Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 3 فبراير 2014

بكل هدوء: كيف سيكون المستقبل بع الدستور وتشكيل الحكومة

بكل هدوء
يكتبها عب اللطيف الفراتي
الدستور جاهز
والحكومة تشكلت
فماذا بعد؟
تونس/الصواب/03/02/2014
يوم 10 فيفري الجاري يتم نشر الدستور التونسي الجديد في الرائد الرسمي، وبمقتضى نصه فإنه يدخل فورا مرحلة التطبيق، ويصبح نافذا، ويتم إتباع الخطوات التي جاءت بها الأحكام الانتقالية.
ومنذ الأسبوع الماضي تشكلت حكومة جديدة، من " أصحاب الكفاءات، ومن المستقلين"، يؤمل، أن لا تسقط في الأخطاء الفادحة وفي الهواية، وعدم معرفة ما تعني الدولة كما كان الأمر مع سابقتها.
فما هي الخطوات الموالية لذلك.؟
هناك خطوتان رئيسيتان: خطوة منوطة بعهدة الحكومة الجديدة، يمكن تلخيصها، في محاولة تقويم الأضرار التي أصابت الدولة التونسية في العامين الأخيرين، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي الأمني.
والثانية منوطة بعهدة المجلس التأسيسي للفترة الباقية من صلاحياته، التي تبدو محدودة زمنا ومهمات.
فالحكومة الجديدة ، ورثت حالة اقتصادية كارثية، للدرجة التي أفقدت الفاعلين الداخليين والخارجيين الثقة في تونس، فانحسر الاستثمار وتراجع إنتاج فرص العمل الحقيقية( لا يستطيع المرء أن يتحدث عن فرص عمل اصطناعية، اشتد حديث عبد الوهاب معطر عنها، واعتبرها إنجازات وما هي كذلك، بل للحقيقة أصفاد في رجل الاقتصاد الحقيقي)، وهي أي الحكومة الجديدة بالثقة المستعادة يمكنها البدء في تجاوزها أي تجاوز تلك الكارثة، ونقول قصدا البدء لأن عشرة أشهر هي مدة قصيرة جدا للفعل، بعد الضرر الذي تركته الحكومتان السابقتان،  كما ورثت حكومة المهدي جمعة  وضعا أمنيا منخرما في أحسن حالات التوصيف، وهو إذ يتم الترويج بأنه تحسن، فإن الواقع هو أنه باق على مخاطره المحدقة، وهو وضع ناتج عن تساهل حتى لا نقول تشجيع لفترة ما للفئات الارهابية سواء من طرف الشيخ راشد الغنوشي أو من طرف الرئيس منصف المرزوقي أو الحكومة ككل( غزوة السفارة الأمريكية الاغتيالات الأربعة للمدنيين، الرش في سليانة ، غزوة اتحاد الشغل،  ترك الحبل على الغارب للجهات الإرهابية مما أنتج أحداث الشعانبي وبئ وبن عون  وغيرها).
هذه الحكومة عليها مواجهة وضع منفلت، في ظل مناخ من التسيب ، جعلت حكومة النهضة لا تواجهه ، بتعلات انتخابية غير معلنة. فالإضرابات المنفلتة والإعتصامات القاتلة، وقطع الطرقات، لا تليق بدولة أي دولة، ولا تدل على ضعف الدولة بل السلطة الحاكمة تتحمل مسؤوليتها وتبعاتها.
أما المجلس الوطني التأسيسي فمنوطة بعهدته جملة من التشريعات التي ينبغي له، أن ينكب عليها، وفي مقدمتها القانون الانتخابي، ولعله قد انتهى وقت الحديث عن قانون تحصين الثورة ، الذي يبدو أنه ركن على الرف ، وسيستعمل فقط كغول للتخويف وخاصة بعد ما أعلنه الشيخ راشد الغنوشي من أن أمره قد انتهى.
**
لعل القانون الانتخابي سيكون هو الفاصل في إبراز الإرادة الحقيقية في فرض الديمقراطية، وفي بلد مثل بلادنا أصيب بحمى التشتت الحزبي (171 حزبا وفقا لما قيل لنا في آخر إحصائية) فإننا لا نقف فقط أمام طريقة اقتراع ينبغي للمجلس أن يتفق عليها) بل تنبغي حماية المسار من التشتت الذي جعل 1.5  مليون صوت ناخب في الانتخابات الأخيرة لا تجد ترجمة على مقاعد المجلس التأسيسي.
ومن هنا ينبغي أن تحاط كل العملية بمجموعة من الاحتياطات التي لا مفر منها.
أولا : ضرورة اعتماد كل مترشح على أعداد من المزكين أي على تزكية، تستطيع أن تفصل بين الترشحات الجدية ، وتلك الفولكلورية، ولقد رأينا في الانتخابات الماضية قائمات لا تحرز وفي أحسن الأحوال إلا على بضع عشرات الأصوات من بين عشرات آلاف الأصوات الصحيحة.
ومن هنا وجب أن يتعزز موقف المترشح بعدد من توقيعات التزكية لا ينبغي أن تنزل عن 500 وربما ألفا في الدوائر الكبيرة، وهو ما يتطلب جهدا من ناحية، وما يتطلب إثباتا بأن الترشح ليس فولكلوريا بلا معنى.
ثانيا : ضمانا ماليا ولو بسيطا ليس لاستبعاد من لا يملك المال، ولكن لاستبعاد من يدخل الانتخابات بدون رصيد، والمقدار البسيط ، يمكن للمرشح أن يجمعه من مريديه.
ثالثا: الجدية في استرجاع المبلغ التي توفرها الدولة للحملة الانتخابية في حالة عدم الحصول على 3 في المائة من الأصوات في الدائرة، فالكثيرون يعولون على عدم المحاسبة للاقدام على ترشحات ما أنزل الله بها من سلطان.
ومن هنا يمكن تحديد القائمات المترشحة بالصورة التي تمكن من التعبير عن التصويت بمقاعد في المجلس النيابي المقبل، دون ذلك يخشى أن يقع تزييف التصويت "بطريقة قانونية".
**
وعندما نصل إلى طريقة الانتخاب، فذلك هو المشكل الحقيقي.
فالطريقة التي تم استعمالها أي بالنسبية مع اعتماد أعلى البقايا، أظهرت صدقيتها، فالفارق بين عدد أصوات الناخبين وعدد المقاعد المحرزة لم يكن كبيرا، ولعله لا توجد طريقة اقتراع تمكن من إيجاد النسبة في النجاح بالمقاعد مساوية للنسبة المحرز عليها في أصوات الناخبين.
وهناك الكثيرون اليوم من يقترح اعتماد طريقة التصويت الفردي في الدوائر الصغيرة:
Le scrutin uninominal ، وهي الطريقة المتبعة في غالب البلدان، غير أن هذه الطريقة تعتمد وجوبا وغالبا على التصويت في دورتين وهي جد مكلفة، ولما لم تكن جربت في بلادنا فلعلها تفضي إلى كوارث ،  ولعل للجهات المختصة ( لا نقصد الحكومية) أن تقوم بعمليات سيناريو للاحتمالات المختلفة ، بالاعتماد على عمليات سبر الآراء وفي كل الدوائر ( بين 250 و300 دائرة).
**
ونصل أخيرا وفي انتظار ذلك إلى ماذا يمكن أن يحصل في أعلى مستويات السلطة، وإن كان قد تم في الدستور الجديد "تقصيب" أجنحة رئيس الدولة ، بالقياس لما كانت عليه قبل الثورة من صلاحيات مطلقة.
وفي كل الأحوال نجد أن منصب رئيس الدولة، وإن لم يكن تشريفاتيا، وأكثر صلاحيات مما كان عليه الأمر في الدستور الصغير ، فإنه يبدو مطلوبا ، لرمزيته العالية.
ولعل الصلاحيات القليلة (الخارجية والدفاع والأمن)التي يتمتع بها بنوع من الشراكة مع رئيس الحكومة لا يمكن لأحد أن يحدد مداها، يمكن أن يدخل البلاد في صراعات مؤسسية، لا تحمد عقباها، إن لم يكن الرئيس ورئيس الحكومة من نفس التوجه أو من نفس الحزب، هذا إذا لم يكونا من توجهين متناقضين.
كيف يمكن حسم الأمر، رئيس الجمهورية من مجاله المخصص الخارجية والدفاع والأمن، ولكن الحكومة هي حكومة رئيس الحكومة والوزراء الثلاثة يأتمرون بأمر رئيس الحكومة الذي اختارهم، ونالت حكومته الثقة بوجودهم؟
سؤال بلا جواب والدستور  الجديد زاد الطين بلة في هذا المجال.
**
صحيفة الصباح قالت إن منصف المرزوقي سيستقيل من منصبه ، أضاف البعض ربما في شهر أفريل المقبل، ليتفرغ لحملته الانتخابية ، ومصطفى بن جعفر من جهته أعلن أمس على موزاييك، أنه ربما ترشح وفي هذه الحالة يستقيل من رئاسة المجلس، والباجي قائد السبسي صرح بأنه يرشح نفسه، وربما هناك غيرهم، فالمؤكد أن النهضة لن تغيب من هذا المعترك، وحمادي الجبالي سيكون مرشحها.
الصورة كما تتبدى اليوم أن الباجي قائد السبسي وفقا لكل عمليات سبر الآراء سيفوز لو أجريت الانتخابات في هذه الفترة، هل يدخل ذلك في إطار الصفقة بينه وبين الغنوشي في باريس وما بعد باريس.؟
سؤال مطروح، هل سيكون الباجي هو رئيس الجمهورية؟ وأحد النهضويين رئيس الحكومة.
الجميع يطلب اليوم ود النهضة ويتحدث عن التحالف معها، ولكنها ومع نداء تونس، من تختار من الخطيبات المحتملات.؟ 
ولكن وعلى فرض قبول النهضة زيادة عدد حلفائها، وكانت وفية للتكتل والمؤتمر، فهل يقبل السبسي بذلك وهل ينسى أن المؤتمر والمرزوقي حاولا إزاحته بقانون للتحصين وبدستور يحدد الحد الأقصى لعمر الترشح، فضلا على أن ائتلافا متعددا يزيد من تعقيدات الأمر، والتوافق ، خصوصا وأن السبسي ليس "حربوشة" للبلع  من طرف النهضة كما كان بن جعفر والمرزوقي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق