في تونس، وخاصة هرولة كل السياسيين تقريبا وراء الكرسي، لا وراء مصلحة الوطن ومن أجلها.
يستهل  المرحوم  مقاله كما يلي "  كثيرا ما يكون «لكرسي»    بطل الرواية   وكثيرا ما يرافق «الكرسي»   الرواية   أو فصلا منها. ولقد احتل الكرسي   مقاما   كبيرا في حياة الناس بمختلف مستوياتهم، ومع رحلة أيامهم...   ولعلنا  نذكر  رواية فقيد المسرح العربي يوسف وهبي "كرسي الاعتراف" والصدى الذي لاقاه بطل الرواية الذي هو ليس يوسف وهبي، بل "الكرسي" نفسه الذي كان يرمز إلى أعمق المعاني...  ولو أردت أن أستعرض الروايات والمسرحيات  والقصص التي خلقت من "الكرسي" بطلا عملاقا له دوره في حياة الناس لملأت عديدا من الصفحات...   
  إننا   كثيرا ما نقرأ عناوين مثل "حرب الكراسي بين فلان وفلان"   و "الصراع من أجل الوصول إلى الكرسي"  ... ويجعل  الناس  "الكرسي" رمز السلطة والجاه بل التسلط والكبرياء أحيانا، فيقولون "إن فلانا يجري وراء الكرسي" أي السلطة أو أن "فلانا يتمسك بالكرسي حتى الموت"...
وصاحبنا  الذي أثار في نفسي كل هذه الخواطر عن سيدنا الكرسي له قصة في منتهى الطرافة. دخل ذات صباح كعادته إلى مكتبه وهم بالجلوس على كرسيه الدوار، وإذا به يكاد يسقط على الارض لولا تماسكه بدرج المكتب...
اتضح له ان الكرسي الذي جلس عليه ليس كرسيه المعهود، وأنه مكسور...هناك يد خفية دست هذا الكرسي المكسور واستولت على الكرسي المريح...  فكر صاحبنا مليا ثم قرر أن يضع الكرسي المكسور في مكتب زميله خلسة ليأخذ كرسيه المريح...  وبالفعل نفذ قراره.
وفي يوم الغد دخل  زميله مكتبه متظاهرا بالتحية بينما عيناه تتفحصان الكرسي بأسلوب محتشم، يبحث بصمت وحذر... يبحث عن بعض العلامات التي تميز كريسه...  وعندما سأله زميله عن سر نظراته الغريبة التي لم يتعودها، أجابه بشيء من الارتباك هناك يد غيرت كرسي مكتبي المريح بكرسي آخر مكسور... فأجابه صاحبنا  :  بسيطة، مثلما غيروا وبدلوا كرسيك افعل مثلهم وضع الكرسي المكسور في مكتب آخر، وخذ الكرسي المريح لتستريح...
وفعلا  نفذ  الزميل النصيحة واستبدل كرسيه بكرسي جاره، ونفس العملية تمت في اليوم الموالي   مع الجار الآخر... واستمر الكرسي المكسور يتجول من مكتب إلى آخر حتى كاد ان يصل مكتب " الرئيس "... لا لشيء إلا لأنه مكسور فهو مرفوض، ولأنه مرفوض   لا بد  أن يحتل صدارة الغش والخداع والتزوير...
هذا  الكرسي  المنبوذ، هذا الذي حير العقول وجلب المتاعب، إلى أين وصل في جولته الشاقة الآن... ؟ !
لقد تمتع أناس كثيرون بالجلوس عليه عندما كان وثيرا، مريحا   ومتماسكا...  أما وقد تداعت أركانه وأصبح يهدد كل من يجلس عليه بالسقوط، فانه سيخفي حقيقته لأنه لا يكتشف إلا بتجربة الجلوس...
إنه   لا زال يتجول من مكتب إلى مكتب ويلعب دورا خطيرا في حياة الناس الذين يعيشون حوله...  إذن فالأحسن لك أن تظل واقفا من أن تجلس على كرسي متداعي الأركان أو أن تفعل مثل صاحبي لتستبدل كرسيك المكسور بكرسي جارك المتماسك الدعائم...
إنه « الكرسي » بطل   الرواية  ...  والرواية   قد تكون    ذات فصل أو عدة فصول... لكن لابد لها من نهاية... ولا بد للستار أن يسدل عليها    مهما طالت    فصولها ... ؟ !
لم يسدل الستار في   تونس وفي العديد من البلدان الأخرى، وربما لن يسدل إلى يوم الدين... بقينا  نعيش يوميا وفي كل لحظة صنعها الله على وقع الصراع على الكراسي...
 ننتظر بألم قاتل وقد بلغ الوهن النفوس وسدت أمامنا كل الآفاق بسبب المتصارعين الذين دمروا فينا أحلام الانعتاق من جشعهم  ومن أنانيتهم... عزف الناس عن العمل وأدمن الكثير منهم على المهدئات   والمسكنات   والمنومات  ...
هذا يجري وراء المؤبد في الكرسي ... وذاك يجري وراء توريث الكرسي ... هذا هو الطغيان والاستبداد بلعبة الكرسي ... زرعوا فينا الفرقة ونبذوا الوحدة ...  نكلوا بالشعب المستبله المستضعف ...  كرسوا   منطق   الصنف والمذهب ...
أصبح همنا الوحيد أن تنتهي المسرحية الرديئة وأن يقاسموا كراسيهم، على أن نستريح ونمر لما فيه خير للوطن...
 مسكينة  هي  شعوبنا التي عانت الويلات ولا تزال، والتي أعدم حبها للحياة وأملها في الخروج من معركة الكراسي الأبدية...


( تكريما لروح المرحوم السفير الأديب الشاذلي زوكار (


الثلاثاء، 23 فبراير 2016

قرأت لكم : الوالي الأسبق عبد السلم القلال وحلول طريفة للتشغيل

قرأت لكم

في خضم ما يجري من حديث عن التشغيل نشر المحامي الأستاذ عبد السلام القلال والي الكاف الأسبق ، مقالا مهما عن كيفية استنباط مجالات للاسترزاق تمكن العودة إليها وإيجاد حلول للبطالة المستفحلة .
وقد تم نشر هذا المقال في مجلة ليدرز العربية ، ونحن نقتطف هذا المقال بعد أن استرخصنا من كاتبه ومن إدارة المجلة كما يقتضي العرف والأمانة وأخلاقيات المهنة الصحفية .
وفيما يلي المقال :

 - 2016.02.18




التشغيـل القــارّ في الأريــاف والجهات المهمّشة:
حلــــــــــــــــــــــــــــــــــول من المــــــــــاضــي

ثلاثة مشاريع تفتح آفاقا عريضة لتشغيل آلاف من سكّان الريف والحدود بصورة قارّة، في ولايات الشمال والوسط، بدأ بعثها في جهة الكاف في الستّينات، ولم تتواصل وتوقّفت في بدايتها بفعل وقفة التأمّل في نهاية سنة 1969، ولم تول حكومات ما بعد الثورة الاهتمام بها، رغم الدعوة لدراستها من جديد والعمل على إنجازها، وكان ذلك على طريق مقال نشرته بجريدة المغرب سنة 2012، وعلى الدولة في هذه الظروف العصيبة، أن تساعد على تحيين دراساتها وبعث هذه المشاريع في أقرب الآجال، في نطاق هيكل صلب الوزارة لاحتضان هذه المشاريع في مراحلها الأولى.
إنّها مشاريع مشغلّة، ومُصنّعة ذات مردود سريع، وقيمة مضافة هامّة، لا تتطلّب استثمارات كبيرة، وتساعد على تثبيت  المواطنين في بيئتهم، والتخفيف من وطأة النزوح إذا لم نقل إيقافه، وتتمثّل هذه المشاريع في:
أوّلا: تربية الماعز السويسري La Chamoisée des Alpes
هذا الفصيل من الماعز يعيش في منخفضات جبال الألب، معروف باسم شاموازي ويعيش في أسفل  جبال الألب La Chamoisée des Alpes وهو غزير الإدرار  للحليب، الذي يكون مادّة أوّليّة لورشات عائليّة لإنتاج الأجبان وهي صناعة ذات قيمة مضافة هامّة، وقد أصبح هذا النوع من الماعز من أهمّ قطيع العنز في أرياف وسط فرنسا وجنوبها، وقد وقع البحث على هذا الفصيل لتعويض الماعز المحلّي الذي هو مضرّ بالأشجار الغابيّة، حيث كان يقتات من أغصانها وجذورها. وقدمنعت تربيته بمقتضى قانون صدر سنة 1958 بسبب الأضرار الهامّة التي كان يلحقها بالغابات وهكذا حرم سكّان الغابات من أهمّ مواردهم، إذا يتعيّن إيجاد البديل، فاهتدينا إلى الماعز السويسري الذي يقتات من المرعى كالضأن والبقر، ويمكن أن يكون مورد عيش لسكّان الجبال والأرياف.
ثانيــا: تربية الإوز والبطّ
هذه الطيور تستغلّ لإنتاج الكبد المسمّن  Le Foie Gras تستعمل لإنتاج  للاستهلاك المحلّي والتصدير، وريشها لصناعة الأغطية، وكبدها المسمّن يسوّق بأثمان مرتفعة بالسوق الداخليّة والسوق الخارجيّة بالخصوص، كإنتاج عالي الجودة، له قيمة مضافة هامّة، ويشغّل كامل أفراد العائلة الواحدة نساء ورجالا وأطفالا، وهو مطلوب في الأسواق الخارجيّة.
ثالثــا: تربية الفيزون
وهو حيوان يربّى لإنتاج فرو جلده، والفرو هو إنتاج مطلوب في السوق الخارجيّة، ويمكن تصديره كمادّة خام، أو تصديره بعد تصنيعه كملابس واقية من البرد.

انطلق المشروعان الأوّلان في نهاية سنة 1968 في ولاية الكاف وبقي الثالث في مستوى الدراسات، وتمّ حينها جلب قطيع من الماعز من سويسرا، وقطيع من الإوزّ من جنوب فرنسا، وتمّ الاتفاق مع مركز Artiguere  المختصّ في تربية الإوزّ في جنوب فرنسا ليتولّى مساعدتنا على حذق هذه الصناعة اليدويّة، لكن للأسف لم تتواصل العناية  بهذه المشاريع ومتابعتها فاندثرت بعد مغادرتي للولاية، وهي اليوم صالحة أكثر من أي وقت مضى لانتشال العديد من العائلات من البطالة والتهميش والفقر.

عبد السلام القلاّل
والي الكاف في عشريّة الستّينات

الأحد، 21 فبراير 2016

اقتصاديات : الصين في مأزق اقتصادي حاد

اقتصاديات

الصين  العملاق الاقتصادي   المنهار *
الأسباب والتداعيات
تونس/ الصواب / 03/02/2016
كتب عبد اللطيف الفراتي
خلال أكثر من 20 سنة اعتبرت الصين ، معجزة اقتصادية ،  فريدة في نوعها  واستطاعت أن تتحول من دولة فقيرة متخلفة إلى دولة صاعدة ، تنجز في غالب السنوات نسبة نمو من رقمين ، أي بما يتجاوز 10 في المائة ، في الناتج الداخلي الخام.
وهذا الوضع مكن الصين من أن تتفوق على دول كانت في مراتب متقدمة في الترتيب بين الدول الأغنى عالميا ، وان تتجاوزها لتصـــبح ثاني أكبر قوة اقتصادية ، متقدمة على ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ، وكثير من العمالقة الآخرين ، ولا تسبقها في حجم الثروة إلا الولايات المتحدة التي تبقى أهم قوة اقتصادية في العالم ، هذا دون أن نغفل القول إن الصين تتفوق بحجمها السكاني على كل الدول في العالم ، ولا تلاحقها إلا الهند، ما يعني أنها أيضا ومن ناحية الناتج للفرد ليست في المراتب الأولى ولا حتى المتقدمة ، ما يوجب الحذر عند التعامل مع الأرقام ، و تنسيب كل الظواهر.
غير أن العملاق الاقتصادي الصيني بدت تظهر عليه علامات الوهن ، فتختل توازناته ، ويهدد بأن تختل تبعا لذلك التوازنات الاقتصادية ، ليس فقط بين البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة أو أوروبا بل ربما حتى البلدان الآسيوية التي كانت توصف بالنمور الجديدة وكذلك الدول العربية خاصة النفطية ، وجانب مهم من الدول الإفريقية التي تعاظمت معاملاتها مع بيكين .
هذا الأمر المهدد للتوازنات الاقتصادية و المالية العالمية دفعنا لأن ، نطرح أسئلة معينة تحاول الإجابة على هذا القادم غير المتوقع وتداعياته العالمية على الأستاذ  الجامعي الدكتور عزام محجوب ، وهو رجل معروف ببحوثه الكثيرة ، وصاحب الخبرة الواسعة التي أهلته لأن تقع مشورته من قبل عدة مؤسسات أممية ودولية وجامعية.
**س / أولا ولمحاولة فهم ما يجري ، كيف وصلت الصين إلى هذه الأزمة ، التي تتهددها داخليا و تتهدد العالم خارجيا ، وهل هي امتداد لأزمة العارمة التي اندلعت في أمريكا وأوروبا في العام 2008 ، وكانت لها تبعات هي الأخرى بما فيها علينا ؟
ج / أود أن أقول وفق وجهة نظري أن هذه الأزمة، ليست ظرفية كما يعتقد البعض، بل هيكلية ، وبالتالي وكما أن أعراضها مختلفة  فإن الحلول لمعالجتها أصعب وأعقد مما يظن الكثيرون.
لذلك ينبغي أن نقف عند الأسباب الحقيقية والعميقة، بما فيها من تشخيص لما يجري في الصين، والاحتمال الأول هو أن تدخل الصين بهذا المنعرج مرحلة ركود قد تطول، بما لذلك من تداعيات على الاقتصاد العالمي، والاحتمال الثاني هو أن تنجح الصين في الخروج من عنق الزجاجة، وتتمكن من اجتياز أزمتها وتمر إلى مرحلة إيجابية. ورغم ما يبدو من وعي القيادة الصينية بالظرف الدقيق جدا الذي تعيشه بلادها، وتأمل في أن تمر بمرحلة انتقالية تدوم ما بين 5 وعشر سنوات تعيد فيها حساباتها وتصل بعدها إلى منوال اقتصادي جديد، une nouvelle normalité، حسب المصطلح الرسمي الصيني، لتعود لعافيتها، فإني أعتقد أن الصين قد دخلت مرحلة صعبة، وأن الاخلالات القائمة ومنذ مدة يعسر حلها في ظرف وجيز.
** دكتور ، ولكن ما هو أصل المشكل الذي أدى لتركيع هذا العملاق ؟
        ج / استنتجنا  من وجهة نظري أننا أمام أزمة هيكلية وليست ظرفية في الصين ، أزمة اتخذت بعدين رئيسيين ( هذا بدون التطرق إلى المسائل السياسية السياسية في الحكم) وكلا البعدين يصب في الآخر ويؤثر فيه:
أ/ بعد مالي، برز من خلال انهيار البورصة في الصين (شانغهاي وشانزان)، ولكن أيضا مشاكل التمويل والاستثمار العقاري بالخصوص، وانعدام الحوكمة الرشيدة في هذا الباب.
ب/إخلالات كبيرة في الاقتصاد الفعلي بكل جوانبه الانتاجية.
وقد ظهر البعد المالي في أعراض، ليست غريبة على الملاحظين الفطنين، فقد عاشت الصين خلال 2015 وبدايات 2016 انهيارا مدمرا لبورصاتها، يعتبر غير مألوف ، ولعله ينبغي العودة لسنوات الثلاثين من القرن الماضي لمشاهدة أمر مشابه ، في الولايات المتحدة وأوروبا. وإذ تتميز الصين بوزن ثقيل جدا لبورصاتها الثلاث (هونغ كونغ وشانغهاي وشانزان)، فإن انهيارا مماثلا لا يمكن أن يمر دون أن يترك بصمات غائرة.
وحتى لا ندخل في تفاصيل مهمة ولكنها معقدة، فإن الدول، تعتمد على مؤشرات تبرز أهمية رأسمال البورصات أي مجموع قيمة الأوراق المالية إلى  الناتج الداخلي الخام ، وفي الصين فإن رسملة الأوراق المالية تمثل بين 40 و50 في المائة من الناتج الذي يبلغ حوالي 10 آلاف مليار دولار. أي إن قيمة الأوراق المالية عندما تنهار البورصة بـ30 إلى 50 في المائة ، فإن خسارة الاقتصاد في الحالة الصينية قد تصل نسبة عالية من الناتج الداخلي الخام ، بمعنى أن الصين في ظرف سنة خسرت حوالي ثلث إلى نصف رأس المال المتاح في البورصة والذي من شانه ان يخلق الثروة.
والنتيجة الفعلية لذلك هو أن عدة عشرات الملايين من الأسر الصينية التي انخرطت في لعبة البورصة أصبحت على الحديدة ، أي ضاعت ثروتها ، وهؤلاء هم في الغالب من الطبقة الوسطى التي كان متاحا لها التملك واكتساب ثروة بالاقتراض السهل والمضاربة.
وفي بلدان أخرى منفتحة وديمقراطية كان متوقعا في مثل هذه الحال ، أن تقع اضطرابات اجتماعية كبرى ، ولكن حالة الصين مختلفة ، نظرا لطبيعة الحكم بالبلاد.
        س / دكتور عمليا ماذا حدث ؟
ج / لنتصور أن بيدك بالونة منتفخة ، ومن شدة الانتفاخ ْ انفجرت فجأة بين يديك. فهذا ما وقع في الصين. ولكن لنقل إن ذلك لم يكن حقيقة مفاجئا ، من هنا تأتي هيكلية ما جرى وما أصاب الصين كما سبق أن استنتجنا ، فالنمط الذي اتبعته الصين والنسق الذي سارت عليه ومنوال التمويل الذي دأبت على اتّباعه ، وعدم وجود آليات التصحيح المناسبة ، عوامل أدت إلى أخطاء لم يكن هناك من ينبه لها.
فقد اتبعت الصين منوالا  يعتمد على الاستثمار وأهملت  الاستهلاك الداخلي أو لم تعتمده بما فيه الكفاية ، وهو أحد المحركات الثلاثة لنسق النمو. واعتمد الاستثمار على اقتراض واسع ، تم توفير كل مسهلاته بما فيه التساهل المفرط في منح القروض بنسب فائدة منخفضة جدا ، وفتح باب الاقتراض خاصة للأفراد الذين اتجهوا للاستثمار في العقار على نطاق واسع ، فارتفعت أسعار الأسهم وارتفعت أسعار العقارات فارتفع الاقتراض بدوره من جديد وهكذا دواليك حتى وصل الأمر إلى طاقة الإشباع ولم يعد العقار مربحا ولا مطلوبا ، فانهار الصرح ، كما حصل في الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا في عام 2008 ، ولكن بهزة أكبر نظرا للهشاشة التي يتميز بها الاقتصاد الصيني ، وبذلك انهار كل شيء.
        س/ والدولة أين الدولة لتوقف النزيف ؟
ج / الدولة نفسها في محاولة للإنقاذ اتخذت تدابير نقدية ومصرفية ( ضخ أموال لشراء الأسهم للتصدي للهبوط المطرد لأسعارها وتخفيض قيمة العملة  الى حد استنزاف احتياطاتها المالية  الضخمة ،  فانخفض المخزون الذي كان الأكبر في العالم قبل سنة ونصف من ما بين 3 آلاف وأربعة آلاف مليار دولار إلى 500 مليار دولار) فنتج عن ذلك ارتفاع مشط للمديونية ، إلى الحد الذي بلغت فيه نسبة التداين العمومي 350 في المائة من الناتــج الداخلي الخام مقابل  100 في المائة قبل اندلاع الأزمة ( حوالي 50 في المائة في تونس ولو بهيكلية سيئة). وقد تزامن ذلك بحجم كبير لتهريب العملة ورؤوس الأموال. ومن هنا جاء الانهيار .
س / ثانيا قلنا أولا  ولكن وثانيا ما هي آثار البعد الاقتصادي ، بعد المالي ، في تطور الأزمة ووصولها لهذا المنعرج الخطير ؟
ج / الصين ، مع الانفجار في نسق النمو ، بقيت تجر أوضاعا غير طبيعية ، فإلى جانب البورصات ، هناك مالية خفية أو موازية ، لا تخضع لأي رقابة أو تأطير، وهمها الإثراء السريع ، وهناك أيضا المضاربات ، وهناك الفقاعة العقارية ( la bulle immobilière )  التي وصلت بالمقتنين، اعتمادا على قروض وراء قروض لا سيما في المجال العقاري ،  إلى الوصول إلى مرحلة العجز عن السداد ، وانهيار سوق المبيع . من هنا فإن البورصة انهارت إلى حد وصلت الخسارة في حصة واحدة  إلى حدود 1300 مليار دولار ، وبلغت عملـــــية تمويل الاقتصاد  la financialisation de l’économie    حدودا لا تطاق ولم تخضع للضوابط المتعارف عليها .
وجوابا على سؤالك فإن الصين عرفت 20 سنة من نسق نمو عال إلى حد كبير ، ولكن ذلك النسق وصل إلى حدوده. مع التذكير أن بين 1994 و 2001 تراجعت نسبة النمو التي كانت 13 بالمائة إلى نسبة 7 إلى 8 في المائة ، وبعد هذا الانحدار تعافى الاقتصاد الصيني الى حدّ سنتي 2006-2007 ثم عاد لينمو بنسب عالية وصلت في سنة معينة حتى 14 في المائة ، ثم عاد إلى الانحدار مجددا وبصفة متواصلة ،  وهذه المرة لا يبدو أنه توجد مؤشرات على تعافيه قريبا ،  أما  فيما يخص نسبة النمو الحالية ، المعلن عنها رسميا ( 6 او 7 بالمائة ) فإن كثيرا من المحللين  يعتقدون انها  ليست صحيحة ، وأن النسبة الحقيقية الحالية تحوم حول 3 في المائة.
        س / كيف تم هذا التراجع ، ووضع الصين في  حال لا تحسد عليه ، وما هي عوامله الداخلية ؟
ج / يشكو الاقتصاد الصيني من تراجع انتاج الصناعات المعملية وصناعات التعدين  بعد أن كان ينعت على حد وصف الصين  بأنه ورشة العالم ، كما يشكو من تراجع في الصادرات وفي الواردات بينما تمثل هذه جزءا هاما من الناتج ، وقد انخفض إنتاج واستهلاك الكهرباء وهو مؤشر مهم للركود ، إلى جانب تراجع واردات النفط.
وقد بلغ الاقتصاد الصيني مداه الأعلى ثم أخذ بالتدهور ، فمنوال الانتاج بلغ حدوده و أصابه الوهن.
وكان لا بد أن يحدث ذلك لطبيعة الاقتصاد الصيني ، فهو اقتصاد موجه، وهو اقتصاد إداري أي خاضع لقرارات إدارية (الأسعار – سعر الفائدة – سعر الصرف)، وهو بذلك ليس اقتصاد سوق بالمفهوم المألوف ويلعب فيه القطاع العام الدور الكبير إلى جانب الخاص، وبالتالي فهو اقتصاد هجين hybride  قام على خلل واعتمد على توظيف كثيف برواتب ضعيفة ( الريفيون النازحون الى المدن )، بالإضافة الى حجم كبير من الفساد في عديد المستويات والقطاعات. زد على ذلك وجود قطاع زراعي قليل الانتاجية يشغل 36 في المائة من اليد العاملة ولا يمثل سوى 10 في المائة من الناتج.
اما القطاع الصناعي فانه يستأثر بـ30 من العمالة، و44 بالمائة من الناتج المحلي مع ضعف في نسبة القيمة المضافة نظرا لضعف قسط القطاعات ذات التكنولوجيا العالية نسبيا فيه. ويستأثر قطاع الخدمات بـ 36 في المائة من العمالة و46  بالمائة من الناتج المحلي. ويعتبر هذا المؤشر الأخير ضعيفا بالمقارنة مع البلدان المتقدمة وحتى الصاعدة وهذا يمثل نقطة ضعف بارزة حيث ان قطاع الخدمات يعتبر مؤشرا على تطور التكنولوجيات الحديثة التي تعد اليوم من أبرز قاطرات النمو. فبالتالي تُعد إعادة هيكلة التوزيع القطاعي لصالح قطاع الخدمات خاصة في المجالات الواعدة تحديا كبيرا للمرحلة المقبلة. كما إنه، وكما الشأن في البلدان المتخلفة فإن الفوارق الجهوية كبيرة بين المناطق الساحلية والعواصم والجهات الداخلية. كما انه لم يقع اعتبار الاستهلاك الداخلي محركا للتنمية حيث بقي شاملا لطبقات دون طبقات خاصة أن 1 في المائة يستأثرون بـ 25 في المائة من الثروة، و25 في المائة من السكان لا ينالهم منها سوى 1 في المائة. أما بالنسبة للتصدير وهو المعتمد عليه، فإن 40 بالمائة منه ناتج عن مؤسسات مملوكة للخارج تماما و20 منه من مؤسسات مملوكة بالشراكة بين الداخل والخارج.
س / وفي النهاية ، ما هي التأثيرات المحتملة  عالميا وعربيا وإفريقيا وتونسيا  لانهيار اقتصادي صيني ، مقبل أو محتمل  إن لم يكن قائما حاليا  ، ويكون قد بدأ في إفراز نتائجه ؟
ج/ إن الانهيار الاقتصادي الصيني من وجهة نظري قائم الآن، وقد ظهرت عدواه في هبوط ملحوظ في بورصات آسيا وأمريكا وأوروبا وأستراليا.
أما على الاقتصاد الحقيقي ( léconomie réelle ) المعولم فإنه أمر واقع في مستقبل غير بعيد، لنذكر أن الاقتصاد العالمي لم يتعاف بعد من أزمة 2008 التي انطلقت من الولايات المتحدة ، وبالتالي فإن الاقتصاد العالمي يتميز حاليا بالهشاشة ، وكل أزمة جديدة  قد تؤثر فيه تأثيرا كبيرا ، وقد تصيبه بمرحلة ركود وانكماش جديدين. وإذا استمرت حالة الركود والانكماش الصينية فإن ذلك سيكون له أثره الواضح ، فالشركاء الكبار للصين سيجدون أنفسهم وقد تراجعت صادراتهم إليها، وهي مصدر دخل كبير لهم ، وكل هذا مرتبط بالكيفية التي ستواجه بها الصين أزمتها ، فإن اقدمت على إصلاحات موجعة ، حول منظومة التمويل والمديونية ، وإعطاء دور اوسع للقطاع الخاص ، ومعالجة قضية الفساد ، ودفع الاستهلاك الداخلي، وإرساء نوع من العدالة بين الأفراد والجهات ، وتطوير صناعاتها نحو صناعات ذات قيمة مضافة عالية مرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة ، فإنها ستنجح على مدى متوسط ، رغم أهمية التحديات .
على أن الصين تشكو أيضا من تكلس سياسي، يمنع من تصور ديمقراطي فيه حرية تعبير تمكن من الإصلاح في الوقت المناسب ، فالقادة الصينيون ما زالوا يرفضون كل إشارة لدمقرطة بلادهم ، معتمدين على ما يسمونه الكفاءات المناضلة méritocratie ) (، ومع هذا فإذا تواصل انعدام الثقة في مدى كفاءة النظام وقدرته  على رفع التحديات فقد تدخل الصين في فترة اضطرابات وركود.
وفي الانتظار فإن هناك بلدان متضررة، فأسعار البترول المتدنية ، وليست الصين سببا رئيسيا في تدهورها ، ولكنها كمستورد انخفضت وارداته بما أضر بدول الخليج  النفطية ولكن أكثر منها بدول مثل فنزويلا أو نيجيريا التي باتت على أبواب الإفلاس ، أو الجزائر المتضررة كثيرا. كما إن عددا من البلدان الافريقية التي طورت علاقاتها التجارية والاستثمارية مع الصين إلى درجة تفوق 50 في المائة من مبادلاتها ستتضرر خاصة مع تزامن تراجع النمو والواردات والاستثمارات الصينية  مع  تدهور الأسعار العالمية للمواد الأولية.
أما بالنسبة لتونس فلا يبدو أن هناك أثرا مباشرا عليها نتيجة الأزمة الصينية ، نظرا لضعف مبادلاتها مع الصين نسبيا ومحدودية الاستثمارات الصينية بها. ولكن ذلك يمكن أن يحصل بصورة غير مباشرة إذا أصاب الضرر الدول التي تتعامل معها تونس في أوروبا
·       تم النشر في تزامن مع ليدرز العربية

الجمعة، 19 فبراير 2016

بكل هدوء : ضبابية

بكل هدوء

اختلال في المشهد السياسي التونسي *
تونس / الصواب / 06/02/2015
انتهت الانتخابات التأسيسية سنة 2011  بتقدم واضح لحزب حركة النهضة ذي المرجعية الإسلامية ، على حساب ما أسمي بالأحزاب العلمانية أو الوسطية ، غير أن الحزب الذي تنسبه جهات عديدة في تونس وخارجها إلى الحركة الإخوانية ، لم يتمكن من نيل الأغلبية المطلقة ( نصف عدد النواب مع واحد) ، ولذلك اضطر مع حزبين وصفا بالعلمانيين لجمع نصاب يستطيع معه الحكم ، وقد تذيل حزبا منصف المرزوقي ( الذي نال مقعد رئاسة الجمهورية بدون صلاحيات تذكر) ومصطفى بن جعفر ( الذي نال منصب رئيس المجلس التأسيسي وكان أكثر فاعلية بقليل من رئيس الجمهورية)  تذيلا لحركة النهضة ، وتركا لها الحبل على الغارب ، فاتجهت بداية لتغيير نمط المجتمع الموروث عن 200 سنة من عمل إصلاحي عميق تزامن مع ما حدث في مصر والشام، غير أن ردة فعل المجتمع المدني في صائفة 2013 أثنتها عن مسعاها  ومنعتها مما كانت تسعى إليه مما تسميه أسلمة المجتمع ، بل وفرضت عليها مغادرة الحكم ، كما كان للأحداث التي جرت في مصر في تلك الصائفة تأثيرات على موقف حزب النهضة الإسلامي ، بدء بالتمرد الذي أخرج الملايين للشارع  وللميادين ، واستمرا را باستيلاء الجنرال السيسي على الحكم ، مما بعث الهلع في أوساط الاسلاميين التونسيين من أن يتكرر نفس المشهد في تونس.
وجاءت انتخابات خريف 2014 لتقلب الطاولة ، ولكن دون أن تعطي أغلبية واضحة لأي من الأحزاب ، بل نال حزب نداء تونس الذي لم يتعد عمره ما بين عامين أو ثلاثة أغلبية نسبية (86 مقعدا في البرلمان من 2017 نائبا)  ، لم تعطه الفرصة للحكم منفردا ، باعتبار الأغلبية النسبية التي نالها.
وإذ جاءت حركة النهضة الإسلامية في مرتبة ثانية (64) مقعدا في انتخابات 214 ، فإن الباجي قائد السبسي اقتلع منصب رئيس الجمهورية ، واضطر لدعوة 4 أحزاب للمشاركة في الحكم في مقدمتها الصديق الجديد اللدود حركة النهضة ، مما مكن من أغلبية معززة مريحة تتجاوز الثلثين وتمكن من تمرير القوانين حتى الأساسية منها بالتوافق.
وإذ بدا أن الأمر سيتجه لاستقرار سياسي أعرج ، ولكن يضمن حدا أدنى من الاستمرار  في الحكم ، فإنه لم تمر سوى سنة واحدة ، حتى انفجر الحزب الأغلبي نداء تونس ، ليس بسبب تناقضاته الداخلية الصارخة  فحسب ، بل بسبب اتجاه رئيس الجمهورية لتوريث ابنه حافظ قائد السبسي في رئاسة الحزب الذي سبق له إنشاؤه عام 2012 ، وهو ما رفضته قواعد كثيرة ورأت فيه  محاولة تبشيرلبدفع ابنه إلى رئاسة الجمهورية عندما يحين الوقت بعد 4 سنوات ، واتهمت تلك الجهات النجل بعدم الكفاءة فضلا عن رفض التوريث ، وهو أمر مرفوض من الشعب على أساس وكأنه يعود بالبلاد إلى نظام ملكي تمت تنحيته منذ 1987.
واليوم انقسم الحزب الأغلبي ( نداء تونس ) على نفسه ، وباتت كتلته النيابية في مرتبة ثانية ، بينما تصدرت النهضة المرتبة الأولى بأكبر عدد من النواب ،  في وقت  تتواصل فيه  الاستقالات من الحزب  " النداء " ومن كتلته  النيابية أيضا ، فيما اتجه قدماء الحزب الجديد  أصلا  وعدد من مؤسسيه ، إلى تأسيس حزب جديد  ، سيعقد مؤتمره العام في 2 آذار مارس المقبل في نفس التاريخ والمكان ، الذي اطلق فيه الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة حزب الدستور الجديد  انشقاقا عن حزب الدستور القديم بزعامة الشيخ عبد العزيز الثعالبي ،  و هو أي بورقيبة هو الذي قاد مرحلة الكفاح واستلم الحكم من سنة 1956 إلى 1987 ، وهناك من يقول حتى سنة 2011 ، عندما انهارت السلطة تحت ضغط الشارع.
وفي نفس الوقت تفتحت شهية عدد  من السياسيين قدامى وجدد لتشكيل أحزاب أخرى ، منها حزب منذر الزنايدي الوزير الأسبق في عهد بن علي ، و حزب كمال مرجان ومحمد جغام الوزيرين الأسبقين أيضا ، فيما يسعى مهدي جمعة الذي ترأس حكومة التكنوقراط التي خلفت حكومة النهضة بعد انسحابها في 2014 مع مجموعة من وزرائه وقيل في حينه أنهم من غير السياسيين ـ يسعى ـ لتأسيس تنظيم سياسي لم تتضح صورته بعد ليدخل السباق ، هذا عدا الأحزاب التي كانت في الصورة سابقا والتي خرجت من الانتخابات الأخيرة في أواخر 2014 مكسورة الجناح بدون نواب في المجلس أو العدد القليل غير المؤثر ، وبعد السقطة المدوية  للمرزوقي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة،كل هذا مع ضرورة عدم التقليل من شأن الحزب المنشق عن نداء تونس بزعامة محسن مرزوق ، وهو شاب في مقتبل العمر يتمتع بكاريزما وذكاء مفرط وحتى مكر كبير  وقدرة على الخطابة والإقناع  ، وإن اعتبر وصوليا ومستعجلا الدور الذي يرى نفسه فيه في القمة ، والذي يسعى للظهور بمظهر الخليفة الطبيعي للرئيس الحبيب بورقيبة ، رغم أنه كان معارضا شرسا للرئيس الأسبق إبان حكمه.
انتخابات بلدية ، متوقعة لآخر العام الحالي ، ستفصل بين المتسابقين ، وهي انتخابات يستعد لها إسلاميو النهضة بفارغ صبر  وتحسب وكثيرا من الحذر ، لعلها تعيدهم إلى قلب الصورة ، وتجعلهم يفوزون بقصب  السبق كما كانوا في انتخابات 2011، ولكن عليهم قبل ذلك أن يمروا بامتحان صعب هم الآخرون ، يتمثل في مؤتمرهم العام  في الربيع ، الذي سيحاول من خلاله زعيمهم راشد الغنوشي أن يحول الحزب الإسلامي الإخواني إلى حزب مدني بمرجعية إسلامية على شاكلة الأحزاب المسيحية الديمقراطية في الغرب ، والتي لم يبق منها فاعلا إلا حزب رئيسة وزراء ألمانيا أنجيلا ماركل .
غير أن من يرون الحفاظ بالنهضة على نهجها كحزب " دعوي " لا حزب مدني ،  يبدون وكأنهم يستعدون للمعركة بكل قواهم.
·      تم النشر في وقت متزامن مع مجلة "أسواق العرب " الصادرة بلندن