الموقف السياسي
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
غياب البصيرة .. وانعدام الطموح
تونس/ الصواب / 18/03/2014
قدوم الرئيس السبسي للرئاسة ، وتكليف
رئيس حكومة ، مجرد موظف (قد يديه )، كان رغم كل شيء يدفع للأمل ، بأن يتم تعويض
أربع سنوات من الجمود المطبق ، بحركية ، ولو معقولة ، وبصيرة نافذة ، وطموح كبير
ومشاريع ، شجاعة وكبرى ـ تخلق نوعا من المعانقة بين المواطن ووطنه.
ولكن وبعد مرور 45 يوما على تشكيل
الحكومة، التي تأخر تكوينها كثيرا حيث انتخب البرلمان في 26 أكتوبر، وبقي الانتظار
مستمرا لحد أوائل فيفري، لا يبدو أننا قد نكون على نفس نسق السنوات الأربع الماضية
رغم الوعود والبرامج المعلنة.
وإذا كانت القدرة على التصور ضعيفة
والاستنباط غائبا فلعل هناك مشروعات ضخمة، معروفة وربما حتى جاهزة دراساتها يمكن
القيام بها.
لعل المواطن لا يدرك الكلمات الكبيرة
لتنشيط اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر الموعودة ، ولكنه يعرف
معنى أن يتم الوعد بإعداد القانون الانتخابي للبلديات ، حتى يتحسن محيطه ويشعر
بالمشاركة في اتخاذ القرار الذي يهم حياته اليومية وعن قرب.
ولعل المواطن أيضا يفهم جيد أن تقول
له أننا وبعد أسابيع سنقيم لك ، الأقاليم الستة الموعودة بكل ما يعني ذلك من
اندماج اقتصادي وحركية كبرى: على أن تكون تلك الأقاليم أفقية مفتوحة على البحر وبموانئ ومطارات ، وتسند
العواصم فيها لمدن تبدو اليوم ثانوية ولكنها ستكبر وتصبح أقطابا مثل مدنين أو توزر
أو سليانة أو جندوبة أو زغوان أو سيدي
بوزيد أو غيرها فتكون قاطرة لجهات بأكملها
وتحيى بقوة،
كل ذلك ولم لا أن تنقل عاصمة البلاد
إلى مدينة القيروان، ولو على مدى 10 أو 20 سنة.
كل هذا كأهداف نوعية من شأنها أن تخدم
التنمية وتحركها.
ثم وعلى الصعيد الكمي لماذا لا نفكر
في إنشاء 800 أو ألف كيلومتر من الطرقات السريعة ، وبعد الإسراع بإنجاز الطريق
السريعة الساحلية ، لم لا خط آخر مواز داخليا يمر من العاصمة تونس منطلقا إلى
المدن الداخلية فضلا عن خطوط أخرى متقاطعة ، فالنقل السريع هو أكبر حافز للتنمية ،
وموفر لمناخها ، وكذلك قيام شبكة خطوط حديدية متشابكة طولا وعرضا.
و في الجنوب لماذا لا تتم الاستفادة
من تجربة المغرب في مجال إنتاج الطاقة الشمسية بملايين اللوحات الفوتوفولتاييك ، و
لماذا لا يتم استخدام ذلك لتحلية ماء البحر فضلا عن التنوير العمومي والخاص بإنتاج
كهرباء رخيصة الكلفة ، وربما نقلها إلى أوروبا ، فقد حبا الله البلاد بثروتين غير
مستغلتين مطلقا هما الشمس والبحر.
ومع هذه المشاريع الميغا أي الكبيرة
جدا والطموحة هناك إمكانيات ضخمة أخرى، ليس هنا مجال استعراضها ، ولكن يمكن القول
، إن موقع تونس ، يمكن أن يجعل منها ساحة مالية كبرى ، ففي الظرف الراهن ولطبيعة
أحوال جيراننا الذين يستخدمون بلادنا للمرور وتمرير أموالهم ، لماذا لا تتحرر
عمليات الصرف بالتمام والكمال ، ولماذا هذا التقوقع الذي فات وقته ، ولماذا هذا
الانكفاء على الذات ، والخوف المفرط من كل شيء ، وغلق الأبواب والنوافذ ، وترك
ملايين هكتارات الأرض التي تنبت حتى الزعفران غير منتجة جدباء عقيمة ، عبر أراض
دولية لا تنتج ما فيه الكفاية ، وأراض اشتراكية لم ننجح في حل مشكلها على مدى 50
أو 60 سنة ، بينما كان يمكن أن تكون مصدر ثراء ، وموقع استخدام لطاقة عمل معطلة.
وحتى يكون ذلك ممكنا ومقنعا، لا بد أيضا
أن يشعر المرء بالعدالة والإنصاف، عدالة الأداء والضريبة، وعدالة القضاء، وهذا عن
حق أو باطل الشعور بهما غائب، وبالتالي الإحساس بالاندفاع نحو البذل والعطاء للوطن
منعدم.
ما ينقصنا هو تصور عظمة نحن قادرون عليها، وبصيرة للقيادة
لا تبدو متوفرة.
وليكن واضحا أنه يكفي أن تتبلور
المشروعات، وسيتوفر التمويل، ويخرج من الداخل ويأتي من الخارج.
ولن يحمل أحد إنجازا على ظهره ويغادر
به البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق