Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 31 يوليو 2016

سانحة : المهزلة

سانحة

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الحبيب الصيد
الوداع ،، أو إلى اللقاء ؟
تونس /الصواب /31/07/2016
دخل الحبيب الصيد على غير المتوقع كرئيس حكومة من الباب الصغير ، معتبرا من الطبقة السياسية والمراقبين ، كصورة باهتة ، أراد أن يجمع بها رئيس الجمهورية المنتخب حديثا آنذاك الباجي قائد السبسي ، سلطات يمكنها منها الدستور وليس مكتفيا بها ، وفعلا فالسلطة التنفيذية الحقيقية كما حددها الدستور  تعود لرئيس  الحكومة ، وقيل يومها إن السبسي قد اختار حذاء على مقاس رجله ، لا حول ولا قوة له ، مؤتمر فقط بأوامر رئيس الجمهورية الآمر الناهي.
وفي غفلة من طبقة سياسية اتسمت بالعمى السياسي ، لم يلاحظ التونسيون بمرور الوقت ، أن الحبيب الصيد أراد أن يمارس سلطاته ،  بمناسبة التعيينات أو القرارات المهمة ، وإن كان قد لاقى عنتا ، سواء من الأحزاب التي كانت تتشكل منها حكومته ، وهي الأحزاب التي كانت تعتبر مرجعيتها عائدة لرئيس الجمهورية، كما كان الشأن خلال الحكم تحت وطأة النظام الرئاسي الرئاسوي  ، على مدى فترتي بورقيبة وبن علي ، حيث كان موقع الوزير الأول وليس رئيس الحكومة ( كما هو دستوريا اليوم ) تابعا للرئيس ، يعين من يشاء متى يشاء،   يصرف وزيره الأول متى يشاء وبقرار منفرد منه .
وقد دلت الأيام على أن رئيس الحكومة استطاع أن يفرض نفسه ، في مواجهة رئيس الجمهورية ، ولكن دون النجاح كرئيس فريق ، فالوزراء لا يأتمرون غالبا بأوامره ، ولذلك حلت ساعة رحيله عندما فاض الكأس وأراد الرئيس أن يصرفه ، دون أن يكون بيده السلاح الدستوري ، لذلك أطلق قنبلة حكومة الوحدة الوطنية عشية دخول شهر رمضان  متذرعا بفشل الحكومة ، متوقعا أن يكون رئيس الحكومة طيعا كما تصوره ، فيقدم استقالته ، ويتمكن  هو من تعيين رئيس حكومة جديد وفقا لمقتضيات الدستور.
غير أن الحبيب الصيد لم يكن تلك الحربوشة القابلة للبلع بسهولة ، وقد مرت أسابيع قبل أن يصل الرئيس إلى مبتغاه  فطال الأمد بعكس رغبته ، فيطلب الحبيب الصيد ثقة برلمان هو الأدرى بأن المناورات جعلته في موقف صرفه باتفاق الأحزاب ، وكان يمكن أن يطيل المشوار  أكثر ، فيتلكأ جالسا في منصبه ، حتى اليوم الذي تقدم مجموعة كبيرة من البرلمانيين لائحة لوم ضد حكومته ، وهو أمر غير ممكن وحالة الطوارئ سائدة ، غير أن لعبة القط والفأر لم تستهوه ، فخير أن ينهي التشويق ، فيطلب هو شخصيا ثقة برلمان يعرف أنه لن يمنحها إياه.
ثلاثة مظاهر يمكن الوقوف عندها :
1/ أن البرلمان لم بفكر في سحب الثقة من رئيس الحكومة ، ذاتيا .
2/ أن الأسباب ليست تلك المعلنة وهي فشل الحكومة، لأنه إذا كان هناك فشل فيتقاسمه مع رئيسها كل أعضائها وبالتالي فإنه لن نرى أحدا منهم في منصب وزاري في الحكومة المنتظرة.
3/ أن رئيس الجمهورية إذا كان هناك من فشل فإنه يتقاسم ذلك مع الحكومة ، فهو الذي أتى بالحبيب الصيد وهو الذي قاد خطواته ، ولو أن رئيس الحكومة قد أخذ يطير بجناحيه ويمارس سلطاته الدستورية .
لعل الباجي قائد السبسي أراد أن لا يتحمل للآخر مسؤولية الفشل ، فاستعاض عن حصانه بحصان آخر سيأتي ، وسيحمل الفشل للحكومة الجديدة في ضوء احتمالات انتخابات قادمة مهما كان موعدها.
فحبك مسرحية سيئة النص ، ضعيفة السيناريو بلا إخراج مقنع . الحبيب الصيد ظهر بأنه لم يكن موظفا طيعا ، وفرض نفسه كرجل سياسة ، قد لا ينتهي دوره ، وقد لا يقول وداعا ، ولكن يقول إلى اللقاء.
fouratiab@gmail.com                      


الثلاثاء، 19 يوليو 2016

تركيات : قليل من العقلانية يا هؤلاء وأولئك

تركيات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
احذروا العسكر ،
ولكن أيضا  عدم الالتزام بدولة القانون
تونس / الصواب  / 19/07/2016
أصابني الاستغراب وأنا أتابع على التليفون ( لغياب الكومبيوتر قصدا خلال إجازتي ) مواقف عدد كبير من مثقفينا بشأن انقلاب تركيا في الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت ، فرحة البعض قبل الأوان ، ولوعة البعض الآخر قبل الأوان .
فجعت للحقيقة في رد فعل عاطفي لا علاقة له بالمنطق ، ولا بالعقلنة التي كان مفترضا توافرها عند هؤلاء وأولئك.
فالانقلاب العسكري أو غير العسكري مرفوض ، خاصة عندما يقوم  ضد  سلطة تتمتع بالشرعية الانتخابية ، ومهما كان الموقف من سياساتها المتبعة ، ترضي نفوسنا أو تمجها.
وإني لأذكر خطابا للدكتور فاضل الجمالي   وزير خارجية العراق آنذاك في المجلس التأسيسي في سنة 1958 ، وكان  نصيرا لتونس في المحافل الدولية هو ومحمد صلاح الدين وزير خارجية مصر ومحمود فوزي بعده والباكستاني ظفر الله خان ، قال فيه احذروا من الانقلابات العسكرية ، فهي كارثة في الغالب أينما حلت ، وكان هو نفسه ضحية بعد أشهر لانقلاب عبد الكريم قاسم ، كما كان عرضة لحكم بالإعدام ، أنقذه من براثنه الرئيس الحبيب بورقيبة ، واستقدمه إلى تونس ،  التي قضى بها بقية حياته الطويلة عزيزا مكرما.
ولذلك فإني أجد من المستغرب أن ينحاز مثقف إلى جانب انقلاب عسكري على سلطة أفرزها صندوق الاقتراع ، وأن يبرره  ، بدعوى فساد سياسة ، أو إضرارها بمصالحنا الوطنية أو العربية.
وتركيا التي رعت حكومتها الحالية صحبة السعودية وقطر الارهاب ، وسهلت سبله  في سوريا والعراق وليبيا وبالتبعية عندنا ، عبر فتح المنافذ له ، وعبر تسهيل تمويله بسرقة الثروات السورية والعراقية ، تقف في صف الأعداء ، وقد اكتوينا في تونس بلهيب الارهاب كما اكتوى غيرنا ، ممن تفتقت دولهم ، وأصابها الخراب.
غير أن ذلك ومن وجهة نظرنا لا يبرر مطلقا ، الوقوف إلى جانب الانقلاب العسكري لإسقاط شرعية ، ولو كانت مشروخة ، بفعل سياسات خاطئة وحتى مجرمة.
في المقابل فإن ما أقدم عليه النظام التركي بعد سقوط الانقلاب ، والسكوت على تصرفات إجرامية تتحدى منطق القانون روحا ونصا ،  السكوت من قبل جانب من مثقفينا في  الصف المقابل ، من المؤيدين بلا حدود للرئيس أردوغان ، تبدو لنا في قمة اللامسؤولية كما الأولى ، وتحتاج إلى تنديد ليس فقط من قبل المعادين للرئيس التركي وحكمه ، ولكن أيضا من أنصاره في ربوعنا ، إن الوصول بعدد الموقوفين والمسرحين  من أعمالهم إلى  ما بين  25 إلى 30  ألفا في أربعة أيام ، من بينهم 15 ألفا من المعلمين و3 آلاف من القضاة من بينهم 10 من المحكمة الدستورية الذين يتمتعون بحصانة ولا تمكن إقالتهم ، و8 إلى تسعة آلاف من منسوبي وزارة الداخلية ، فضلا عن قرابة 9 آلاف من العسكريين ممن أسيئت معاملتهم ، فجرد بعضهم من لباسهم إلا من تبان لا يستر عورتهم ، وظهرت على بعضهم آثار التعذيب وخاصة قائد أركان الطيران ، وهم أي العسكريون الموقوفون بنسبة 1.5 في المائة من جملة أفراد القوات المسلحة التركية التي تعد مع إسرائيل ومصر وإيران رابع قوة  رئيسية في منطقة الشرق الأوسط ، هذا فضلا عن أن الموقوفين والذين أسيئت معاملتهم ليسوا كلهم من المنقلبين فضباط الصف والجنود وحتى الضباط الصغار يخضعون بالولاء إلى قادتهم الذين جروهم إلى سوء المصير ، وهم وفي كل جيوش العالم وفي مثل هذه الأحوال لا يتحملون تبعة الأفعال لأنهم ملتزمون بالولاء والطاعة للقادة ، وفضلا عن ذلك فإن ما شاهدناه من مظاهر الإذلال لقادة كبار بين جنرالات وعقداء ، وقد جردوا من لباسهم العسكري ومن أنواطهم يتناقض مع أمرين اثنين :
أولهما أن المتهم بريء ولو تم إمساكه بالجرم المشهود أو  متلبسا  كما يقال عندنا.
وثانيهما أن العسكريين يمثلون( بفتح الياء وتسكين الميم)  طلقاء وبأزيائهم العسكرية لحين إصدار أحكام باتة بشأنهم ، والعقوبة لا تتمثل فقط بالسجن أو الاعدام ( حيث ما زالت تنفذ عقوبة الاعدام ) ، بل أيضا بنزع الأنواط والعلامات الدالة على الرتبة في حفل علني ومشهود ، ولعل مثال الماريشال "بيتان " خائن فرنسا الأكبر أو النقيب "دريفوس" لأكبر دليل على ذلك.
إن أول ما يمكن للمرء أن يتمناه هو أن يتراجع مثقفونا مهما كانت مشاربهم عن حماسهم ويتعاملوا مع الأحداث ، بكثير من رفعة النفس ، خصوصا وبينهم من يدعون الالتزام بمبادئ وقيم حقوق الانسان ، وبعضهم من تولوا مسؤوليات في الأجهزة التي تدافع عن حقوق الانسان ، وإذ لم أسجل من حسن الحظ من من التونسيين من يدعو إلى العودة للعمل بحكم الاعدام في تركيا ، وهي ( أي منع الاعدام) خطوة جريئة اتخذتها الجمهورية التركية في اتساق مع متطلبات العصر ، وفروض احتمال الدخول في الاتحاد الأوروبي ، فإن الأمر مطروح وبإلحاح رغم أن ذلك يقوض حظوظ تركيا في الالتحاق بالاتحاد الأوروبي ، كما إنه يتنافى مع المنظومة الكونية لحقوق الانسان ، فضلا عن أنه ومن الوجهة القانونية فإن  إصدار أحكام الاعدام على المنقلبين هو تجاوز للقواعد القانونية  ، فالقاعدة تقول بأن الأحكام لا بد أن تخضع لتشريع سابق الوضع.



الخميس، 14 يوليو 2016

الموقف السياسي : ما قبل وما بعد الحبيب الصيد ،، التحدي وما بعد التحدي ؟

 الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الدستور الأعرج
والتغيير الحكومي المنتظر
تونس / الصواب / 14/07/2016
بدأت تظهر بوضوح عيوب دستور جانفي 2014 ، دستور أريد له خاصة من قبل النهضة ، أن يكون الحكم  عبره برلمانيا ، أي بيد السلطة التشريعية التي تتولى الحكم الفعلي ،  من خلال التشريع والمراقبة والمحاسبة  و ألمساءلة، والذي لا يترك سوى هامش صغير للوجه الآخر لسلطة تنفيذية مبتورة ، الهامش المتروك لرئيس الجمهورية.
وفي الأنظمة البرلمانية الحقة ، فإن خيوط القرار تبقى بيد رئيس الحكومة بالذات ، وحتى الحكومة فإنها تستمد سلطتها من رئيسها ، الذي بمجرد استقالته تستقيل   أوتوماتييكيا معه ، مثال ذلك  النظام البرلماني في بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وإسرائيل ،  رئيس الدولة  فيه يلعب أدوارا تشريفاتية  فقط ، باعتباره الرمز الممثل للدولة بروتوكوليا ، وعلى العكس فالنظام الرئاسي يجمع كل الخيوط بيد رئيس الجمهورية ، وحتى في الحالات التي يكون فيها وجود لوزير أول ( لاحظ أن التسمية ليست رئيس حكومة ) فإن الأخير مسئول لدى رئيس الجمهورية ولدى البرلمان بحيث يمكن لرئيس الدولة تغييره وإقالته ،  كما يمكن للبرلمان سحب الثقة منه ، وليس هذا أمر النظام الرئاسي الأمريكي الذي يضع خطا موازيا بين سلطة الرئيس وسلطة الكونغرس.
أما في تونس ، فإن دستور جانفي 2104 قد اعتمد  بعكس دستور 1959 ، (القائم على نظام رئاسي  متمركز جدا  حتى لا نقول رئاسويا  ) بدأ على الشكل الأمريكي ثم ومنذ 1970 تطور إلى الشكل الفرنسي  واقتضى أن يقرر رئيس الدولة تعيين رئيس الحكومة أو إقالته ، وإليه يعود تعيين الوزراء أو صرفهم .
إذن فإن دستور جانفي 2014 قد اعتمد النظام البرلماني الذي فضلته النهضة ، منذ كتابة الدستور الصغير أو تنظيم الحكم في 2012 ،  خوفا من تركيز السلطة في يد وحيدة قد تقود إلى الاستبداد ، ولكنه وبعكس الدساتير البرلمانية ( وبعد المساومات)  خصص لرئيس الدولة مجالات لا يقتضيها عادة النظام البرلماني ، قيل في حينه أنها مقتبسة من الدستور البرتغالي ، وقد خص دستور 2014 رئيس الدولة ، بمساحة واسعة في ضبط السياسات الخارجية والأمنية والدفاعية ، وتنفيذها بمشاركة رئيس الحكومة وإن بقيت في مجاله الخاص.
**
في ظل هذا الدستور وبعد سنتين ونصفا على سنه ، تبدأ ملامح خلافات هي في عمقها ، مبرزة لتناقضات يعود بعضها للنص في حد ذاته ، والبعض الآخر للممارسة ، مع قسط كبير من الحساسيات  الشخصية ،
أولا : إن الدستور ليس دستور نظام برلماني بالكامل ، فقد حفت بصياغته تنازلات مما جعله إلى حد ما متأرجحا بين نظامين.
ثانيا : لقد أبرزت الممارسة أن رئيس الدولة ، المنتخب والمكتسب لشرعية شعبية يوفرها له ، التصويت بالاقتراع العام ، يريد أن يستعمل هذه الشرعية ، رغم نصوص دستورية ، لا تمكنه من تلك الممارسة ، ولكن تقاليد البلاد بحكم حوالي  55 سنة وقوة شخصية ودهاء مفرط   للباجي قائد السبسي  ، تجعله في موقع من يسعى وينجح في فرض الأجندا التي يريدها ، أمام رئيس حكومة هو الذي اختاره على المقاس ، ولكنه تفطن عندما مسه التيار ، أن صلاحياته على الورق يمكن أن تمكنه ، - إن لم يكن من  البقاء  - من تسجيل حضوره كرجل سياسي  يمارس مشمولات  سياسية واسعة ، لا كرجل إداري كما حدد له رئيس الجمهورية أي  إداريا تحت الأوامر ،  و من محاولة أن يكون  رجل سياسة فاعل ، و أن ينتقل  من موقع الإداري إلى  موقع رجل الدولة  ، حريصا على أن يضمن مستقبله السياسي ، لا أن يكون فقط قد استخدم وانتهى أمره ودوره.
ثالثا : لعل الحبيب الصيد قد فوجئ بخطاب الرئيس للشعب في ذلك الخميس المشهود عشية حلول شهر رمضان ، ولعله كان يتمنى أن يكون رئيس الدولة قد فاتحه في الأمر ، وخفف من مرافعته ضد كل ما تم إنجازه من وجهة نظره خلال العام ونصف من توليه رئاسة الحكومة ( تحت القيادة الرشيدة ) لرئيس الدولة.
الخطاب والتحركات الموالية تركت مرارة العلقم في حلق الحبيب الصيد ، فقد أظهره الرئيس بمظهر العاجز ، باعتباره غير صالح لاستكمال المرحلة ، وفي نفس الوقت فإن الباجي قائد السبسي ، يكون قد غسل يديه من إخفاقات كل الفترة منذ انتخابه رئيسا للجمهورية ، ومسحها في الصيد.
والباجي قائد السبسي من جهته لعله يؤمن بأمر أساسي ، بأن عليه أن يغير مركوبته في الطريق ، لعله يستعيد شيئا من الشعبية التي انطلق بها غداة انتخابه رئيسا للجمهورية ، خاصة وأن نسبة مؤيدي الصيد فاقت نسبة مؤيديه.
**
المهم أن الصيد أظهر صلابة عوده ، وأنه ليس حربوشة  للبلع السهل ، وبين أخذ ورد ، انتهى إلى أن لا أحد يمكن أن يقيله ، ولا أحد يمكن أن يؤثر عليه للاستقالة ، وإنه إن كان من بد  فلعل الأسلم بالنسبة لمستقبله السياسي ، أن يسحب البرلمان الثقة منه ، كما هو الشأن في البلدان الديمقراطية البرلمانية التوجه ، وأنه ليس من حق الباجي صرفه ، وبذلك يخلق سابقة مهمة في تاريخ الديمقراطية التونسية الوليدة.
بهذا المسعى السليم دستوريا ، وغير المستقيم ممارسة في نظر الكثيرين ، يرسم الحبيب الصيد مستقبله السياسي ويخرج من ظل الباجي قائد السبسي ، ويعد نفسه لأدوار مقبلة   لم يكن الرئيس قد قرأ لها حسابا أو توقعها ، من "الموظف " البسيط الذي رفعه إلى أعلى المراتب ، ولعل الحبيب الصيد  يقدر أن مسار التحدي أفضل مما  أعده له الباجي  ، فيمكن له أن يكون له قول في المذهب ، ومستقبل سياسي ، فتفطن عن حق أو باطل بأن  صرفه  من قبل من صنعه  ، وهو الوفي المخلص لا يعني انتهاء أمره  ، أو إنهاء حياته السياسية ، ودفعه لغياهب  للنسيان .
 صحيح أن الرئيس الباجي قائد السبسي   أتى به مرة أولى في 2011 كوزير للداخلية ، وهو الذي فرضه على نداء تونس في أوائل 2015 كرئيس للحكومة وليس وزيرا أول ، وهو يرى  بذلك وباعتباره نال ثقة مجلس نواب الشعب  قد اكتسب شرعية ، لا يمكن أن يزيلها أحد غير مجلس نواب الشعب ، كما تقتضيه القاعدة القانونية الأثيرة  لدى رجال القانون أي توازي الأشكال.
**
السيناريو المقبل إلا إذا حدثت مفاجأة ، أن يقف الصيد ليدافع عن "إنجازات" حكومته ( في اجتمع تقرر بعد وسيجتمع مكتب مجلس نواب الشعب الاثنين لتحديد موعده )، ويطلب الثقة ، وكل الدلائل تشير إلى أن الثقة ستحجب عنه ، فيضطر إلى الاستقالة ،  ويكون أثبت لنفسه وللناس أنه سياسي  وليس رجل أحد ، وسيأخذ مهلة للراحة والتفكير ، وسنراه ينضم  إلى واحد من الأحزاب القريب إليها ، وفي التقدير العام فإنه سيكون له شأن في الحياة العامة ، بحكم الشرعية التي اكتسبها  من رئاسته للحكومة الموقع الأول دستوريا في الدولة ، والبريق الذي يعطيه المنصب المرموق الذي تقلده ، وهو الذي خبر الأحزاب ومدى جدية بعضها  ومدى جدية رجالها  ، لن يضع رجله في فراغ ، ولن يكون ضمن حزب مهزوز أو بلا مضمون.
**
لكن أهم المهم في كل هذا  أن الباجي قد ضمن الإرث لابنه حافظ ، عندما أمضى الأخير على وثيقة أولويات حكومة الوحدة الوطنية باسم نداء تونس أو هكذا يظن هو وأبيه ،  أي فرض نفسه على رأس " أكبر " حزب في البلاد ، كان صرحا فهوى ،  فوضعه  أبوه في صدر الصورة ، والبقية تأتي.
أليس ذلك هو أكبر هدف للرئيس الباجي قائد السبسي؟

الثلاثاء، 5 يوليو 2016

قرأت لكم : كيف تضاعف حجم المديونية في 6 سنوات ، وما هي الآثار ؟

قرأت لكم

عندما اطلعت على هذا النص لرجل الاقتصاد والشؤون المالية ، المتمرس بتسيير دواليب الدولة ، النزيه النظيف توفيق بكار ، دفعني إعجابي الشديد ، بدقة التحليل وقوة الحجة وسلامة الاستنتاجات ، ما قررت معه نشر النص على مدونتي ، وعلى عكس العادة لم أستأذن من الجل استعمال نصه ونشره على صفحتي كما تقتضيه الأخلاق الصحفية ، بل بادرت للنشر تعميما للفائدة ، وفتح كوة صغيرة من بصيص نور في هذا الزمن المظلم ، المفعم بالارتجال ، ونقص الخبرة ، وغياب إرادة الإصلاح ، لقد كنت واحدا من بين الذين تحمسوا للثورة ، ولكنها سريعا ما اتخذت منعرجا خطيرا ، قوامه تقاسم فئة من هذا الجانب أو ذاك المنافع والمكاسب ، وإدارة الظهر عن العمل الجدي ، ومنذ صيحة وزير المالية حسين الديماسي في النصف الأول من سنة 2012 لم نسمع صوت الجرأة ولا حراك الإصلاح ، أسوق لكم هذه القطعة المفعمة بالخبرة ، ولكن أيضا  بالصدق والنزاهة مع الاعتذار لصاحبها في عدم الاسترخاص منه قبل نشرها.


La moitié du stock de la dette date d'après 2011
Les données sur la dette tunisienne , aussi bien la dette publique que la dette extérieure ,sont sans appel: le Stock de la dette publique aurait doublé entre fin 2010 et 2016 passant de 25,6 milliards de dinars en 2010 à 50,4millards de dinars en 2016 ; Une autre lecture consisterait à dire que la moitié du stock de la dette publique date d'après 2011 et ce malgré les ressources financières qui étaient disponibles au début de 2011.
Quant à la dette extérieure elle aurait connu la même tendance quant à son niveau global.
Cependant l'indicateur le plus pertinent demeure le stock de la dette extérieure nette des réserves en devises et à ce titre ce stock serait passé de 10 milliards de dinars en 2010 (23millards de dette extérieure moins 13 milliards de réserves en devises) à 31 milliards en 2016 (43-12) soit plus qu'un triplement de niveau .pour l'honnêteté une partie de cette augmentation s'explique par la baisse du dinar mais cette baisse en elle même est le reflet de l'échec des stratégies et des politiques économiques menées par les gouvernements successifs depuis 2011.Une différence énorme est cependant à souligner ; la dette d'après 2011 est assortie de conditions plus difficiles : des maturités plus courtes , des marges d'intérêt plus élevées et surtout cette dette n'a pas été convenablement mise à contribution pour accélérer la croissance puisqu'elle a financé au moins pour partie des frais de fonctionnement .
A ceux qui appellent à un audit de la dette je leur dirais que personnellement je suis pour un audit de la dette de l'Etat à condition que cet audit couvre toute la dette contractée jusqu'à 2016 y compris celle enregistrée depuis 2011 et les ressources financières disponibles au début 2011 (5.6 milliards de dinars) qui ont remplacé un recours supplémentaire à l'endettement rendu nécessaire par les dépenses et les déficits publics et que cet audit couvre non seulement le stock mais également les conditions de la dette (maturité ,marge ,procédure..,) et surtout l'utilisation de cette dette et son impact sur la croissance et les charges de remboursement pour les générations futures.
Pour ceux qui ne le savent pas depuis 2006 la Tunisie a engagé une politique dite de gestion dynamique de la dette et a remboursé par anticipation 1 milliard de dinars de dette contractée durant les années quatre vingt et quartes vingt dix à des taux supérieurs au taux que lui permettait son raiting sur le marché international qui s'était amélioré depuis ,ce qui a généré au pays un gain de plus de 35 millions de dinars .
De même la Tunisie forte de la connaissance des marchés décidera de ne pas sortir sur le marché financier international depuis un certain juillet 2007 date du démarrage de la crise financière internationale pour mettre le pays à l'abris d'une augmentation de taux bien que celui de juillet 2007 a été réalisé à une marge de 0,7 % pour un prêt de 20 ans( à comparer à 4.1% pour le prêt de 1 milliard réalisé sur le marché fin 2014/début 2015) .
 Le projet de création d'une agence de gestion de la dette sous la dénomination de "Tunisie trésor "découlait droit de cette expérience et de cette connaissance des marchés riches de lus de vingt ans
J'espère que ce projet qui date de 2009 autant d'ailleurs que le projet de création de la caisse de dépôt et consignation (CDC) se concrétisera prochainement et qu'une stratégie globale de maîtrise de la dette soit mise en place le plus rapidement possible .Il y va de l'avenir des générations futures de ce pays.
Haut du formulaire
Bas du formulaire


الجمعة، 1 يوليو 2016

بكل هدوء : الحصاد

بكل هدوء
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تركيا في عين الإعصار
تدفع ثمن التوجهات الخاطئة
**  أنقرة تعاقب  العرب بالإ رهاب على ما
 اعتبرته خيانة منهم قبل قرن من الزمن
تونس / الصواب / 30/06/2016
بعد تونس ومصر ، أخذت تركيا تواجه تحركات إرهابية أو ما تسميها كذلك ، والمؤكد أن هذه الأعمال مختلفة من حيث طبيعتها وأصولها ، ولكنها تشترك في أنها تحاول ، هز الاستقرار التركي ، ومن ذلك الضغط الاقتصادي ، أو تدمير ما أسمي بالمعجزة التركية أخذت تصاب بالإعياء .
ولا بد من القول أن التركيبة السكانية لتركيا متنوعة ، وهي تقوم على أساس 2 من القوميات ، القومية الغالبة وهي القومية الطورانية ، ثم القومية الكردية ، والبقية أي ما بين 5 و10 في المائة هم من  قوميات مختلفة .
وينص الدستور التركي في فصله 66 على أن صفة المواطن التركي تطلق على كل مواطن ، فيما إن ما بين 70 و75  في المائة من السكان هم من الجنس التركي ، فيما إن 20 في المائة هم من الأكراد ، المتجمعين في المنطقة الشرقية الجنوبية من تركيا المتاخمة للعراق وسوريا وإيران.
وبالتالي فإن ما بين 5 و10 في المائة هم من العرب واليونان الأتراك واليهود والأرمن والجورجيين والبوسنيين والأشوريين والألبان والأبخازيين والغجر والشيشان  والشركس .
والدين السائد هو الدين الاسلامي الذي يمثل 97.5 في المائة من عدد السكان الجملي ، أما البقية فهم من المسيحيين واليهود وديانات أقلية أخرى ، ويمثل السنة الحنفية غالبا 90 في المائة من عدد المسلمين ، بينما 10 في المائة هم من الشيعة غالبا الاثني عشرية ، والبعض من العلويين المختلفين في طقوسهم عن علويي سوريا.
**
تاريخيا سيطرت تركيا العثمانية على الغالب الأعم من العالم العربي باستثناء اليمن والمغرب الأقصى وأطراف لم يصلها الاحتلال التركي ، والرأي السائد وهو حقيقة معلنة ، فإن الأتراك لا يحبون العرب ، ويعتبرونهم السبب في انهيار الخلافة العثمانية ، عندما انحاز الشريف حسين إلى الغرب ، وانتصر للغرب في الوقت الذي انحازت فيه تركيا للألمان إبان الحرب العالمية الأولى  ، وفي زمن ظهور القومية العربية في الشام ، وطالبت سوريا وجبل لبنان  بالاستقلال ، ما جعل القيادة التركية ترسل بالجنرال أنور باشا ليقيم المشانق للوطنيين ، ويرسل إلى الاعدام علية القوم ، وعموما فإن المشرق العربي الذي كان أشد التصاقا بدولة الخلافة  لقربه منها ، كان تحت استعمار حقيقي تاق للتخلص منه ، بعكس تونس والجزائر وليبيا التي كانت تكتفي بالبيعة للخليفة ، وترسل إليه مساهمة في الميزانية ، وأحيانا فرقا عسكرية للمشاركة في الحروب التي كانت تخوضها الآستانة ، ولعل أشهرها حرب القرم التي شارك فيها جنود تونسيون ، بقي جانب من أحفادهم في الشمال التركي لليوم.
**
وتركيا السنية الحنفية ، والتي خاضت حروبا مدمـرة مــع الشيعة الصفوييــن
( التابعين للدولة الصفوية  في فارس التي كانت في تنافس مع الخلافة العثمانية ) لم تكن تحمل في قلبها ، ولا تحتمل الشيعة بمن فيهم العلويين ، الذين حكموا سوريا وما زالوا يحكمونها على مدى نصف قرن ،  ولا حزب الله  اللبناني ،  فضلا عن الشيعة الفرس ،  فيما عرفت الخلافة العثمانية حروبا مع مصر المحكومة من عائلة تركية الأصل ، وكبرهان على الكره المتأصل للعرب ، فإن كمال أتاتورك بمجرد أن استولى على الحكم ، فإنه ألغى العمل بالحروف العربية ، واختار استعمال الأحرف اللاتينية ، وربط تركيا بالغرب مديرا ظهره لعالم عربي اعتبر أنه خان تركيا ، وإن لم تكن تركيا الدولة القوية قد رفعت خلال القرن التاسع عشر والعشرين ، أصبعا للدفاع عن أقاليم كانت تعتبر ضمن سيادتها وهي الجزائر وتونس وليبيا  فضلا عن مصر.
**
 في منتصف القرن العشرين دخلت تركيا صحبة العراق ( زمن نوري السعيد ) وإيران ( زمن الشاه ) وباكستان تحالفا ضد القومية العربية سمي بحلف بغداد، وأصبحت عضوا في الحلف الأطلسي ، غير أن هذا حلف بغداد انفرط عقده بمجرد قيام انقلاب 14 تموز في العراق ، ضد الثلاثي الملك فيصل الثاني والأمير عبد الإله ورئيس الوزراء والرجل القوي نوري السعيد رئيس الوزراء ، ولكن تركيا ومن ورائها بريطانيا  والولايات المتحدة وبالأموال السعودية عن طريق الملك سعود بن عبد العزيز ( يا للبلاهة) ( أرسل شيكا بمبلغ مليون دولار للرجل السوري القوي ممثل جمال عبد الناصر في دمشق عبد الحميد السراج  ) لفك ارتباط الوحدة المصرية السورية ،  وهذا ما يعطي تصورا عن طبيعة العلاقات التركية العربية.
**
واجهت تركيا منذ الخمسينيات حربا أهلية مستمرة ، تخمد حينا ليشتد أوارها أحيانا مع الأقلية الكردية التي قوامها حوالي 15 مليونا من السكان ، يتحصنون في مناطق وعرة ، على غرار ما كان حاصلا في العراق والذي بلغ الأوج عندما استعمل الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ، السلاح الكيمياوي في حلبجة ، ما أدى لسقوط آلاف القتلى ومثلهم من المحترقين الذين  كان مصيرهم الموت المحقق ، وإذ نال أكراد العراق استقلالهم  عن الدولة المركزية  في بغداد ، إن واقعا وليس قانونا ، فإن أكراد تركيا ما زالوا ينافحون لنيل  حقهم في إقامة دولتهم ، وقد عرفوا مثل أكراد العراق بتمرسهم بالحرب وخبرتهم ، في حرب المدن بالذات التي تقض مضاجع حكام أنقرة ، وتختلف التقييمات بين من يعتبرون عمليات الأكراد التي تعاظمت في الفترة الأخيرة إرهابا ( السلطة التركية) ، ومن يعتبرونها حرب تحرير ، قصد تمكين الشعب الكردي من حق تقرير المصير ، وعلى الأقل قيام حكم محلي  ، ببرلمان منتخب ، وحكومة تتمتع باستقلال ذاتي( المجتمع الدولي).
**
وكأن المصائب لا تأتي منفردة ، فقد لحق بما تسميه السلطة التركية "الإرهاب الكردي " إرهاب حقيقي ، رعت بداياته أنقرة ، وشجعته ، وبمجرد أن غيرت سياستها تحت وطأة الضغط الدولي ، حتى انقلب السحر على الساحر ، وبات أولئك الذين مررتهم عبر حدودها إلى سوريا ألد خصومها ، يقترفون أعتى الجرائم على أرضها انتقاما  من انقلاب الحكم التركي على عقبيه ، بعد أن شجع طويلا الدواعش والقاعديين ، انتقاما من الحكم السوري وعلى أمل إنهاء وجوده القائم على قاعدة من المذهب الشيعي سواء الإثني عشري أو العلوي  السوري اللبناني الإيراني ، واستعمال التراب التركي كمسلك مرور وعبور  للبترول  السوري والعراقي المسروق ، ليباع في تركيا بسعر التراب ، أو يصدر تهريبا للخارج ، فتقتنيه جهات مشبوهة  ، فقد استعملت المطارات والأراضي التركية ، كمحطات تمرير للوافدين من كل فج عميق نساء ورجالا بدعوى الجهاد ضمن كتائب لا علاقة لها بالإسلام سلوكا  ومدعية الخلافة  في انتظار عودتها إلى تركيا أردوغان ، وذلك بتوطئ من جهات خارجية ممولة منها السعودية وقطر أو منتسبيها ، أو من البلاد المصدرة للإرهابيين ، ومنها تونس بتواطئ أيضا  ، من حكم  الترويكا خلال سنوات 2012/2014  عن وعي أو غير ، وعي وغالبا جهات منها عن وعي وسابق إصرار  ، وتمويل غالبا من مصادر خارجية راعية للإرهاب حكومات أو أفرادا ، وجدت في بلادنا رعاة بقوا بدون محاسبة ولا عقاب، أذاقونا ويلات الارهاب ونتائجه المدمرة.
**
 واليوم فإن تركيا بالذات وبعد أن كانت مصدرا لنشر الإرهاب ن عرفت أن ما حاولت تنفيذه لدى غيرها قد امتد لهيبه الحارق إليها ، فإنها تكتوي بناره ، عقابا لها على تراجعها ، ومن السهل السهل أن ترعى الارهاب ، ولكن هيهات أن تستطيع استئصاله ، بعد أن هيأت له المناخ في عقر الدار ، فتمكن واستوطن ،  لاستعماله ضد من اعتبرتهم أعداءها ، لا من الحكام فقط بل من الشعوب انتقاما منها لما بدر منها قبل قرن من الزمن ، اعتبرته مؤامرة ضدها ، وضد خلافة لم تكن سوى رجلا مريضا انهار بأقل جهد ممكن.