Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

السبت، 27 أغسطس 2016

الموقف السياسي : المعلن بعد نيل الثقة ، فقر مدقع في الاعلان عن حلول الأزمة

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الشاهد جاهز للمنصب
منذ أكثر من ثلاثة أشهر
والصيد مدفوع إلى باب الخروج حتى قبل الأوان   
تونس / الصواب / 2è/08/
دفعوه للخروج حتى قبل الموعد ، قبل أن يتم تنصيب الحكومة ، فقد آخر صلاحياته كرئيس لحكومة تسيير الأعمال هو ووزيره للشباب والرياضة بدون وجه حق ، فلقد كان مفترضا أن يكون الحبيب الصيد في موقعه حتى تسليم السلطات يوم الإثنين  وبالتلي يكون ضمن الذين يسلمون الكأس للترجي الرياضي ، ولكن الإرادة الرئاسية استعجلت الأمر ، فيما الصيد هو رئيس الحكومة الشرعي حتى تسليم مهامه للحكومة الجديدة ، المقرر ليوم الاثنين ، وتأدية اليمين لا تعطي الشاهد شرعية الحكم قبل أن يستلم رسميا من سلفه مفاتيح السلطة ،
ولكن لا علينا ، فنحن لسنا أمام أول خرق فاضح ، وسنستمر ، كما كان الأمر في عهد بورقيبة وكذلك عهد بن علي ، ألم يكن كل واحد منهما هو المعلم والقدوة.
لا علينا  أيضا ، نحن اليوم أمام حكومة جديدة تم تشبيبها إلى حد ، وتأنيثها إلى حد ، وتنويعها إلى حد بما في ذلك تطعيمها بدساترة وتجمعيين من مستويات متوسطة ، في انتظار رؤية الأقطاب السابقين ينتشرون ( ولا للإقصاء وما فيه حد خير من حد ),
حكومة تتميز بعدة خصائص :
أولها أنها حكومة متعملقة عددا ، برئيس حكومة وأربعين عضوا ، بينما شاع وتم تأكيد أنها ستكون قليلة العدد.
ثانيها أن رئيسها يتمتع بقدرة اتصالية عالية ، يحسن فن الخطابة ويتمتع بكاريزما كان يفتقدها سلفه ، وهو قادر على الانتقال بيسر من لهجة الحديث المنطقي إلى الخطاب الحماسي الذي يلهب الحاضرين وعبرهم المواطنين , وهذه القدرة يدفعها تحضير جيد ، ربما استمر أسابيع ، على طريقة التحرك الاتصالي العصري ، بفصاحة واثقة ، وحركات مدروسة.
ثالثها تشخيص جيد وصريح لواقع الحال "الكارثي " وما يتطلبه من تضحيات .
رابعها  فقر مدقع ، في تحميل المسؤولية لسبب هذا الوضع الكارثي ومن كانوا وراءه منذ 2012  ، فالنهضة شريكة في الحكم ولا ينبغي إغضابها ، والنداء استلم الحكم وعبث به,
خامسها  سكوت عن الأدوات القادرة على الانقاذ من الوضع المتردي ، بل عدم مصارحة بما سيكون عليه الوضع بعد ثلاثة أو أربعة أشهر.
فقط للمرء أن يذكر بالخطاب المعلن من أديناور ووزيره للاقتصاد  إرهارد غداة الحرب العالمية الثانية  في ألمانيا ، وما كانت عليه  البلاد من خراب ودمار ، استطاع الرجلان أن يحققا رغمه ما أسمي في حينه المعجزة الألمانية ،
متى تعرف تونس رجالا من ذلك الحجم ، ولنقل إنهم موجودون على الساحة ، ولكن الحكام لا يريدون اللجوء إليهم ، ليبقى الأمر في أيدي يرضى ويتفق حولها الشيخان؟


الخميس، 25 أغسطس 2016

استكمال : الموقف السياسي : رجع الصدى المتوقع لتشكيل حكومة السبسي/ الشاهد

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
حكومة السبسي/ الشاهد
تجتاز خط الوصول بتركيبتها الأصلية
تونس / الصواب / 25/08/2016
غدا الجمعة 26/08/2016 موعد وقوف حكومة الباجي / الشاهد أمام مجلس نواب الشعب ، سيكون يوسف الشاهد هناك منفردا ، ولن يجد السبسي في إسناده ، وإن كان شخصيا يتميز بسرعة البديهة الفصاحة والقدرة على التبليغ  والكاريزما ، كأي أستاذ جامعي ناجح ، وإن كان الكثير من الناس يعتقدون أنه يفتقد للتجربة السياسية ، بكل ما تحتمله من قدرة على المناورة .
وبعكس ما واجهه الحبيب الصيد في وقته ، من انتقاد   محدود انصب خصوصا على وزيرة السياحة كربول  ، قبل أن ينال بيد عالية ثقة البرلمان ، فالمعتقد أن يوسف الشاهد سوف يرى حملة شعواء بشأن تركيبته الوزارية ، فالجميع يعرف أنها ليست تشكيلته ، وإن سيقع تجنيب الباجي النقد المباشر ، فإن الخلفية ستكون قائمة على ذلك التدخل من رئيس الجمهورية بعكس المقتضيات الدستورية ، وما يتهم به بأنه هو الذي شكل الحكومة فعلا ، وبالصورة التي أعلن منها وبدون مواربة.
غير أن هذه الحكومة تتميز رغم ذلك بثلاثة خصائص لا مفر من التعرض إليها:
أولها أنها ضمت في صفوفها ولأول مرة أعضاء كانوا في قيادات مختلفة في التجمع الدستوري وحتى أعلى مستوى فيه ولآخر لحظة، وفي ذلك  ما اعتبر تطبيعا  إضافيا مع العهد السابق ، لما قبل الثورة أو ما يسمى ثورة.
ذلك قطر وينتظر أن ينهمر، في مناسبات مقبلة ، وبمناسبة تعديلات وزارية ، قد لا يطول انتظارها.
ثانيا أن الوزراء الذين أسهموا في إسقاط رئيس الحكومة السابق ، ونشروا بيانا ضده توقعا منهم للعودة  لمناصبهم  أو لمناصب أخرى قد تم إقصاء غالبهم ، ولم يفدهم في شيء ذلك الموقف ، كما لم يفدهم التذيل أحيانا المذل لابن رئيس الجمهورية ، حافظ قائد السبسي حفاظا على مواقعهم التي فقدوها  أو فقدها بعضهم،رغم ذلك وإن كان بعضهم ينتظر مواقع في رئاسة الجمهورية  "أو في رئاسة الحكومة تعوضهم "عما فقدوه وإن كانت أقل لمعانا من المنصب الوزاري.
ثالثا أن الوزراء الذين بقوا إلى آخر لحظة على وفائهم للحبيب الصيد على قلتهم  ، قد فقدوا  بطبيعة الأشياء مراكزهم الوزارية "عقابا لهم على ذلك الوفاء "  ، ومنهم الذين كانوا نوابا في المجلس البرلماني ، فقدوا أيضا  مواقعهم النيابية ، بحكم النصوص القانونية ، ووجدوا أنفسهم "عاطلين عن العمل "  باستثناء ما يتمتعون به من امتيازات وقتية بصفتهم الوزارية السابقة.
**
الواضح أن الشاهد  ( بل لعله السبسي ) لم يستجب لكل  ـ أو حتى ـ  بعض الطلبات المقدمة إليه ، وسيقدم حكومته كما  حدد تركيبتها من اليوم الأول ،  وهذا الرفض جاء سواء  بطلب إقحام وزراء آخرين في تشكيلته ، أو الاستغناء عن وزراء ، لا ينالون رضا هذا الطرف أو ذاك من أطراف الحكومة  و قيادات الأحزاب الجديدة والقديمة المؤتلفة ، بعد أن فاجأتهم تعيينات لا يوافقون عليها  أو على بعضها ، وفرض عليهم "زملاء " لا يريدونهم ، وانطلقت حملات ضد هذا أو ذاك بسبب انتماءات سابقة أو اتهامات بالفساد ، أو أقوال ضد النهضة ، أو حملة منظمة ضد وزير سابق ما زال حزبه في الحكم ، ولعل هذه الحملات توجهت بالأساس ضد وزير الشؤون الدينية الجديد  الموصوف بقمة الرجعية ، ووزير الفلاحة الواقع التشكيك في صلاحيته لتلك الوزارة ، أو سابق تنديده بالنهضة ورجالاتها ، والوزير بن غربية الذي قامت معركة لم تنته بينه وبين زعيم حزب آفاق  على خلفية عقد كان محتملا مع بنك لازارد للأعمال، وهو مؤسسة دراسات وليس بنكا بالمفهوم السائد يتعامل بالأموال، هذا فضلا عن نداء تونس الذي قدم للتوزير  قائمة قدمها زعيمه حافظ قائد السبسي   تضم 55 اسما.

كل هذا دون الحديث عن هزة متوقعة مستقبلا في عدد من الأحزاب كرجع صدى لمن توقعوا الوزارة ولم ينالوها ، أو غير الموافقين على مسار أحزابهم إزاء التشكيل الجديد ،، سؤال هل خطط السبسي لذلك أم لم يخطط
**
وفي تحليل قدمه موقع "إيفاي" فإن الانتماءات الحزبية   في الحكومة الجديدة تفرز4 من نداء تونس و3 من النهضة و3 من آفاق وأن ثلاثة محسوبين على اتحاد الشغل و4 على أحزاب اليسار.
أما  معدل السن  دائما حسب نفس المصدر  فهو 49 عاما ، والأعلى سنا هو فرحات الحرشاني ( مستقل ) وزير الدفاع (63 سنة)، والأصغر سنا سيدة الونيسي (نهضة ) (29 سنة).
وأن 33   وزيرا بمن فيهم رئيس الحكومة هم من الرجال و9 من السيدات، وأن 17 ينحدرون من عالم السياسة و 10 من الإدارة ومن القطاع الخاص و6 من الجامعيين و4 غير معروف مصدرهم.



الموقف السياسي : عشية منح الثقة لحكومة السبسي / الشاهد

سانحة  
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
على هامش تشكيل "حكومة الشاهد"
عودة إلى النظام الرئاسي ؟
تونس / الصواب / 24/ 08/2016
بعكس عادتي لم أقدم في الابان على التعليق على تشكيلة الحكومة الجديدة ، ورغم قناعتي بأنها لن تتغير ، رغم المطالبات من هنا وهناك ، فإني أترك لنفسي هامشا ولو صغيرا من الاعتقاد بأنه حتى الجمعة لن يصيبها تعديل ، بعكس حكومة الصيد التي تم الاعلان عنها إذاك ، ثم سحب منها وزراء وأضيف إليها آخرون ، وذلك لسببين :
1/ إننا لسنا أمام حكومة رئيس الحكومة الشاهد ، بل أمام حكومة الباجي قائد السبسي  الذي سبق أن قال في سنة 2011  أنه يحكم ولا يشاركه في حكمه أحد.
2/ أن البلاد تنزلق رغم نص وروح دستور سنة 2014  إلى نظام رئاسي بالواقع، ويودع على الأقل في فترة الرئاسة السبسية النظام البرلماني أو البرلماني المختلط كما نص عليه الدستور.
ومنذ 2 جوان  الماضي  والخطاب الشهير الذي بدا وكأنه إقالة من طرف رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة الحبيب الصيد ، برز  أن البلاد تركت وراء ظهرها دستور 2014 ومقتضياته ، وهناك من الشراح القانونيين من اعتبر ذلك الخطاب بمثابة تحد للدستور ، وهو أمر قبلت به دون حراك مجمل القوى السياسية التي رأت فرصتها سانحة إما لتعزيز مواقعها ، أو لانتهاز فرصة دخول الحكومة بعد أن فوتت على نفسها الفرصة في أوائل 2015 .
وبعكس ما يفرضه المنطق الدستوري ، فإن المبادرة خرجت من الماسك الفعلي بالسلطة التنفيذية أي رئيس الحكومة إلى  يد رئيس الجمهورية ، الذي بدا حنينه للنظام الرئاسي قويا جدا ، حتى واتته الفرصة ليحقق إرادته ، مع لي عنق المقتضيات الدستورية الواضحة.
فقد انتقلت حقيقة السلطة التنفيذية من القصبة إلى قرطاج ، بمباركة من كــــــــــل " القوى  السياسية " معارضة أو في "الحكم " ووجد رئيس الحكومة نفســــــــــه " أوت" out    خارج سدة الحكم ، ورغم الحيل القانونية التي استعملها فقد رأى السجاد يسحب من تحت رجليه ، ولكن بما اعتقد أنه يمكنه من خروج مشرف ، ويضمن له مستقبلا سياسيا .
بمجرد ما أعلن يوسف الشاهد ، الذي فرضه رئيس الجمهورية في مفاجأة على الجميع ، عن تشكيلة الحكومة حتى ارتفعت عقيرة كل الأطراف بين متحفظة وبين محتجة وبين مهددة ، متجهة إلى الشاهد ترجوه ، التغيير ، وهي تعرف  أو لا تعرف أن الأمر ليس بيده ، وإنما هي إرادة رئيس الجمهورية  وهي التي أتت به ، وهي صاحبة القرار الحقيقي ، بعكس ما كان عليه الأمر نسبيا عند تشكيل حكومة الحبيب الصيد ، ومن هنا يسود اعتقاد راسخ لدى عدد كبير من المراقبين السياسيين بأنه لن يحدث تغيير لا كبير ولا صغير من هنا إلى يوم الجمعة ، وأن الوافدين على الدار المغربية في قرطاج يتجهون إلى العنوان الخطأ ، باعتبار أن طبيعة النظام قد تغيرت عما جاء به الدستور ، في انتظار ان تتغير دستوريا ، إن أمكن ذلك بتوفير أغلبية الثلثين في البرلمان.
هنا يحق للمرء أن يتساءل هل من مصلحة قائد السبسي أن يبقي الأمور في النص على حالها ، وهو قد فرض واقع كونه الآمر الناهي خلال ولايته ، أم أنه يريد الاتجاه إلى نظام رئاسي دستوريا يرى أنه الأفضل والأنجع .
كل هذا دون الحديث عن هزة متوقعة مستقبلا في عدد من الأحزاب كرجع صدى لمن توقعوا الوزارة ولم ينالوها ، أو غير الموافقين على مسار أحزابهم إزاء التشكيل الجديد ،، سؤال هل خطط السبسي لذلك أم لم يخطط؟


الأربعاء، 24 أغسطس 2016

سانحة : انتقال حقيقة النظام من برلماني إلى رئاسي ؟

سانحة  
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
على هامش تشكيل "حكومة الشاهد"
عودة إلى النظام الرئاسي ؟
تونس / الصواب / 24/ 08/2016
بعكس عادتي لم أقدم في الابان على التعليق على تشكيلة الحكومة الجديدة ، ورغم قناعتي بأنها لن تتغير ، رغم المطالبات من هنا وهناك ، فإني أترك لنفسي هامشا ولو صغيرا من الاعتقاد بأنه حتى الجمعة لن يصيبها تعديل ، بعكس حكومة الصيد التي تم الاعلان عنها إذاك ، ثم سحب منها وزراء وأضيف إليها آخرون ، وذلك لسببين :
1/ إننا لسنا أمام حكومة رئيس الحكومة الشاهد ، بل أمام حكومة الباجي قائد السبسي  الذي سبق أن قال في سنة 2011  أنه يحكم ولا يشاركه في حكمه أحد.
2/ أن البلاد تنزلق رغم نص وروح دستور سنة 2014  إلى نظام رئاسي بالواقع، ويودع على الأقل في فترة الرئاسة السبسية النظام البرلماني أو البرلماني المختلط كما نص عليه الدستور.
ومنذ 2 جوان  الماضي  والخطاب الشهير الذي بدا وكأنه إقالة من طرف رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة الحبيب الصيد ، برز  أن البلاد تركت وراء ظهرها دستور 2014 ومقتضياته ، وهناك من الشراح القانونيين من اعتبر ذلك الخطاب بمثابة تحد للدستور ، وهو أمر قبلت به دون حراك مجمل القوى السياسية التي رأت فرصتها سانحة إما لتعزيز مواقعها ، أو لانتهاز فرصة دخول الحكومة بعد أن فوتت على نفسها الفرصة في أوائل 2015 .
وبعكس ما يفرضه المنطق الدستوري ، فإن المبادرة خرجت من الماسك الفعلي بالسلطة التنفيذية أي رئيس الحكومة إلى  يد رئيس الجمهورية ، الذي بدا حنينه للنظام الرئاسي قويا جدا ، حتى واتته الفرصة ليحقق إرادته ، مع لي عنق المقتضيات الدستورية الواضحة.
فقد انتقلت حقيقة السلطة التنفيذية من القصبة إلى قرطاج ، بمباركة من كــــــــــل " القوى  السياسية " معارضة أو في "الحكم " ووجد رئيس الحكومة نفســــــــــه " أوت" out    خارج سدة الحكم ، ورغم الحيل القانونية التي استعملها فقد رأى السجاد يسحب من تحت رجليه ، ولكن بما اعتقد أنه يمكنه من خروج مشرف ، ويضمن له مستقبلا سياسيا .
بمجرد ما أعلن يوسف الشاهد ، الذي فرضه رئيس الجمهورية في مفاجأة على الجميع ، عن تشكيلة الحكومة حتى ارتفعت عقيرة كل الأطراف بين متحفظة وبين محتجة وبين مهددة ، متجهة إلى الشاهد ترجوه ، التغيير ، وهي تعرف  أو لا تعرف أن الأمر ليس بيده ، وإنما هي إرادة رئيس الجمهورية  وهي التي أتت به ، وهي صاحبة القرار الحقيقي ، بعكس ما كان عليه الأمر نسبيا عند تشكيل حكومة الحبيب الصيد ، ومن هنا يسود اعتقاد راسخ لدى عدد كبير من المراقبين السياسيين بأنه لن يحدث تغيير لا كبير ولا صغير من هنا إلى يوم الجمعة ، وأن الوافدين على الدار المغربية في قرطاج يتجهون إلى العنوان الخطأ ، باعتبار أن طبيعة النظام قد تغيرت عما جاء به الدستور ، في انتظار ان تتغير دستوريا ، إن أمكن ذلك بتوفير أغلبية الثلثين في البرلمان.
هنا يحق للمرء أن يتساءل هل من مصلحة قائد السبسي أن يبقي الأمور في النص على حالها ، وهو قد فرض واقع كونه الآمر الناهي خلال ولايته ، أم أنه يريد الاتجاه إلى نظام رئاسي دستوريا يرى أنه الأفضل والأنجع .


الجمعة، 19 أغسطس 2016

حزبيات : بعد انفجار عدد الأحزاب ..حزبان جديدان من المتوقع أن يكون لهما شأن ؟

حزبيات                                      
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تورم حزبي .. ولكن ..
 حزبان قد يخلقان المفاجأة
تونس / الصواب /16/08/2016
في 25 جويلية تأسس حزب جديد في الساحة التونسية ، 25 جويلية هو تاريخ مفصلي في تاريخ البلاد ، حيث تم إعلان الجمهورية القمة في الممارسة الديمقراطية ، قبل سرقة الرمز، وفي 13 أوت تاريخ آخر يشكل مرحلة مهمة تتمثل في تحرير المجتمع من ربقة الظلام تأسس حزب ثان.
وعلى عكس أكثر من مائتي حزب تحفل بها الساحة ، ليس هناك من أحزاب حقيقية وفعلية ، إلا 5 وعلى أقصى تقدير أحزاب 10  لها وجود مؤثر  نسبيا في الساحة ، أما البقية فتبدو وكأنها أحزاب على الورق وحاصلة على تراخيص وليس لها وجود على أرض الواقع.
** ماذا كانت تكون نتائج الانتخابات الأخيرة
 لو اعتمد التصويت الأغلبي
ولعل نتائج الانتخابات الأخيرة تبرز حقيقة وزن الأحزاب القائمة ، ولعل وجودها أو وجود بعضها في البرلمان يترجم واقعا سياسيا معينا هذا بمقتضى التمثيل البرلماني الناتج عن طبيعة نظام اقتراع يعتمد النسبية مع أعلى البقايا ، فلو كان تم اعتماد نظام الاقتراع الأغلبي الذي كان معمولا به منذ 1956 ، لكانت النتيجة أغلبية كبيرة لنداء تونس ، وأقلية صغيرة لحزب حركة النهضة ، ولكان قد تم خروج كل الأحزاب الأخرى من حلقة الوجود البرلماني ، على أساس أن كل نوابها وعددهم حوالي 40 أو 45 لم يفز أحد منهم أصالة بل بأعلى البقايا.
و بالتالي فإن الساحة الحزبية التونسية لا تقوم إلا على حزبين رئيسيين، هما نداء تونس من جهة وحزب حركة النهضة من جهة أخرى.
وفي ظل طريقة الاقتراع المعمول بها حاليا أي النسبية مع أعلى البقايا ، فإن الحزبين مع بعضهما يمثلان تقريبا ثلثي أعضاء البرلمان ، مع عدد قليل آخر ما يسمح لهما مجتمعين ، بتمرير القوانين الأساسية ، أو التعديلات الدستورية ، وهو أمر لا يتيسر لأحدهما منفردا ، حتى بمساندة كل الأحزاب الأخرى مجتمعة الممثلة في مجلس نواب الشعب ، من هنا فإن ولادة الحزبين الجديدين قد تمثل ، تغييرا مهما في الساحة السياسية والخارطة الحزبية.
                                                                                              كيف ستكون الخريطة السياسية المقبلة؟
وإذا كان من السابق لأوانه  التنبؤ بمستقبل التوازنات الحزبية المقبلة ، في أول انتخابات منتظرة في أفق 2017 ، وستكون انتخابات بلدية ،  فإنه يمكن ومن الآن توقع تغيير في الخارطة السياسية التونسية ، أخذت تدل عليها علامات واضحو ، وبدأت تتبدى من خلال عمليات سبر الآراء المختلفة.
وهناك أسباب موضوعية للاعتقاد بأن الحزبين الكبيرين ، أخذ يصيبهما التآكل من الداخل ، فالحزب الأول في انتخابات 2014 أي النداء فقد مكانته البرلمانية الأولى وبات ثاني الأحزاب ، بعد النهضة ، التي لا أحد يعرف قدرتها على التماسك ، بعد مؤتمرها الأخير والتشققات التي بدأت تظهر في بنائها شقوق  ،  ما كان أحد يتوقع أن يصيبها يوما مستوى من الاختلاف على هذا القدر من العمق في حزب يتسم بالانضباط والولاء التام للقادة أو على الأصح للقائد.
وإذا كانت محاولة التوريث التي اعتمدها الباجي قائد السبسي قد جعلت نداء تونس مجرد شبح لنفسه ، وكما قال أحد الصحفيين "كان صرحا فهوى "، فإن الميول الاستبدادية التي تذكر بما عمد إليه بورقيبة بعد مؤتمر حزبه في 1971 ، قد تدفع بحزب الإخوان كما يحلو للبعض تسميته ، إلى تشقق بين أنصار ومعارضي الأستاذ راشد الغنوشي.

حزب المشروع يتقد حيوية فما هو مستقبله ؟
وفي الأثناء فإن حزب المشروع الذي نشأ بمناسبة ذكرى تأسيس الجمهورية ، في محاولة للركوب على ذكريات وطنية عالية الرمز ، قفز إلى المكانة الثالثة في البرلمان بكتلة برلمانية تتألف من أقل من 30 نائبا  تعتبر اليوم الكتلة الثالثة عدديا ووزنا ، في ظل مشروعية لا تقوم فقط على رفض التوريث الممجوج شعبيا ، ولكن بالخصوص على قاعدة شعبية عريضة ، أبرزها مؤتمر انطلاق واسع التمثيل والمشاركة ، وبدا وكأنه مؤتمر إنشاء الدستور الجديد عام 1934 ، من طرف بورقيبة على أنقاض الحزب القديم (القوقعة الفارغة) ، أي على أنقاض نداء تونس ، الذي لم يعد سوى الحزب الثاني في الحضور البرلماني .
ويتوقع الكثير من المراقبين للحياة السياسية ، أن هذا الحزب  الجديد  بزعاماته الكثيرة  سواء المنحدرة من النداء أو من آفاق أخرى ، وقوة إقناع أمينه العام وقدرته التواصلية ، وإتقانه فن الخطابة ، زيادة عن الكاريزما التي يتمتع بها ، وانفتاحه على الشباب والمرأة مؤهل ، لأن يلعب أدورا أولى في المستقبل ، وخاصة على أنقاض نداء تونس الذي بدا أو يبدو متحللا مترهلا.
..والحزب الدستوري الحر بقيادة امرأة ؟
إن عبادة المناسبات ليست حكرا على نداء تونس  أو حزب المشروع ، بل أخذ يشاركهما  فيها وينافسهما  عليها حزب جديد ، يتوقع له جانب من الرأي العام  أن يتخذ لنفسه مكانا تحت الشمس ، ففي 13 أوت ، الذكرى التي تؤرخ لانعتاق تونس المجتمعي بمناسبة إعلان مجلة الأحوال الشخصية ، وتحرير المرأة من ربقة قرون الانحطاط ، انعقد مؤتمر ما أسمي بالحزب الدستوري الحر  ، تيمنا باسم الحزب الحر الدستوري ، وهي تسمية لا تخفي توجهات معينة تحيل إلى أحقاب  من تاريخ البلاد ، منها إنشاء حزب الدستور في 1920 على يدي عبد العزيز الثعالبي ، وقد أريد له عبر إعلان دستور للبلاد تحريرها من الاستعمار تماما كما حصل مع حزب الوفد المصري ، مع إعلان ليبيرالية ( الحر) هذا الحزب ، ولعل من ذكاء المؤسسين أن أوكلت رئاسة الحزب إلى امرأة ، تتسم بكثير من الشجاعة والحزم وتتمتع هي الأخرى بالكاريزما وقدرة فائقة على الخطابة والإقناع، وتتمتع برصيد "نضالي" تمثل في وقوفها وبكل شجاعة منذ 14 جانفي 2011 في الصف المناهض للثورة إن صحت تسميتها ثورة ، وهي والنائب السيد الجربوعي من الأوائل الذي أصدعوا برأيهم  وتحدوا التوجه السائد، في وقت لم يكن سهلا فيه مواجهة التيار. وإذ تم نقد القصور الديمقراطي  في الفترة السابقة ، فإن شفافية مؤتمرهم أرادوا التدليل بها على أنهم قطعوا مع الماضي. أضف على كل ذلك أنها المرأة الوحيدة التي تم رفعها لزعامة حزب في تونس حسب ما نعرف.
وفي العودة للإرث البورقيبي ، وخاصة تحرير المرأة نصف المجتمع ، واستثمار ذلك باختيار امرأة على رأسه أكثر من إيحاء ودعوة، فضلا عن تعبئة تجربة تعبوية استمرت أكثر من 90 سنة .
ولعل لهذا الحزب إذا جمع صفوفه أن  يلم شتات الدستوريين والتجمعيين ، ومن انقطع بهم حبل تاريخ طويل من النضال  ومن أصابهم اليأس من " انحراف" الثورة، وما زالوا يحنون إلى تلك الأيام التي يرون أنها كانت مزدهرة ، وأن الأخطاء فيها ، لم تكن على قدر أخطاء وتعثر ما بعد 14 جانفي ، ألم يحشروا الفساد في عائلتي بن علي و الطرابلسي منفردتين ، فيما يعلنون أن الفساد استشرى بعد ذلك مؤكدين على ما جاء في تقارير دولية ذات مصداقية.
وكان الحزب القديم المتجدد من الذكاء والفطنة ما دفعه للالتصاق بموعد عزيز على التونسيين في غالبهم ومن النساء خاصة ، ألم تصوت مليون امرأة لفائدة الباجي قائد السبسي ، من جملة مليون وسبعمائة ألف صوت حصل عليها، في الانتخابات الرئاسية .
 هل يجرنا الحنين للماضي إلى ما لا نريد
 أو ما لم يكن يريده التونسيون عام 2011؟
وبالتالي وأمام انفجار نداء تونس من جهة ، والاهتزازات التي تهز النهضة من جهة أخرى واحتمالات تشظيها ، فإن الفرصة مواتية للحزبين الجديدين لشق طريقهما سواء باعتبار الحنين إلى الماضي ( الذي كان زاهرا في نظر الكثيرين رغم نقط السواد فيه بدليل عمليات سبر آراء حديثة  ستون بالمائة في المائة من المستجوبين  يحنون لزمن بن علي ، فالذاكرة قصيرة ،) أو بالقياس إلى شباب وحتى كهول يرفضون بالواقع عملية التوريث التي طرأت على نداء تونس ، وأفرغته من خيرة كوادره ، فضلا عن تحالفاته التي توصف بالمريبة ، والتي وفي نظر البعض جعلته تابعا فعليا للنهضة لا حليفا لها، وليس غريبا والشأن كما هو الحال ، أن يقدم الحزبان الجديدان وفي متسع من الوقت ودون أن تفرض عليهما الحقائق السياسية ، على رفض أي تحالف أو ائتلاف مع النهضة ، باعتبارها تبشر بنمط مجتمعي معاكس "لإرادة الشعب".
فهل تصح أحلام المقدمين ، على زعامة الحزبين الجديدين الذين سيأكلان من قاعدة الأحزاب المؤتلفة وحتى المعارضة ، فيؤديان إلى تقهقر كل الأحزاب بما فيها الوطني الحر وآفاق ، وربما حتى المبادرة إن قدر ودخلت الائتلاف الجديد ، فلم يعد الحديث حديث حكومة وحدة وطنية ، فضلا عن نداء تونس الذي لم يبق منه سوى شبح لنفسه ، ليس قادرا إلا على نفخ ريشه، وهل سيغيران من طبيعة الخريطة السياسية في البلاد ، علما وأن النهضة تجلس على قاعدة لا تقل مهما كان ضغط الأحداث عليها عن 25 في المائة ، فيما تتقاسم بقية الأحزاب ما بين 70 إلى 75 في المائة من أصوات الناخبين.

الأحد، 14 أغسطس 2016

الموقف السياسي : اتحاد الشغل ،، المسؤولية التاريخية

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
لماذا غاب الاستثمار ،،
 ولماذا انهار الادخار؟
تونس / الصواب / 22/07/2016
قبل بضعة أسابيع غامرت بالحديث عرضا عن أحد أسباب الانكماش الاقتصادي ، وعزوت ذلك في ما عزوته إلى انفلات في المطلبية ، أدت إلى زيادة بخمسين في المائة في عدد موظفي  الدولة والقطاع العام ، بحيث أصبحت ميزانية الدولة تنوء تحت عبء أعداد    كبيرة من الموظفين بدون مردودية ، فضلا عن زيادات في المرتبات رفعت حجم الأجور العمومية إلى حدود غير مسبوقة لا في تونس ولا في غيرها قياسا إلى الناتج الداخلي العام ، مع تدن خطير في إنتاجية العمل ، كما تعرضت إلى انتشار خطير في عدد الاضرابات وأيام العمل المهدورة ، و الاضرابات على عين المكان بدون إنتاج ، les grèves de zèle  فضلا عن التدخل في التصرف والقبول بهذا المسئول أو عدم القبول ، وغيرها من الأمراض المجتمعية التي باتت مزمنة ، بسكوت إن لم يكن بتشجيع من المركزية النقابية.
وقد جاءتني ردود فعل أحيانا هادئة وأحيان عنيفة ، سواء في باب الردود على ما كتبت ، أو حتى تليفونيا ومباشرة ، وكلها إذ تحتج  على ما أقول ، وتثير مسألة القدرة الشرائية ، وملاحقة الأجور للهروب التصاعدي للأسعار ، وتدهور مناخ العمل ، وغيرها من الملاحظات التي هي في حقها وفي سياقها ، بالنظر إلى ما يعانيه الأجراء خاصة ، لكن الآخرين  أيضا من عنت في توفير لقمة العيش ، فضلا عن أي كماليات .
ولقد تعاطفت مع من كتبوا لي ومن تلفنوا ومن خاطبوني مباشرة ، فأنا شخصيا ومحيطي من الأجراء والمتقاعدين وخاصة متقاعدي القطاع الخاص ، ممن تآكلت مقدرتهم الشرائية بصورة كبيرة بدون تعويض ، ولكن أعرف أن ذلك التعاطف ليس سوى شعور لا يقدم ولا يؤخر أمام الحقائق الصلدة والصلبة لواقع مترد ، سببه غياب الدولة ، تصديقا لمقولة الأستاذ مصطفى الفيلالي في مقال رائع نشره في جريدة الصباح بعنوان :" هل بقيت في تونس دولة  ؟ ".
ولكن الواقعية تقتضيني أيضا أن أكون في وارد فهم المحيط وأمراضه.
فمن جملة اللوم الذي تم توجيهه لي أني إن كنت محقا في لوم اتحاد الشغل على عدم ضبط منتسبيه ، ومسايرة مطالبهم المشروعة ، فإني لم أتناول مسؤولية رجال الأعمال والأعراف عن الاستثمار ، لزيادة الثروة الوطنية وتوفير مناصب العمل ، ومن رأي هؤلاء أن ذلك هو أصل الداء .
ولست هنا في وارد الدفاع عن الأعراف أو منظمتهم ولكني أود أن أتوقف عند ثلاثة عناصر لعلها تفيد :
**
تحت كل سماء فإن حصيلة نمو الثروة يذهب غالبا إلى ثلاثة اتجاهات ، أجورا وأرباحا وادخارا يستعمل في الاستثمار ، ونلاحظ منذ سنة 2011 أن قسط الأجور قد ارتفع بشكل كبير فيما ، إن  قسط الأرباح ( على الأقل المعلنة ) وقسط الادخار المعتمد في الاستثمار قد انهارا إلى أقل من النصف مما كان عليه الأمر في 2010 ، أي أنه لم يعد هناك هامش كبير كما كان قبلا لقيام حركة إحداث مصادر للثروة ، وبقدر انهيار عاملي الادخار والأرباح اللذان يوفران القاعدة الأساسية لقيام مؤسسات جديدة تشغل وتنمي الثروة بقدر تراجع عامل الاستثمار في وقت انهار فيه الادخار العائلي  الذي يمول جزئيا عملية النمو تحت ضغط متطلبات الحياة وارتفاع تكاليف المعيشة.
و من هنا انحسر الاستثمار تحت عامل تراجع مقوماته.
**
ولأن ذلك ليس كافيا في حد ذاته ، فإن المناخ الاجتماعي قد ضرب الاستثمار ، وبالتالي نماء الثروة والقدرة على خلق فرص العمل ، بل أحيانا الحفاظ على فرص العمل الموجودة ، والتي إما تلاشت أو أنها مهددة ، وإذ لا نذهب مذهب القائلين بأن الاتحاد العام التونسي للشغل واقع تحت سيطرة أقصى اليسار ، فإن سؤالا ملحا أخذ يطرح بإلحاح ، هل من مصلحة البلاد أن ينهار قطاع الفوسفاط بسبب المطالبة بالتشغيل لجحافل العاطلين عن العمل ( يسمون أنفسهم المعطلين عن العمل على أساس أنه لا توجد إرادة للتشغيل من قبل الدولة (؟)  ، وقد سمعت عددا من حاملي الشهادات العليا ينعتون أنفسهم بالأساتذة ، الذين ترفض وزارة التعليم تعيينهم في حين أن الواقع المعاش يفيد بأن القطاع يعج فوق الطاقة ، علما بأن الأستاذ عندنا يشتغل حوالي 18 ساعة عند بداية انتدابه ، والمعلم 22 ساعة ونصفا وحتى 15 ساعة في الأسبوع بينما يشتغل  رجل التعليم  في الولايات المتحدة ابتدائيا وثانويا وفي العالي 30 ساعة  أسبوعيا مقسمة بين تدريس وتدارك و تأطير ) ،  هذا فضلا عن تدني مردودية وإنتاجية العمل ، الذي هو خالق الثروة الحقيقية ، وليست الموارد الطبيعية في حد ذاتها ، فالسماء لا تمطر لا قمحا ولا زيتونا ولا أحذية أو ساعات أو سيارات ، بل هو الجهد والعمل ، وما دام المناخ على ما نرى من قلة استقرار اجتماعي ، ومن تدخل في التصرف ومن استعمال لعبارة ديقاج   لكبار موظفي الدولة ممن أفنوا عمرهم في خدمة البلاد ، أو تعطيل للعمل والصد عنه بسبب وبغير سبب ، لا مجال لاستثمار في بلادنا ، وبالتالي لا لنسبة نمو معقولة ، تفضي إلى إنتاج وفير من شأنه وحده السيطرة على الحركة الجنونية للأسعار والتضخم المنفلت  ، ولا لإحداث المطلوب من فرص العمل ، التي يعتبر الاستثمار محركها الأول.
**
يقال إن رأسلمال جبان ، بمعنى أن روح المغامرة تنقصه في بلادنا وبين رجال الأعمال عندنا ، هذا صحيح إلى أبعد الحدود لكن في كل مكان عبر العالم  ، ولكن لا بد من النظر للظروف الموضوعية التي تحف بالحياة الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا  ، لفهم  أسباب إحجام رجل الأعمال الوطني أو الأجنبي عن الاستثمار  في تونس وبالتالي تحقيق النمو و توفير فرص العمل بالعدد الكافي لامتصاص بطالة هيكلية فضلا عن استيعاب الوافدين الجدد إلى سوق   العمل  ، فبلادنا في حالة ملاحظة ليس فقط تراجع الاستثمار الجديد  ، بل تقلص الاستثمار القائم
Le désinvestissement  ،  ما يؤدي  إلى طرد  من  عدد العاملين إضافة إلى تراجع الانتاج أي تراجع الثروة الوطنية وتقهقر نسب النمو ، وبالتالي تقلص التنمية .
فالاستثمار ليس فقط من فعل أصحاب رؤوس الأعمال ، بل هو نتاج مشترك بين رجال الأعمال ومنظمتهم ومنظمة اتحاد الشغل.
 وعنصر تكاثر الاضرابات وانخرام المناخ الاجتماعي والتشجيع على ذلك أو السكوت عليه ، إنما هو شوكة في جنب الاقتصاد وقدرته على توفير التشغيل .




الجمعة، 5 أغسطس 2016

الموقف السياسي : عادت الصدارة للعاصمة تونس ، وتم تعيين رئيس حكومة قارة بعد 46 سنة من الغياب

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
عودة رئاسة الحكومة للعاصمة
بعد غــيــاب استمــــر 45 سنـة ؟
تونس / الصواب /5 /08/2016
لنترك جانبا العمق السياسي للحدث المتمثل ، في تخلص رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من رئيس الحكومة ،الذي كان هو الذي اختاره قبل عام ونصفا ، واختيار رئيس حكومة جديد كما يقتضي الدستور ومن طرفه بدون اقتراح من الحزب الأول ( من هو؟ ) .
يوسف الشاهد الذي اقترحه  ( فرضه) الرئيس تميز لا فقط بأنه أصغر رئيس حكومة تعرفه البلاد منذ الاستقلال ، بل لعله أصغر رئيس حكومة ( وزير أكبر أو وزير أول منذ إنشاء الخطة بعد منصف القرن الثامن عشر ) ، وإضافة إلى  ذلك فإن تعيينه ، يعود بالعاصمة تونس إلى الصدارة ، بعد أن  كانت فقدت منصب الوزير الأول   أو رئيس الحكومة  أو الوزير الأكبر منذ 1970 ، أي منذ أن تولى الوزارة الأولى الهادي نويرة في 6 نوفمبر 1970.
فقد تداول على المنصب 27 وزيرا أكبر  في العهد الملكي الحسيني منذ تاريخ غير مضبوط في القرن الثامن عشر عندما تولى رجب خزندار المنصب ، لكن بدون أي وثيقة تحدث المنصب وهي وثيقة تأخرت حتى سنة 1860 .
وفيما يلي قائمة الذين يولوا منصب الوزير الأكبر حتى قيام الجمهورية :
** رؤساء حكومات العهد الملكي

رجب خزندار* : تاريخ مجهول أو غير مضبوط ..- 1782
·         مصطفى خوجة : 1782-1800
·         يوسف صاحب الطابع : 1800 - 1815
·         حسين خوجة : 1822-1829
·         شاكير صاحب الطابع : 1829 -1837
·         مصطفى صاحب الطابع : 1837 - 1855
·         مصطفى خزندار : 1855 - 1873
·         خير الدين باشا : 18731877
·         محمد خزندار : 18771878
·         مصطفى بن إسماعيل : 18781881
·         محمد خزندار18811882
·         محمد العزيز بوعتور1882 - 1907
·         محمد الجلولي19071908
·         يوسف جعيط : 19081915
·         محمد الطيب الجلولي : 19151922
·         مصطفى الدنقزلي19221926
·         خليل بوحاجب : 1926 - 1932
·         الهادي الأخوة19321942
·         محمد شنيق19431943
·         مصطفى الكعاك19471950
·         محمد شنيق : 19501952
·         الطاهر بن عمار : 19541956
·         الحبيب بورقيبة : 19561957

**رؤساء حكومات العهد الجمهوري
العهد البورقيبي :
اتسم العهد البورقيبي باستقرار كبير في عدد رؤساء الحكومات ،  وإذ يختلف  شراح القانون عما إذا كانت الفترة الممتدة من إعلان الجمهورية في 25 جويلية 1957 و 6 نوفمبر  1970 تاريخ صرف السيد الباهي الأدغم  كلها معتبرة حكومة الباهي الأدغم أم لا .
فقد اختار الرئيس بورقيبة بعد تنصيبه رئيسا مؤقتا للجمهورية في 25 نظاما رئاسيا على الطريقة الأمريكية أي بدون رئيس وزراء ، وسار على ذلك النهج على مدى 12 عاما حتى سنة 1969 ، ولكنه تحت ضغط الأحداث ، وبسبب الخلاف اليوسفي اضطر إلى الاستعانة بالعاصمة تونس ، خلافا لرغبته في تقديم الهادي نويرة ابن بلده والذي كان وفقا لشهادات عديدة يعده لخلافته "منذ عرف خصاله" في منفى برج سان نيكولا في مرسيليا ابتداء من أواخر 1939 ، ومن هنا فإنه لم يلجأ لمجموعة القيادات المنبثقة من العاصمة من أمثال المنجي سليم والطيب المهيري أو علي البلهوان ، بل اختار جلا اعتبره " نفس مومنة "  حسب تعبيره يستطيع تسييره هو الباهي الأدغم ، فعينه كاتب دولة للرئاسة ، وهي خطة لا ترقى لرتبة وزير أول ، وتفوق رتبة وزير.
و من هنا فإن الكثيرين يعتبرون أن الحكومة الثانية لبورقيبة هي تلك التي أصبح فيها الباهي الأدغم وزيرا أول بحكم تعديل دستوري ، وهي حكومة لم تعمر كثيرا حيث ، تقلد الهادي نويرة الوزارة الأولى في 6 نوفمبر 1970 .
 ويمكن القول أن العهد البورقيبي قد عرف 6 وزراء أولين فقط :
*الرئيس الوزير الأول في نفس الوقت : الحبيب بورقيبة 25/7/1957 إلى 9/11/1969
*الوزير الأول  الباهي الأدغم تحت رئاسة بورقبيبة 9/11/1969 إلى 6/11/1970
* الوزير الأول الهادي نويرة 6/11/1970 إلى 25/4/1980
*الوزير الأول محمد مزالي 25/4/1980 إلى 8/7/1986 (بداية من جانفي 1980 منسقا للحكومة حتى التعيين كوزير أول)
*الوزير الأول رشيد صفر 85/7/1986 إلى 2/10/1987
*الوزير الأول زين العابدين بن علي 2/10/1987 إلى 7/11/1987  تاريخ انقلاب 7 نوفمبر.
وبذلك يمكن القول إن العهد البورقيبي استهلك 6 وزراء أولين بمن فيهم بورقيبة نفسه وذلك خلال 30 سنة.
عهد بن علي :
لم يعرف عهد بن علي سوى 3 وزراء أولين خلال 24 سنة من الحكم:
*الوزير الأول الهادي البكوش7/11/1987 إلى 27/9/1989 ، وقد أصدر الرئيس بن علي أمرا لم ينشر بتمتيعه بتقاعد من بلغ الحد الأدنى كوزير أول رغم أنه لم يقض في المنصب سنتين كما يقتضي القانون.
* الوزير الأول حامد القروي  27/9/1989 إلى 17/11/1999
*الوزير الأول محمد الغنوشي 17/11/1999 إلى 27/2/2011 ، وفي عهده حصلت الأحداث التي انتهت إلى سقوط نظام بن علي في 14 جانفي 2011.
عهد ما بعد 14 جانفي
عرفت فترة ما بعد الثورة 6 حكومات في ظرف 5 سنوات والسابعة في الطريق
*الوزير الأول محمد الغنوشي :14 جانفي 2011 إلى 27 فيفري 2011
*الوزير الأول الباجي قائد السبسي 27 فيفري 2011 إلى 13/12/2011
*رئيس الحكومة حمادي الجبالي 13/12/2011 إلى 13/3/2013
*رئيس الحكومة علي العريض من 14/3/2013 إلى 29/1/2014
* رئيس الحكومة  مهدي جمعة 14/3/2014 إلى 5/2/2015
*رئيس الحكومة الحبيب الصيد 5/2/2015 إلى ....حكومة تصريف أعمال منذ 3/8/2016
*رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد
ويوسف الشاهد أول رئيس حكومة من تونس العاصمة منذ 1970 أي منذ 46 سنة.
خلال 2016 سنة أو تزيد فإن كل كبار الوزراء أو الوزراء أو رؤساء الحكومات كلهم من تونس العاصمة  وبعضهم من أصل تركي ولكن ينتسبون للعاصمة باستثناء 4 في العهد الملكي هم :
*محمد العزيز بوعتور أصيل صفاقس
*محمد الجلولي أصيل صفاقس
*محمد الطيب الجلولي أصيل صفاقس
*محمد الصالح مزالي أصيل المنستير
أما في العهد  البورقيبي ( 30 سنة) فكل الوزراء الأولين من الساحل باستثناء الباهي الأدغم.
أما في عهد بن علي فإن كل الوزراء لأولين هم من الساحل
ومنذ14  جانفي  فإن رئيسي حكومة فقط ليسوا من الساحل من أصل 6، وهما الباجي قائد السبسي من تونس وعلي العريض من مدنين.
ومع تعيين يوسف الشاهد يعود " الدر إلى معدنه"
أي تعود رئاسة الحكومة إلى العاصمة باستثناء الفترة القصيرة التي تولاها الباجي قائد السبسي كرئيس حكومة أو على الأصح كوزير أول.
أي إن البلاد لم تعرف من 42 رئيس حكومة سوى 4 أو 5 من غير العاصمة تونس.