Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 31 يوليو 2016

سانحة : المهزلة

سانحة

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الحبيب الصيد
الوداع ،، أو إلى اللقاء ؟
تونس /الصواب /31/07/2016
دخل الحبيب الصيد على غير المتوقع كرئيس حكومة من الباب الصغير ، معتبرا من الطبقة السياسية والمراقبين ، كصورة باهتة ، أراد أن يجمع بها رئيس الجمهورية المنتخب حديثا آنذاك الباجي قائد السبسي ، سلطات يمكنها منها الدستور وليس مكتفيا بها ، وفعلا فالسلطة التنفيذية الحقيقية كما حددها الدستور  تعود لرئيس  الحكومة ، وقيل يومها إن السبسي قد اختار حذاء على مقاس رجله ، لا حول ولا قوة له ، مؤتمر فقط بأوامر رئيس الجمهورية الآمر الناهي.
وفي غفلة من طبقة سياسية اتسمت بالعمى السياسي ، لم يلاحظ التونسيون بمرور الوقت ، أن الحبيب الصيد أراد أن يمارس سلطاته ،  بمناسبة التعيينات أو القرارات المهمة ، وإن كان قد لاقى عنتا ، سواء من الأحزاب التي كانت تتشكل منها حكومته ، وهي الأحزاب التي كانت تعتبر مرجعيتها عائدة لرئيس الجمهورية، كما كان الشأن خلال الحكم تحت وطأة النظام الرئاسي الرئاسوي  ، على مدى فترتي بورقيبة وبن علي ، حيث كان موقع الوزير الأول وليس رئيس الحكومة ( كما هو دستوريا اليوم ) تابعا للرئيس ، يعين من يشاء متى يشاء،   يصرف وزيره الأول متى يشاء وبقرار منفرد منه .
وقد دلت الأيام على أن رئيس الحكومة استطاع أن يفرض نفسه ، في مواجهة رئيس الجمهورية ، ولكن دون النجاح كرئيس فريق ، فالوزراء لا يأتمرون غالبا بأوامره ، ولذلك حلت ساعة رحيله عندما فاض الكأس وأراد الرئيس أن يصرفه ، دون أن يكون بيده السلاح الدستوري ، لذلك أطلق قنبلة حكومة الوحدة الوطنية عشية دخول شهر رمضان  متذرعا بفشل الحكومة ، متوقعا أن يكون رئيس الحكومة طيعا كما تصوره ، فيقدم استقالته ، ويتمكن  هو من تعيين رئيس حكومة جديد وفقا لمقتضيات الدستور.
غير أن الحبيب الصيد لم يكن تلك الحربوشة القابلة للبلع بسهولة ، وقد مرت أسابيع قبل أن يصل الرئيس إلى مبتغاه  فطال الأمد بعكس رغبته ، فيطلب الحبيب الصيد ثقة برلمان هو الأدرى بأن المناورات جعلته في موقف صرفه باتفاق الأحزاب ، وكان يمكن أن يطيل المشوار  أكثر ، فيتلكأ جالسا في منصبه ، حتى اليوم الذي تقدم مجموعة كبيرة من البرلمانيين لائحة لوم ضد حكومته ، وهو أمر غير ممكن وحالة الطوارئ سائدة ، غير أن لعبة القط والفأر لم تستهوه ، فخير أن ينهي التشويق ، فيطلب هو شخصيا ثقة برلمان يعرف أنه لن يمنحها إياه.
ثلاثة مظاهر يمكن الوقوف عندها :
1/ أن البرلمان لم بفكر في سحب الثقة من رئيس الحكومة ، ذاتيا .
2/ أن الأسباب ليست تلك المعلنة وهي فشل الحكومة، لأنه إذا كان هناك فشل فيتقاسمه مع رئيسها كل أعضائها وبالتالي فإنه لن نرى أحدا منهم في منصب وزاري في الحكومة المنتظرة.
3/ أن رئيس الجمهورية إذا كان هناك من فشل فإنه يتقاسم ذلك مع الحكومة ، فهو الذي أتى بالحبيب الصيد وهو الذي قاد خطواته ، ولو أن رئيس الحكومة قد أخذ يطير بجناحيه ويمارس سلطاته الدستورية .
لعل الباجي قائد السبسي أراد أن لا يتحمل للآخر مسؤولية الفشل ، فاستعاض عن حصانه بحصان آخر سيأتي ، وسيحمل الفشل للحكومة الجديدة في ضوء احتمالات انتخابات قادمة مهما كان موعدها.
فحبك مسرحية سيئة النص ، ضعيفة السيناريو بلا إخراج مقنع . الحبيب الصيد ظهر بأنه لم يكن موظفا طيعا ، وفرض نفسه كرجل سياسة ، قد لا ينتهي دوره ، وقد لا يقول وداعا ، ولكن يقول إلى اللقاء.
fouratiab@gmail.com                      


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق