اقتصاديات
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الأيام الصعبة وافدة
فهل يكون الشعب
في مستوى المسؤولية ؟
تونس/ الصواب/ 27/02/2014
قبل فترة قصيرة من مغادرة علي العريض
وحكومته للحكم، والحكومة أقدم رئيس الوزراء على اتخاذ قرار بتعطيل مجموعة من
مقررات قانون المالية، الذي كان صادق عليه المجلس التأسيسي قبل أيام، وفي غياب علم
وزير المالية، الذي كان يدافع عن تلك المقررات إلى حد ساعات قليلة قبل إلغائها،
وأبرزت جهات من الحكومة أن تلك المقررات غير مناسبة، وكأن وزير المالية السابق
اتخذ قراره بشأنها، في غياب موافقة الحكومة، ما يبرز أمرين اثنين، أنه لا معنى
للتضامن الحكومي من جهة، وأن الحكومة تتصرف بعيدا عن تصور الشأن العمومي ومقتضيات
الدولة من جهة أخرى.
وباتخاذ تلك القرارات قامت حكومة علي
العريض بتعرية الميزانية، من جزء من الموارد المخصصة، متخذة قرارات في تقليص
مداخيل، المجلس التأسيسي وحده المؤهل لاتخاذ قرار بشأنها.
غير أن هذه القرارات، فضلا عن ناحية
الارتجال فيها، تصيب ميزانية الدولة في
مقتل، وبعرج أكبر من العرج الذي كانت عليه، باعتبارها إلى حد كبير ميزانية افتراضية، أكثر منها فعلية
، حيث إن مواردها لم تكن موجودة إلا في الورق ولم تكن فعلا حاضرة عندما تقررت.
واليوم وبعد أن جاءت حكومة جديدة، زال
التحفظ الذي كان قائما على الحكومة السابقة سواء من الدول أو من المؤسسات المالية
الدولية والإقليمية ، وتدفقت على البلاد موارد إقتراضية هامة، يمكن أن تسد الثقب
الغائر الذي كان قائما في الميزانية كما تم طرحها في شهر ديسمبر الماضي.
إلا أن للمرء أن يتوقف عند أمرين
اثنين:
أولهما أن الأمر لم يعد كارثيا كما
كان قبل أسابيع، غير أن المالية العمومية ليست في أحسن أحوالها، فقد تم تحويل
مقادير إقتراضية كبيرة عن وجهتها المفترضة، إلى وجهة استهلاكية للإدارة العمومية،
وبالتالي فإنه عندما يحين موعد سدادها، لن تجد الدولة الإنتاج الإضافي الذي يمكنها
من إستصفاء مبالغ ذلك السداد.
أضف إلى ذلك أن الحكومة القائمة
اليوم، مفروض عليها أن تتخذ قرارات لا شعبية كبيرة وموجعة ومريرة، لا مفر منها
أحجمت عن اتخاذها حكومات النهضة، لأسباب انتخابية ضاعفت من تأزم وضع سيء أصلا.
ولذلك فإننا لا نذيع سرا عندما نقول
إن سد الثغرات في الميزانية ، الناتجة عن تلاعب غير مسئول من الحكومة السابقة،
سيضطر الحكومة الحالية، للرفع من عدد من الأداءات حجما وربما إحداثا، فضلا عن
اتخاذ قرارات في مجالات تقليص الدعم سواء في المحروقات أو في مجال المواد
الاستهلاكية، وليس للحكومة من حيلة إلا اتخاذ هذه القرارات المرة.
وثانيهما إن حكومة جمعة ستدفع ثمنا
باهظا لقرارات ارتجالية وشعبوية متخذة منذ 2011 ولكنها تعاظمت خلال 2012 و2013
برفع غير مدروس في مرتبات العاملين في الوظيفة العمومية والمؤسسات المؤممة ، مما
قفز من جهة بالقسط من الميزانية المخصص للأجور العمومية، وما أدخل اضطرابا كبيرا
على تراتيبية الإدارة، وهي تراتيبية تم
بناؤها بعناء منذ فترة الهادي نويرة، ودخلتها اليوم فوضى لا مثيل لها، أضحى معها مسئولون
في أعلى السلم ينتقلون في رواتبهم إلى مراتب أدنى من غيرهم.
الحكومة كلها ورئيس الحكومة بالذات
ولكن أيضا وزير المالية ووزير ة التجارة، كان الله في عونهم لمواجهة حالة ربما
يراها البعض ميؤوسة ، ولكن مقدور عليها إذا توافرت الإرادة، وخاصة إذا عم الوعي
شعبا ينبغي أن يدرك أن الأوقات الصعبة ستحل بين ظهرانينا وأنه ينبغي لنا أن نكون
في مستوى المسؤولية، للخروج من وضع وضعتنا فيه النهضة بسنتين من الحكم فقط، فكيف
إذا أعطاها الشعب ، بعد الانتخابات المقبلة مهمة بخمس سنوات؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق