Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 26 مايو 2013

من الذاكرة

اليوم الأول في بلاط صاحبة الجلالة
تونس/ الصواب / 22/05/2013
التحرك الأول وكان أول عمل صحفي توليته،كلفني به شيخ الصحفيين الهادي العبيدي، وكان علي أن أرافق في ذلك المساء من يوم 19 سبتمبر 1959 الأستاذ الصادق بسباس الذي كان صيته يملء الأسماع ، لما سبق له أن غطى وبأمانة كبرى المحاكمات السياسية في تونس ابتداء من المورطين في قضية صالح بن يوسف،، إلى المورطين في اغتيال الهادي شاكر.
اتخذنا طريقنا نحو بئر الباي مكان انعقاد مؤتمر الكشافة التونسية ، على سيارته  البيجو 203 السوداء ، ومن كان يملك أيامها سيارة وخاصة بيجو.
كنت متهيبا ، وزاد تهيبي عندما وصلنا إلى مخيم بئر الباي، فوجدت كل الوزراء بين الحضور، وكنت أيامها قد عرفت صورهم إما من الصحف أو عبر شريط الأأحداث في السينما، ولقد أعجبت يومها بالصادق بسباس الذي سريعا ما كان دخل في الجو وأخذ يتحدث بدون كلفة مع هذا أو ذاك من كبار الشخصيات، التي كانت تبدو لنا وكأنها نجوم لامعة في السماء.
ولقد زال عني الحرج شيئا ما عندما عثرت بين المنظمين ابن عم لي هو المرحوم الحبيب الفراتي الذي كان عضوا بارزا في القيادة الكشفية التي انبثقت عن توحيد منظمات كشفية عدة ، وخاصة منها منظمة الكشافة الإسلامية وكشاف الرجاء الذي نشطت في صفوفه ونظمنا من خلاله ملتقيات وندوات ومسرحيات ورحلات انطلاقا من مدينتي، غير أنه سحق على إثر التوحيد ولم يبق له أثراحيث استولت الكشافة الإسلامية على كل الفضاء الكشفي ، وتفرقت كوادر بقية التنظيمات الكشفية ، بإرادة حكومية واضحة، كان هدفها تنميط كل شيء من منظمات الشباب إلى المنظمات القومية.
وكان علينا أن نعود إلى الجريدة ليلا في تلك الأيام الخريفية التي يظلم فيها الليل مبكرا نسبيا، ولم تكن الطريق بين العاصمة تونس وبئر الباي مضاءة إلا في جزء قليل منها عند المرور بحمام الأنف.
كان الهادي العبيدي يتصدر قاعة تحرير الصباح التي احتلت طابقا أول من جريدة لابريس حيث كانت تطبع الجريدة ، كان رجلا مهيبا طويل القامة بنظرات نفاذة وقدرة على التسيير لا تلين في صلابة واضحة ، وكان علي أن أكتب تقريرا صحفيا أعرف مسبقا أنه لن يرى طريقه إلى النشر ، فتلك المهمة كانت موكولة للصادق بسباس، ولقد استغربت بعد ذلك من أن الرجل قد أنهى كتابة تقريره في حوالي ثلث ساعة، بينما لم أتقدم أنا إلا بقدر عشرة أسطر، وكان علي أن أتعلم أن العمل الصحفي يحتاج إلى السرعة ولكن الدقة أيضا ، وقد أفهمني ذلك منذ الليلة الأولى الهادي العبيدي في حنو ، وهو حنو مستمر، ما لم تعد لارتكاب خطإ سبق لك أن ارتكبته.
ولقد أخذ بيدي منذ ذلك اليوم أساتذة لي ولجوا بي عالم الصحافة، قبل أن أخبره نظريا عبر معهد علي باش حانبة للصحافة ثم دروس المسيو بوايي في معهد الصحافة حيث كان علي أن أتجول بين الأقسام وأخبر كل المجالات، جلت بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية والثقافة والرياضة والمحاكم  ثم الإقتصاد ، قبل أن أطير بجناحي ، كان أساتذتي الذين أحاطوا بي الصادق بسباس، وعبدالجليل دمق، وإبراهيم المحواشي، و من الجزائريين محمد الميلي وعبدالله شريط.
غير أنه لا ينبغي لي أن أنسى الحبيب شيخ روحه الحريص دائما على التذكير بالمثابرة والنشاط، وكان دوما يقول إن العمل الصحفي لا يعرف وقتا، وأن الصحفي ينبغي أن يسير في أول الركب لا آخره ولو صدم قناعات الناس.
أما الهادي العبيدي فقد علمني الإنضباط والإنضباط الشديد.
وتعلمت من عبدالجليل دمق الدقة وكيفية اصطياد الخبر، ودقة الملاحظة وحاسة شم  مفرطة.
وتعلمت من إبراهيم المحواشي ضبط النفس وعدم التحمس لأي فريق بل ترك مسافة بينك وبين من تميل إليه.
أما محمد الميلي فقد حببني في القراءة وطريقته في التركيز الشديد.
فيما إن عبدالله شريط وكان صديقا حميما للأستاذ مصطفى الفيلالي  فقد تعلمت منه التعمق في تناول  الأحداث، والتنبه إلى ما قد لا يتنبه له الآخرون.
وإلى عودة            

بكل هدوء

حساب الربح والخسارة
تونس/ الصواب /21/05/2013
كما تقتضي المعاملات  كلها ، فإن للمرء أن يقف دوما عند حساب الأرباح والخسائر في كل سعي يقوم به.
ولعل هذا واجب ليس فقط في المعاملات التجارية، بل يبدو أكثر إلحاحا  في العلاقات الإجتماعية بما فيها السياسية.
وإذ أشرفت تونس خلال الأسبوع الأخير على شفا هاوية سحيقة تمثلت في بوادر مواجهة بين الدولة بما فيها الحكومة وكل مكونات المجتمع من جهة ، وتيار أنصار الشريعة من جهة أخرى ، فإن الخطر الذي كان داهما قد أمكن تجنبه، ولكن هل بصفة دائمة.؟
ولعله وجب على الطرفين أن يقوما  كل من جهته بحساب الربح والخسارة في ما كان يتهدد البلاد يوم الأحد 19 أيار مايو ، وفي مسعاهما كليهما ونتائجه.
وتحت لواء وزير جديد للداخلية، وصف بأنه محايد ويريد أن يعيد للدولة هيبتها،  ووزنها في المجتمع ، فقد ارتؤي في الحكومة أن يتم مستقبلا فرض احترام القانون ، وبذلك تكون قد انتهت " الفسحة"  التي فرضت نفسها سنتين ونصفا، تم خلالها تجاوز القانون من كل الأطراف، بتنظيم المسيرات  والإعتصمات في تحد كامل للمسطرة القانونية على رأي الإخوة المغاربة.
وجاء الوقت مع الحكومة الجديدة ووزيري الداخلية والعدل المحايدين بحسب الوصف الذي أعطي لهما ، ليعاد  ترتيب البيت بفرض احترام القانون ، وفرض التقيد بمقتضياته.
و من هنا جاءت أزمة مؤتمر أنصار الشريعة ، الذي عين لموعد 19 أيار مايو.
واعتمد هذا الفصيل السلفي المتشدد على السوابق المسجلة،لاتخاذ قراره بعدم اللجوء لطلب ترخيص كما تقتضي اللوائح القانونية ، فيما يخص تحديد مكان الإجتماع وزمنه وتركيبة هيئة اليقظة فيه بما فيها  المسؤولية عن تجنب كل تجاوزات محتملة.
ولا يبدو أن وزارة الداخلية كان بإمكانها تمكين أنصار الشريعة من ترخيص، طالما إنهم لم يكونوا منضوين تحت مظلة حزب أو جمعية أو نقابة أو أي شكل من أشكال التنظيم، وحتى الحل الذي وصفته جهات قانونية بأنه ترقيعي باعتماد الطلب من قبل جمعية يرأسها الشيخ محمد خليف ، لم يكن ليرضي وزارة الداخلية باعتبار أن تلك الجمعية ليست مؤهلة لطلب ترخيص نيابة عن فصيل يحق له لو كان منتظما ويحق له وحده طلب مثل ذلك الترخيص باعتبار مسؤوليته على ما يجري في الإجتماع.
وإذ تم ما تم من تجاوزات واشتباكات انتهت بقتيل وحوالي 20 جريحا بين أمنيين ومواطنين ، فإن الناحية القانونية  تحمل على من دعا للإجتماع حتى ولو كان غير منتظم أو منظم  وسواء تمتع برخصة أو لا.
ومن هنا  فإن حساب الأرباح والخسائر يظهر أول ما يظهر في فقدان أنصار الشريعة لأحد مناصريهم وهي الخسارة الأكبر، يضاف إليها أن الفصيل يعتبر مسؤولا عن كل ماجرى حتى وإن لم يكتسب  الصفة القانونية. وهو ما يجعل قياداته عرضة للملاحقة القضائية، سواء بالنسبة للخسائر في الأرواح أو المكاسب.
على أن الخسارة الأكبر عدا فقدان أحد المريدين  بالنسبة لأنصار الشريعة، هي تلك المتمثلة في الإجماع أو يكاد للمجتمع السياسي والمدني والنقابي الذي وقف منها موقف النقد اللاذع والتنديد القوي.
وقد يقول قائل ، وما يضيرها وهي التي لا تعترف لا بالدولة ولا بالقانون ولا بالديمقراطية، والجواب السهل والبسيط أن فصيل أنصار الشريعة يجد بالمناسبة أنه عزل نفسه، وأن  ما أراد أن يناله من تعاطف شعبي قد أدركه الضياع.
           

إقتصاديات

التبعات السيئة
تونس / الصواب/ 23/05/2013
مر حدث مهم جدا مرور الكرام في بلادنا، فقد تم الإعلان في فرنسا أن البلاد الفرنسية دخلت في فترة انكماش اقتصادي ، ما يعني أنها سجلت تراجعا في الناتج الداخلي الخام لثلاثيتين متلاحقتين، هما الثلاثي الرابع من سنة 2012 والثلاثي الأول من سنة 2013.
وقد درج الإقتصاديون على اعتبار أن انكماشا بما يعني تراجعا في الأداء الإنتاجي في البلاد يحسب على أنه انكماش بعد مرور ثلاثيتين على هذا الوضع.
ولعل أسهل شيء هو أن يدخل بلد في حالة انكماش، ولكن أن يخرج منه فتلك مسألة أخرى ليست لا بالسهلة ولا بالمتاحة.
وإذ تنبأ وزير المالية الفرنسي الذي يشرف من فوق على المجال الإقتصادي كاملا ، بأن الإنتعاشة ستعود للإقتصاد الفرنسي خلال الثلاثي الثاني من العام الحالي ، فإن المراقبين الفرنسيين والأجانب يساورهم شك كبير في احتمال حدوث ذلك، وإذ كانت نسبة الإنكماش la recession خفيفة  ولا تتعدى ناقص 0.1 في المائة في كل من الثلاثيتين فإنها بتقدير الخبراء شكلت عقبة أمام أي احتمال للخروج منها.
ويرى غالب الإقتصاديين من اليمين واليسار الفرنسي وقد ظهر ذلك جليا في حصة "في الهواء" التي ينشطها السيد كالفي أن السياسات الحكومية منذ جاء اليسار بزعامة الرئيس هولاند للحكم تقف وراء هذه الحالة.
ويبدو من التحليلات إن رفع الضرائب أدى إلى انكماش الطلب في السوق وهو الذي يمثل رافعة مهمة من روافع الإنتعاش.
على أن ما  لوحظ وباستغراب شديد هو أن التونسيين لم يهتموا بالأمر ولم يولوه انتباههم على أهمية تأثيراته المحتملة على اقتصاد تونس  واحتمال انتعاشته ، أو على الأقل محافظته على نسقه، أو أن المسؤولين لا يريدون أن يزيدوا هموما على الهموم التي يشتكي منها التونسيون متمثلة خاصة في انهيار طاقتهم الشرائية وتدهور القيمة الإسمية والفعلية لعملتهم.
ولا  ينسى المرء أن تونس وإن كانت في معاملاتها تعتمد على الإتحاد الأوروبي فإن المعاملات مع فرنسا وبعد مرور ما يقارب من 60 سنة على نيل الإستقلال ما زالت تمثل قرابة 70 في المائة، وأن تنويع المتعاملين لم يكن سوى "دعاء" متدين على رأي المثل الفرنسي.
ومن هنا فعندما تعطس فرنسا فإن البلاد التونسية تصاب بزكام، واقتصاد فرنسا اليوم ليس في حالة أنفلوانزا فقط بل في حالة يرثى لها ، وهو ومن وجهة نظر الخبراء ليس مؤهلا لينتفض أو يحقق عودة للإنتعاشة.
واعتمادا على السياسة التقشفية المتبعة بشدة في باريس مضافا إليها قرارات شعبوية ، فإن فرنسا ستزداد غرقا ولا يستبعد مطلقا أن تكون الثلاثية الحالية أسوأ من سابقاتها، وهذا ما يمكن أن يزيد على متاعب   تونس الذاتية ، والملخصة في تدهور الحالة الإنتاجية ، متاعب مستوردة ناتجة عن انغلاق غير مسبوق للأسواق الفرنسية إزاء البضائع التونسية وتلك الخدمات أيضا.
وهكذا تكون الأزمة الداخلية الحادة مرفوقة باستيراد أزمة فرنسية دولية لم تكن يوما خافية ولكنها تزداد حدة سببا في ازدياد تدهور الوضع.
وإذا تمت إضافة وضع ميزان تجاري في أسوإ أحواله ، وسياحة متقلبة بتقلب الأوضاع الأمنية واضطرار لتوريد للحبوب القوت اليومي للناس بشكل كاسح ، باعتبار انخفاض متوقع لمحاصيل هذا العام بالثلث وتدهور قيمة العملة التونسية بحدود 40 في المائة وانخفاض مدخرات البلاد من العملات الأجنبية إلى أقل من مائة يوم كتغطية للواردات ، لأدرك المرءهول ما ينتظر  البلاد خلال الأشهر المقبلة.
           

المـــــوقــــــف الــــــسيــــاســـــي

المنتظر ...
 بعد مغامرة القيروان
تونس/ الصواب / 20/05/2013
تلمظ أنصار الشريعة يوم الإثنين 20 ماي – أيار النتائج  السلبية للمغامرة التي خاضوها  بالدعوة إليها ليوم الأحد 19 ماي أيار في القيروان، وفشلوا فيها أيما فشل لأسباب موضوعية وأخرى ذاتية .
الموضوعية، لأنهم لم يقدروا لا قوة الحكومة ولا إصرارها.       
والذاتيةلأنهم لم يحسبوا داخليا الحسابات الدقيقة التي كان عليهم أن يتولوا حسابها قبل قرارهم غير المدروس.


وزير الداخلية هل يكون ربح الرهان؟


أبو عياض
هل يكون خسر الرهان      
وهل يكون حلق لحيته لمزيد التخفي؟

وبقطع النظر عما إذا كان في نيتهم إعلان الإمارة الإسلامية فيما اعتبر عاصمة الإسلام المالكي في إفريقية (تونس اليوم) القيروان ،  كمقدمة لإقامة دولة الخلافة التي انكفأت منذ سقوط السلطان عبدالحميد في سنة 1909 أو انتهاء الدولة العثمانية  في زمن الخليفة الأخير عبدالمجيد الثاني ،على يدي مصطفى كمال أتاتورك في 29 أكتوبر 1923 ، والقطع آنذاك  مع الخلافة بقيام الجمهورية التركية التي انكفأت على حدود تركيا اليوم ، أم لم يكن في نيتهم ذلك أي إقامة الإمارة الإسلامية ، فإن ما تم تسجيله سواء بين المتابعين التونسيين أو الملاحظين الأجانب هو أن الحكومة بقبضتها الشديدة سجلت نقطة لفائدتها ، وأن أنصار الشريعة قد تم لي ذراعهم، وفشلت تهديداتهم بعقد ملتقاهم السنوي الثالث كان ما كان ، في مدينة القيروان الموعودة لتكون عاصمتهم ، يرتعون فيها كما يشاؤون.
كان أنصار الشريعة ، وهم فصيل يعلن تبعيته لتنظيم القاعدة ، وهو الذي لا يعدو أن يكون فصيلا يتميز في نفس الوقت بالولاء للتنظيم  الأم ، وفي نفس الوقت في استقلال قراره عن المركز في التخوم بين باكستان وأفغانستان ، قد أعلنوا قبل عشرة أيام تقريبا عن موعد  عقد ملتقاهم أو مؤتمرهم السنوي الثالث،  وعن  إصرارهم انعقاد المؤتمر في عاصمة الأغالبة، التي يعتبرونها عاصمتهم وعاصمة دعوتهم ، وربما إحدى العواصم في عالم الإسلام  التي يمكن أن تكون مرتكزا للخلافة ، وهي طبعا ليست لا مكة ولا المدينة ولا حتى القدس الشريف، ولكن درج المسلمون في المناطق الغربية لشمال إفريقية  اعتبارها  كعاصمة للإسلام أو إحدى عواصم الإسلام، على أساس أنها  المدينة التي تأسست في القرن  السابع (ميلادي) 670 أو العام الخمسين للهجرة ، لتكون أول عاصمة للإسلام الوافد على إفريقية  حاملا لواءه عايا منتصرا لمقولاته بالموعظة الحسنة، بحيث كان منطلق الفتوحات نحو الجزائر والمغرب والأندلس ومجاهل إفريقيا السمراء.
ووفقا لموسوعة "ويكيبيديا" فإن جماعة أنصار الشريعة قد تأسست سنة 2000 وذكرت الموسوعة : "أنصار الشريعة في تونس هي مجموعة إسلام سياسي تعمل في البلاد . وتزعم أن عدد أعضائها يصل إلى 100.000 شخص.
ففي أعقاب الثورة التونسية، ـ ولكلام دائما لويكيبيديا ـ  أطلق سراح العديد من السجناء السياسيين الإسلاميين الذين كانوا مسجونين من قبل نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بما في ذلك أبو عياض التونسي، الذي سبق وشارك في تأسيس الجماعة المقاتلة التونسية مع طارق معروفي في حزيران  يونيو 2000.
 قام أبو عياض بتأسيس جماعة أنصار الشريعة في أواخر أبريل 2011. وقامت الجماعة بتأسيس عدة أذرع إعلامية لها بينها، مؤسسة القيروان للاعلام، وتطوير وسائل إعلام أخرى بما فيها مدونة، صفحة على الفيسبوك، ومجلة.
وقد قامت أنصار الشريعة بحملة للإفراج عن السجناء الإسلاميين، مثل عمر عبد الرحمن، وأبو قتادة والتونسيين الذين حاربوا مع تنظيم القاعدة في العراق والمحتجزين في السجون العراقية.
عقدت جماعة أنصار الشريعة مؤتمر في القيروان في 2012 والذي دعا فيه أبو عياض ماسماه (أسلمة) الإعلام التونسي والتعليم والسياحة والقطاعات التجارية، وإنشاء النقابات الإسلامية (لمواجهة الاتحاد العام التونسي للشغل العلماني).
وقام أعضاء من أنصار الشريعة بانتظام بدور في احتجاجات في تونس ضد جهات أو أفراد بتهمة التجديف كما يشتبه تورطهم في عدد من حوادث العنف، ولكن تم تقديم أدلة قليلة ولم يتم حظر المنظمة.
و من بين الحوادث التي يشتبه بتورطهم بها الهجوم على محطة التلفزيون التي قامت بعرض فيلم برسبوليس في أكتوبر 2011، كذلك الهجوم على معرض فني مثير للجدل في حزيران  يونيو 2012، والهجوم على السفارة الامريكية في تونس في أيلول  سبتمبر عام 2012.[6]"
**                                                                  

ومما يروج أن أنصار الشريعة  التي لم تطلب تأشيرة حزب والتي يقال أنها تؤمن بأن الديمقراطية  كفر وأن الحاكمية لله  وحده ، وتشترك في ذلك مع حزب التحرير الذي حصل على ترخيص حزبي بعد طلب ذلك، تسعى لإقامة الدولة الإسلامية ، سبيلا لإعادة الخلافة التي هي شرط من شروط الدين وركن من أركانه في نظرها.
ويذكر أن "أنصار الشريعة" هو تنظيم قائم في ليبيا ( حيث قام بمراجعات وصفت بالمؤلمة منذ عهد العقيد معمر القذافي) وفي اليمن وربما في المغرب والجزائر، ولكن بالخصوص في العراق حيث يخوض حربا ضد المذهب الشيعي ، وأكيد في بلدان عربية أخرى  تحت  تسميات  مختلفة ، وسعى أنصار الشريعة  تحت أسماع وأنظار "النهضة" الحاكمة في تونس م إلى تجنيد مئات من التونسيين(( البعض يقول آلاف)  للذهاب "للجهاد" في سوريا، كما يقال وهذا خاضع للتأكيد من مصادر  محايدة ، إلى تجنيد عشرات الفتيات التونــــــــسيات ( البعض يقول المئات )  للقيام "بجهاد المناكحة" في سوريا للترويح على مجموعات النصرة وجندها، وهو ما يتمثل في  زواج وقتي وصف لدى جهات إسلامية أخرى بأنه لا يعدو أن يكون "زنا" رغم الغطاء الجهادي الذي أرادوا أن يسربلوه به.
ويقول تنظيم أنصار الشريعة أن عدد مريديه يبلغ مائة ألف ، غير أن الجهات الحكومية وحتى جهات أخرى تبدو محايدة، تقول بأن العدد أقل من ذلك بكثير، ولعل ملتقى القيروان كان يمكن لو حصل أن يدلل على عدد تقريبي يكون أقرب للواقع، وإن كانت جهات متعددة تؤكد أنه وحتى في هذه الحال، ما كان بالإمكان استنتاج تعداد حقيقي، بالنظرإلى أن كثيرا من أنصار حزب التحرير المعترف به وحتى أنصار للنهضة الحاكمة ممن يعتبرون من المقربين من السلفيين كان يمكن أن يحضروا ذلك اللقاء، لقربهم الإيديولوجي من "فكر" أنصار الشريعة.
ويقول أنصار الشريعة أن المؤتمر الثاني الذي عقدوه في القيروان في 12 أيار مايو 2012 قد جمع 5 آلاف فرد، إلا أن أجهزة الأمن وجهات محايدة أكدت بأن العدد في تلك المناسبة لم يفق بضع مئات لا تصل للألف.
وقد أعلن والي القيروان على إذاعة أكسبريس ف. م. صبيحة الإثنين 20 أيار مايو، أنه وبعد قرار  زعماء  أنصار الشريعة نقل مؤتمرهم إلى حي التضامن، فإنه قد لوحظ تجمع حوالي ألف داخل أسوار مدينة القيروان، ممن جاؤوا للمشاركة في الملتقى، غير أن جهات محايدة  ومنهم صحفيين من مختلف الوسائل ، قد ذكروا بأن العدد كان أقل من ذلك بكثير وأنه لم يتجاوز بضع مئات على أصابع اليد الواحدة.
**        
من الواضح أنه وسواء كان  زعماء أنصار الشريعة  ينوون فعلا إعلان إمارة إسلامية من القيروان أو لا ، فإن المناداة بعقد اجتماع من هذا النوع يحضره ما بين 35 و40 ألفا ـ على حد قول أنصار الشريعة  ـ وبدون ترخيص مسبق، اعتبر تحديا للحكومة ، وإبرازا لقدرة تعبئة من المفروض أن تقرأ لها السلطة ألف حساب، باتخاذ القرارات لمواجهة الأغراض التي كانت  التي تسعى الجماعة لفرضها، ومنها وبالخصوص اعتماد الشريعة وما ينجر عن ذلك من قرارات نحو تطبيق الحدود، وفرض منع السفور وبيع الخمر والفصل في المدارس والمعاهد وتفضيل بقاء النساء في بيوتهن على الدرس والعمل، وغيرها مما يعتبرونه من أصول الإسلام.
غير أن الحكومة وإن كانت تسعى لاعتماد المنهج الإسلامي، فإنها لم تكن تريد أن تدخل في مواجهة مع المجتمع العريض   الذي بقي حريصا على نمط مجتمعي لا يقبل عنه بديلا.
هذا بالإضافة إلى أن أي حكومة تحترم نفسها لا يمكن أن تقبل بتحد من هذا النوع أو تخضع له.
ومن جهة فإن تنظيم أنصار الشريعة  لا يحوز على اعتراف رسمي وهو لم يسع إلى ذلك بتقديم طلب كما فعل حزب التحرير، وهو يعتبر نفسه حركة دعوية، تمارس السياسة، ومثل هذه الحركات من وجهة نظره  ليست في حاجة إلى تأشيرة، على أساس "أن الدعوة لله ليست في حاجة إلى تأشيرة".
وبالتالي وانطلاقا من هذه الرؤية فإن الحركة لا يمكن أن تقدم طلب ترخيص لعقد مؤتمرها، وهي تعتبر أنها بالدعوة لله ليست مطالبة بتقديم مثل هذا الطلب.
ولعل هذا التوجه لديها يندرج من موقف عام يقوم على عدم اعتراف بالدولة ولا الحكومة المنبثقة عنها ، باعتبار أنها ليست لا دولة ولا حكومة مسلمة، ولمنها متأسلمة على حد قول البيان الذي أصدره زعيمها أبوعيض يوم الجمعة 17 أيار مايو.
ولو قدم أنصار الشريعة طلبا لما كان لهم أن ينالوا ترخيصا على أساس أن الطلب ليس صادرا عن جهة مؤهلة لتقديم ذلك الطلب باعتبار أنها ليست لها الصبغة القانونية التي تمكنها من ذلك، ما دامت لم تحصل على تأشيرة لحزب أو جمعية تخولها ذلك.
ومن هنا فإن طلب الترخيص لم يكن ليقدم أو يؤخر شيئا من الناحية القانونية ومن الناحية العملية .
وحتى الطلب الذي تقدمت به جمعية إسلامية من مدينة القيروان يرأسها محمد خليف نجل الإمام المتوفي عبدالرحمان خليف النائب السابق في البرلمان بعد أن عرف السجن زمن الرئيس الأسبق بورقيبة ، وهو الطلب الذي نوه به والي القيروان وتمنى أن يستجاب له من قبل وزارة   الداخلية ، فإنه ووفقا لما يقوله رجال القانون لا يعتد به ، لأنه ليس صادرا عن الجهة التي ستنظم  الملتقى، والتي عليها بحسب تنظيم الإجتماعات العامة ينبغي أن يضبط القائمين على الناحية التنظيمية وسلامتها.
وفي كل الأحوال فإنه يبدو واضحا أن الحكومة، ووزير الداخلية بالذات،  لم يكن في الوارد بالنسبة إليهما أن يقدما هدية على طبق من فضة لجماعة لا تعترف بالسلطة القائمة ولا أي سلطة أخرى، وتنعت رجالها بالطواغيت بكل ما تحمله هذه الكلمة من مضامين  لغوية ودينية خطيرة.
ومن هذه الناحية فإن السلطة قد غامرت، ولكنها نجحت في لعبة البوكر والمزايدة التي  اتبعتها، فقد سدت كل المنافذ القانونية أولا للترخيص ، ثم المكانية ثانيا للوصول إلى القيروان، ووجد أنصار الملتقى الثالث أنفسهم في التسلل،  وانفرط عقدهم قبل أن تتوفر لهم أي فرصة للإجتماع، واضطروا صباح الأحد 19 أيار مايو إلى أن يعلنوا على نقل ملتقاهم من القيروان التي حيل بينهم وبينها،  إلى حي التضامن الذي يعتبر معقلهم الأكبر،وكان في ذلك:
غازات مسيلة للدموع في حي الإنطلاقة

بعد انكفاء الجماعة إلى حي التضامن وما جاوره
1/ انكسارا لهم باعتبارهم لم ينجحوا في تحديهم للحكومة بعقد المؤتمر حيث قرروا ، وإلى حيث دعوا أنصارهم.
2/ تراجعهم فيما الحكومة نجحت في تحديها بمنعهم.
3/عدم التمكن من إعلان الإمارة الإسلامية إن كان ذلك في حسبانهم ، ووفقا لبرامجهم غير المعلنة.
4/ عدم التمكن من جمع الأعداد " الغفيرة" من الأنصار الذي كانوا يعلنون عليه.
ومن الجهة المقابلة فإن الحكومة وبالذات وزير الداخلية قد سجلا نقاطا مهمة لا فقط تجاه أنصار الشريعة بل أمام الجميع من أن السلطة مقدمة ـ ولو متأخرا ـ على فرض إرادتها تجاه التحركات المقبلة غير القانونية، ولن يلومها أحد إذا ما كانت تصرفت بهذا الشكل مع الذين وصفهم رئيس النهضة  في فترة  سابقة بأنهم "أبناؤه ويذكرونه بشبابه"،فتصرفت مستقبلا بنفس الشاكلة أمام الإعتصامات العشوائية  وحتى النقابية التي لا تحترم القانون أو تلك التي تمنع حرية العمل، وتكون الحكومة بذلك قد  فرضت إرادتها ونصية القانون وروحه .
النقط التي سجلتها الحكومة هذه المرة على حساب "أنصار الشريعة" ولكنها ستفرضها مستقبلا على كل تحرك غير قانوني هي التالية:
1/ البروز لأول مرة في حزم مستند إلى أساس قانوني
2/ توجيه رسالة قوية لكل من تسول له نفسه مستقبلا تجاوز القانون في أعمال فردية أو جماعية
3/إبراز قوة السلطة المادية بعد التشكيك الذي حصل في مواجهات جبل الشعانبي وبالنسبة لمواقع مختلفة مكانيا استراتيجيا وتكتيكيا.
4/حصول إجماع شعبي حول الحكومة في سعيها لفرض مقتضيات  القانون، وعدم التساهل أو التسامح.
**                             
ويبقى السؤال مطروحا، إذا خرجت الحكومة منتصرة من هذه المواجهة ، فهل ستواصل على نفس الطريق؟ وهو ما قد يدفع في مرات موالية إلى استنفار شعبي قد يؤدي إلى تراجع انتخابي ، تخشاه النهضة بقوة ، إذ لا تبدو مستعدة البتة لمغادرة الحكم أو التخلي عن سلطة ذاقت لذتها ، ولكنها اكتوت أيضا بنارها الحارقة، ولم تعرف معها هل تقدم مصلحتها الذاتية على مصلحة البلاد أم العكس.
ولكن السؤال الحارق أكثر والآني حالا هو : هل إن أنصار الشريعة سيكتفون من المغامرة التي خاضوها بالتراجع غير المنظم  الذي  اضطروا إليه ، فحصروا أنفسهم في نطاق ضيق ، في حي شعبي من أحواز العاصمة يمكن أن يضيق بهم خاصة في ظل عمليات تضييق للخناق كبيرة وأيضا عمليات إلقاء قبض يبدو إنها واسعة.
إن ما يعرف عن أنصار الشريعة إنهم أصحاب إصرار، وأنهم إذا تراجعوا تكتيكيا هذه المرة، فإنهم بصدد تنظيم صفوفهم، للعودة لنقطة الهجوم، وفي هذه الحالة هل سيعودون لغيرها ، وهل سينفذ تهديدهم بتأجيل ملتقاهم لا إلغائه،  وهل سيكون التنفيذ في وقت قريب أو بعيد.
لقد خسروا هذه الجولة ولكن من يضمن أنهم سوف لا يعاودون المحاولة.
لعلهم يتوجهون لتشتيت جهد السلطة، ولعلهم يريدون أن يتعبوها بالتهديد كل مرة بعقد مؤتمرهم  لدفعها على استنفار أبيض يعتقدون أنه ينال من معنويات الأعوان الأمنيين ومن الجيش.
ولكن وفي مثل هذه الظروف أليست الاحترافية هي السد المنيع أمام مثل هذه النوايا؟
 نهاية  الكلام
لكن  أليس من الأفضل للجميع وخاصة للبلاد أن يكون الحوار هو سيد الموقف؟
أن تنصرف الجهود لما فيه  خير البلاد.. و العباد؟
وليس هذا ممكنا إلا متى انتهينا إلى محصلة تقول، إن حق الجميع في التعبير عن ذاتهم ينبغي أن يكون مضمونا. ما دام في إطار بعيد عن العنف، أما أعداء الديمقراطية ، وأعداء النمط المجتمعي ، وأعداء الانتخابات النزيهة كطريق وحيد للوصول للحكم، وبكلمة واحدة الاعتراف بالدولة التونسية وبرموزها من علم وشعار ونشيد وطني كمرجعيات غير قابلة للأخذ والرد.
وأن للدولة مكانتها ومهابتها، التي ينبغي الاعتراف لها بها، لأنها في النهاية هي خلاصة المجتمع خاصة عندما تكون الحكومة منبثقة من انتخابات لها مصداقية.
صحيح أن الأغلبية الانتخابية لها أولويتها، ولكن أيضا يبقى للقوى الحية في البلاد  ولما يسمى بالنخب ، كلمة تقولها، تقولها بكل انضباط وسلمية ودون محاولة لي ذراع، كما هو شأن  تحرك أطراف أخرى تحمل فكرة نمط مجتمعي لا علاقة له لا بالدين ولا بالعصر.. وتلغي الدولة الوطنية من تفكيرها وسلوكها لتتصور في حلم إيتوبي بأن الدود لا وجود لها وأن دولة الخلافة هي الحل.