التبعات السيئة
تونس / الصواب/ 23/05/2013
مر حدث مهم جدا مرور الكرام في بلادنا، فقد تم الإعلان في فرنسا أن البلاد الفرنسية دخلت في فترة انكماش اقتصادي ، ما يعني أنها سجلت تراجعا في الناتج الداخلي الخام لثلاثيتين متلاحقتين، هما الثلاثي الرابع من سنة 2012 والثلاثي الأول من سنة 2013.
وقد درج الإقتصاديون على اعتبار أن انكماشا بما يعني تراجعا في الأداء الإنتاجي في البلاد يحسب على أنه انكماش بعد مرور ثلاثيتين على هذا الوضع.
ولعل أسهل شيء هو أن يدخل بلد في حالة انكماش، ولكن أن يخرج منه فتلك مسألة أخرى ليست لا بالسهلة ولا بالمتاحة.
وإذ تنبأ وزير المالية الفرنسي الذي يشرف من فوق على المجال الإقتصادي كاملا ، بأن الإنتعاشة ستعود للإقتصاد الفرنسي خلال الثلاثي الثاني من العام الحالي ، فإن المراقبين الفرنسيين والأجانب يساورهم شك كبير في احتمال حدوث ذلك، وإذ كانت نسبة الإنكماش la recession خفيفة ولا تتعدى ناقص 0.1 في المائة في كل من الثلاثيتين فإنها بتقدير الخبراء شكلت عقبة أمام أي احتمال للخروج منها.
ويرى غالب الإقتصاديين من اليمين واليسار الفرنسي وقد ظهر ذلك جليا في حصة "في الهواء" التي ينشطها السيد كالفي أن السياسات الحكومية منذ جاء اليسار بزعامة الرئيس هولاند للحكم تقف وراء هذه الحالة.
ويبدو من التحليلات إن رفع الضرائب أدى إلى انكماش الطلب في السوق وهو الذي يمثل رافعة مهمة من روافع الإنتعاش.
على أن ما لوحظ وباستغراب شديد هو أن التونسيين لم يهتموا بالأمر ولم يولوه انتباههم على أهمية تأثيراته المحتملة على اقتصاد تونس واحتمال انتعاشته ، أو على الأقل محافظته على نسقه، أو أن المسؤولين لا يريدون أن يزيدوا هموما على الهموم التي يشتكي منها التونسيون متمثلة خاصة في انهيار طاقتهم الشرائية وتدهور القيمة الإسمية والفعلية لعملتهم.
ولا ينسى المرء أن تونس وإن كانت في معاملاتها تعتمد على الإتحاد الأوروبي فإن المعاملات مع فرنسا وبعد مرور ما يقارب من 60 سنة على نيل الإستقلال ما زالت تمثل قرابة 70 في المائة، وأن تنويع المتعاملين لم يكن سوى "دعاء" متدين على رأي المثل الفرنسي.
ومن هنا فعندما تعطس فرنسا فإن البلاد التونسية تصاب بزكام، واقتصاد فرنسا اليوم ليس في حالة أنفلوانزا فقط بل في حالة يرثى لها ، وهو ومن وجهة نظر الخبراء ليس مؤهلا لينتفض أو يحقق عودة للإنتعاشة.
واعتمادا على السياسة التقشفية المتبعة بشدة في باريس مضافا إليها قرارات شعبوية ، فإن فرنسا ستزداد غرقا ولا يستبعد مطلقا أن تكون الثلاثية الحالية أسوأ من سابقاتها، وهذا ما يمكن أن يزيد على متاعب تونس الذاتية ، والملخصة في تدهور الحالة الإنتاجية ، متاعب مستوردة ناتجة عن انغلاق غير مسبوق للأسواق الفرنسية إزاء البضائع التونسية وتلك الخدمات أيضا.
وهكذا تكون الأزمة الداخلية الحادة مرفوقة باستيراد أزمة فرنسية دولية لم تكن يوما خافية ولكنها تزداد حدة سببا في ازدياد تدهور الوضع.
وإذا تمت إضافة وضع ميزان تجاري في أسوإ أحواله ، وسياحة متقلبة بتقلب الأوضاع الأمنية واضطرار لتوريد للحبوب القوت اليومي للناس بشكل كاسح ، باعتبار انخفاض متوقع لمحاصيل هذا العام بالثلث وتدهور قيمة العملة التونسية بحدود 40 في المائة وانخفاض مدخرات البلاد من العملات الأجنبية إلى أقل من مائة يوم كتغطية للواردات ، لأدرك المرءهول ما ينتظر البلاد خلال الأشهر المقبلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق