Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الجمعة، 28 فبراير 2014

الموقف السياسي: البلاد على منحدر خطير، وكل الاحتمالات واردة

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
فترة الإمهال للحكومة
 الجديدة.. إلى متى؟
والخطر داهم وقادم
تونس/ الصواب/ 28/02/2014
ما من حكومة جديدة إلا و تستحق فترة إمهال، قبل بدء محاسبتها على ما أقدمت عليه من فعل وما لم تقدم، ولا يمكن استثناء حكومة المهدي جمعة من هذه القاعدة، ولقد درج المحللون السياسيون في كل الأصقاع على اعتبار أن فترة الإمهال Délai de grâce تتراوح بين 3 و 6 أشهر، كافية لاستئناس الوزراء بخفايا وزاراتهم، والضبط الدقيق لسياساتهم، ضمن السياسات العامة المحددة في البرنامج الحكومي.
غير أنه وبالنسبة لحكومة مثل حكومة المهدي جمعة وبالنظر إلى أمرين اثنين لا يمكن إلا أن تطول أو تقصر فترة الإمهال، فمن جهة فإن مدة حكم هذه الحكومة ستكون قصيرة ضرورة باعتبار أن عليها أن تنتهي ولايتها بعد الانتخابات المحددة لما قبل آخر السنة ، وهو ما يفترض أن تكون مدة الإمهال أقصر وقتا قد لا تتجاوز شهرا، ولكن ومن جهة ثانية وباعتبار حالة الدمار السياسي والاقتصادي الاجتماعي التي تركت عليها الحكومتان السابقتان البلاد، وما أقدمت عليه من إغراق الإدارة تحت وابل من التسميات المشبوهة، فإن تقويم الوضع وتقييمه قبل البدء بإصلاحه يتطلب مهلة أكبر، قد تمتد إلى  شهرين وعلى أكثر تقدير.
غير أن الاستعجال الشعبي فرض على الحكومة الجديدة رزنامة أسرع، فمنذ مرور شهر على تأليفها قبل يوم أو يومين بدأت محاسبة عسيرة، ليس من الجهات التي تملك حق المحاسبة بل شعبيا.
و لذلك وجدت حكومة تلقت إرثا ثقيلا وسيئا جدا نفسها تحت المطرقة المستعجلة ضرباتها، والتي بدت وسائل تدخلها محدودة جدا، وباستثناء تدفق تمويلي تم حجبه عن الحكومة السابقة ، وأدى لخنق فعلي للبلاد، نتيجة ثقة دولية ومؤسساتية منعدمة فيها، وفي كفاءتها إن لم يكن أكثر من ذلك، فإن الحكومة  الجديدة بدت مشلولة الأيدي تجاه متطلبات أخرى منتظرة، تضغط النهضة والمؤتمر والأحزاب التابعة لعدم الخوض فيها.
إن الوضع الاقتصادي للبلاد أعقد مما كان متوقعا، ولا ينبغي تسليط أضواء كاشفة قوية لتبيان مدى كارثيته ، وكذلك الوضع الاجتماعي، ولكن الأكثر من ذلك، هو كسر المسار الذي كان سائدا، وقيام عادات جديدة، تقوم على مطلبية مفرطة، اتسم سلوك الحكومات السابقة بالاستجابة إليها ، وعدم التعامل معها بأي منطق،و نتيجة ذلك كانت في تفاقم بطالة وتضاعف آثارها، مع ضغط على موازنة الدولة لا يحتمل، وارتفاع في كلفة الإنتاج إلى أقصى ما يمكن تحمله، إضافة إلى زعزعة النسيج الاقتصادي للبلاد سواء في ملامحه الداخلية أو في المعاملات مع الخارج.
غير أن الأخطر من ذلك تمثل في محاولة تغيير نمط المجتمع، وكسر مكتسبات قرنين من محاولة الإصلاح تولتها نخب وطنية عالية الهمة والخبرة، وتشجيع أشكال من الجهات الموازية لجهاز الدولة على شاكلة ما اعتمدته الأنظمة الفاشية، وإغراق جهاز الدولة بالألوف من الكوادر غير ذات الكفاءة، وبولاء حزبي واضح ما أضر أيما ضرر بمسيرة البلاد وتوقها إلى التقدم.
 هذا وحده يتطلب وقتا طويلا أكثر من اللازم لكشف أبعاده وأضراره وهو وقت ليس متاحا للحكومة الجديدة، فضلا عن وقت آخر طويل أيضا لتقويم اعوجاج، ليس سهلا التعامل معه لأن وراءه ضغوطا وافدة من النهضة خاصة ولكن أيضا المؤتمر والأحزاب الاصطناعية التي انبثقت منه، تصل إلى حد أن البلاد أصبحت تحت خطر لا فقط انعدام الكفاءة، في إدارة ومؤسسات كانت تتمتع بوضع مقبول ، ولكن أيضا تحت تهديد قوي بعدم استقامة مسار ، إذا استمر فمن شأنه أن يربك كل شيء ، بما في ذلك انتخابات ليس هناك اطمئنان لحسن سيرها، بما يمكن أن يؤبد استمرار النهضة في الحكم.
ومسؤولية ذلك تتحملها ثلاث جهات، عدا النهضة المستفيدة والتي لا يمكن أن يلومها أحد باعتبار طبيعتها وهي:
-        حكومة الباجي قائد السبسي التي مكنت للنهضة عبر المال الفاسد، والابتزاز من ربح انتخابات في 2011، ليس صحيحا أنها كانت مؤهلة للفوز فيها واسألوا ما يقوله اليوم  كمال الجندوبي.
-        حزب المؤتمر الذي مكن للنهضة وكان شريكا لها في مسعاها، دون وعي منه بأنه سيكون أول ضحاياها.
-        حزب التكتل، الذي اتسم بغباء منقطع النظير ، فاكتفى ببعض كراسي بلا معنى ، ليغمض عينيه عن كل التجاوزات.
ولعل الضحية الأكبر في هذه المأساة  اليوم هو مهدي جمعة وفريقه، وهو إن لم يسارع بالتفصي من المسؤولية ـ وعن حق وجدارة ـ ، ويلقي مسؤولية الوضع الكارثي عمن تسبب فيه، أي حكم الترويكا التي تركت البلاد في وضع إفلاس ، ويصارح الشعب بحقيقة الوضع السيء الموروث، فإن الناس سيعتقدون أنه هو ووزراؤه هم الذين سيتحملون وزر القرارات السيئة الوافدة قريبا جدا ، وهي قرارات ستكون مرة إلى أبعد الحدود شديدة الإيلام. وبدونها فإن الأيام المقبلة لن تبشر بخير، بل تنذر بشر مستطير.
والذين يحملون البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية  العربية والإفريقية والأوروبية مسؤولية ما سيأتي ، لا ينطلقون إلا من منطلقات ديماغوجية،  بوعي أو بدون وعي، ودون قراءة فعلية لحقيقة الوضع، ولا لأبعاد الأزمة ولا للمتسببين الحقيقيين فيها.
إن مهدي جمعة وفريقه يمرون حاليا بحقل مفخخ، وإذا لم يصارح الناس وبسرعة، فإن المواطنين سيحملونه مسؤولية هو بريء منها.
ولذلك ينبغي له أن يستعمل بيداغوجيا مقنعة ، إزاء مواطنيه ،للتعامل مع وضع سيء جدا ورثه ويفرض علاجا خطيرا، وإلا فإنه سيخسر كل شيء وتخسر معه البلاد ، لا فقط مستواها الاقتصادي والاجتماعي بل ربما استقرارها، ويكون الاستعداد قائما لكل المغامرات المحتملة والأخطر.

الخميس، 27 فبراير 2014

تحديات كبرى أما م مهدي جمعة موروثة عن حكم النهضة عليه رفعها بمساعدة هبة شعبية

اقتصاديات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
 الأيام الصعبة وافدة
فهل يكون الشعب
في مستوى المسؤولية ؟
تونس/ الصواب/ 27/02/2014
قبل فترة قصيرة من مغادرة علي العريض وحكومته للحكم، والحكومة أقدم رئيس الوزراء على اتخاذ قرار بتعطيل مجموعة من مقررات قانون المالية، الذي كان صادق عليه المجلس التأسيسي قبل أيام، وفي غياب علم وزير المالية، الذي كان يدافع عن تلك المقررات إلى حد ساعات قليلة قبل إلغائها، وأبرزت جهات من الحكومة أن تلك المقررات غير مناسبة، وكأن وزير المالية السابق اتخذ قراره بشأنها، في غياب موافقة الحكومة، ما يبرز أمرين اثنين، أنه لا معنى للتضامن الحكومي من جهة، وأن الحكومة تتصرف بعيدا عن تصور الشأن العمومي ومقتضيات الدولة من جهة أخرى.
وباتخاذ تلك القرارات قامت حكومة علي العريض بتعرية الميزانية، من جزء من الموارد المخصصة، متخذة قرارات في تقليص مداخيل، المجلس التأسيسي وحده المؤهل لاتخاذ قرار بشأنها.
غير أن هذه القرارات، فضلا عن ناحية الارتجال فيها، تصيب ميزانية الدولة  في مقتل، وبعرج أكبر من العرج الذي كانت عليه، باعتبارها  إلى حد كبير ميزانية افتراضية، أكثر منها فعلية ، حيث إن مواردها لم تكن موجودة إلا في الورق ولم تكن فعلا حاضرة عندما تقررت.
واليوم وبعد أن جاءت حكومة جديدة، زال التحفظ الذي كان قائما على الحكومة السابقة سواء من الدول أو من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية ، وتدفقت على البلاد موارد إقتراضية هامة، يمكن أن تسد الثقب الغائر الذي كان قائما في الميزانية كما تم طرحها في شهر ديسمبر الماضي.
إلا أن للمرء أن يتوقف عند أمرين اثنين:
أولهما أن الأمر لم يعد كارثيا كما كان قبل أسابيع، غير أن المالية العمومية ليست في أحسن أحوالها، فقد تم تحويل مقادير إقتراضية كبيرة عن وجهتها المفترضة، إلى وجهة استهلاكية للإدارة العمومية، وبالتالي فإنه عندما يحين موعد سدادها، لن تجد الدولة الإنتاج الإضافي الذي يمكنها من إستصفاء مبالغ ذلك السداد.
أضف إلى ذلك أن الحكومة القائمة اليوم، مفروض عليها أن تتخذ قرارات لا شعبية كبيرة وموجعة ومريرة، لا مفر منها أحجمت عن اتخاذها حكومات النهضة، لأسباب انتخابية ضاعفت من تأزم وضع سيء أصلا.
ولذلك فإننا لا نذيع سرا عندما نقول إن سد الثغرات في الميزانية ، الناتجة عن تلاعب غير مسئول من الحكومة السابقة، سيضطر الحكومة الحالية، للرفع من عدد من الأداءات حجما وربما إحداثا، فضلا عن اتخاذ قرارات في مجالات تقليص الدعم سواء في المحروقات أو في مجال المواد الاستهلاكية، وليس للحكومة من حيلة إلا اتخاذ هذه القرارات المرة.
وثانيهما إن حكومة جمعة ستدفع ثمنا باهظا لقرارات ارتجالية وشعبوية متخذة منذ 2011 ولكنها تعاظمت خلال 2012 و2013 برفع غير مدروس في مرتبات العاملين في الوظيفة العمومية والمؤسسات المؤممة ، مما قفز من جهة بالقسط من الميزانية المخصص للأجور العمومية، وما أدخل اضطرابا كبيرا على تراتيبية الإدارة،  وهي تراتيبية تم بناؤها بعناء منذ فترة الهادي نويرة، ودخلتها اليوم فوضى لا مثيل لها، أضحى معها مسئولون في أعلى السلم ينتقلون في رواتبهم إلى مراتب أدنى من غيرهم.
الحكومة كلها ورئيس الحكومة بالذات ولكن أيضا وزير المالية ووزير ة التجارة، كان الله في عونهم لمواجهة حالة ربما يراها البعض ميؤوسة ، ولكن مقدور عليها إذا توافرت الإرادة، وخاصة إذا عم الوعي شعبا ينبغي أن يدرك أن الأوقات الصعبة ستحل بين ظهرانينا وأنه ينبغي لنا أن نكون في مستوى المسؤولية، للخروج من وضع وضعتنا فيه النهضة بسنتين من الحكم فقط، فكيف إذا أعطاها الشعب ، بعد الانتخابات المقبلة مهمة بخمس سنوات؟


الاثنين، 24 فبراير 2014

بكل هدوء: هل ينهي جمعة مسلسل قطع الطرقات والاعتصامات ويعيد للدولة هيبتها؟.

بكل هدوء
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
هل جاء وقت مجابهة الفوضى وقطع الطرق والاعتصامات؟
تونس/ الصواب 24/02/2014
اتخذ رئيس الحكومة الأسبوع الماضي  قرارا بالتسخير، في شان 114 من موظفي الديوان الوطني للإرسال، الذي يؤمن بث التلفزيونات والإذاعات ضمن غيرها من النشطة التي تضمن التواصل، وبقطع النظر عن مدى نجاعة  هذا القرار فإن للمرء أن يتوقف عند أمرين اثنين:
أولهما أن الإضراب المقرر في الديوان، خاضع في قراره لمركزية إسماعيل السحباني ، وللمرء أن يتساءل ، هل إن الحكومة كانت لتجرأ  على اتخاذ مثل هذا القرار ، إزاء إضراب مقرر من الإتحاد العام التونسي للشغل، وهو قرار أي التسخير يخضع الذين لا يطبقونه لعقوبات ثقيلة قد تصل للسجن.
ثانيهما أنه لا يهم مؤسسة تقوم على أعداد كبيرة من العاملين المقررين الإضراب وبالتالي، فإن ثقلهم في الحياة الاجتماعية ليس كبيرا ولا ثقيلا.
 و بالتالي فإن تنفيذ القرار لا يمكن أن يحرج الحكومة أو يجعلها في مواجهة تحرك نقابي واسع.
و من نافلة القول أن حق الإضراب ضمنه دستور 1959، كما ضمنه دستور2014، وقلما يتم اللجوء للتسخير، لكسره، ولكن التسخير موجود في كل البلدان الديمقراطية، ويستخدم بحذر، أو تستخدم وسائل أخرى ربما أمضى منه أثرا.
ففي الولايات المتحدة استخدم الرئيس السابق ريغن الجيش ، للاستدارة على إضراب شامل لمراقبي السماء الذي كان يستهدف حركة الطيران، ونجح في أمرين اثنين، كسر الإضراب وكسر شوكة النقابة القوية لمسئولي تحيك الطائرات.
أما في تونس فقد استخدم السيد الهادي نويرة أكثر من مرة لكسر إضرابات في قطاعات اعتبرت حيوية، في إطار لي الذراع بين الحكومة واتحاد الشغل بقيادة الحبيب عاشور ، قبل أن يوضع في السجن، لأسباب أخرى في سنة 1978.
ولعل هذا القرار على محدوديته يبشر بتوجه حكومي جديد تدشنه حكومة مهدي جمعة ، لإعادة هيبة الدولة وإنهاء "تشليكها"، ومن الطبيعي أن حكومة ليست مرتبطة بمواعيد انتخابية تكون أكثر شجاعة في مواجهة الناس، من حكومة تنتظرها مواعيد انتخابية، لا تريد أن تواجهها بقرارات قد تكون غير شعبية.
وليست كل الحكومات في شجاعة الحكومة الألمانية تحت شرويدر، الذي اتخذ قرارات لا شعبية رغم معرفته المسبقة، بأنها ستكون قاضية على آماله الانتخابية، معلنا وقتها أن مصلحة البلاد متقدمة على المصلحة العاجلة لحزبه، وكان أن وجدت ألمانيا نفسها  في حالة من الرخاء غير مسبوقة بسبب قرارات شرويدر غير الشعبية.
وإذ مالأت حكومات النهضة في اتخاذ القرارات الصعبة، ومواجهة حالة التسيب والفوضى، فإن الثمن كان فادحا، وتمثل في أن حكومة العريض غادرت السلطة وتركت البلاد على حافة إفلاس.
ولعل المطلوب اليوم من حكومة جمعة هو أن تأخذ الأمور بحزم، فتقف ضد الاعتصامات والإضرابات العشوائية، وتوقف السباق لزيادات في الأجور جعلت العاملين في القطاع الخاص وكان الأكثر سخاء، يحسدون زملاءهم في القطاع الحكومي على مرتبات عالية تفوق مرتبات القطاع الخاص في كثير من الأحيان، وتثقل كاهل ميزانية الدولة إلى حدود العجز، فيما إن العاملين في القطاع الخاص أكثر وعيا بحدود إمكانيات المؤسسات المهددة بالإفلاس وغلق البواب إن لم تقم توازنا دقيقا بين نفقاتها وإيراداتها.
ومن هنا جاء العجز الفادح في ميزانية الدولة التي زادت نفقاتها التأجيرية بأكثر من 50 في المائة في ظرف عامين أو ثلاثة.
من هنا يصبح منتظرا وبإلحاح من حكومة غير مرتبطة بأجندات انتخابية ، أن تأخذ الثور من قرونه، وأن تعيد الحد الأدنى من الانضباط لبلد فقد توازنه ومنطقه، تجاه استقالة حكومات السبسي والجبالي والعريض، وأدخلت البلاد في متاهات ستزن بعبئها الثقيل على مسيرة البلاد لمدة سنوات.
وقد جاء الوقت وعلى غرار التسخير الأخير، لوقف موجة الإضرابات العشوائية، والاعتصامات ، وخاصة قطع الطرقات الذي يعاقب عليه القانون بأشد العقوبات، ورفض اتخاذ بلد كامل كرهينة لمطالبات اجتماعية ليست هناك عصا سحرية للاستجابة إليها.




السبت، 15 فبراير 2014

سانحة : شارع بورقيبة... شارع بورقيبة... شارع بورقيبة

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
شارع الحبيب بورقيبة ..
سيبقى شارع الحبيب بورقيبة
تونس / الصواب /15/02/2014
خلال مناقشة فصول الدستور،  تحدثت  النائبة المحترمة يمينة الزغلامي فيما تحدثت عن الشارع الرئيسي في تونس، رمز حقبات طويلة من تاريخ تونس المعاصر، وقالت  عنه شارع الثورة ، شارع الحبيب بورقيبة سابقا، واعتقدت أن ذلك يمثل تمنيا من التمنيات التي يحملها بعض التونسيين، ممن اكتووا بنار الأخطاء البورقيبية، وفي أول لقاء لي بها وبين مجموعة من المسئولين، سألتها عن الأمر، فأجابت بأن الشارع قد تغير اسمه.
وطفقت أبحث كما هي عادتي، إذ إن كل خبر في حاجة إلى تأكيد في عرفنا نحن الصحفيين، بدون ذلك لا تتوفر فيه مقومات الخبر، المتسم بالحد الأدنى من المصداقية.
غير أني لم أجد من يؤكد لي ذلك الخبر، ولم أعثر مطلقا على أي كان يستطيع أن يعلمني، متى تقرر هذا التغيير في اسم الشارع الرئيسي في تونس، والحامل لاسم واحد من أعظم الشخصيات التي عرفتها بلادنا على امتداد التاريخ، وهو ليس قصيرا فعمر الدولة التونسية يمتد على ثلاثة آلاف سنة، ويعتبر أحد كبار زعماء العالم في عصره.
ولقد بحثت على الانترنت وكل ما وجدته ، ن هو نعت لاسم الشارع بأنه شارع الثورة، باعتبار أن الثورة قد تجسمت فيه يوم 14 جانفي 2011، دون أن يستتبع ذلك تغيير رسمي في اسمه، إلا أن يكون اتخذ قرار سري لم يقع الإعلان عنه أو نشر أي خبر بصدده.
ومن هنا فهناك عدد من الأسئلة ينبغي أن ترفع بالمناسبة:
1/ هل تم تغيير في اسم شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس.؟
2/إذا كان ذلك حصل فعلا فمتى ، ومن هي الجهة التي اتخذت القرار؟
3/ ماهي الحيثيات التي اعتمدت لهذا التغيير في اسم شارع يحمل في الضمير الجمعي مرحلة في مطلق الأهمية.؟
وفي حالة ما  إذا كان الجواب إيجابيا حول الموضوع، فماذا ينتظر المجتمع المدني للتحرك، في اتجاه رفض  إرادة مسخ تاريخنا الوطني وعلاماته الدالة وطمسها؟
لنقل أننا ومع الكثيرين لم نكن من مريدي بورقيبة ، خلال فترة حكمه التي دامت أكثر من اللزوم ، ومن موقعنا الصحفي فإننا لم نترك فرصة لتبيان التجاوزات، أو للوقوف إلى جانب من تعرضوا للظلم، يشهد على ذلك الزعماء الوطنيون وخاصة منهم السيد أحمد المستيري.
ولكننا نؤكد أن بورقيبة هو رجل طبع مرحلة من مراحل تاريخ تونس، ولا أقل من أن تحمل شوارع رئيسية في مدن بلادنا اسمه، دون أن يتعرض للطمس، وكما سبق للرئيس الأسبق بن علي أن فعل ، عندما نقل تمثاله من الشارع الذي يحمل اسمه إلى حلق الوادي بعد أن بقي مدة في مسلخ تلك الضاحية.
لقد قلنا مرارا وتكرارا أن أحد أسباب تنكر الشعب المصري للإخوان ، تلك الإرادة البارزة لطمس تاريخ مصر، وإرادة قلع تماثيل زعماء مصر من الميادين، وقرار غلق دار الأوبيرا  المصرية، أقدم دار أوبيرا في العالم العربي والإسلامي والتي شهدت عرض أوبيرا عائدة في أول عرض لها في العالم بعيد منتصف القرن التاسع عشر.
فالشعوب قد تغضب في زمن معين، ولكنها لا تقبل التنكر للذين صنعوا تاريخها ، خاصة عندما يكون ملحمة حقيقية، حتى ولو شابته أخطاء.


عربيات : العرب خارج العاصفة؟؟؟

عربيات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
حال العالم العربي اليوم،،
وغدا..
تونس/ الصواب/15/02/2014
في تصريحين لوزير الخارجية الجديد المنجي الحامدي تأكيد على أن رسم السياسة الخارجية للبلاد التونسية هو من صلاحيات رئيس الدولة ، وفقا للدستور الصغير الذي تمت المصادقة عليه في بداية عمل المجلس التأسيسي قبل أكثر من عامين، لكن الوزير وهو يتبع من الناحية التراتبية رئيس الحكومة الجديد مهدي جمعة، اتخذ موقفين اثنين مناقضين "في رفق" ما سبق أن تولى ضبطه الدكتور محمد منصف المرزوقي، عندما أعلن ما مفاده أن العلاقات مع سوريا ( للفهم مع النظام السوري) هي بصدد المراجعة، وأن تمثيلا دبلوماسيا مع دمشق هو بصدد الدرس، وكان الرئيس التونسي قد أقدم على قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل حوالي العامين، ربما بسبب موقف مزاجي لتأييد ثورة هي في بداية الطريق، واعتمادا على موقف  وزير للخارجية آنذاك رفيق الذي يسمي نفسه عبد السلام، المعروفة ارتباطاته بإمارة قطر، المعروفة من جهتها بأنها كانت تتزعم تحت تأثير أمريكي  واضح، الموقف المضاد للحكم السوري القائم.
وكنا أيامها على تأييدنا للثورة السورية ، قبل أن تترى عليها جهة سلفية رجعية واضحة، قد نبهنا إلى خطإ  المسرى الذي يلجأ إلى قطع العلاقات الدبلوماسية ، باعتبار أن تلك العلاقات لا تعني لا اقترابا ولا ابتعادا عن الطرف المقابل، بل تنظيم قنوات اتصال، هدفها بالأساس رعاية المصالح الوطنية ورعاية مصالح المواطنين المتواجدين بالبلد المعني.
كما بدا أن وزير الخارجية في اختلاف حتى لا نقول في قطيعة مع توجه رئيس الجمهورية، بشأن مصر مؤكدا عدم التدخل في شؤون داخلية لبلد آخر ملحا على اعتبار علاقات الأخوة بين البلدين.
وفي كلتا الحالتين، فإن الدبلوماسية التونسية تصرفت  في الماضي من موقع مزاجي، بعيدا عن تقاليد وتجارب الخارجية التونسية، وعموما التقاليد الدبلوماسية المرعية، وصولا إلى حد  الانتهاء بتلك التصرفات الهاوية بمعنى غير الاحترافية، إلى إثارة موضوع وشأن داخلي لمصر على منبر الأمم المتحدة، من قبل رئيس الدولة ذاته.
ووزير الخارجية وحتى رئيس الحكومة ذاته، المسكونان بعقلية معقلنة rationnelle   ، والمدركان لحقيقة العمل الدبلوماسي، وطبيعة التقاليد الدبلوماسية التونسية، كانا كمن يسير على حقل بيض هش، لا ينبغي أن تنكسر منه بيضة واحدة، في علاقة بطبيعة توزيع الصلاحيات داخل سلطة تنفيذية، برأسين.
ومن هنا جاءت صعوبة وزير الخارجية، بشأن استرداد الدبلوماسية التونسية، لإشعاعها وعقلانيتها التي فقدت الكثير منها، واحترامها للتقاليد الدولية المرعية، وضرورة التحرك من موقع المصالح الوطنية، وبين نصوص دستورية ورئيس دولة متمسك بها، يعتقد أن الثورة تعطيه كل حقوق التصرف بعيدا عن التزامات الدولة وضوابطها.
من هنا يبدو أن علاقات معينة دبلوماسية أو قنصلية، ستعود بتونس إلى دمشق وربما مثلها ستعود إلى تونس، وفي الأثناء وكما هي العادة في مثل هذه الأحوال فلعل السفارة الجزائرية في بيروت بعد احتمال انسحاب من دمشق، ستتولى رعاية المصالح التونسية، المتمثلة خاصة في جالية مهمة إلى حد ما ، ومساجين ممن وقع التغرير بهم، فذهبوا إلى الدولة الشقيقة لمحاربة حكومتها، وكأن الثورة ليست شأنا سوريا موكول للمواطنين السوريين قبل غيرهم.
**
هذان الأمرإن أخذ يتبين أنهما ليسا هما تونسيا فقط، بل هما عربيا في عمومه، وأنهما باتا يشقان العالم العربي ومؤسساته.
وإذ يبدو واضحا أن سوريا  لم تعد مرشحة للسقوط بأيدي"ّالثوار" بعد أن تحولت الثورة من صبغتها السلمية، كما كان الشأن في تونس و مصر، عند المنطلق، إلى أعمال عسكرية، بدأت بانشقاق عسكري منطلقاته سياسية اجتماعية ، وانتقلت إلى حرب عقائدية تستبطن جهات سلفية مرتبطة بما يجري في العراق، وتقوم على مواجهة سنية شيعية ، عميقة الجذور، من جهة ومواجهة دينية متطرفة وعلمانية إلى حد ما من جهة أخرى، أدخلت في المعادلة أطرافا خارجية باتت جزء من المواجهة، من شيعة متمثلة في نظام سوري علوي نصيري شيعي ونظام شيعي جعفري إيراني امتداده في لبنان عبر حزب الله، يدعم الحكم القائم في دمشق ويمده بالسلاح والعتاد والرجال، ومن جهات سنية تقف وراءها السعودية ودول عديدة من الخليج، و"متطوعين" من مختلف الأقطار العربية بما فيها تونس، بحيث أصبح الوضع السوري معقدا وبات أشبه بوكر للدبابير أو خلية نحل لا وضوح فيها، وهو غير مرشح لحل قريب، خاصة وأن له خلفيات تتجاوز سوريا والعالم العربي إلى توازنات إقليمية ودولية واضحة.
والولايات المتحدة نفسها تقف اليوم في موقف المحرج، فهي تتمنى مغادرة نظام الأسد، ولكنها لا تريد إرساء قواعد نظام  يكون ديني متطرف أو معاد بالكامل لإسرائيل، وهي مدركة أن نظام الأسد كان تعبيرا عن معاداة معلنة للدولة العبرية، ولكنه كان في نفس الوقت مهادنا لها، إذ لم يسبق له القيام بأي تحرك  تجاهها عبر حدوده منذ 1973 فيما سمي بحرب تشرين أكتوبر.
وسوريا اليوم تتجاذبها عدة توجهات دولية، روسيا والصين التي تسعى للحفاظ على نظام مرفوض داخليا من أغلبية السوريين، والولايات المتحدة وأوروبا التي تتمنى إنهاء النظام الأسدي، ولكن بشرط قيام نظام جديد يكون مدنيا بعد التجربة الأمريكية الفاشلة مع الإسلاميين في مصر وتونس، فيما القوة الحقيقية اليوم في الداخل السوري هي القوى الدينية المتطرفة، والتي تزيد خشية أمريكا منها ومن تطرفها اللفظي تجاه إسرائيل.
**
غير أن المعضلة الأكبر تبدو تلك القائمة في مصر، فالولايات المتحدة بالذات،  وحليفاتها وبعد تمرد 30 جوان 2013  الذي جمع الملايين ضد حكم الإخوان المسلمين ، وهو تمرد معترف به في النصوص الدولية وخاصة توطئة العهد الدولي لحقوق الإنسان ، وما تبعه من تولي الجيش طرد الحكم الإخواني، والإيحاء بقيام حكم مدني، ، الولايات المتحدة وحليفاتها لم تتجرأ على مواجهة الحكم الجديد في مصر ، فمصر رقم لا بد من وضع حساب ثقيل  له في الموازين الإقليمية والدولية، ومع التنديد بحمامات الدم للحكم الجديد ، وللإخوان كلاهما  ، وبعد التنديد بوضع زعامات سياسية إخوانية وليس من الصف الأول فقط، وغلق أصوات الجهات الإخوانية ، لم تقدم لا على وقف المعونات والهبات ولا على الحد من القروض الحكومية والمؤسساتية الدولية لمصر، بعكس ما حصل مع الحكم الإخواني في تونس حيث تم تجفيف المنابع المالية ، حتى مغادرة النهضة للسلطة، واستئناف المدد بعد ذلك، ليستمر تدفق القروض بعد تشكيل حكومة المهدي جمعة.
لم تعرف الجهات الغربية ، كيف تتعامل مع العهد المصري الجديد، بعد إقالة رئيس منتخب، ووضعه هو وزعامات حزبه وحتى مجرد أنصار ومنضوين في السجون ، خصوصا وأن الحكم المصري الجديد قد تلقى مساعدات كاسحة من الثلاثي السعودية/الإمارات / الكويت على خلفيات عدة، بعضها يعود إلى أكثر من 20 سنة، عندما وقف الإخوان في مصر وتونس والأردن والسودان وغيرها مؤيدين لاحتلال صدام للكويت، واستمرارا لما اكتشف من محاولة انقلاب إماراتية في أبي ظبي اتهم إخوان مصر بأنهم كانوا وراءها، ما كان يرد به تغيير المعادلة الخليجية.
إن مصر تعتبر رقما مهما في الإقليم سواء العربي أو الإفريقي ، وبالتالي فإن الموقف الغربي أمريكيا وأوروبيا لا يمكن إلا أن يكون معتدلا إزاء مصر وحكمها، حتى بتجاوزاته، وهم لا ينسون أن مصر مرتبطة بمعاهدة كامب ديفيد، وهي معاهدة لم يتنكر لها كل من حكموا مصر بعد ثورة 25 جانفي 2011 ، ولا حتى الإخوان المسلمين، الذين وجدوا في تحالفات للأقرب منهم أي حماس في غزة، ولكن مع اليد الممدودة لإسرائيل والالتزامات تجاهها.
غير أن مصر، وبعد أن وقفت أوروبا وأمريكا موقفا نقديا منها، وبعد تنديدات منظمات حقوق الإنسان بما حصل فيها، وهو بكل المقاييس خطير، انتهت  تلك الجهات الغربية إلى الاكتفاء بالمطالبة بتشريك الإخوان المسلمين في المسار الانتخابي المقبل الرئاسي والبرلماني، ما يعني من طرف خفي غير معلن، بإطلاق سراح زعاماتهم مقابل اعتراف غير مشروط بالمسارين، غير أن مصر إذن اختارت بعد التزام مع أمريكا منذ عهد السادات وطرد الخبراء السوفيات من بلادها في حركة دراماتيكية، اختارت إذن التموقع بين بين، فأعادت علاقة قوية مع روسيا "بوتين"، الداعمة لكل ما يؤدي إلى تخفيف التبعية للولايات المتحدة، وكانت المناسبة عقد صفقة تسليح روسية كبرى وصفت بصفقة القرن بتمويل من الإمارات، وهي بهذه الصفة أي مصر اليوم تحاول أن تقيم توازنا بين روسيا وأمريكا، بحيث إن أمريكا لا تستطيع أن تتخلى عنها، فيما تربح روسيا صديقا مهما على الساحة الإقليمية الشرق الأوسطية، يعيد إليها مدخلا استراتيجيا مهما في منطقة فقدت فيها الكثير من أوراقها، وتشهد فيها ورقتها الأخيرة سوريا أحداثا جساما.
ومصر السيسي تعرف جيدا، أن روسيا ، لم يعد لها الوزن الذي كان لها أيام الحرب الباردة، إلا أنها تعرف أيضا أن روسيا مع الصين المضمونة منذ زمن، يمكن إن لم تحقق التوازن الكامل فإنها تجعل منها، "حليفا" لا يمكن الاستغناء عنه أو غمطه وعدم وضعه في الاعتبار ، كقوة إقليمية جيدة التسليح، وبأسلحة روسية دفاعية، ولكن هجومية أيضا لا تتوفر لها من المخزون الأمريكي ، الذي يمنع تسليحا معينا عن العرب تمتلكه إسرائيل.
مصر السيسي الذي يعتقد الخبراء أنه سيكون الرئيس المقبل، بانتخابات يراد لها أن تكون شفافة، فمصر مثل روسيا مع بوتين ، تتحرق إلى زعيم يعيد لها وزنها المفقود، الذي  ربما وجدته في هذا العسكري الذي يذكر بعبد الناصر، مثلما يذكر بوتين بزعماء سوفيتيين كبار أيام العز .
وبالمحصلة فإن مصر بعد 30 يونيو و3 يوليو قد استعادت موقعها العربي، فقد ضمنت لجانبها كلا من المغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا والسعودية والإمارات والكويت وإلى حد ما  الأردن، فيما إن مواقفها الجديدة مما يحدث في سوريا يعيد إليها سوريا ولبنان  وإلى حد ما العراق الرسمي.
ولا يبقى في الموقف المعاكس للحكم الجديد سوى قطر وتونس التي تبدو وكأنها تراجع توجهاتها السابقة.
أما معركة مصر الدبلوماسية المقبلة فهي إفريقيا، التي أطردتها من مؤسساتها القارية، والتي تسعى اليوم لاسترجاع موقعها فيها بتأييد حثيث من الصين، خصوصا، وأن سد النهضة الأثيوبي ، يتهددها في حصتها من مياه النيل، وهو سد قد يتسبب في حرب قادمة، يكون طرفاها القاهرة وأديس أبابا .
عندها سيرى العالم الموقف الأمريكي وهل سيكون مساندا للحبشة أو لمصر؟


الاثنين، 10 فبراير 2014

اعتذار بعد قرصنة حسابي

إلى السادة والسيدات الأصدقاء والصديقات
 تحية وبعد فلقد تم تنبيهي أكثر من مرة خلال الأسبوع المنقضي إلى وجود رسائل وصور، شاهدت بعضها ولم أشاهد الآخر منها.
وقد استغربت أيما استغراب صورة لسيدة محترمة مع تعليق غير لائق ، ومخالف لما التزمته طيلة حياتي من احترام الاخرين وتشبث بما تمليه الأخلاق الصحفية   وذلك مهما كان خلافي معهم كبيرا  وسواء كان سياسيا أو عقائديا، وهو ما عرف عني بالمطلق.
واعتبارا لقلة خبرتي مع التعامل بالكومبيوتر والانترنت فإني لم أفهم حقيقة ما يجري وزادت ما لاحظته من غياب مدونتي من الصفحة بعد لحظات من وضعها، وقد تكرر ذلك خلال الأسبوع المنقضي عديد المرات.
ولقد استشرت قريبا عارفا بمجاهل التعامل مع الكومبيوتر، فما كان منه إلا أن أكد لي أن حسابي قد وقعت قرصنته، وكنت لحد الآن أن ذلك يمكن أن يجري مع الآخرين دون أن أتعرض أنا إليه، ولكن خاب فألي فأنا لست أفضل ولا أكثر حصانة من الناس.
لذلك وإذ أرجو أن يكون الأمر قد استقام وزالت عني الغمة ، بعد أن تم التفطن إلى عنوان القرصنة وهو: fouratiab@ffallagha.com
وإني إذ أعتذر عما كان صدر باسمي ولم يكن لي فيه يد، فإني أرجو مخلصا أولا قبول اعتذاري من جهة ، كما أتمنى أن لا أتعرض مرة أخرى لمغامرة تسيء لأي كان دون لا رغبة ولا إرادة مني .
ولا حول ولا قوة إلا بالله.



بكل هدوء: الارهاب أحد أسبابه التغيير الكاسح للعمد

بكل هدوء
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
العين اليقظة
تونس/ الصواب/10/02/2014
قال لي وهو الوالي السابق، إن استشراء ظاهرة الإرهاب في تونس، ليست وليدة الصدفة، ولكنها أمر جاء في أعقاب سلسلة من الفرارات الخاطئة،  التي لم يتفطن أحد إلى أبعادها.
سألته: وما هي هذه الأخطاء؟
أجابني بثقة من يعرف عما يتحدث:
تغيير الولاة والبحث عن أهل الثقة( يعني الولاء) وليس الكفاءة، مر وإن كان غير مقبول، وتعيين المعتدين الجدد من الموالين، كان مقبولا ولو عن مضض، أما تغيير كل العمد ومشائخ التراب، في الأقاصي والأداني، فإنه كان غلطة فادحة، تدفع البلاد اليوم وبالسرعة البرقية ثمنها.
عدت للسؤال: وكيف،؟ وكنت أشك في أن يكون للعمد هذه الأهمية.
أجابني بسرعة وثقة كاملة في ما يقول:
العمدة وشيخ التراب، كانا يمثلان العين الساهرة ، وكان كل منهما لا تنام عينه على ما يطرأ  من تطورات، في السكان ومن هم ، وفي السلوكات وكيف تتغير، ويتم الإبلاغ سريعا، فتتحرك آلة الشك والبحث.
وكثيرا ما استعملت في غير محلها، ولكنها كانت صورة فوتوغرافية آنية، عن كل المتغيرات.
سألت وأنا غافل، وما العلاقة بما نتحدث عنه.؟
قال لي: العمدة كان يعرف سكان الحي وسكان القرية فردا فردا، دون أن يعرفوه في الغالب إلا من احتاج منهم إلى وثيقة، وبالتالي فإن كل ما يطرأ، سريعا ما يتم التقاطه، وسريعا ما يطرح على آلة البحث والتمحيص، ومن هنا لا يمكن أن يطرأ على حي رواد، طارئ دون أن يقع التفطن إليه والتبليغ عنه، كان خباز الحي وإذا تضاعف عدد الأرغفة التي يشتريها شخص يخبر عن ذلك، وإذا تكررت زيارات معينة يبلغه الخبر، فهو يعرف الجميع، وبالتالي كانت كل الأعين لا تنام عن الطارئ عن الحي أو القرية.
تذكرت  مرة ذهبت فيها إلى ألمانيا، وكنت حملت كما عادتنا نحن التونسيون "قضيات" كلفتني بها العائلة، ركبت تاكسي وذهبت للقريب، ونزلت أمام الباب وبعد الجرس انتظرت مدة ، وكان سائق التاكسي في انتظاري للعودة بي، لما انفتح الباب كان في مواجهتي شخص ألماني لم أستطع التفاهم معه، ولكني أدركت أن قريبي قد غادر ذلك البيت، عدت للتاكسي ، وبكلمة من هنا وإشارة من هنا، فهمت أن علي أن أذهب إلى مركز الشرطة، وفعلا أخذني للمركز، أعطيتهم اسم القريب وعنوانه، وفي دقيقة أشاروا لي بعنوانه الجديد، ذلك أن لا أحد يغير مسكنه دون أن يعلم الشرطة في ظرف يومين أو ثلاثة ويمكن الأمن من عنوانه الجديد وإلا يعرض نفسه إلى أعلى الخطايا، وفعلا ذهبت إلى قريبي ووجدت بيته.
هنا كان العمدة الكفيل بالارشاد، ولكن قررت النهضة تغيير العمد  كل العمد ، فباتت السلطة عمياء صماء، وانفتح الباب على مصراعيه، لأن يتنقل الناس ويتجولوا دون أن يتفطن لهم أحد.
عن قصد أو جهل، هذا أحد تفسيرات(هناك غيرها) لبقاء إرهابيين لمدة تقارب 3 أشهر في ضاحية رواد، دون أن يهتم بهم أحد.


الموقف السياسي : من سيحكم البلاد بعد عام 2014

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
تونس قبل الانتخابات
تونس / الصواب /10/02/2014
ما زالت الجهات المعنية، لم تعين موعد الانتخابات المقبلة، وما إذا كانت ستجري في وقت متزامن بين انتخابات رئاسية، وأخرى تشريعية، فيما لا حديث عن الانتخابات المحلية.
وينقسم الأمر بين المجلس التأسيسي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فالمجلس هو الذي سيصوغ القانون الانتخابي الذي بدونه لا يمكن للهيئة أن تعين من جهتها الموعد ، وكل تأخير عن ضبط القانون الانتخابي ، من شأنه أن يؤجل تحديد موعد الانتخابات.
فالقانون الانتخابي سيحدد ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية ستجري بصورة متزامنة أو لا، وهو الذي سيحدد أيضا طبيعة نظام الاقتراع، وهل سيكون بالتصويت على القائمات بالنسبية مع اعتماد أعلى البقايا، أو بالتصويت الفردي في الدوائر الصغيرة، والاتجاه الغالب اليوم هو اعتماد طريقة التصويت التي اعتمدت في انتخابات 23 أكتوبر 2011، رغم ما تفرضه من تشتت.
ومما لا شك فيه أن أغلب الأنظمة القائمة على الصلاحيات المختلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، افترضت تقديم الانتخابات الرئاسية على الانتخابات التشريعية. وإن كان الفصل بينهما مكلفا من الناحية المالية.
وإذ لا تثير مسالة التزامن مشكلا لا في الأنظمة الرئاسية ولا في الأنظمة البرلمانية، فقد درجت الأنظمة المشتركة على تقديم الرئاسية، وكانت فرنسا هي آخر من التجأ إلى هذه الطريقة.
**
لعله وجب اليوم  الإسراع بالانتهاء من ضبط القانون الانتخابي حتى تتمكن هيئة شفيق صرصار من البدء العملي في مهامها، وإذ ساعدت جهات خاصة أوروبية – غربية بالمال والخبرة الهيئة السابقة لكمال الجندوبي، فلعل نفس الجهات ستعمد للمساعدة هنا أيضا تثبيتا ودعما للمسار الديمقراطي، والانتخابات تعتبر حقا عمودا من أعمدته الرئيسية.
و قبل أن تتضح الصورة بشكل جلي، فإن الحملة الانتخابية قد بدأت بأشكال أكثر أو أقل إعلانا، وأخذت أيضا التحالفات الانتخابية تشهد بوادرها.
وإذ ما زالت النهضة، لم تركب علنيا حصان حملتها الانتخابية بصورة معلنة، فإن جهات أخرى بدا يظهر عليها الاستعجال المعلن، ومنها التكتل الذي أخذ يتقارب مع التحالف الديمقراطي، والمؤتمر الذي بدأ يلملم صفوفه مع الأحزاب التي انبثقت من رحمه، والتي لم تعرف طريقها بعد، وما إذا ستكون مع النهضة ، أو مع منصف المرزوقي، فحزب الرئيس نفسه لم يستطع أن يقف على رجليه، وقيادته العليا تبدو ملتصقة أشد الالتصاق بالنهضة، هي وحزب وفاء، فيما جهات أخرى ستبقى وفية لخط الحزب كما تصوره المرزوقي قبل أكثر من 10 سنوات عند التأسيس.
ويبقى حزب حركة نداء تونس الذي يبدو وكأنه يريد أن يعانق أطرافا عدة قد يحتاجها للاقتراب من الأغلبية المطلقة بدون اللجوء لا للتكتل (الخصومة شديدة بين بن جعفر والباجي منذ أن ترك الأخير مجموعته وترشح على قائمات الحزب الاشتراكي الدستوري سنة 1981) ولا المؤتمر الذي لا يبدو أنه يحمل في قلبه لا الباجي ولا حزبه ، نداء تونس، وهو يرى فيه الحزب الذي نزع عنه صفة الوصيف الحزب الثاني أهمية وفق نتائج انتخابات 2011.
هل يكون حزب نداء تونس حزبا قويا على المدى الطويل أم أنه فقاعة لن تلبث أن تنفجر.
الاعتقاد السائد أن حزب نداء تونس، يعتمد في قوته، على رغبة عميقة في خلق توازن سياسي في البلاد، بعد أن أبرزت انتخابات 2011، استقطابا انفراديا لحزب حركة النهضة، ومن هنا يظن قادته أنهم يتخذون وضعا لازما لتوازن بين نمطين مجتمعيين:
1/ نمط مجتمعي تمثله النهضة، وهو نمط ماضوي يقوم على خلفية دينية.
2/ مجتمع يمثله نداء تونس ، وهو نمط حداثي، يستمد جذوره من كل فترة النهضة الحقيقية، التي قامت في تونس منذ ما قبل منتصف القرن التاسع عشر، وأعطاها بورقيبة دفعا قويا ، ويقول البعض إنه استغلها أحسن استغلال.
وإذ بدا أن دفاع التكتل والمؤتمر وهما في السلطة والائتلاف عن النمط المجتمعي  كان محتشما خلال العامين الأخيرين، إن لم يكن منعدما ، وإذ بدا أن الأحزاب اليسارية لم يكن لها وزن  يذكر في الدفاع عن نمط المجتمع الحداثي أمام هجمة النهضة والسلفية، فإن الكثيرين، يعتقدون عن حق أو باطل أن نداء تونس، هو القادر سواء عن حق أو باطل في تشكيل سد منيع أمام النمط المجتمعي الذي تبشر به النهضة، وأجزاء من المؤتمر أو من أذنابه.
من هنا يعتقد الكثيرون أن انفجار الأهمية الكبرى للنداء تأتي ، رغم تناقضاته الداخلية، من قدرته المفترضة، عن مكتسبات مجتمعية حداثية.
ولقد أخذ البعض من السياسيين والمنظرين  يفسرون التسمية التي اعتمدها، عن وعي أو بالصدفة من أنه استجابة لنداء قسم هام من المجتمع ، ليس مستعدا عن التصور المجتمعي ، الذي فرضته عشرات السنين من مظاهر النهضة التي تزامنت مع ما حصل في مصر وتركيا والشام.
**
كيف تتبدى الصورة السياسية اليوم وما هي مظاهرها؟
أولا وبالنسبة للانتخابات الرئاسية، وإذا لم يحصل حدث كبير في البلاد، فإن الباجي قائد السبسي ، سيزيح كل المرشحين للرئاسة، من أمامه ، وسيتمكن من اقتحام قصر قرطاج، كفاتح عظيم، ما يمكنه من دخول التاريخ كرئيس للبلاد، وبانتخابات تعددية، بعد بورقيبة وبن علي والمبزع ومنصف المرزوقي، وسيحاول أن يمحي صورة الرئيس الذي سبقه والذي لا يكاد يعترف برئاسته ودورها إلا بالكاد.
ثانيا وبالنسبة للحكومة فإن هناك سيناريوهات عديدة محتملة:
أولها سيناريو  انتصار نسبي للنهضة في الانتخابات التشريعية المقبلة، وبالتالي دعوتها لتشكيل الحكومة مع ائتلاف ليس واضحا كيف سيتشكل، وبهذه الطريقة فإنه يكون هناك تعايش بين رئاسة من اتجاه وحكومة من اتجاه آخر في حالة ما إذا كان السبسي هو رئيس الجمهورية.
ثانيها انتصار نسبي لنداء تونس بحيث يدعو رئيس الجمهورية إن كان هو السبسي لتشكيل حكومة من حزبه وبائتلاف لم تتضح ملامحه  أي إن السلطة التنفيذية ستكون كلها بيد واحدة أو تكاد.
ثالثها أن يكون انتصار نداء تونس أو النهضة غير محدد للقدرة على تشكيل حكومة مهما كانت الائتلافات المختلفة.
وفي هذه الحالة هل سنصل إلى وضع يقوم فيه تحالف واسع بين النهضة والنداء، ربما يجمع أطراف أخرى من الآفاق كلها، وحينها يمكن للمرء أن يتساءل عن كيفية التعايش المحتملة في هذه الحالة، بقطبين كبيرين، وخاصة بالنسبة لنمط المجتمع.
**
في الأثناء أخذت النهضة تعد العدة لخوض الانتخابات المقبلة والصورة غير واضحة، وهي بما عينته من ولاة ومعتمدين وإداريين، ومن روابط حماية الثورة ومن ميليشيات وجمعيات تابعة  كفيلة بأن تقوم بتعبئة غير مسبوقة تمكنها من النجاح المطلق رغم حياد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ومن جهتها بقية الأحزاب شرعت في التحضير لانتخابات مقبلة غاية في الأهمية، لأنها ستكيف المستقبل، وقد تكون بلا رجعة.
وفي نداء تونس يتم الاستعداد حثيثا، ويعتقد القياديون أو يوحون بأن المستقبل لهم،
ومن هنا أخذوا يعدون العدة لفترة ما بعد 2014، فتعيين محمد الناصر نائبا لرئيس الحزب يجعل نداء تونس يضع نفسه على قاعدة الانطلاق، للمرحلة المقبلة،
وفي التصور فإن السبسي ينبغي له بعد انتخابه رئيسا أن يغادر رئاسة الحزب.
هذه الرئاسة(رئاسة الحزب) سيتولاها وقتها محمد الناصر، الذي كان عازفا قبل شهر أو شهرين عن أي انتماء حزبي.
من سيكون رئيس الحكومة إذا آلت الحكومة لنداء تونس إذا ما جاء الأول كما توحي به عمليات سبر الآراء .
المقربون من النداء يذكرون أن الطيب البكوش سيكون المرشح لرئاسة الحكومة في هذه الحالة، أو وفي حالة ائتلاف مع النهضة أو غيرها فإنه سيكون رئيس الفريق الحكومي المنبثق من نداء تونس، وسيكون في هذه الحالة فريقا فاعلا ، مؤثرا ، له كلمته لا كما كان الفريق الذي انبثق عن التكتل والائتلاف الذي كان يساوي لا أكثر من صفر إلى اليسار مع وزراء النهضة وحكومتها واقعا.
وقائمة القياديين الثلاثين المعلنة، تبرز أنهم أو جانب منهم سيكونون الوزراء في أي حكومة مقبلة مهما كانت.
ومهما كانت النتائج وفي حالة فوز السبسي بالرئاسة، فإن نداء تونس لن يكتفي لا بالمقاعد الجانبية ولا بالتأثير المحدود.