بكل هدوء
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
العين اليقظة
تونس/
الصواب/10/02/2014
قال لي وهو
الوالي السابق، إن استشراء ظاهرة الإرهاب في تونس، ليست وليدة الصدفة، ولكنها أمر
جاء في أعقاب سلسلة من الفرارات الخاطئة،
التي لم يتفطن أحد إلى أبعادها.
سألته: وما
هي هذه الأخطاء؟
أجابني بثقة
من يعرف عما يتحدث:
تغيير الولاة
والبحث عن أهل الثقة( يعني الولاء) وليس الكفاءة، مر وإن كان غير مقبول، وتعيين
المعتدين الجدد من الموالين، كان مقبولا ولو عن مضض، أما تغيير كل العمد ومشائخ
التراب، في الأقاصي والأداني، فإنه كان غلطة فادحة، تدفع البلاد اليوم وبالسرعة
البرقية ثمنها.
عدت للسؤال:
وكيف،؟ وكنت أشك في أن يكون للعمد هذه الأهمية.
أجابني بسرعة
وثقة كاملة في ما يقول:
العمدة وشيخ
التراب، كانا يمثلان العين الساهرة ، وكان كل منهما لا تنام عينه على ما يطرأ من تطورات، في السكان ومن هم ، وفي السلوكات
وكيف تتغير، ويتم الإبلاغ سريعا، فتتحرك آلة الشك والبحث.
وكثيرا ما
استعملت في غير محلها، ولكنها كانت صورة فوتوغرافية آنية، عن كل المتغيرات.
سألت وأنا
غافل، وما العلاقة بما نتحدث عنه.؟
قال لي:
العمدة كان يعرف سكان الحي وسكان القرية فردا فردا، دون أن يعرفوه في الغالب إلا
من احتاج منهم إلى وثيقة، وبالتالي فإن كل ما يطرأ، سريعا ما يتم التقاطه، وسريعا
ما يطرح على آلة البحث والتمحيص، ومن هنا لا يمكن أن يطرأ على حي رواد، طارئ دون
أن يقع التفطن إليه والتبليغ عنه، كان خباز الحي وإذا تضاعف عدد الأرغفة التي
يشتريها شخص يخبر عن ذلك، وإذا تكررت زيارات معينة يبلغه الخبر، فهو يعرف الجميع،
وبالتالي كانت كل الأعين لا تنام عن الطارئ عن الحي أو القرية.
تذكرت مرة ذهبت فيها إلى ألمانيا، وكنت حملت كما
عادتنا نحن التونسيون "قضيات" كلفتني بها العائلة، ركبت تاكسي وذهبت
للقريب، ونزلت أمام الباب وبعد الجرس انتظرت مدة ، وكان سائق التاكسي في انتظاري
للعودة بي، لما انفتح الباب كان في مواجهتي شخص ألماني لم أستطع التفاهم معه،
ولكني أدركت أن قريبي قد غادر ذلك البيت، عدت للتاكسي ، وبكلمة من هنا وإشارة من
هنا، فهمت أن علي أن أذهب إلى مركز الشرطة، وفعلا أخذني للمركز، أعطيتهم اسم
القريب وعنوانه، وفي دقيقة أشاروا لي بعنوانه الجديد، ذلك أن لا أحد يغير مسكنه
دون أن يعلم الشرطة في ظرف يومين أو ثلاثة ويمكن الأمن من عنوانه الجديد وإلا يعرض
نفسه إلى أعلى الخطايا، وفعلا ذهبت إلى قريبي ووجدت بيته.
هنا كان
العمدة الكفيل بالارشاد، ولكن قررت النهضة تغيير العمد كل العمد ، فباتت السلطة عمياء صماء، وانفتح
الباب على مصراعيه، لأن يتنقل الناس ويتجولوا دون أن يتفطن لهم أحد.
عن قصد أو
جهل، هذا أحد تفسيرات(هناك غيرها) لبقاء إرهابيين لمدة تقارب 3 أشهر في ضاحية
رواد، دون أن يهتم بهم أحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق