بكل هدوء
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
بعد تفجير حافلة الأمن الرئاسي
تقصير ،، وانعدام مسؤولية
تونس / الصواب / 25/11/2015
أتحمل مسؤوليتي وأنا أقول أن هناك
تقصير ، وأن هناك انعدام مسؤولية.
أليست الأجهزة الرسمية تقول إننا في
حالة حرب ضد الإرهاب؟
أليس غريبا أن يكون مستهدفا من توكل
إليهم حماية رئيس الجمهورية الرمز الحي للبلاد ورأس مؤسساتها؟
أليس غريبا أن يتم ذلك على مبعدة بضعة
عشرات الأمتار عن وزارة الداخلية ، "الحارس الأمين للشعب"؟
أليس غريبا أن لا تتخذ الاحتياطات
اللازمة لحماية من يتحملون مسؤولية حماية
الشخصيات العليا في الدولة ، فيركبون روتينيا من مكان واحد وفي حافلة لا تتغير؟
في أقل الأحوال، أقول و أكرر، إن هناك
لامبالاة في بلد معرض للأعمال الإرهابية ، وقد جربها واكتوى بلظاها ، مرات ومرات ،
في الجبال والوهاد والعواصم ، ولكن أن تتعرض لها قيادات أمنية من أعلى مستوى فإن
ذلك يبدو لنا وللكثيرين مثلنا ، أمر غير معقول ولا مقبول ، ويتحدى كل منطق.
لنقل بعيدا عن أي لغة خشبية ، أننا
خائفون وخائفون جدا ، وبعكس شجاعة الحيطان ، فالخوف يعم البلاد، نحن نعيش حياتنا
صحيح ، ولكننا نعيشها ليس في طمأنينة ، خائفون على أنفسنا ، وخائفون على أزواجنا
وخائفون على أولادنا وخائفون على أقاربنا وأصدقائنا ،
فأمهات الضباط الشهداء وزوجاتهم لمن تزوج منهم وأطفالهم لمن لهم أطفال ، ما كانوا
ينتظرون أن يعود إليهم الابن أو الزوج أو الأب في صندوق وقد غادر البيت قبل ساعات
في كامل حيويته وشبابه.
قد يقال ذلك هو حكم القدر ، صحيح ،
ولكنه حكم قاس وغير منتظر ، وكان ينتظر دفعة أصبع ليتحقق.
من هنا فكلنا اليوم وأمس وغدا معرضون لمثل ما تعرض له النقيب محمد الحجري
والآخرون ، نترك بيتنا للعمل أو للفسحة أو
لقضاء شؤون ، ونعود له وقد فارقتنا الحياة ، نحن بالذات أو أحد أعزائنا.
طبعا لن تتوقف الحياة ، ولا ندعي
الشجاعة ، ولكننا نسير والخطر يتهددنا في أي لحظة.
من هنا يحق لنا كمواطنين أن ننتظر من
دولتنا، ومن حكومتنا ومن الجهاز المكلف بحفظ أمننا تحركا في مستوى الحدث.
أولا:
هل لنا من الكفاءة الحق لنكشف من ضرب
مساء الثلاثاء ، ومن خطط ومن مول ومن وفر السلاح ومن أعد اللوجيستيك
"لإنجاح" العملية الإرهابية.
ثانيا:
ثم هل لنا الإرادة الحق للكشف عن من
وراء حالة الإرهاب التي تعيشها بلادنا منذ ثلاث أو أربع سنوات ، بالأسماء
وبالشجاعة الكاملة مهما كانوا ولأي حكومة إنتموا أو لم ينتموا ، سواء بالمساعدة أو
بالإخفاء للحقائق.
ثالثا:
وكذلك كشف الجهات التي تلقت التمويلات
من الداخل والخارج تحت عنوان جمعيات ، وصرفتها
على الإرهاب تسليحا وإعدادا وتنظيما وتلقينا وتدريبا ، وكف يدها ووضعها وراء
القضبان ، ألم تكشف فرنسا عن 5500 تحويلا واردا من قطر يشك في أنها توجهت وجهات
فيها خطر على الأمن.
**
بقي الضرب بيد من حديد بدون هوادة وبدون قفازات مخملية على رأس الذين تثبت عليهم
الإدانة، إن حالة الطوارئ تطلق يد السلطة التنفيذية في القيام بكل أعمال التفتيش ،
ليلا ونهارا وفي كل الأوقات ، للمساكن وأدوات التنقل ومحلات العمل والمخازن ،
وغيرها ، في انتظار القرار القضائي مع تطويل مدة الاحتفاظ، حتى نهاية التحقيقات ،
ولمدة ولو كانت محدودة فهي أطول مما كان.
إن هذا لا يطلق يد الضابطة العدلية
كما اتفق ، بل في إطار القوانين والتقاليد المرعية وفقا للمواثيق الدولية بعيدا عن
أي عبث بحقوق الإنسان.
وبعد هذا وقبله فإن العبرة بالنتيجة،
والنتيجة تأتي كذلك بعمل إزاء الخارج بدون مجاملة :
لنعد لفتح سفارتنا في دمشق وستكون لنا
عونا في كشف أسماء مورطين كثيرين يعيشون بين ظهرانينا في أمان وهم عبارة عن قنابل
موقوتة في إطار ما أسمي بالذئاب المنفردة
أو غير المنفردة.
ولنطلب الحساب من دول مولت وشجعت على
تسفير أبناء لنا ، لنطلب الحساب صراحة من قطر، ولنطلب الحساب صراحة من السعودية ،
ولنطلب الحساب صراحة من تركيا التي كانت ممرا ممهدا للذين غادروا بلادنا وتم
تسريبهم إلى سوريا خدمة لقضية للحكومة التركية في حربها مع النظام السوري، فصنعت
إرهابا نعاني منه ولا يجرؤ حكامنا عن الحديث عنه ولا عن من وراءه لا صراحة ولا
مواربة.
أما ليبيا فمعها حديث آخر حيث لا دولة
ولا هم يحزنون ، لنستعيد التونسيين الراغبين في العودة ، فبلادهم أولى بهم وهي تحتضنهم ، ولنغلق الحدود إن لزم
الأمر تماما " والباب اللي يجيك منو الريح سدوا وارتاح".
وعندها يسهل أمر محاربة الإرهابيين الفعليين أو
الإفتراضيين الباقين في بلادنا، الذين فرختهم قنوات الشر التي ينبغي لنا أن نغلق أفواهها،
ونوافذ الفايسبوك وتويتر الموتورة ، وجوامع
عشش فيها " أئمة" التطرف والتي عاشت علىالتحريض والتكفير والدعوة للعنف، ومدارس وبعضها حكومي ،وكتاتيب دُفعت إليها فلذات
أكبادنا في غفلة من الزمن وما زالت تُدفع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق