حساب الربح والخسارة
تونس/ الصواب /21/05/2013
كما تقتضي المعاملات كلها ، فإن للمرء أن يقف دوما عند حساب الأرباح والخسائر في كل سعي يقوم به.
ولعل هذا واجب ليس فقط في المعاملات التجارية، بل يبدو أكثر إلحاحا في العلاقات الإجتماعية بما فيها السياسية.
وإذ أشرفت تونس خلال الأسبوع الأخير على شفا هاوية سحيقة تمثلت في بوادر مواجهة بين الدولة بما فيها الحكومة وكل مكونات المجتمع من جهة ، وتيار أنصار الشريعة من جهة أخرى ، فإن الخطر الذي كان داهما قد أمكن تجنبه، ولكن هل بصفة دائمة.؟
ولعله وجب على الطرفين أن يقوما كل من جهته بحساب الربح والخسارة في ما كان يتهدد البلاد يوم الأحد 19 أيار مايو ، وفي مسعاهما كليهما ونتائجه.
وتحت لواء وزير جديد للداخلية، وصف بأنه محايد ويريد أن يعيد للدولة هيبتها، ووزنها في المجتمع ، فقد ارتؤي في الحكومة أن يتم مستقبلا فرض احترام القانون ، وبذلك تكون قد انتهت " الفسحة" التي فرضت نفسها سنتين ونصفا، تم خلالها تجاوز القانون من كل الأطراف، بتنظيم المسيرات والإعتصمات في تحد كامل للمسطرة القانونية على رأي الإخوة المغاربة.
وجاء الوقت مع الحكومة الجديدة ووزيري الداخلية والعدل المحايدين بحسب الوصف الذي أعطي لهما ، ليعاد ترتيب البيت بفرض احترام القانون ، وفرض التقيد بمقتضياته.
و من هنا جاءت أزمة مؤتمر أنصار الشريعة ، الذي عين لموعد 19 أيار مايو.
واعتمد هذا الفصيل السلفي المتشدد على السوابق المسجلة،لاتخاذ قراره بعدم اللجوء لطلب ترخيص كما تقتضي اللوائح القانونية ، فيما يخص تحديد مكان الإجتماع وزمنه وتركيبة هيئة اليقظة فيه بما فيها المسؤولية عن تجنب كل تجاوزات محتملة.
ولا يبدو أن وزارة الداخلية كان بإمكانها تمكين أنصار الشريعة من ترخيص، طالما إنهم لم يكونوا منضوين تحت مظلة حزب أو جمعية أو نقابة أو أي شكل من أشكال التنظيم، وحتى الحل الذي وصفته جهات قانونية بأنه ترقيعي باعتماد الطلب من قبل جمعية يرأسها الشيخ محمد خليف ، لم يكن ليرضي وزارة الداخلية باعتبار أن تلك الجمعية ليست مؤهلة لطلب ترخيص نيابة عن فصيل يحق له لو كان منتظما ويحق له وحده طلب مثل ذلك الترخيص باعتبار مسؤوليته على ما يجري في الإجتماع.
وإذ تم ما تم من تجاوزات واشتباكات انتهت بقتيل وحوالي 20 جريحا بين أمنيين ومواطنين ، فإن الناحية القانونية تحمل على من دعا للإجتماع حتى ولو كان غير منتظم أو منظم وسواء تمتع برخصة أو لا.
ومن هنا فإن حساب الأرباح والخسائر يظهر أول ما يظهر في فقدان أنصار الشريعة لأحد مناصريهم وهي الخسارة الأكبر، يضاف إليها أن الفصيل يعتبر مسؤولا عن كل ماجرى حتى وإن لم يكتسب الصفة القانونية. وهو ما يجعل قياداته عرضة للملاحقة القضائية، سواء بالنسبة للخسائر في الأرواح أو المكاسب.
على أن الخسارة الأكبر عدا فقدان أحد المريدين بالنسبة لأنصار الشريعة، هي تلك المتمثلة في الإجماع أو يكاد للمجتمع السياسي والمدني والنقابي الذي وقف منها موقف النقد اللاذع والتنديد القوي.
وقد يقول قائل ، وما يضيرها وهي التي لا تعترف لا بالدولة ولا بالقانون ولا بالديمقراطية، والجواب السهل والبسيط أن فصيل أنصار الشريعة يجد بالمناسبة أنه عزل نفسه، وأن ما أراد أن يناله من تعاطف شعبي قد أدركه الضياع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق