Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 4 سبتمبر 2017

بكل هدوء : مسار طويل نحو المساواة في الارث وزواج المسلمة بغير المسلم ؟

بكل هدوء
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
التونسي وتناقضاته الداخلية ..
الإرث والزواج من غير المسلم نموذجا
تونس / الصواب /4/9/2017
انبرى لائكيون معروفون بمواقفهم القاطعة ، وبعض من الملحدين المعلنين عن إلحادهم ، لتفسير النص القرآني وتأويله في اتجاه أحقية المساواة في الارث ، أو زواج المسلمة بغير المسلم ،
وفي نفس الوقت وبمناسبة الجدل الذي أثاره خطاب رئيس الجمهورية يوم 13 أوت الماضي  ـ  يبدو وكأنه مر عليه قرن من الزمن ـ انبرى آخرون لتبيان أن كلا الأمرين متعارض مع الحكم الديني ، وقد بتوا بدون تعقيب  في حرمة ، التدخل القانوني في هذا وذاك .
وقل من تفطن أن هذا الموقف وذاك تحكمه في كثير من الأحيان مصالح ضيقة وشخصية ، فهناك من الرجال من يدعون التقدمية والحرص على المساواة ، يرفضون هذا وذاك حفاظا على نصيبهم من الإرث دون مساس  بحقهم في مبدأ للذكر الثلثين وللأنثى الثلث ، كما إن بعضهم يرى في زواج أخواتهم أو أختهم من غير مسلم إن لم يعلن إسلامه ، مدعاة لحرمانها من الإرث باعتبارها لم تعد مسلمة، وغير المسلمة  لا يحق لها وراثة مسلم ".
**
نعود إلى ما أُثرناه قبل أسبوع حول الدستور والشريعة ، وهل أن الأسبقية هي للشريعة ، وبصراحة للنص القرآني كما يتم تأويله غالبا ، وبترك النظر عن أقوال تفيد بأن هناك أحوال ترث فيها المرأة أكثر من الرجل ، كما نترك جانبا تفسيرات متعددة بأن الزواج من مسيحي أو يهودي ، "حلال " لأنه ليس مشركا ، وبقطع النظر عن الوضع الخاص للتثليث الذي يكاد يؤله ( تأليه ) عيسى وأمه مريم ، ( باسم الأب والابن والروح القدس) (1) ، فإن تفسير الدكتور الصادق بالعيد أن زواج المرأة المسلة من كتابي ليس فيه خروج عن الدين ، ويبقى الأمر معلقا بالنسبة للبنات المسلمات وحتى الرجال المسلمين الذين يتزوجون من غير كتابيات أو كتابيين.
**
من وجهة نظرنا أن النص الدستوري لسنة 2014 بالذات ، ليس فوقه من الناحية القانونية والعملية أي عرقلة مهما كانت ، على اعتبار أنه يخضع  الدولة لاعتبارات  الدولة المدنية ، ويتحدث عن المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة.
ويعتبر شراح القانون الدستوري أن ما جاءت به التوطئة وما جاء به الفصل الأول من الدستور ، لا يقلل في شيء من مبدإ مدنية الدولة ولا الحقوق الكونية ولا المساواة الكاملة ، وبالتالي فإن القوانين ينبغي أن تكون وضعية أي أرضية بقطع النظر عن الموانع الشرعية أي الدينية  légales  et  non religieuses   لا القوانين التي لها علاقة بالدين  ، لأن الدستور هو القانون الأول والأكبر للدولة ليس فوقه نص أعلى كما هو الشأن في إيران حيث تعتبر الشريعة في مرتبة أعلى من الدستور وبالتالي فإن نصوصها متفوقة على ذلك الدستور وتحتل أولوية مطلقة ، وحيث هناك في إيران  سلطتان اثنتان تتقدمان على الدستور هما  الإمام ومجلس مهمته حراسة مدى تطبيق الشرع ، وفي تونس فإن المجلس التأسيسي الذي عرض عليه من قبل حزب النهضة إحداث مجلس إسلامي يكون حارسا لمدى تطابق القوانين مع الشريعة ويكون أحد المجالس الدستورية لم يذهب هذا المذهب ولم يفرض حارسا على الدستور ولا على القوانين.
ومن هنا فرض أمر واقع وهو مدنية الدولة وانخراطها في المنظومة الكونية بما تضمنه من حقوق المساواة بين الرجل والمرأة.
ومن هنا فإن الذين يدعون لأسبقية النص الديني على النص الدستوري والمنظومة الكونية والمساواة بين الجنسين ، خاسرون لا محالة من حيث منطق الأشياء ، وسواء نجح الداعون للمساواة في الإرث أو لا ، وسواء نجح الداعون لأحقية المرأة من الزواج بمن تريد بدون أي مانع أو لم ينجحوا في هذه المساجلة التي أطلقها رئيس الجمهورية في 13 أوت ، فإن الأمر أخذ طريقه ، وإذ يمكن أن يفرض نفسه هذه المرة أم لا ، فالواضح أن طريق المستقبل يسير نحو فرضه اليوم أو غدا أو في مستقبل لن يكون بعيدا.
 إلا إذا انخرم التوازن المجتمعي وبالتالي السياسي  القائم الآن ، والانتخابات المقبلة وحتى البلدية  منها ، هي التي يمكن أن تحافظ على هذا التوازن أو تخرقه.
(1)               الأب هو الله والابن هو المسيح والروح القدس هي مريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق