Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الثلاثاء، 2 فبراير 2016

الموقف السياسي : فك العصمة الرئاسية ، بين الباجي وبلحاج ، فهل سيمر الأمر لفكها في الحزب أو ما بقي من الحزب؟

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
زلزال في الرئاسة
تونس / الصواب / 01/02/2016
ما حصل أمس في قصر قرطاج لا يعدو أن يكون زلزالا ، ولو أنه كان متوقعا.
فاستقالة رضا بالحاج ليست بالحدث الهين ، فهو الرجل الأقرب لرئيس الجمهورية  son éminence grise ، وبالتالي فإن تأثيره عليه كبير ، ومن ذلك إشرافه على إدارة الرئاسة ، وهو كما هو حال الرئاسات سواء في تونس أو غير تونس الوسيط المبلغ ، ورجع الصدى لقرارات رئيس الدولة.
كان رضا بالحاج رئيسا لديوان الباجي قائد السبسي عندما تولى رئاسة الحكومة سنة 2011 ، مباشرة بعد تشكيل حكـــــومة مارس ما بعد الثورة، ولم يكن هناك شك في أنه سيكون رئيسا لديوان رئيس الدولة بعد انتخابه في منصبه قبل عام ونيف.
ومن المؤكد أنه لا الباجي قائد السبسي ولا رضا بالحاج مسروران بهذه الاستقالة ، التي تشبه الإقالة دون أن تعلن عن نفسها ، ولكنها "استقالة " اضطرارية  ، بالنظر إلى أن الهدف اليوم بالنسبة للرئيس هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه من حزب نداء تونس الذي تورط في التدخل بشأنه ، وارتكب خطأ استراتيجيا "بترك " رئيس ديوانه يتدخل في المعمعة  علنا وبطريقة مفضوحة وهو المحسوب عليه ، دون حساب النتائج ، أو حتى توقعها ، وهو أي الرئيس ووفقا  لموقعه لا يحق له بحكم الدستور أن يمارس نشاطا حزبيا .
هل يكون الباجي قائد السبسي هو  الذي أرسل رضا بالحاج ليكون نصيرا لابنه حافظ قائد السبسي ، ويثبته وارثا لقيادة الحزب ، أم إن رضا بالحاج هو الذي أقنع  رئيس الجمهورية ، بضرورة مساندة ابنه في الخصومة التي كانت تستهدف قيادات حزبية كثيرة وهامة في "النداء" ، وضعها الثنائي الباجي- بلحاج في موقع لا يحتمل رجعة أو العودة إلى الوراء ، ما أصاب الحزب بالتشرذم ونقله من الموقع الأول في البرلمان إلى موقع ثان ، غير مريح مطلقا ، وما يتهدده اليوم  من زيادة ضعف على ضعف ، وكل صباح يشهد مزيدا من الاستقالات من الحزب ومن كتلته البرلمانية ، والتحاقا بالحركة التي يشكلها  اليوم محسن مرزوق ، بما عرف عنه من حيوية وفصاحة  وذكاء وحتى مكر وكاريزما ، وما يعد له من مؤتمر اختار له موقعا وزمانا بما يذكر بحركة الرئيس الأسبق بورقيبة في 2 مارس 1934   ( ليس الأمر بريئا ) .  
رضا بالحاج يدفع اليوم ثمنا غاليا لخطإ إستراتيجي لم يكن قد ارتكبه وحده ، بل لعله دفع له من خلال وفاء مفرط لرئيسه ، الذي أراد عن قصد أو غير قصد أن يورث ابنه ، في بلد قطع دابر التوريث منذ إعلان الجمهورية قبل حوالي 60 سنة.
 سؤال :  مهما كان أمر  الإ( ست) قالة ، هل يكفي هذا لترطيب الأجواء أو العودة لما كان عليه الأمر ، قبل تطورات الشهرين الأخيرين ، أم إنه سيكون تحركا بلا غد ، ولن يفيد شيئا ،  ثم من سيكون الضحية المقبلة ؟.
أولا للمرء أن يسأل ما إذا كانت استقالة رضا بلحاج إذا اعتبرناها كذلك، هي الأخيرة في مسلسل الاستقالات في ما يهمه أم إنها استقالة ستتبعها أخرى من صفوف الحزب الذي كان أحد مؤسسيه أو على الأقل قيادته ؟
ثم ما إذا كانت استقالة رضا بلحاج  هي إيذان بالاستفادة من الدرس ، واقتناع الباجي قائد السبسي بضرورة تنحي ابنه من القـــيادة في نداء تونس ، بعد أن أصبح هو زعيم الحزب منذ مؤتمر سوسة ، وبمباركة بلحاج ومن وراءه .
أحيانا التراجعات بدون نظام ، لا تؤدي إلى لمزيد المصائب ، خصوصا وأن رئيس كتلة نداء تونس أو ما بقي منها يتعامل مع أعضـــاء الكتلة كقطيع ، معتبرا أن التعهد في السياسة صكا على بياض للمستقبل ، دون حساب تقلب المواقف خصوصا في غياب المغريات.
ليس مهما من تم تعيينه في منصب رضا بلحاج ، فالـــكأس انشق  ولن يلتئم  ، والحسابات الخاطئة سياسيا  لا بد من دفع ثمنها ، وعلى مستوى الدولة فإن ذلك يبدو شديد الخطورة ، استقرارا وثقة وجدوى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق