Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 11 يونيو 2017

الموقف السياسي : من يحكم تونس؟

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
هل بقيت في تونس دولة ؟
تونس / الصواب /8/5/2017
تلك مقولة عنون بها الاستاذ الكبير مصطفى الفيلالي مقالا في جريدة الصباح نشره في سنة 2012.
هل تغير الحال بعد 5 سنوات ؟
طبعا لا ،  فالسلطة خاضعة وبالكامل لمراكز نفوذ تتحكم فيها ، وتتخذ القرار مكانها ،  حتى دون أن تخفي ذلك.
إصلاح تربوي استمر الإعداد له ما بين عامين وثلاث سنوات مهما كان تقييم مضمونه يتم  إلغاؤه بجرة قلم ، رغم العمل الشاق واللجان التي عملت عليه ، والاستنتاجات التي تم الانطلاق منها ، فقط استجابة لمطلب نقابي بات هو المتحكم في البلاد ومقدراتها ، وباتت الحكومات المتعاقبة خاضعة له بالكامل .
وزير ـ بقطع النظر عن حسن أو سوء أدائه ـ يقال بين عشية وضحاها ويوم أحد ، وكأن النار اشتعلت في البيت ، أو كأن الاصلاح الذي أقدم عليه لم يكن محل  موافقة حكومتين متعاقبتين ، وذلك حسب غير المعلن ،  بسبب تهديد اتحاد الشغل بعدم المشاركة في احتفالات غرة ماي ، واصطفاف المركزية النقابية ، وراء نقابات اختطت لنفسها هدفا متمثلا في إقالة وزير ، ليس هذا مجال تقييم إصلاحه ، إن كان هو الذي تولاه بمفرده ولم تتجند له جهات في أعلى مستويات الأداء البيداغوجي ، واستوحت مسارها من أكثر التجارب التعليمية تقدما في العالم.
وكان المنفذ لهذا التراجع غير المنتظم الخطوات ـ فحتى الهزيمة تحتاج إلى تخطيط وخطة وتمويه وإخراج ـ  كان المنفذ وزير مؤقت لا يتمتع بصفة الديمومة في وزارة التربية ، وليس متاحا له أن يتخذ قرارات مصيرية تهم مستقبل ملايين الأبناء ولا مخولا له  ، ما يفسر مزيد هجرة أبنائنا إلا من لا هم قدرة مادية  لهم ، إلى تعليم خاص أو أجنبي من شأنه القضاء على مبدإ مدرسة الجمهورية ، بمجانيتها ومستواها العالي ، الذي كان في وقت من الأوقات قدوة فنزل وسينزل إلى  مزيد الحضيض.
فالحكومات المتعاقبة منذ 2014 دأبت على تراجعات لا تتسم لا بالمسؤولية ولا بحقيقة السلطة التي نالتها من التفويض الشعبي ، وبعيدا عن كرامة الحكم ، فقد تم إقصاء وزير الشؤون الدينية تحت ضغط حركة الاتجاه الاسلامي أو حزب النهضة ، واستقال مدير المستشفي الجامعي الوحيد في صفاقس ( ولا صحة للقول بأنهما مستشفيين جامعيين  اثنين إلا للتمويه ) ، قبل أن يقال وزير الصحة نفسه ، لأنه أراد الاصلاح ، ووقف مظاهر التسيب ، فأقيل  تحت ضغط نقابي ، أصبح في بلادنا بعكس كل بلاد العالم التي تحترم فيها الحكومات نفسها  ، السيد المطلق والحاكم الفعلي ، والبقية تأتي وستأتي في بلد عصي على الإصلاح ، وبينه وبين الممارسة الديمقراطية الحقيقية ما بين السماء والأرض ـ بلد لنقل إنه بلا دولة ، بلد فيه  يبدو غياب الدولة السمة المسيطرة والواضحة .
وكما التعليم الذي يفقد حقيقة روحه ، لفائدة تعليم أجنبي أو خاص يهرب إليه كل من يستطيع ، فالصحة باتت وستبيت أكثر بسرعتين ، صحة في القطاع الخاص للأثرياء ، وصحة متدنية للباقين من أغلبية المواطنين ، ووداعا ما أراده بورقيبة للبلاد من مدرسة الجمهورية وصحة كل المواطنين بلا فروق اجتماعية وفئوية وطبقية.

الاثنين، 5 يونيو 2017

بكل هدوء : عاصفة الخليج والتداعيات المحتملة


بكل هدوء
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الحرب العالمية الثالثة
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قبل 72 سنة ، وحروب محلية كثيرة تعاقبت على العالم ، وهددت بأن تتحول في كل مرة إلى حرب عالمية ثالثة ، ولكن الردع النووي حال دون أن تتحول أزمات كانت في حينه خطيرة إلى حرب عالمية ثالثة ، غير أننا بتنا منذ حقبتين أو ثلاث نعيش على وقع حرب عالمية ثالثة ، لا تعلن عن نفسها ، وهي في تصاعد مستمر، إن حرب الارهابيين الذين ينسبون أنفسهم للإسلام  والآخذة بالتصاعد والعالمية ، بدأت في الانتشار ، فمن بلدان عربية وإسلامية اتسعت رقعتها إلى بلدان لا علاقة لها بالإسلام وليس مطروحا في يوم من الأيام أن تسقط تحت وطأة خلافة وهمية ، كان يعتقد أن خرافتها انتهت بسقوط آل عثمان منذ قرابة القرن وانكفاء تركيا على نفسها ، بعد أن قضمت الدول الغربية إمبراطوريتها.
بالأمس أو أول أمس كان مسرح آخر العمليات الارهابية في لندن وفي أورلاندو بالولايات المتحدة.
ومنذ أن أطلق الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران قبل عامين عبارته الشهيرة " إننا نخوض حربا ضد الارهاب " بعد سقوط المئات من الضحايا   في باريس ، درج تعريف الحرب على ما يجري من الولايات المتحدة غربا إلى الفيليبين شرقا.
أشارت أصابع الاتهام ، إلى منطقة الخليج كراع للإرهاب ، وعندما اكتوت بناره عدا سوريا والعراق كلا من السعودية والكويت والبحرين، اتجه الأصبع بالذات لقطر ، الممول الرئيسي والمسلح ، فيما السعودية اكتفت ويا لهول ما اكتفت بالتنظير الوهابي المتطرف ، وتولت تركيا نقل وتسفير وتدريب وإيواء الارهابيين ، على أمل أن تسقط الخلافة مجددا كالثمرة الناضجة  في النهاية بين يدي أردوغان.
وعندما وصل الخطر وأحدق بالسعودية بالذات ، وفي مرحلة ثانية بحليفاتها من الدول الصغيرة بالجوار ، وتعاظم دور تلك الدولةـ البعض يقول الدويلة ـ (300 ألف ساكن من القطريين) كان لا بد من وقف الخطر، ومئات مليارات  الدولارات  التي دفعتها الرياض جاءت بالدعم الأمريكي سريعا ، فتولت 7 دول حتى الآن قطع علاقاتها مع الدوحة ، و فرضت  حصارا بحريا جويا عليها ، ودعت مواطنيها (أي القطريين) للرحيل خلال 14 يوما ، وهو ما لا تحتمله دولة أيا كانت فضلا عن دولة ليس لها عمق استراتيجي لا جغرافي ولا ديمغرافي .
والثمن المطلوب اليوم يتمثل في أحد حلين :
** إما رحيل الأمير تميم وأمه موزة ونهاية سياستهما "المغامرة"
** أو قلبه ووضع الأخ الأكبر الذي كان وليا للعهد ، ولكنه أزيح لأنه ليس ابن موزة المسند ولا يأتـمر بأوامرها.
ليس للعائلة المالكة في قطر سند شعبي ولا جذور قوية ، وهي غالبا ما ستمتثل ، أو إن المثل الكويتي عام 1990 ، سيكون  جاهزا ، دون أن يكون هناك تعقيب عليه، لأن المجتمع الدولي سئم من روح المغامرة المتبعة ،  من دولة صغيرة تتصرف وكأنها قوة عظمى.
بعد ذلك ستعود قطر للصف تماما كالسعودية ورديفاتها. فهل يعني ذلك نهاية لما يشبه حربا عالمية ثالثة، بدون مواجهات  كلاسيكية ولا جيوش متقابلة ، بل باستعمال الغدر والقتل المجاني ، الذي تلتزمه دولة لا تريد أن تعلنه صراحة.
حصار من هذا النوع جوي وبحري وبشري ، لا قدرة لقطر عليه ، فسيشلها ، سواء من ناحية الخليج العربي حيث للسعودية كإيران كلمتها فيه ، أو من ناحية باب المندب حيث يمكن لمصر أن تغلقه على كل ما يمكن أن يأتي أو يذهب لقطر ، إنه الاختناق الكامل الذي لا يمكن أن يطيقه أحد.
فهل سيكون العالم أفضل بعد ذلك سواء من ناحية كف الارهاب ، أو من ناحية توازناته الاستراتيجية ، حيث للولايات المتحدة يد طولى قادرة على أن تتحرك وتحرك حلفاءها.

fouratiab@gmailcom 

الخميس، 1 يونيو 2017

من الذاكرة : تصحيح

من الذاكرة   تصحيح

بالعودة إلى  الذاكرة كان ذلك في صائفة 1990 لا 1991 لذلك وجب  التصحيح والتنويه
 يكتبها عبد اللطيف الفراتي
رجل شجاع زمن غياب الشجاعة
الصواب / 31/05/2017
فجعت هذا الصباح بوفاة صديق لي كم كنت أحمل له من تقدير ، هو محمد الفاضل خليل ، ومن ذكرياتي معه ، وكان وقتها في سنة 1991 واليا على صفاقس، كنت أيامها رئيس تحرير جريدة الصباح وفي نفس الوقت أمينا عاما مساعدا للهيئة المديرة للرابطة التونسية لحقوق الإنسان ، في تلك الصائفة عقدنا مجلسا وطنيا للرابطة بصفاقس ، ربطناه من أجل التمويل مع حلقة تكوينية للرابطيين حول الصحافة ومنظومة حقوق الانسان ، لم أحضر شخصيا المجلس الوطني ، فقد شدتني التزامات مهنية للعاصمة تونس ، ولكن في اليوم الموالي أخذت طريقي إلى المدينة التي هي مسقط رأسي ، وعند حلولي بمسكن والدي فوجئت بأن والدتي كانت جد حائرة لكثرة ما وصلها من تليفونات من طرف الوالي الذي لم يكن سوى محمد الفاضل خليل ، أيامها لم يكن هناك موبايل ، استرحت قليلا مطمئنا الوالدة وتغديت ، ثم طلبت "السيد" الوالي ، خاطبني بلهجة كلها لطف طالبا مني مقابلته في أقرب وقت ممكن ، حددنا موعدا في الساعة الرابعة ظهرا ، وكان الحال صيفا ، استقبلت في الولاية وكانت أيامها في باب البحر قبل نقلها إلى صفاقس الجديدة ، استقبالا لطيفا وأدخلت على الوالي الذي رحب بي بالعناق رغم أنه لم تكن لي به معرفة مباشرة سابقة ، دخل مباشرة في الموضوع سائلا إن كنت وأنا عضو الهيئة المديرة قد اطلعت على البلاغ الصادر عن المجلس الوطني ، ولم أكن قد اطلعت عليه ، بعد قراءته ، هل هذا معقول ، حديث عن تعذيب في الايقاف ، أجبته بأننا في الرابطة سجلنا الكثير من هذه التجاوزات وهي موثقة ، تجاوز قائلا ، بما إنك لم تكن حاضرا فيمكنك أن تعبر عن عدم تضامنك مع هذا البيان ، أجبته مستحيل لأني بحكم تكليفي بالعلاقات مع وزارة الداخلية ضمن الهيئة المديرة بسبب صداقتي العميقة وقتها مع الوزير عبد الحميد بالشيخ كنت من أكثر من هم اطلاعا على تلك التجاوزات ، ثم إنه ليس من عادتي التنكر لأي بيان صادر حتى في غيابي عن أي هيئة عملت فيها ، مثل رئاسة جمعية الصحفيين ، قفل الموضوع وترشفنا القهوة ثم استأذنت وودعني بنفس الهفاوة التي استقبلني بها وكأني استجبت لطلبه، في اليوم الموالي كنت في العاصمة تونس إذ دعاني مدير عام الشؤون السياسية وهو صديق وزميل سابق في جريدة الصباح أسيتطيع أن أقول إني كنت رئيسه، كرر نفس الدعوة للتعبير عن عدم التضامن ما دمت كنت غائبا ، وعبرت له عن استحالة ذلك ، وأنا متضامن مع البيان بسبب معرفتي بصحة ما فيه ، وكذلك لأني لم أتعود على التعبير عن عدم التضامن مع موقف جماعي، هددني بأن الرابطة تعرض نفسها للحل بمثل هذه المواقف ، أجبته جربوا حظكم وستجدون العالم في وجهكم ، وقفت وأغلقت الباب بقوة وغادرت المكان ، وفعلا وفي سنة 1992 بسبب قانون التصنيف وقع حل رابطة حقوق الانسان ولكن الحكومة عضت أصابعها واضطرت للتراجع عن ذلك الحل وتلك قصة أخرى ، أردت أن أشير إلى خصال رجل كان في السلطة ولكنه لم يلجأ إلى قوة المنصب بل تعامل بهدوء.
وإذ هو اليوم بين يدي ربه فإن تلك الخصال تبقى في الذاكرة

من الذاكرة : وذهب فاضل خليل

من الذاكرة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
رجل شجاع زمن غياب الشجاعة
الصواب / 31/05/2017
فجعت هذا الصباح بوفاة صديق لي كم كنت أحمل له من تقدير ، هو محمد الفاضل خليل ، ومن ذكرياتي معه ، وكان وقتها في سنة 1991 واليا على صفاقس، كنت أيامها رئيس تحرير جريدة الصباح وفي نفس الوقت أمينا عاما مساعدا للهيئة المديرة للرابطة التونسية لحقوق الإنسان ، في تلك الصائفة عقدنا مجلسا وطنيا للرابطة بصفاقس ، ربطناه من أجل التمويل مع حلقة تكوينية للرابطيين حول الصحافة ومنظومة حقوق الانسان ، لم أحضر شخصيا المجلس الوطني ، فقد شدتني التزامات مهنية للعاصمة تونس ، ولكن في اليوم الموالي أخذت طريقي إلى المدينة التي هي مسقط رأسي ، وعند حلولي بمسكن والدي فوجئت بأن والدتي كانت جد حائرة لكثرة ما وصلها من تليفونات من طرف الوالي الذي لم يكن سوى محمد الفاضل خليل ، أيامها لم يكن هناك موبايل ، استرحت قليلا مطمئنا الوالدة وتغديت ، ثم طلبت "السيد" الوالي ، خاطبني بلهجة كلها لطف طالبا مني مقابلته في أقرب وقت ممكن ، حددنا موعدا في الساعة الرابعة ظهرا ، وكان الحال صيفا ، استقبلت في الولاية وكانت أيامها في باب البحر قبل نقلها إلى صفاقس الجديدة ، استقبالا لطيفا وأدخلت على الوالي الذي رحب بي بالعناق رغم أنه لم تكن لي به معرفة مباشرة سابقة ، دخل مباشرة في الموضوع سائلا إن كنت وأنا عضو الهيئة المديرة قد اطلعت على البلاغ الصادر عن المجلس الوطني ، ولم أكن قد اطلعت عليه ، بعد قراءته ، هل هذا معقول ، حديث عن تعذيب في الايقاف ، أجبته بأننا في الرابطة سجلنا الكثير من هذه التجاوزات وهي موثقة ، تجاوز قائلا ، بما إنك لم تكن حاضرا فيمكنك أن تعبر عن عدم تضامنك مع هذا البيان ، أجبته مستحيل لأني بحكم تكليفي بالعلاقات مع وزارة الداخلية ضمن الهيئة المديرة بسبب صداقتي العميقة وقتها مع الوزير عبد الحميد بالشيخ كنت من أكثر من هم اطلاعا على تلك التجاوزات ، ثم إنه ليس من عادتي التنكر لأي بيان صادر حتى في غيابي عن أي هيئة عملت فيها ، مثل رئاسة جمعية الصحفيين ، قفل الموضوع وترشفنا القهوة ثم استأذنت وودعني بنفس الهفاوة التي استقبلني بها وكأني استجبت لطلبه، في اليوم الموالي كنت في العاصمة تونس إذ دعاني مدير عام الشؤون السياسية وهو صديق وزميل سابق في جريدة الصباح أسيتطيع أن أقول إني كنت رئيسه، كرر نفس الدعوة للتعبير عن عدم التضامن ما دمت كنت غائبا ، وعبرت له عن استحالة ذلك ، وأنا متضامن مع البيان بسبب معرفتي بصحة ما فيه ، وكذلك لأني لم أتعود على التعبير عن عدم التضامن مع موقف جماعي، هددني بأن الرابطة تعرض نفسها للحل بمثل هذه المواقف ، أجبته جربوا حظكم وستجدون العالم في وجهكم ، وقفت وأغلقت الباب بقوة وغادرت المكان ، وفعلا وفي سنة 1992 بسبب قانون التصنيف وقع حل رابطة حقوق الانسان ولكن الحكومة عضت أصابعها واضطرت للتراجع عن ذلك الحل وتلك قصة أخرى ، أردت أن أشير إلى خصال رجل كان في السلطة ولكنه لم يلجأ إلى قوة المنصب بل تعامل بهدوء.
وإذ هو اليوم بين يدي ربه فإن تلك الخصال تبقى في الذاكرة