Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 24 أغسطس 2016

سانحة : انتقال حقيقة النظام من برلماني إلى رئاسي ؟

سانحة  
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
على هامش تشكيل "حكومة الشاهد"
عودة إلى النظام الرئاسي ؟
تونس / الصواب / 24/ 08/2016
بعكس عادتي لم أقدم في الابان على التعليق على تشكيلة الحكومة الجديدة ، ورغم قناعتي بأنها لن تتغير ، رغم المطالبات من هنا وهناك ، فإني أترك لنفسي هامشا ولو صغيرا من الاعتقاد بأنه حتى الجمعة لن يصيبها تعديل ، بعكس حكومة الصيد التي تم الاعلان عنها إذاك ، ثم سحب منها وزراء وأضيف إليها آخرون ، وذلك لسببين :
1/ إننا لسنا أمام حكومة رئيس الحكومة الشاهد ، بل أمام حكومة الباجي قائد السبسي  الذي سبق أن قال في سنة 2011  أنه يحكم ولا يشاركه في حكمه أحد.
2/ أن البلاد تنزلق رغم نص وروح دستور سنة 2014  إلى نظام رئاسي بالواقع، ويودع على الأقل في فترة الرئاسة السبسية النظام البرلماني أو البرلماني المختلط كما نص عليه الدستور.
ومنذ 2 جوان  الماضي  والخطاب الشهير الذي بدا وكأنه إقالة من طرف رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة الحبيب الصيد ، برز  أن البلاد تركت وراء ظهرها دستور 2014 ومقتضياته ، وهناك من الشراح القانونيين من اعتبر ذلك الخطاب بمثابة تحد للدستور ، وهو أمر قبلت به دون حراك مجمل القوى السياسية التي رأت فرصتها سانحة إما لتعزيز مواقعها ، أو لانتهاز فرصة دخول الحكومة بعد أن فوتت على نفسها الفرصة في أوائل 2015 .
وبعكس ما يفرضه المنطق الدستوري ، فإن المبادرة خرجت من الماسك الفعلي بالسلطة التنفيذية أي رئيس الحكومة إلى  يد رئيس الجمهورية ، الذي بدا حنينه للنظام الرئاسي قويا جدا ، حتى واتته الفرصة ليحقق إرادته ، مع لي عنق المقتضيات الدستورية الواضحة.
فقد انتقلت حقيقة السلطة التنفيذية من القصبة إلى قرطاج ، بمباركة من كــــــــــل " القوى  السياسية " معارضة أو في "الحكم " ووجد رئيس الحكومة نفســــــــــه " أوت" out    خارج سدة الحكم ، ورغم الحيل القانونية التي استعملها فقد رأى السجاد يسحب من تحت رجليه ، ولكن بما اعتقد أنه يمكنه من خروج مشرف ، ويضمن له مستقبلا سياسيا .
بمجرد ما أعلن يوسف الشاهد ، الذي فرضه رئيس الجمهورية في مفاجأة على الجميع ، عن تشكيلة الحكومة حتى ارتفعت عقيرة كل الأطراف بين متحفظة وبين محتجة وبين مهددة ، متجهة إلى الشاهد ترجوه ، التغيير ، وهي تعرف  أو لا تعرف أن الأمر ليس بيده ، وإنما هي إرادة رئيس الجمهورية  وهي التي أتت به ، وهي صاحبة القرار الحقيقي ، بعكس ما كان عليه الأمر نسبيا عند تشكيل حكومة الحبيب الصيد ، ومن هنا يسود اعتقاد راسخ لدى عدد كبير من المراقبين السياسيين بأنه لن يحدث تغيير لا كبير ولا صغير من هنا إلى يوم الجمعة ، وأن الوافدين على الدار المغربية في قرطاج يتجهون إلى العنوان الخطأ ، باعتبار أن طبيعة النظام قد تغيرت عما جاء به الدستور ، في انتظار ان تتغير دستوريا ، إن أمكن ذلك بتوفير أغلبية الثلثين في البرلمان.
هنا يحق للمرء أن يتساءل هل من مصلحة قائد السبسي أن يبقي الأمور في النص على حالها ، وهو قد فرض واقع كونه الآمر الناهي خلال ولايته ، أم أنه يريد الاتجاه إلى نظام رئاسي دستوريا يرى أنه الأفضل والأنجع .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق