Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 29 أغسطس 2018

الموقف السياسي : أمام التراجع الارادي للمستنيرين بسرعة قصوى نحو أغلبية للنهضة

الموقف السياسي

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
السنة الأخيرة في الولاية النيابية
إلى أين ستذهب بالبلاد ؟
تونس / الصواب 29/08/2018
" ،، وهذا ما دعا ندائيين ومشروعيين  وغيرهم ،  وراء الشاهد للإعلان قريبا عن حزبهم الذي ينطلق بكتلة  ، تقول الأخبار إنها ستضم في بدايتها ما بين 40 و50 نائبا منفلتين من قبضة حافظ قائد السبسي وقبضة محسن مرزوق وقبضة مهدي جمعة وقبضات عديدة أخرى." هذا ما جاء في أواخر مقالي الأخير في تقييم الأوضاع في البلاد.
واليوم و في مفتتح سنة سياسية جديدة ، تتميز بأنها الأخيرة في ولاية رئاسية وبرلمانية  خماسية تنقضي، يجدر التوقف عند ما تم إنجازه ، وما تم القصور عن إنجازه ، وانطلاقا إلى التوقعات ،
فقد بات في حكم الواقع اليوم أن يوسف الشاهد المصر على البقاء في رئاسة الحكومة ، بات مسنودا لا فقط من النهضة وخرج من قبضتها  أو ما يقوله أعداؤه من أسرها ، وبات مسنودا من كتلة ممن يصفون أنفسهم بالوسطيين المستنيرين ، وإن تشكلت من 34 نائبا في المنطلق ،  فالمعطيات المتاحة لدينا تفيد بأن عددهم سيتعزز بـ19 نائبا على الأقل ، وذلك قبل بداية السنة البرلمانية الأخيرة في عمر مجلس النواب الحالي ، الذي سيترك مكانه بعد انتخابات في خريف 2019 ، إذا قدر لها وانتظمت.
يوسف الشاهد الذي جيء به من برطلة الساحر ، ليكون طوع البنان ظهر أنه ليس رقما سهلا ، لا بالنسبة لحافظ قائد السبسي الابن المدلل ، ولا لأبيه  الباجي قائد السبسي ، أكبر المناورين والذي فشل في تنحيته من منصبه لعدم التمكن من توفير أغلبية 109 أصوات لتحقيق تلك التنحية ، التي يتمناها رئيس الجمهورية  استجابة لرغبات ابنه ولا يقدر على جمعها ، وبالتالي يقف عاجزا أمام تحقيقها.
وإذا اكتملت الكتلة الجديدة بعدد نوابها الثلاثة والخمسين حسب معلومات توفرت لدينا ، كما سبق أن توفرت لدينا قبل الجميع أخبار إنشاء الكتلة الجديدة ، فإن الشاهد سيجلس على مخدة وثيرة من 120 نائبا يستحيل معها اقتلاعه من منصبه ، في انتظار موعد القطيعة مع كتلة النهضة ، عندما يعلن نيته في الترشح لرئاسة الجمهورية ، وهو ما يرفضه راشد الغنوشي ، الذي يبدو أنه تهدهده مشاريع أخرى لمنصب رئاسة الجمهورية .
المهم أن يوسف الشاهد ، هذا الطيع بين الطيعين  كما كان يعتقد ، والذي نصب حافظ قائد السبسي على رأس نداء تونس،  وتسبب في انشقاقه وتشظيه  أي النداء ، يقف اليوم في موقف صلب ، فيما رئيس الجمهورية وابنه وأنصاره ( أنصار حافظ ) يجلسون على صفيح ساخن يتحركون بلا أمل ، ويعتقدون أن عودة المغادرين من رضا بالحاج وغدا محسن مرزوق وربما العائدي وغيرهم ، إلى صفوف نداء تونس ، بعيدا عن أي مظهر كرامة ، إذ غادروا بسبب حافظ قائد السبسي ، ويعودون تحت إمرته كجنود في الصف بلا رتبة ، وقد انفرط وسيزداد انفراطا عقد أحزابهم  ، التي كانت وقودا للكتلة الجديدة.
الانتخابات البلدية الأخيرة أظهرت أمرا واضحا ، وهو أن النداء الذي بات شبحا لنفسه بنتائجه المتدنية ، وكان صرحا فهوى ، لم يترك الفرصة للأحزاب  التي انبثقت من رحمه أي فرصة لفرض نفسها ، وحتى مشروع محسن مرزوق الحزب المهيكل فعلا ، نال نتائج مخيبة للآمال ، وفهم أو من بقي منه أنه لا خلاص إلا  بالعودة إلى حضن الأم الدافئ النداء ، ولو بصورة مخلة وفاقدة لعزة النفس والكرامة ، وتحت إمرة حافظ قائد السبسي.
**
المجلس النيابي الذي يدخل بدورته الأخيرة قبل نهاية ولايته في خريف 2019 ، والذي أظهر عجزا فاضحا رغم رئاسة الرجل الموصوف بنجاعته  عادة محمد الناصر ، حيث لم يستطع في أربع سنوات ،  إنجاز قيام غالب المؤسسات التي نص عليها الدستور الجديد لسنة 2014 ، وما قام منها فهو يعرج ، وكأنه أصيب بعاهة مستديمة ، فلا المحكمة الدستورية تشكلت ، ولا هيئة الانتخابات في أحسن أوضاعها ولا هيئة حقوق الإنسان صدر قانونها ، ولا ولا ، ولا استطاع المجلس أن يصلح ما يمكن إصلاحه مثل القانون الانتخابي الذي بشكله الحالي ، كما أرادته النهضة يبدو سببا أساسيا وأصليا في عدم الاستقرار السياسي ، هذا إضافة لعدم التوفق لا حاضرا ولا مستقبلا في تواصل العمل بدستور مفخخ ، يحمل تناقضات داخلية ، وقابلا لكل التأويلات خاصة في غياب محكمة دستورية ، وإن كان وجودها قد يصنع فقه قضاء دستوري ، ولكنه لا يمكن أن يحل التناقضات الكامنة ، ولعل أبرز ما يبدو من تناقضه هو ما مدى مدنية الدولة والتزام القيم الكونية ، أو التزام المرجعية الدينية .
**
كل الدلائل تشير إلى أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة ، إذا حصلت في موعدها ، تحمل في طياتها مزيدا من التناقضات لا السياسية ، ولكن المجتمعية ، فنحن قادمون على سنة سياسية حبلى بالتطورات ، وأمام تفسخ وانقسام القوى المستنيرة ، وعجزها عن تمثل برنامج أدنى تتفق حوله ، والغياب المحتمل لنداء تونس ، تحت وطأة فرض قوة الدولة عليه واعتماده عليها لا على مناضليه في غياب مؤتمر يعطيه الشرعية ، وهو أمر يتناقض مع نظام ديمقراطي ، فإن المنطق يقول إن النهضة تبدو في طريق مفتوح لفوز انتخابي محتمل ، ونيل أغلبية نسبية ربما قوية ، تؤهلها للحكم مع من يريد أن يتعامل معها ويسير على خطاها  مثلما كان بن جعفر والمرزوقي ، بالصورة التي يمكن معها أن تلغي مبدأ مدنية الدولة والقيم الكونية بحكم الدستور نفسه وتأويلها له ، وتكون القوى المستنيرة قد خسرت المعركة لزمن قد يطول أو يقصر ، في زمن انتهت فيه أسباب  اندفاعة  صائفة  2013 ، وحل محلها نوع من قلة المبالاة ، في بلد جزء منه كبير أو صغير بات يتمنى ويعلن ذلك بصوت عال للأسف ، عودة إن لم يكن بن علي فعلى الأقل نظامه .
انظروا ما حل بنا بعد 7 أو 8 سنوات من الثورة أو ما سمي ثورة ، فلا فكر ولا قيادة ولا تصور واضح.





الأربعاء، 15 أغسطس 2018

مجتمع : إلى الأمام رغم المعارضات التي تجاوزها الزمن


مجتمع
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
إلى الأمام
تونس / الصواب/ 13/08/ 2018
 في مثل هذا اليوم من سن سنة 1956 فاجأ الرئيس الحبيب بورقيبة في خطابه الأسبوعي بمبادرة ، لم تترك مفاجأتها أحدا دون رد فعل ، فخلال صيف قائظ ، بادر لإعلان مجلة الأحوال الشخصية ، التي كانت في حينه ثورة بكل معاني الكلمة ، لم يسبق لها أي من الدول العربية ، وحتى اليمن الجنوبي الذي اتبع نفس المقاربة لاحقا ، نكص عنها بمجرد قيام الوحدة بين اليمنين ، وسيادة التوجهات الرجعية التي كانت سائدة في اليمن الشمالي وعاصمته صنعاء ، هذا عدا لبنان الذي تحكمه طوائف متعددة والذي يتميز بقوانين مختلفة للأحوال الشخصية.
وعلى صغر سني نسبيا في ذلك الحين ، فإني أذكر الانقسامات المجتمعية التي كانت أبرز سماتها  ، غياب المرأة التي كانت المعنية الأولى بذلك الاصلاح العميق ، والذي بدا اليوم لا غنى عنه .
خالي الشيخ محمد الفراتي إمام الجامع الأعظم  في صفاقس على ما كنت أعتبره عليه  من تفتح ، استقال من خطته ، ولم يكن من بين كبار العلماء في المجال الديني في صفاقس  ، سوى المفتي محمد المهيري الذي رأى منذ ذلك  الحين إيجابية ما اعتبره عودة إلى روح الإسلام ، كما كان يرى كبار المصلحين منذ منتصف القرن التاسع عشر ، وفي مقدمتهم قاسم أمين في مصر، ولاحقا الطاهر الحداد في تونس رواد تحرير المرأة.
وبقوة الدولة المستبدة ولكن المستنيرة ، فرض بورقيبة مجلة الأحوال الشخصية ، بدون عناء يذكر  وباقتناع كبير ودفع من أحمد المستري وزير العدل آنذاك ، ومحمد العنابي رئيس محكمة التعقيب وواضع ومحرر نصوص تلك المجلة التي اعتبرت في حينه قمة التقدمية بعكس كل ما يقال بشأن نسبتها ،  وهي اليوم من ترسانة القوانين الأكثر تقدمية في العالم العربي والعالم الاسلامي باستثناء تركيا ، التي تسعى حكومتها  الاخوانية دون فلاح يذكر للقضاء على التراث الأتاتوركي وما جاء به من  روح تقدمية .
واليوم نجد أنفسنا أمام  نفس التحدي ، ولكن ما كان سهلا زمن بورقيبة في عصر الحكم المطلق ،  يبدو اليوم عسيرا في زمن الديمقراطية ، وعدم  القدرة على استعمال جهاز  السلطة التنفيذية حتى للإصلاح  مهما كان ضروريا ، وما ينبغي  أن يكون محاطا بحد أدنى إن لم يكن أكثر  من التوافق ، ليمر ، هذا إذا لم يكن من الضرورة أن يحوز له  على أغلبية برلمانية واسعة ، من الأفضل أن تكون أوسع ما يمكن.
**
لعل القضية اليوم بعد أكثر من ستين سنة على إصدار مجلة الأحوال الشخصية ، هي قضية المساواة في الإرث بين الذكر والأنثى ، أما البقية مما جاء في تقرير الكوليب (1) فهو ثانوي وبالعرض ، ويقول المتقولون إنه ينسخ ما جاء في القرآن الكريم ويعوضه ، بنصوص جديدة أو يحاول أن يعوضه بقوانين وضعية تتناقض مع النص القرآني .
وحتى نبقى داخل هذا المنطق فهناك ثلاثة حجج ينبغي للمرء أن يقف عندها:
أولها أن تطور المجتمع فرض إلى حدود معينة تلك المساواة ـ فالمرء عندما يكون عاقلا رشيدا ، هو حر في ما يملك من مال أو عقار أو أسهم ، وبالتالي فله كامل الحرية في توزيعها بين أولاده لا فرق بين ولد وبنت ، والأمثلة اليوم ومنذ سنوات طويلة قائمة على وجود الكثير من السلوك ، ومنذ صدر قانون " الهبة "  قبل حوالي 30 سنوات  ، تم اللجوء إلى ذلك لا نقول على نطاق واسع ، ولكن بصورة مضطردة الأهمية.
وثانيهما أن كثيرا من العائلات ، تشهد بعد وفاة المورث تطوع الاخوة  الذكور  ،بالقسمة المتساوية للتركة ، خصوصا عندما تكون لهم أخت واحدة.
ثالثها ، أن المشرع فيما إذا  أصبح  أمر الميراث قانونا  جديدا صريحا افترض أمرين اثنين :
1/  القانون  العام   تتم بموجبه قسمة التركة بالمساواة بين الإخوة ذكورا وإناثا.
2/ يمكن للمورث إذا لم يكن موافقا على القسمة المتساوية لتركته  وفي قائم حياته  ، أن يترك وثيقة ستكون في الغالب عادلة  ( أي محررة عند عدلين ) يطلب فيها أن تتم قسمة تركته وفقا للـ "شريعة ".
وبدل أن يكون الأمر أوتوماتيكيا  بالنسبة للميراث  ، وفقا اما كان معمولا به يصبح مشروطا بإرادة معلنة وموثقة من قبل المورث.
 وبهذه الصورة يكون شرط المساواة الذي نص عليه الدستور والنصوص والمواثيق الدولية  قائما ، وآخرها ما صادق عليه مجلس نواب الشعب قبل أيام وبدون معارضة  ، من وثيقة حقوق الانسان الإفريقية ، التي تنص على المساواة الكاملة بين الجنسين وأيضا بين الأعراق.
كما تبقى الحرية كاملة للمورث إذا ارتأى ذلك ، في اللجوء للقواعد المعمول بها حتى الآن بالنسبة للميراث ، وذلك بالتعبير عن حريته في الاختيار .
وإذ رأى الكثيرون أن المساواة بهذه الطريقة  تبقى منقوصة ، فإن الحقيقة أيضا تتمثل في إمكانية المورث التنازل ، بالطريقة التي يريدها عن ملكيته ، وتقسيم تركته بتلك الطريقة أو باعتماد الوصية للأحفاد ، فيما يهم الثلث لتفويض الذكور عن الإناث ، والحيل هنا متعددة ولا تدخل تحت حصر.
**  
كان الرئيس الأسبق الذي اعتبر نفسه أب للنظام السياسي الذي أقامه على أسس من الحداثة ، قد حاول ومنذ 1956 ، المساس بموضوع الارث باتجاه المساواة ، وعلى شجاعته في اتخاذ المبادرات ومنها مجلة الأحوال الشخصية ، التي كانت فتحا حقيقيا آنذاك ، ورغم ما  كان يتمتع به من دالة على غالب الشعب الذي يعترف له بالفضل في تحرير البلاد ، وإنشاء دولة عصرية ، فإنه لم يوفق في ملامسة هذا الموضوع ، ولا غيره مما جاء في لجنة الحريات والمساواة ، وكان وراء ذلك سببان اثنان :
أولهما أنه كان يحرص على وضع تحركه في هذه المجالات الحساسة ضمن المرجعية الدينية ، باللجوء إلى علماء من رجال الدين ومن القضاة ، وبموافقة البورجوازية التونسية خاصة في العاصمة التي كانت متفتحة على الأفكار والسلوكات الجديدة الوافدة. ولعل الاستثناء الوحيد هو دعوته الشاذة للإفطار في رمضان.
وثانيهما ، أن دستور1959  الذي كان  هو راعيه ، والذي فشل في تضمينه لائكية الدولة ، لم يمكنه بإعلان تونس دولة مدنية ( الفصل الثاني من دستور 2014) وأيضا تشبثها بالقيم والمواثيق الدولية وكونيتها ، وهو ما تسنى اليوم بفضل الدستور الجديد الذي ضمن تلك المبادئ ، وجعل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ، يقفز لتحقيق ما فشل فيه بورقيبة ،  أو على الأصح يحاول ذلك ، معتقدا أنه سيجر حركة النهضة إلى ما يتفق مع دستور ، تقول أنه كان لها شرف الإشراف على صياغته خلال فترة حكمها  (2012/2014) ، ولا يسعها اليوم أن تقف في مواجهة ما نص عليه من مبادئ ولو جزئيا ، ما يعتبر نكوصا من جانبها عما جاء في ذلك الدستور ، الذي اضطرت للحقيقة إلى القبول به تحت ضغط الشارع ، في اعتصام باردو ، وتحسبا أيامها  من أن يصل التناقض داخل المجتمع لما وصل إليه في مصر ، مع عواقبه غير المحمودة.
إذن فإن السبسي وهو على قدر كبير من الدهاء السياسي ، والذكاء المفرط ، وحتى الانتهازية بمعناها الايجابي ، وجد أنه قد يكون بمستطاعه أن يحقق ما لم يحققه بورقيبة ، وأن يدخل التاريخ من بابه الواسع بإنجاز ليس أقل أهمية من مجلة الأحوال الشخصية ، سيخلده التاريخ بواسطتها كما تم تخليد بورقيبة بواسطة تلك المجلة ، التي سينالها هي الأخرى التطوير وفقا لما جاء في تقرير اللجنة ، هذه المرة بعد العرض على البرلمان ، ليس كما حصل عام 1956  ، وقد أبرزت صور مسيرة الاثنين التي لا بد من القول إنها كانت مخيبة للآمال  حجما  ، تماما كمسيرة السبت التي نظمتها جهات قريبة من النهضة ،  إن لم تكن النهضة من وراء ستار، أبرزت أن "حداثيين " كانوا يحملون صور بورقيبة ، بعد أن كانوا أو آبائهم من ألد خصومه .
**
فشلت معركة الشارع سواء التي بادر بها  الإسلاميون ، أو تلك التي أقدم عليها مناصرو اللجنة واستنتاجاته إلى  مكانها الطبيعي  لا الشارع ولا منابر الجوامع ، لتتحول المعركة خلال السنة البرلمانية الجديدة بداية من شهر أكتوبر المقبل  ، إلى ما تحت قبة مجلس الشعب ، فأي سلاح في المواجهة سيكون الأمضى ، ولمن ستكون الغلبة ، وفي أي صف سينتظم النهضاويون ، ومن سيقف معهم  أي حزب منصف المرزوقي الصغير برلمانيا  (أي الحزب) أو محمد عبو الأقوى عددا وأعلى صوتا ، أو سالم الأبيض  أو غيرها   ، وكلها أحزب تقدمية على الورق ، ولكنها في مواقفها   وتصويتها  ، تجدها على طرفي نقيض مع التصورات الحداثية.
الباجي سيقدم إن لزم الأمر في مواجهة مع النهضة ، التي بنى معها وفاقا للحكم ، ربما يرى أنه جاء الوقت لفضه ، حسابيا فإن الباجي في معركة الإرث يدخل فائزا عدديا ، ولكن حزبه الضعيف بحكم  سيطرة الدولة عليه  ، بفضل الابن المدلل حافظ ،  ليست له أي حظوظ في ربح معركة الرئاسيات ولا التشريعيات ، وهذا ما دعا ندائئين ومشروعيين  وغيرهم ،  وراء الشاهد للإعلان قريبا عن حزبهم الذي ينطلق بكتلة  ، تقول الأخبار إنها ستضم في بدايتها ما بين 40 و50 نائبا منفلتين من قبضة حافظ قائد السبسي وقبضة محسن مرزوق وقبضة مهدي جمعة وقبضات عديدة أخرى.
لكن التهديد اليوم يكمن في  ما يعلنه مقربون من النهضة ، ومن كتل أخرى ، من أن انتصار قانون للإرث حسب رغبة الباجي قائد السبسي  في المجلس ،  لن يكون  نهاية المطاف ولن يكون إلا ربحا لمعركة وقتية لا ربحا للحرب ، و سيكون مصيره الإلغاء بمناسبة انتخابات مقبلة تفوز فيها النهضة وذيولها بأغلبية  ولو نسبية ، تمكنها من التصويت لوضعه في سلة المهملات ، والعودة الأكيدة للنصوص الدينية "وللذكر مثل حظ الأنثيين " ، و" يا ناس ما كان باس ، مرحلة  وتتعدى   وسيعود الدر إلى معدنه ".
ولكن هل يعتبر هذا موقف مسؤول؟ وهل استطاعت  النهضة  وبانتصارها عام 2011 ،  أن تغير شيئا من القوانين الوضعية ،  أو تفرض قوانين جديدة تستمد روحها من الشريعة؟