Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 18 مارس 2019

بكل هدوء : جزاء سنمار ، لن يتكرر مرة أخرى


بكل هدوء
بقلم عبد اللطيف الفراتي
حتى لا يكون رضا شرف الديــــــن
شاهد زور كما كان  يوسف الشاهد
تونس / الصواب /18/03/2019
لعل المثل الذي ضربه العرب القدامى على سنمار ، لا يصح على أحد كما يصح على يوسف الشاهد ، بسرعة  ، سنمار هو مهندس عصره بنى لأحد الملوك قصرا لا مثيل له ، وفي يوم التدشين طاف بالملك في القصر ، وعندما وصل للشرفة العليا شكره الملك وشد على يده ، وأمر برميه من عل ، وهو ما حصل واستدار الملك لبطانته قائلا : أمرت بقتله حتى لا يبني قصرا بهذه الضخامة والفخامة  لأي غيري.
كان ذلك هو جزاء يوسف الشاهد ، الذي هيأ بغير حق ، نداء تونس لحافظ قائد السبسي ، في مؤتمر يقول كل الندائيين أنه كان على المقاس ، فكان جزاؤه رئاسة الحكومة ، ولكن سرعان ما غضب الملك لأنه على ما يبدو ، لم يكن مطيعا لابنه، فتم السعي لإقصائه ، ولكنه لم يكن مثل سنمار ولا مثل الحبيب الصيد ، فاستعصى ، وتمسك بما يخوله له الدستور.
رجل آخر ، أرادوا له أن يكون مثل الشاهد ، طبعا بثمن لم يقع الافصاح عنه ، وكان مقررا له تنظيم مؤتمر على المقاس يخرج منه ابن أبيه ،ظافرا ، ولا يهم الحزب ولا تهم الدولة ، ولا تهم البلاد أو الوطن.
ولكن رضا شرف الدين والفريق المكلف بإعداد المؤتمر ، استعصى ، ولم يسر نحو تنظيم مؤتمر على المقاس ، وعندما وصل للمحظور ، أي لطلب قائمات المنخرطين في الحزب ، من أجل تنظيم المؤتمرات ، منعت عنه وعن فريقه ، في محاولة لا لتنظيم مؤتمر ديمقراطي بل مؤتمر ، يقولب وفق الإرادة السامية ، لرئيس الدولة ، وابنه المبجل ، الذي أريد له أن يركب لا على ظهر الندائيين فقط ، بل وأيضا على ظهور التونسيين جميعا.
رضا شرف الدين كرجل شريف ، قال إنه كلف بتنظيم مؤتمر ديمقراطي تسود ردهاته النزاهة ، فاعتبر أن تلك مهمته ، وعندما حيل بينه وبينها أطبق الباب، فلم يغره لا طمع ولا جاه ولا منصب ولا مال ، وقال مع السلامة.
وإذ تتواصل الاعدادات "للمؤتمر" كما يريده الابن المدلل وبطانته المقربة ، فلا أحد ما زال يؤمن أن هناك حزبا اسمه " نداء تونس " وسيرى الناس مدى سقطته في الانتخابات المقبلة.
تبقى أن مسؤولية الباجي قائد السبسي ، أكثر من ابنه ، الذي طلب لعبة فإعطي إياها ، ولو على حساب مصير شعب ، فانتصار النهضة ولو النسبي سيجعلها في وارد تحقيق ، ما تطمح إليه من نمط مجتمعي ، غريب عن ذلك النمط الذي بدأ السعي نحوه منذ1837 مع الملك المصلح  أحمد باي ، ومر عبر قبادو وخيرالدين والجنرال حسين والطهطاوي وقاسم أمين إلى الثعالبي والحداد وبورقيبة وكل المصلحين الذين عرفتهم البلاد.
ولكن دون ذلك ما يذكر بصائفة 2013 ، ويوم 13 أوت منه ، فالنور لن يقهره الظلام  مهما كان حالكا، وإن كان الصراع سيكون شديدا، من أجل الإشعاع الساطع.
fouratiab@gmail.com


قرأت لكم : في الشروق حامد القروي يدعو لقائمات بورقيبية



قرأت لكم
ننشر في ما يلي نص على أعمدة مدونة " الصواب " نداء للدكتور حامد القروي الوزير الأول الأسبق ، وآخر نائب رئيس للتجمع الدستوري وذلك بترخيص منه  وقد تم نشره الأحد على أعمدة جريدة الشروق الغراء ، ويدعو  الدكتور حامد القروي فيه إلى تشكيل قائمات دستورية تحت تسمية " القائمات البورقيبية ، وذلك إسهاما وبطلب منه في الاستعداد للإنتخابات التشريعية المقبلة ، وفي ما يلي نص النداء.
ونحن على استعداد لنشر أي نداء آخر إذا توجه به إلينا أي من وجوه السياسة في تونس.

                نداء للدستوريين من أجل تونس
             بقلم  الدكتور حامد القروي
تحتفل  تونس بعد أيام بعيد استقلالها  ، الذي كان تتويجا وتكليلا لنضال الشعب التونسي قاطبة بقيادة الحزب الحر الدستوري وزعامة الحبيب بورقيبة  ، وكان رئيس الدولة قبل عام وبنفس المناسبة قد أطلق صفارة الانذار، و ذكر مستشهدا بالأرقام ، فشل الحكومات المتعاقبة ،منذ 2011 ،، مبرزا تقهقر تونس على كل الأصعدة .
كيف تدحرجنا إلى هذا الحضيض ؟
لنقل أولا أن اللجنة التي نصبت نفسها كجهاز تشريعي  برئاسة عياض بن عاشور ، أسندت لنفسها صلاحيات قضائية ، وحرمت الآلاف من المواطنين من أفضل من أنجبت البلاد من الإطارات من حقوقهم المدنية .
وهكذا انتهت انتخابات 2011 بالنتائج المعلومة بعد سحب البساط من تحت أرجل الدستوريين ، وهو ما أنتج دستورا ما زلنا نعاني وسنعاني طويلا من مساوئه إذا لم يقع تنقيحه.
كما انتهت إلى وضع  ثلاثي " الترويكا" ، وبعده حكومات متعددة ،  في الصدارة والحكم  ، وكانت النتيجة:  
**إدخال اختلال كبير على أجهزتنا   الأمنية ، ما وضع البلاد تحت وطأة  ورحمة الإرهاب.
** تبديد  5  آلاف مليار، كانت مرصودة  لإنجاز مشروعات للبنية التحتية في المناطق الداخلية ، دون أن نعرف لليوم ما هو مصيرها وماذا كان مجال إنفاقها ، ومن استفاد منها وطرق صرفها.
** تفاقم مديونية البلاد بعد أن كانت في أدنى مستوياتها سنة 2010
 وهكذا  باتت كل المؤشرات في اللون الأحمر ، فميزانية الدولة سجلت انخراما بعد أن كانت متوازنة ، والميزان التجاري لم يبلغ قط العجز  الذي وصل إليه حاليا ، وارتفاع مؤشر الأسعار  تفاقم بصورة غير مسبوقة ، وتوج كل ذلك انهيار الدينار ، الذي لا يمثل فقط عملة البلاد بل رمزها ، كما هو العلم الوطني والنشيد الوطني.
ففي سنة 1995 دعيت تونس لملتقى دافوس  كضيف شرف ، فكانت الاشادة إجماعية بالنتائج الاقتصادية التونسية ، ولقد عرضنا بفخر  في محاضرة في الجلسة العامة ، ما حققه الدستوريون من منجزات ، فمن بلد مستعمر متخلف ،  حقق تحرره، أمكنه أن يبني دولة متمتعة بالسيادة على أرضها ، متمكن من بنية تحتية قوية ، وعملة  مستقرة ، ونخبة متعلمة تعتبر سندا  صلبا وما تزال  للتنمية ، وجهازا صحيا واستشفائيا متميزا ، وشبكة نقل ومواصلات واتصالات عصرية، وبنية سكنية تميزت بأن الأغلب الأعم من المواطنين كانوا يملكون بيوتهم .
ولعله من المؤسف بل من المحزن أن يلاحظ المرء  أن البلد الذي كان في عام 1995 يحتل المرتبة 32 بين دول العالم في مجال الاستثمار المباشر الخارجي ، قد تدهور إلى المرتبة الأكثر من 90، ومن وضع الدولة ضيفة الشرف في ملتقى دافوس ، إلى الدولة التي لا تغيب عن مختلف القائمات السوداء أو الرمادية.
ولكن الموضوعية تقتضينا القول أنه رغم هذه اللوحة القاتمة ، فإن البلاد حققت نقلة نوعية ، في مجال الحريات والديمقراطية ، وإن شابتهما الكثير من مظاهر انعدام النزاهة ، بسبب سيطرة المال الفاسد ، الذي دخل بقوة عالم السياسة.
وإني شخصيا من موقعي ، ومن مسؤوليتي بصفتي شاركت بما أقدر عليه ، في معركة تحرير البلاد ، ثم بناء الدولة ، وإنقاذها مما كانت تعانيه من فقر وجهل ومرض وحتى مجاعات متتالية ، وبحسب اختلاف تلك المواقع ، فإني  أدعو الدستوريين جميعا ، أن يضعوا اليد في اليد جميعهم دون استثناء البعض للبعض الآخر ، ودون أن ينغلقوا على أنفسهم تجاه من يريد أن يلتحق بصفوفهم ، في جهد متعاضد لاستنهاض الوطن من كبوته ، غير  متنكرين  لما حصل خلال السنوات الثماني الماضية ،  في  مجال إقرار مناخ ديمقراطي، ولكن في اتجاه تقويم ما اعوج، تحدونا رغبة  جامحة ، كما كنا دوما في خدمة هذه البلاد ، مستعينين بالطاقات الجمة الكامنة فينا ، والتي وفرت لنا ولغيرنا هذا الكم الهائل من الإطارات والكوادر ، التي تشكلت بفضل الجهد البورقيبي ، وانفجار تعليمي لا ينكره إلا جاحد.  
وستكون الإنتخابات المقبلة فرصة متاحة لهم ، ليرصوا صفوفهم كما كانوا دوما سواء إبان معركة التحرير ، أو معركة بناء الدولة ، أو معركة التنمية.
ليكن واضحا أن لا أحد سيمنحنا هدية على طبق لا من فضة ولا من ذهب ، لا أحد سيتبرع لنا بأصواته ، ولكن الجميع وفي مقدمتهم منافسينا سيبحثون عن كل الوسائل لاستقطاب أصواتنا  .
لقد حاول عدد من الأصدقاء والإخوة أن يجمعوا حولهم كل   الدستوريين ، ولكن بدون جدوى ،
 وإني شخصيا عندما أسست حزب الحركة الدستورية ، فإني لم أكن أتصور مدى صعوبة التصرف مع الأنانيات الشخصية ، ولقد تعهدت  مسبقا بنقل الحزب للشباب ، وكان مؤتمرنا مشهودا ،  دليل ذلك عقده في المقر التاريخي للحزب الدستوري ، الذي دشنه بورقيبة في القصبة ،  والذي تم تشييع جنازته منه عند وفاته.
وعندها اختار المؤتمرون بكل حرية الاسم الذي ارتــــــــــضوه  وهو " الحزب الدستوري الحر"
ولقد نقلت الأمانة إلى أصحابها وفي مقدمتهم ،  عبير موسي كرئيسة  لذلك الحزب ، وهي سابقة لامرأة ترأس حزبا مدعوا ليكون صرحا ، و معها لحاتم العماري ككاتب عام .
وإذ يبقى الدستوريون تحت طائلة ما أسمي بالعدالة الانتقالية ، يتهددهم في كل وقت  سيفها المسلط ظلما وعدوانا وفي تناقض كامل مع مقتضيات الدستور ، فإن  دعوتي  تبقى ملحة  إلى كل الدستوريين لاعتبار أنفسهم كمناضلين قاعديين ، ونسيان اختلافاتهم وسوء تفاهمهم ، والارتقاء بالنقاش  والفعل ، حول أحسن السبل لبلوغ الهدف الوحيد الذي يستحق جمع شملهم ، وهو المساهمة في إخراج بلادهم مما تردت إليه من صعوبات حاليا ، يحدوهم عزم قوي على التجاوز ، وتجمعهم قدراتهم التي لا  تحتاج إلى مزيد برهنة ، باعتماد ما كانوا حققوه من قبل من إنجازات ، يذكرها المواطنون فيشتد حنينهم إليها.
لنا أن نعترف بأننا غير قادرين على أن يجمعنا حزب واحد ، ولكن ذلك لا يمنعنا من أن نشكل قائمات موحـــــــدة ، تحت تسمية " القائمات البورقيبيــــة" تجمع كل الدستوريين وغيرهم من الوطنيين فتلك هي حالة واجبة ، إن كنا نريد مستقبلا  أن نلعب الدور الطليعي الذي سبق أن لعبناه ، وتقدمنا بالبلاد أشواطا كبرى للأمام ، علينا كذلك أن نختار من بيننا أفضل من منا لنضعهم في صدارة قائماتنا الموحدة ، وعلينا أن نتفادى منافسة بعضنا البعض كذلك.
لنبدأ أولا بدفع المواطنين خاصة من أنصارنا الذين أصابهم اليأس ،  فامتنعوا عن التسجيل في قائمات الناخبين ، على المبادرة بالتسجيل ثم لنشرع من الآن والوقت يلاحقنا على الشروع  ، في تشكيل قائماتنا الموحدة بعيدا عن كل روح زعاماتية ، وفي إطار عزم وطني صادق خال من كل أنانية.
الوطن يدعونا فلنستجب لدعوته ، تحت راية الديمقراطية ، وحرية التعبير والكلمة لما بعد 14 جانفي ، وأيضا  تحت راية الديناميكية الاقتصادية الاجتماعية لما قبل 2011.


قرأت لكم : نداء من الدكتور حامد القروي لتشكيل قائمات " بورقيبية "في الانتخابات المقبلة


ننشر في ما يلي نص على أعمدة مدونة " الصواب " نداء للدكتور حامد القروي الوزير الأول الأسبق ، وآخر نائب رئيس للتجمع الدستوري وذلك بترخيص منه  وقد تم نشره الأحد على أعمدة جريدة الشروق الغراء ، ويدعو  الدكتور حامد القروي فيه إلى تشكيل قائمات دستورية تحت تسمية " القائمات البورقيبية ، وذلك إسهاما وبطلب منه في الاستعداد للإنتخابات التشريعية المقبلة ، وفي ما يلي نص النداء.
ونحن على استعداد لنشر أي نداء آخر إذا توجه به إلينا أي من وجوه السياسة في تونس.

                نداء للدستوريين من أجل تونس
             بقلم  الدكتور حامد القروي
تحتفل  تونس بعد أيام بعيد استقلالها  ، الذي كان تتويجا وتكليلا لنضال الشعب التونسي قاطبة بقيادة الحزب الحر الدستوري وزعامة الحبيب بورقيبة  ، وكان رئيس الدولة قبل عام وبنفس المناسبة قد أطلق صفارة الانذار، و ذكر مستشهدا بالأرقام ، فشل الحكومات المتعاقبة ،منذ 2011 ،، مبرزا تقهقر تونس على كل الأصعدة .
كيف تدحرجنا إلى هذا الحضيض ؟
لنقل أولا أن اللجنة التي نصبت نفسها كجهاز تشريعي  برئاسة عياض بن عاشور ، أسندت لنفسها صلاحيات قضائية ، وحرمت الآلاف من المواطنين من أفضل من أنجبت البلاد من الإطارات من حقوقهم المدنية .
وهكذا انتهت انتخابات 2011 بالنتائج المعلومة بعد سحب البساط من تحت أرجل الدستوريين ، وهو ما أنتج دستورا ما زلنا نعاني وسنعاني طويلا من مساوئه إذا لم يقع تنقيحه.
كما انتهت إلى وضع  ثلاثي " الترويكا" ، وبعده حكومات متعددة ،  في الصدارة والحكم  ، وكانت النتيجة:  
**إدخال اختلال كبير على أجهزتنا   الأمنية ، ما وضع البلاد تحت وطأة  ورحمة الإرهاب.
** تبديد  5  آلاف مليار، كانت مرصودة  لإنجاز مشروعات للبنية التحتية في المناطق الداخلية ، دون أن نعرف لليوم ما هو مصيرها وماذا كان مجال إنفاقها ، ومن استفاد منها وطرق صرفها.
** تفاقم مديونية البلاد بعد أن كانت في أدنى مستوياتها سنة 2010
 وهكذا  باتت كل المؤشرات في اللون الأحمر ، فميزانية الدولة سجلت انخراما بعد أن كانت متوازنة ، والميزان التجاري لم يبلغ قط العجز  الذي وصل إليه حاليا ، وارتفاع مؤشر الأسعار  تفاقم بصورة غير مسبوقة ، وتوج كل ذلك انهيار الدينار ، الذي لا يمثل فقط عملة البلاد بل رمزها ، كما هو العلم الوطني والنشيد الوطني.
ففي سنة 1995 دعيت تونس لملتقى دافوس  كضيف شرف ، فكانت الاشادة إجماعية بالنتائج الاقتصادية التونسية ، ولقد عرضنا بفخر  في محاضرة في الجلسة العامة ، ما حققه الدستوريون من منجزات ، فمن بلد مستعمر متخلف ،  حقق تحرره، أمكنه أن يبني دولة متمتعة بالسيادة على أرضها ، متمكن من بنية تحتية قوية ، وعملة  مستقرة ، ونخبة متعلمة تعتبر سندا  صلبا وما تزال  للتنمية ، وجهازا صحيا واستشفائيا متميزا ، وشبكة نقل ومواصلات واتصالات عصرية، وبنية سكنية تميزت بأن الأغلب الأعم من المواطنين كانوا يملكون بيوتهم .
ولعله من المؤسف بل من المحزن أن يلاحظ المرء  أن البلد الذي كان في عام 1995 يحتل المرتبة 32 بين دول العالم في مجال الاستثمار المباشر الخارجي ، قد تدهور إلى المرتبة الأكثر من 90، ومن وضع الدولة ضيفة الشرف في ملتقى دافوس ، إلى الدولة التي لا تغيب عن مختلف القائمات السوداء أو الرمادية.
ولكن الموضوعية تقتضينا القول أنه رغم هذه اللوحة القاتمة ، فإن البلاد حققت نقلة نوعية ، في مجال الحريات والديمقراطية ، وإن شابتهما الكثير من مظاهر انعدام النزاهة ، بسبب سيطرة المال الفاسد ، الذي دخل بقوة عالم السياسة.
وإني شخصيا من موقعي ، ومن مسؤوليتي بصفتي شاركت بما أقدر عليه ، في معركة تحرير البلاد ، ثم بناء الدولة ، وإنقاذها مما كانت تعانيه من فقر وجهل ومرض وحتى مجاعات متتالية ، وبحسب اختلاف تلك المواقع ، فإني  أدعو الدستوريين جميعا ، أن يضعوا اليد في اليد جميعهم دون استثناء البعض للبعض الآخر ، ودون أن ينغلقوا على أنفسهم تجاه من يريد أن يلتحق بصفوفهم ، في جهد متعاضد لاستنهاض الوطن من كبوته ، غير  متنكرين  لما حصل خلال السنوات الثماني الماضية ،  في  مجال إقرار مناخ ديمقراطي، ولكن في اتجاه تقويم ما اعوج، تحدونا رغبة  جامحة ، كما كنا دوما في خدمة هذه البلاد ، مستعينين بالطاقات الجمة الكامنة فينا ، والتي وفرت لنا ولغيرنا هذا الكم الهائل من الإطارات والكوادر ، التي تشكلت بفضل الجهد البورقيبي ، وانفجار تعليمي لا ينكره إلا جاحد.  
وستكون الإنتخابات المقبلة فرصة متاحة لهم ، ليرصوا صفوفهم كما كانوا دوما سواء إبان معركة التحرير ، أو معركة بناء الدولة ، أو معركة التنمية.
ليكن واضحا أن لا أحد سيمنحنا هدية على طبق لا من فضة ولا من ذهب ، لا أحد سيتبرع لنا بأصواته ، ولكن الجميع وفي مقدمتهم منافسينا سيبحثون عن كل الوسائل لاستقطاب أصواتنا  .
لقد حاول عدد من الأصدقاء والإخوة أن يجمعوا حولهم كل   الدستوريين ، ولكن بدون جدوى ،
 وإني شخصيا عندما أسست حزب الحركة الدستورية ، فإني لم أكن أتصور مدى صعوبة التصرف مع الأنانيات الشخصية ، ولقد تعهدت  مسبقا بنقل الحزب للشباب ، وكان مؤتمرنا مشهودا ،  دليل ذلك عقده في المقر التاريخي للحزب الدستوري ، الذي دشنه بورقيبة في القصبة ،  والذي تم تشييع جنازته منه عند وفاته.
وعندها اختار المؤتمرون بكل حرية الاسم الذي ارتــــــــــضوه  وهو " الحزب الدستوري الحر"
ولقد نقلت الأمانة إلى أصحابها وفي مقدمتهم ،  عبير موسي كرئيسة  لذلك الحزب ، وهي سابقة لامرأة ترأس حزبا مدعوا ليكون صرحا ، و معها لحاتم العماري ككاتب عام .
وإذ يبقى الدستوريون تحت طائلة ما أسمي بالعدالة الانتقالية ، يتهددهم في كل وقت  سيفها المسلط ظلما وعدوانا وفي تناقض كامل مع مقتضيات الدستور ، فإن  دعوتي  تبقى ملحة  إلى كل الدستوريين لاعتبار أنفسهم كمناضلين قاعديين ، ونسيان اختلافاتهم وسوء تفاهمهم ، والارتقاء بالنقاش  والفعل ، حول أحسن السبل لبلوغ الهدف الوحيد الذي يستحق جمع شملهم ، وهو المساهمة في إخراج بلادهم مما تردت إليه من صعوبات حاليا ، يحدوهم عزم قوي على التجاوز ، وتجمعهم قدراتهم التي لا  تحتاج إلى مزيد برهنة ، باعتماد ما كانوا حققوه من قبل من إنجازات ، يذكرها المواطنون فيشتد حنينهم إليها.
لنا أن نعترف بأننا غير قادرين على أن يجمعنا حزب واحد ، ولكن ذلك لا يمنعنا من أن نشكل قائمات موحـــــــدة ، تحت تسمية " القائمات البورقيبيــــة" تجمع كل الدستوريين وغيرهم من الوطنيين فتلك هي حالة واجبة ، إن كنا نريد مستقبلا  أن نلعب الدور الطليعي الذي سبق أن لعبناه ، وتقدمنا بالبلاد أشواطا كبرى للأمام ، علينا كذلك أن نختار من بيننا أفضل من منا لنضعهم في صدارة قائماتنا الموحدة ، وعلينا أن نتفادى منافسة بعضنا البعض كذلك.
لنبدأ أولا بدفع المواطنين خاصة من أنصارنا الذين أصابهم اليأس ،  فامتنعوا عن التسجيل في قائمات الناخبين ، على المبادرة بالتسجيل ثم لنشرع من الآن والوقت يلاحقنا على الشروع  ، في تشكيل قائماتنا الموحدة بعيدا عن كل روح زعاماتية ، وفي إطار عزم وطني صادق خال من كل أنانية.
الوطن يدعونا فلنستجب لدعوته ، تحت راية الديمقراطية ، وحرية التعبير والكلمة لما بعد 14 جانفي ، وأيضا  تحت راية الديناميكية الاقتصادية الاجتماعية لما قبل 2011.


الأحد، 10 مارس 2019

سانحة : قضية الرضع ، غياب دولة

  
سانحة
بقلم عبد اللطيف الفراتي
بعد كارثة مقتل الولدان
بلا دولة ولا بلد
تونس / الصواب/10/03/2019
لاشيء في الدولة يسير وفق الطبيعي ،  رغم أنه  كان معنقدا أن السير الطبيعي للأشياء ، ينحى منحاه ، في أوتوماتيكية تسير عليها الأمور  في خط مستقيم.
حتى جاءت الكارثة ، فمات 11 من الرضع الحديثي الولادة على الأقل ، يبدو أن عددهم أكبر ، هل بسبب الإهمال ، وهل بسبب الانفلات ، وهل بسبب فقدان التراتيبية الإدارية ، التي كانت تخضع كل شيء إلى سير طبيعي كما هي طبيعة الكون.
ما حدث ليس مفاجئا بل أعتقد أنه كان متوقعا ، ويدخل في طبيعة الأشياء مذ فقدت يد الدولة سيطرتها على الأشياء ، مذ كتب مصطفى الفيلالي في العام 2013 في جريدة الصباح هل بقيت في تونس دولة ، مذ اختلط الحابل بالنابل وفقدت التراتيبية الإدارية إمساكها بحقيقة السلطة وترتيبها ، وهو ما سرت عدواه حتى للقطاع الخاص ، مذ تقرر أن يرتفع عدد العاملين في الفوسفاط إلى 5 أضعافه ، وينخفض حجم الإنتاج إلى ثلث مقداره  مصحوبا بإضرابات دورية لا تنتهي ، مذ دخل البعض لمستشفى " جامعي " بصفاقس ، ومكنوا طهار عربي من ختان عدة عشرات " على الطريقة الإسلامية " ولم تحرك الإدارة حتى لا أقول الدولة ساكنا ، مذ بات العون البسيط يفرض أمره على الطبيب الذي قضى 11 سنة في الدراسة على الأقل فضلا عن سنوات التجربة ، مذ شعر الطبيب أنه أصبح كما مهملا فغادر مبضعه وجهاز قياس ضغط الدم ، لينفذ بجلده إلى القطاع الخاص في أحسن الأحوال ، وإلى الخارج في أسوإ الأحوال ، فقفرت مستشفياتنا من علمائها وكبار أطبائها بعد أن كانت فخرا لنا، مذ فرضت النهضة في تحالف موضوعي مع النقابة طرد وزير لأنه لم يترك " الماء يسياب على البطيخ " وحاول أن يعيد الانضباط إلى المستشفى العمومي ، الذي يتعامل مع صحة وأرواح المواطنين ، وبات هو ورديفه من القطاع الخاص ، يستتقطبان المرضى الأجانب ، لارتفاع في مستوى التطبيب في بلادنا ، مذ أطرد وزير الشؤون الدينية شر طردة من منصبه ، وأقيل وزير التربية تحت ضغط حزبي وآخر نقابي  ووضع في " حنك الباب" وتم إسقاط إصلاح ، في بلد اكتشفنا أنه بات عصيا على الإصلاح ، وأن قدرته الاصلاحية في مجال التعليم ،توقفت عند محمود المسعدي في الستينيات ، ومحمد الشرفي في التسعينيات.
وزير الصحة لا أعرفه مطلقا ، وحتى اسمه لم يكن ضمن ذاكرتي عندما تم نطق اسمه أمامي ، ولكني أكتفي بشهادة من أثق منهم من معارفه ممن أشادوا بكفاءته العالية ، وأخلاقه الأعلى ، ووطنيته التي بلا حدود ، لأقول إنه ليس مسؤولا عما ، وقع بل المسؤول هم الذين قادوا البلاد منذ 2011 إلى ما هي عليه اليوم من تسيب ، ومن ارتخاء قرار .

الجمعة، 8 مارس 2019

مغاربيات : كيف ضاع حق تونس ؟

مغاربيات

يكتبها عبد اللطيف الفراتي
عندما افتك بوتفليقة الأرض التونسية
تونس/ الصواب /08/03/2019
في بداية سنة 1970 ، وفي غياب بورقيبة الذي ذهب للعلاج في باريس ، وكانت تونس قد خرجت للتو من المغامرة  التجميعية التعاضدية ، وقد تآكلت طبقتها السياسية ، جاء وزير الخارجية الجزائري آنذاك عبد العزيو بوتفليقة ، مرفوقا بمجموعة اتفاقيات كان على القيادة التونسية أن تقبل بها وتوقع عليها ، وفعلا قام الحبيب بورقيبة الابن وزير الخارجية التونسي آنذاك بذلك التوقيع ، تجنبا لكل تصعيد مع الجارة الجزائر في وقت كانت فيه تونس في " أوج " ضعفها ، فقد كان تم تعيين الباهي الأدغم وزيرا أول ، بعد أن كان على مدى 13 سنة مجرد كاتب دولة للرئاسة ، وقد جلس على مقعد هزاز ، فكل المؤشرات والإشاعات كانت تشير إلى أنه لن يستقر في موقعه ، وقد رشحت الأخبار ، وأقول الأخبار الهادي نويرة لمنصب الوزير الأول ، وهو الخليفة المنتظر المعين لبورقيبة منذ سجن سان نيكولا في مرسيليا إبان الحرب العالمية الثانية في سنة 1942 أو 1943.
أما منصب وزير الخارجية فكان سيؤول وفقا لما تردد أيامها لمحمد المصمودي الذي كان مغضوبا عليه ، ورجع لحضن بورقيبة الحنون ، ألم يناد بنهاية الحكم الفردي؟
في تلك الأثناء جاء إلى تونس كالريح العاصفة عبد العزيز بوتفليقة ، المنفذ الأمين لتوجهات هواري بومدين رئيس الجزائر منذ 1965 بعد انقلاب على الرئيس أحمد بن بلة ، والذي كانت حقيقة النفوذ بيده منذ 1962 تاريخ استقلال الجزائر ، عندما زحف من الحدود التونسية مزيحا لفائدة بن بلة الحكومة الجزائرية المؤقتة بكل شرعيتها ورئيسها بن يوسف بن خدة المنتخب في مؤتمر طرابلس.
استسلمت الحكومة التونسية الضعيفة أيامها  برئاسة الباهي الأدغم الذي فوضه بورقيبة كل شيء ، وأعطت ما لا تملك أن تعطيه إلى من لا حق له في أن يملك جزء عزيزا من الأرض التونسية لا تقل مساحته عن 20 ألف كيلومتر مربع يمثل واحد من 6 من مجموع الأرض التونسية ، يزخر بثروة نفطية مخزونها بعشرات ملايين الأطنان وفقا للمؤكد من التحليلات ، استشهد في سبيل استرجاعه كبقية التراب التونسي أعداد من الشهداء .
ومقابل ذلك دفعت الحكومة الجزائرية ويا بخس ما دفعت ما يوازي تقريبا 10 مليارات ، ولو لم تكن تلك الأرض من حق تونس لما كانت دفعت الدولة الجارة ولا مليما واحدا.
وللحقيقة فإن قصة أرض الجنوب التونسي قصة قديمة تعود إلى بدايات  ما قبل القرن الماضي العشرين ، وكل الوثائق بين تونس من جهة والسلطنة العثمانية التي كانت وقتها تسيطر على طرابلس ، والحكومة الفرنسية باعتبار أنها تعتبر في ذلك الوقت الجزائر قطعة من فرنسا، وتشير الوثائق جميعها إلى أن الحد التونسي يصل إلى بئر الرمان أو ما اصطلح عليه بالناظور 233 ، ويقول الطاهر بلخوجة في مذكراته ، إن لقاء رامبويي في أفريل 1961 بين بورقيبة وديغول أثيرت فيه قضية الصحراء ، وأن فرنسا أعطت ما لا تملك لمن لا حق له أن يملك ، بمناسبة اتفاقيات إيفيان التي كرست استقلال الجزائر ، كما يقول الطاهر بلخوجة ، أن الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة فرحات عباس وعدت  في رسالة مشهودة بحل الاشكال بعد استقلال الجزائر ، راجيا عدم التشويش على المفاوضات مع فرنسا ، كما سبق وعد من الرئيس الجزائري  أحمد بن بلة في القمة التأسيسية لمنظمة الوحدة الافريقية في ماي 1963 ، وبمحضر الرئيس المصري عبد الناصر بالتسوية بعد أن كان الفاس وقع في الرأس ، غير أن وزير دفاعه وقتها هواوري بومدين ووزير خارجيته عبد العزيز بوتفليقة منعاه من تنفيذ وعده ، فبل أن يتوليا الانقلاب عليه في جوان 1965.
تلك حقائق لا بد أن يعرفها التونسيون ، ولا بد أيضا أن تبقى في الذاكرة الجماعية.