قرأت لكم
|
ننشر في ما يلي نص على أعمدة مدونة "
الصواب " نداء للدكتور حامد القروي الوزير الأول الأسبق ، وآخر نائب رئيس
للتجمع الدستوري وذلك بترخيص منه وقد تم
نشره الأحد على أعمدة جريدة الشروق الغراء ، ويدعو الدكتور حامد القروي فيه إلى تشكيل قائمات دستورية
تحت تسمية " القائمات البورقيبية ، وذلك إسهاما وبطلب منه في الاستعداد
للإنتخابات التشريعية المقبلة ، وفي ما يلي نص النداء.
ونحن على استعداد لنشر أي نداء آخر إذا توجه
به إلينا أي من وجوه السياسة في تونس.
نداء للدستوريين من أجل تونس
بقلم الدكتور حامد القروي
تحتفل تونس بعد أيام بعيد استقلالها ، الذي كان تتويجا وتكليلا لنضال الشعب التونسي
قاطبة بقيادة الحزب الحر الدستوري وزعامة الحبيب بورقيبة ، وكان رئيس الدولة قبل عام وبنفس المناسبة قد
أطلق صفارة الانذار، و ذكر مستشهدا بالأرقام ، فشل الحكومات المتعاقبة ،منذ 2011
،، مبرزا تقهقر تونس على كل الأصعدة .
كيف تدحرجنا
إلى هذا الحضيض ؟
لنقل أولا أن
اللجنة التي نصبت نفسها كجهاز تشريعي برئاسة عياض بن عاشور ، أسندت لنفسها صلاحيات
قضائية ، وحرمت الآلاف من المواطنين من أفضل من أنجبت البلاد من الإطارات من
حقوقهم المدنية .
وهكذا انتهت
انتخابات 2011 بالنتائج المعلومة بعد سحب البساط من تحت أرجل الدستوريين ، وهو ما
أنتج دستورا ما زلنا نعاني وسنعاني طويلا من مساوئه إذا لم يقع تنقيحه.
كما انتهت
إلى وضع ثلاثي " الترويكا" ، وبعده
حكومات متعددة ، في الصدارة والحكم ، وكانت النتيجة:
**إدخال
اختلال كبير على أجهزتنا الأمنية ، ما وضع البلاد تحت وطأة ورحمة الإرهاب.
** تبديد 5 آلاف مليار،
كانت مرصودة لإنجاز مشروعات للبنية
التحتية في المناطق الداخلية ، دون أن نعرف لليوم ما هو مصيرها وماذا كان مجال
إنفاقها ، ومن استفاد منها وطرق صرفها.
** تفاقم
مديونية البلاد بعد أن كانت في أدنى مستوياتها سنة 2010
وهكذا باتت كل المؤشرات في اللون الأحمر ، فميزانية
الدولة سجلت انخراما بعد أن كانت متوازنة ، والميزان التجاري لم يبلغ قط العجز الذي وصل إليه حاليا ، وارتفاع مؤشر الأسعار تفاقم بصورة غير مسبوقة ، وتوج كل ذلك انهيار
الدينار ، الذي لا يمثل فقط عملة البلاد بل رمزها ، كما هو العلم الوطني والنشيد
الوطني.
ففي سنة 1995
دعيت تونس لملتقى دافوس كضيف شرف ، فكانت
الاشادة إجماعية بالنتائج الاقتصادية التونسية ، ولقد عرضنا بفخر في محاضرة في الجلسة العامة ، ما حققه
الدستوريون من منجزات ، فمن بلد مستعمر متخلف ،
حقق تحرره، أمكنه أن يبني دولة متمتعة بالسيادة على أرضها ، متمكن من بنية
تحتية قوية ، وعملة مستقرة ، ونخبة متعلمة
تعتبر سندا صلبا وما تزال للتنمية ، وجهازا صحيا واستشفائيا متميزا ،
وشبكة نقل ومواصلات واتصالات عصرية، وبنية سكنية تميزت بأن الأغلب الأعم من
المواطنين كانوا يملكون بيوتهم .
ولعله من المؤسف
بل من المحزن أن يلاحظ المرء أن البلد
الذي كان في عام 1995 يحتل المرتبة 32 بين دول العالم في مجال الاستثمار المباشر
الخارجي ، قد تدهور إلى المرتبة الأكثر من 90، ومن وضع الدولة ضيفة الشرف في ملتقى
دافوس ، إلى الدولة التي لا تغيب عن مختلف القائمات السوداء أو الرمادية.
ولكن
الموضوعية تقتضينا القول أنه رغم هذه اللوحة القاتمة ، فإن البلاد حققت نقلة نوعية
، في مجال الحريات والديمقراطية ، وإن شابتهما الكثير من مظاهر انعدام النزاهة ، بسبب
سيطرة المال الفاسد ، الذي دخل بقوة عالم السياسة.
وإني شخصيا
من موقعي ، ومن مسؤوليتي بصفتي شاركت بما أقدر عليه ، في معركة تحرير البلاد ، ثم
بناء الدولة ، وإنقاذها مما كانت تعانيه من فقر وجهل ومرض وحتى مجاعات متتالية ، وبحسب
اختلاف تلك المواقع ، فإني أدعو
الدستوريين جميعا ، أن يضعوا اليد في اليد جميعهم دون استثناء البعض للبعض الآخر ،
ودون أن ينغلقوا على أنفسهم تجاه من يريد أن يلتحق بصفوفهم ، في جهد متعاضد لاستنهاض
الوطن من كبوته ، غير متنكرين لما حصل خلال السنوات الثماني الماضية ، في مجال
إقرار مناخ ديمقراطي، ولكن في اتجاه تقويم ما اعوج، تحدونا رغبة جامحة ، كما كنا دوما في خدمة هذه البلاد ،
مستعينين بالطاقات الجمة الكامنة فينا ، والتي وفرت لنا ولغيرنا هذا الكم الهائل
من الإطارات والكوادر ، التي تشكلت بفضل الجهد البورقيبي ، وانفجار تعليمي لا
ينكره إلا جاحد.
وستكون
الإنتخابات المقبلة فرصة متاحة لهم ، ليرصوا صفوفهم كما كانوا دوما سواء إبان
معركة التحرير ، أو معركة بناء الدولة ، أو معركة التنمية.
ليكن واضحا
أن لا أحد سيمنحنا هدية على طبق لا من فضة ولا من ذهب ، لا أحد سيتبرع لنا بأصواته
، ولكن الجميع وفي مقدمتهم منافسينا سيبحثون عن كل الوسائل لاستقطاب أصواتنا .
لقد حاول عدد
من الأصدقاء والإخوة أن يجمعوا حولهم كل الدستوريين
، ولكن بدون جدوى ،
وإني شخصيا عندما أسست حزب الحركة الدستورية ،
فإني لم أكن أتصور مدى صعوبة التصرف مع الأنانيات الشخصية ، ولقد تعهدت مسبقا بنقل الحزب للشباب ، وكان مؤتمرنا مشهودا
، دليل ذلك عقده في المقر التاريخي للحزب
الدستوري ، الذي دشنه بورقيبة في القصبة ، والذي تم تشييع جنازته منه عند وفاته.
وعندها اختار
المؤتمرون بكل حرية الاسم الذي ارتــــــــــضوه
وهو " الحزب الدستوري الحر"
ولقد نقلت
الأمانة إلى أصحابها وفي مقدمتهم ، عبير
موسي كرئيسة لذلك الحزب ، وهي سابقة لامرأة
ترأس حزبا مدعوا ليكون صرحا ، و معها لحاتم العماري ككاتب عام .
وإذ يبقى
الدستوريون تحت طائلة ما أسمي بالعدالة الانتقالية ، يتهددهم في كل وقت سيفها المسلط ظلما وعدوانا وفي تناقض كامل مع
مقتضيات الدستور ، فإن دعوتي تبقى ملحة إلى كل الدستوريين لاعتبار أنفسهم كمناضلين
قاعديين ، ونسيان اختلافاتهم وسوء تفاهمهم ، والارتقاء بالنقاش والفعل ، حول أحسن السبل لبلوغ الهدف الوحيد
الذي يستحق جمع شملهم ، وهو المساهمة في إخراج بلادهم مما تردت إليه من صعوبات
حاليا ، يحدوهم عزم قوي على التجاوز ، وتجمعهم قدراتهم التي لا تحتاج إلى مزيد برهنة ، باعتماد ما كانوا حققوه
من قبل من إنجازات ، يذكرها المواطنون فيشتد حنينهم إليها.
لنا أن نعترف بأننا غير قادرين على أن يجمعنا حزب واحد ، ولكن ذلك لا
يمنعنا من أن نشكل قائمات موحـــــــدة ، تحت تسمية " القائمات البورقيبيــــة"
تجمع كل الدستوريين وغيرهم من الوطنيين فتلك هي حالة واجبة ، إن كنا نريد مستقبلا أن نلعب الدور الطليعي الذي سبق أن لعبناه ، وتقدمنا
بالبلاد أشواطا كبرى للأمام ، علينا كذلك أن نختار من بيننا أفضل من منا لنضعهم في
صدارة قائماتنا الموحدة ، وعلينا أن نتفادى منافسة بعضنا البعض كذلك.
لنبدأ أولا
بدفع المواطنين خاصة من أنصارنا الذين أصابهم اليأس ، فامتنعوا عن التسجيل في قائمات الناخبين ، على
المبادرة بالتسجيل ثم لنشرع من الآن والوقت يلاحقنا على الشروع ، في تشكيل قائماتنا الموحدة بعيدا عن كل روح
زعاماتية ، وفي إطار عزم وطني صادق خال من كل أنانية.
الوطن يدعونا
فلنستجب لدعوته ، تحت راية الديمقراطية ، وحرية التعبير والكلمة لما بعد 14 جانفي
، وأيضا تحت راية الديناميكية الاقتصادية
الاجتماعية لما قبل 2011.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق