بكل هدوء
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
هل جاء وقت
مجابهة الفوضى وقطع الطرق والاعتصامات؟
تونس/ الصواب
24/02/2014
اتخذ رئيس
الحكومة الأسبوع الماضي قرارا بالتسخير،
في شان 114 من موظفي الديوان الوطني للإرسال، الذي يؤمن بث التلفزيونات والإذاعات
ضمن غيرها من النشطة التي تضمن التواصل، وبقطع النظر عن مدى نجاعة هذا القرار فإن للمرء أن يتوقف عند أمرين
اثنين:
أولهما أن
الإضراب المقرر في الديوان، خاضع في قراره لمركزية إسماعيل السحباني ، وللمرء أن
يتساءل ، هل إن الحكومة كانت لتجرأ على
اتخاذ مثل هذا القرار ، إزاء إضراب مقرر من الإتحاد العام التونسي للشغل، وهو قرار
أي التسخير يخضع الذين لا يطبقونه لعقوبات ثقيلة قد تصل للسجن.
ثانيهما أنه
لا يهم مؤسسة تقوم على أعداد كبيرة من العاملين المقررين الإضراب وبالتالي، فإن
ثقلهم في الحياة الاجتماعية ليس كبيرا ولا ثقيلا.
و بالتالي فإن تنفيذ القرار لا يمكن أن يحرج
الحكومة أو يجعلها في مواجهة تحرك نقابي واسع.
و من نافلة
القول أن حق الإضراب ضمنه دستور 1959، كما ضمنه دستور2014، وقلما يتم اللجوء
للتسخير، لكسره، ولكن التسخير موجود في كل البلدان الديمقراطية، ويستخدم بحذر، أو
تستخدم وسائل أخرى ربما أمضى منه أثرا.
ففي الولايات
المتحدة استخدم الرئيس السابق ريغن الجيش ، للاستدارة على إضراب شامل لمراقبي
السماء الذي كان يستهدف حركة الطيران، ونجح في أمرين اثنين، كسر الإضراب وكسر شوكة
النقابة القوية لمسئولي تحيك الطائرات.
أما في تونس
فقد استخدم السيد الهادي نويرة أكثر من مرة لكسر إضرابات في قطاعات اعتبرت حيوية،
في إطار لي الذراع بين الحكومة واتحاد الشغل بقيادة الحبيب عاشور ، قبل أن يوضع في
السجن، لأسباب أخرى في سنة 1978.
ولعل هذا
القرار على محدوديته يبشر بتوجه حكومي جديد تدشنه حكومة مهدي جمعة ، لإعادة هيبة
الدولة وإنهاء "تشليكها"، ومن الطبيعي أن حكومة ليست مرتبطة بمواعيد
انتخابية تكون أكثر شجاعة في مواجهة الناس، من حكومة تنتظرها مواعيد انتخابية، لا
تريد أن تواجهها بقرارات قد تكون غير شعبية.
وليست كل
الحكومات في شجاعة الحكومة الألمانية تحت شرويدر، الذي اتخذ قرارات لا شعبية رغم
معرفته المسبقة، بأنها ستكون قاضية على آماله الانتخابية، معلنا وقتها أن مصلحة
البلاد متقدمة على المصلحة العاجلة لحزبه، وكان أن وجدت ألمانيا نفسها في حالة من الرخاء غير مسبوقة بسبب قرارات
شرويدر غير الشعبية.
وإذ مالأت
حكومات النهضة في اتخاذ القرارات الصعبة، ومواجهة حالة التسيب والفوضى، فإن الثمن
كان فادحا، وتمثل في أن حكومة العريض غادرت السلطة وتركت البلاد على حافة إفلاس.
ولعل المطلوب
اليوم من حكومة جمعة هو أن تأخذ الأمور بحزم، فتقف ضد الاعتصامات والإضرابات
العشوائية، وتوقف السباق لزيادات في الأجور جعلت العاملين في القطاع الخاص وكان
الأكثر سخاء، يحسدون زملاءهم في القطاع الحكومي على مرتبات عالية تفوق مرتبات
القطاع الخاص في كثير من الأحيان، وتثقل كاهل ميزانية الدولة إلى حدود العجز، فيما
إن العاملين في القطاع الخاص أكثر وعيا بحدود إمكانيات المؤسسات المهددة بالإفلاس
وغلق البواب إن لم تقم توازنا دقيقا بين نفقاتها وإيراداتها.
ومن هنا جاء
العجز الفادح في ميزانية الدولة التي زادت نفقاتها التأجيرية بأكثر من 50 في
المائة في ظرف عامين أو ثلاثة.
من هنا يصبح
منتظرا وبإلحاح من حكومة غير مرتبطة بأجندات انتخابية ، أن تأخذ الثور من قرونه،
وأن تعيد الحد الأدنى من الانضباط لبلد فقد توازنه ومنطقه، تجاه استقالة حكومات
السبسي والجبالي والعريض، وأدخلت البلاد في متاهات ستزن بعبئها الثقيل على مسيرة
البلاد لمدة سنوات.
وقد جاء
الوقت وعلى غرار التسخير الأخير، لوقف موجة الإضرابات العشوائية، والاعتصامات ،
وخاصة قطع الطرقات الذي يعاقب عليه القانون بأشد العقوبات، ورفض اتخاذ بلد كامل
كرهينة لمطالبات اجتماعية ليست هناك عصا سحرية للاستجابة إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق