الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
تونس قبل
الانتخابات
تونس /
الصواب /10/02/2014
ما زالت
الجهات المعنية، لم تعين موعد الانتخابات المقبلة، وما إذا كانت ستجري في وقت
متزامن بين انتخابات رئاسية، وأخرى تشريعية، فيما لا حديث عن الانتخابات المحلية.
وينقسم الأمر
بين المجلس التأسيسي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فالمجلس هو الذي سيصوغ
القانون الانتخابي الذي بدونه لا يمكن للهيئة أن تعين من جهتها الموعد ، وكل تأخير
عن ضبط القانون الانتخابي ، من شأنه أن يؤجل تحديد موعد الانتخابات.
فالقانون الانتخابي
سيحدد ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية ستجري بصورة متزامنة
أو لا، وهو الذي سيحدد أيضا طبيعة نظام الاقتراع، وهل سيكون بالتصويت على القائمات
بالنسبية مع اعتماد أعلى البقايا، أو بالتصويت الفردي في الدوائر الصغيرة،
والاتجاه الغالب اليوم هو اعتماد طريقة التصويت التي اعتمدت في انتخابات 23 أكتوبر
2011، رغم ما تفرضه من تشتت.
ومما لا شك
فيه أن أغلب الأنظمة القائمة على الصلاحيات المختلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس
الحكومة، افترضت تقديم الانتخابات الرئاسية على الانتخابات التشريعية. وإن كان
الفصل بينهما مكلفا من الناحية المالية.
وإذ لا تثير
مسالة التزامن مشكلا لا في الأنظمة الرئاسية ولا في الأنظمة البرلمانية، فقد درجت
الأنظمة المشتركة على تقديم الرئاسية، وكانت فرنسا هي آخر من التجأ إلى هذه
الطريقة.
**
لعله وجب
اليوم الإسراع بالانتهاء من ضبط القانون
الانتخابي حتى تتمكن هيئة شفيق صرصار من البدء العملي في مهامها، وإذ ساعدت جهات
خاصة أوروبية – غربية بالمال والخبرة الهيئة السابقة لكمال الجندوبي، فلعل نفس
الجهات ستعمد للمساعدة هنا أيضا تثبيتا ودعما للمسار الديمقراطي، والانتخابات
تعتبر حقا عمودا من أعمدته الرئيسية.
و قبل أن تتضح
الصورة بشكل جلي، فإن الحملة الانتخابية قد بدأت بأشكال أكثر أو أقل إعلانا، وأخذت
أيضا التحالفات الانتخابية تشهد بوادرها.
وإذ ما زالت
النهضة، لم تركب علنيا حصان حملتها الانتخابية بصورة معلنة، فإن جهات أخرى بدا
يظهر عليها الاستعجال المعلن، ومنها التكتل الذي أخذ يتقارب مع التحالف
الديمقراطي، والمؤتمر الذي بدأ يلملم صفوفه مع الأحزاب التي انبثقت من رحمه، والتي
لم تعرف طريقها بعد، وما إذا ستكون مع النهضة ، أو مع منصف المرزوقي، فحزب الرئيس
نفسه لم يستطع أن يقف على رجليه، وقيادته العليا تبدو ملتصقة أشد الالتصاق
بالنهضة، هي وحزب وفاء، فيما جهات أخرى ستبقى وفية لخط الحزب كما تصوره المرزوقي
قبل أكثر من 10 سنوات عند التأسيس.
ويبقى حزب
حركة نداء تونس الذي يبدو وكأنه يريد أن يعانق أطرافا عدة قد يحتاجها للاقتراب من
الأغلبية المطلقة بدون اللجوء لا للتكتل (الخصومة شديدة بين بن جعفر والباجي منذ
أن ترك الأخير مجموعته وترشح على قائمات الحزب الاشتراكي الدستوري سنة 1981) ولا
المؤتمر الذي لا يبدو أنه يحمل في قلبه لا الباجي ولا حزبه ، نداء تونس، وهو يرى
فيه الحزب الذي نزع عنه صفة الوصيف الحزب الثاني أهمية وفق نتائج انتخابات 2011.
هل يكون حزب
نداء تونس حزبا قويا على المدى الطويل أم أنه فقاعة لن تلبث أن تنفجر.
الاعتقاد
السائد أن حزب نداء تونس، يعتمد في قوته، على رغبة عميقة في خلق توازن سياسي في
البلاد، بعد أن أبرزت انتخابات 2011، استقطابا انفراديا لحزب حركة النهضة، ومن هنا
يظن قادته أنهم يتخذون وضعا لازما لتوازن بين نمطين مجتمعيين:
1/ نمط
مجتمعي تمثله النهضة، وهو نمط ماضوي يقوم على خلفية دينية.
2/ مجتمع
يمثله نداء تونس ، وهو نمط حداثي، يستمد جذوره من كل فترة النهضة الحقيقية، التي
قامت في تونس منذ ما قبل منتصف القرن التاسع عشر، وأعطاها بورقيبة دفعا قويا ،
ويقول البعض إنه استغلها أحسن استغلال.
وإذ بدا أن
دفاع التكتل والمؤتمر وهما في السلطة والائتلاف عن النمط المجتمعي كان محتشما خلال العامين الأخيرين، إن لم يكن
منعدما ، وإذ بدا أن الأحزاب اليسارية لم يكن لها وزن يذكر في الدفاع عن نمط المجتمع الحداثي أمام
هجمة النهضة والسلفية، فإن الكثيرين، يعتقدون عن حق أو باطل أن نداء تونس، هو
القادر سواء عن حق أو باطل في تشكيل سد منيع أمام النمط المجتمعي الذي تبشر به
النهضة، وأجزاء من المؤتمر أو من أذنابه.
من هنا يعتقد
الكثيرون أن انفجار الأهمية الكبرى للنداء تأتي ، رغم تناقضاته الداخلية، من قدرته
المفترضة، عن مكتسبات مجتمعية حداثية.
ولقد أخذ
البعض من السياسيين والمنظرين يفسرون
التسمية التي اعتمدها، عن وعي أو بالصدفة من أنه استجابة لنداء قسم هام من المجتمع
، ليس مستعدا عن التصور المجتمعي ، الذي فرضته عشرات السنين من مظاهر النهضة التي
تزامنت مع ما حصل في مصر وتركيا والشام.
**
كيف تتبدى الصورة
السياسية اليوم وما هي مظاهرها؟
أولا
وبالنسبة للانتخابات الرئاسية، وإذا لم يحصل حدث كبير في البلاد، فإن الباجي قائد
السبسي ، سيزيح كل المرشحين للرئاسة، من أمامه ، وسيتمكن من اقتحام قصر قرطاج،
كفاتح عظيم، ما يمكنه من دخول التاريخ كرئيس للبلاد، وبانتخابات تعددية، بعد
بورقيبة وبن علي والمبزع ومنصف المرزوقي، وسيحاول أن يمحي صورة الرئيس الذي سبقه
والذي لا يكاد يعترف برئاسته ودورها إلا بالكاد.
ثانيا
وبالنسبة للحكومة فإن هناك سيناريوهات عديدة محتملة:
أولها
سيناريو انتصار نسبي للنهضة في الانتخابات
التشريعية المقبلة، وبالتالي دعوتها لتشكيل الحكومة مع ائتلاف ليس واضحا كيف
سيتشكل، وبهذه الطريقة فإنه يكون هناك تعايش بين رئاسة من اتجاه وحكومة من اتجاه
آخر في حالة ما إذا كان السبسي هو رئيس الجمهورية.
ثانيها
انتصار نسبي لنداء تونس بحيث يدعو رئيس الجمهورية إن كان هو السبسي لتشكيل حكومة
من حزبه وبائتلاف لم تتضح ملامحه أي إن
السلطة التنفيذية ستكون كلها بيد واحدة أو تكاد.
ثالثها أن
يكون انتصار نداء تونس أو النهضة غير محدد للقدرة على تشكيل حكومة مهما كانت
الائتلافات المختلفة.
وفي هذه
الحالة هل سنصل إلى وضع يقوم فيه تحالف واسع بين النهضة والنداء، ربما يجمع أطراف
أخرى من الآفاق كلها، وحينها يمكن للمرء أن يتساءل عن كيفية التعايش المحتملة في
هذه الحالة، بقطبين كبيرين، وخاصة بالنسبة لنمط المجتمع.
**
في الأثناء
أخذت النهضة تعد العدة لخوض الانتخابات المقبلة والصورة غير واضحة، وهي بما عينته
من ولاة ومعتمدين وإداريين، ومن روابط حماية الثورة ومن ميليشيات وجمعيات تابعة كفيلة بأن تقوم بتعبئة غير مسبوقة تمكنها من
النجاح المطلق رغم حياد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ومن جهتها
بقية الأحزاب شرعت في التحضير لانتخابات مقبلة غاية في الأهمية، لأنها ستكيف
المستقبل، وقد تكون بلا رجعة.
وفي نداء
تونس يتم الاستعداد حثيثا، ويعتقد القياديون أو يوحون بأن المستقبل لهم،
ومن هنا أخذوا
يعدون العدة لفترة ما بعد 2014، فتعيين محمد الناصر نائبا لرئيس الحزب يجعل نداء
تونس يضع نفسه على قاعدة الانطلاق، للمرحلة المقبلة،
وفي التصور
فإن السبسي ينبغي له بعد انتخابه رئيسا أن يغادر رئاسة الحزب.
هذه الرئاسة(رئاسة
الحزب) سيتولاها وقتها محمد الناصر، الذي كان عازفا قبل شهر أو شهرين عن أي انتماء
حزبي.
من سيكون
رئيس الحكومة إذا آلت الحكومة لنداء تونس إذا ما جاء الأول كما توحي به عمليات سبر
الآراء .
المقربون من
النداء يذكرون أن الطيب البكوش سيكون المرشح لرئاسة الحكومة في هذه الحالة، أو وفي
حالة ائتلاف مع النهضة أو غيرها فإنه سيكون رئيس الفريق الحكومي المنبثق من نداء
تونس، وسيكون في هذه الحالة فريقا فاعلا ، مؤثرا ، له كلمته لا كما كان الفريق
الذي انبثق عن التكتل والائتلاف الذي كان يساوي لا أكثر من صفر إلى اليسار مع
وزراء النهضة وحكومتها واقعا.
وقائمة
القياديين الثلاثين المعلنة، تبرز أنهم أو جانب منهم سيكونون الوزراء في أي حكومة
مقبلة مهما كانت.
ومهما كانت
النتائج وفي حالة فوز السبسي بالرئاسة، فإن نداء تونس لن يكتفي لا بالمقاعد
الجانبية ولا بالتأثير المحدود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق