Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 1 نوفمبر 2015

اقتصاديات : السيناريو المرسوم للكارثة ،، جاء من تقصير 2012

إقتصاديات                                    
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
ووصلنا إلى قاع الهاوية
تونس / الصواب /01/11/2015
الهاوية.. ووصلنا إلى قاعها ، لم يكن ذلك مفاجئا بل كان متوقعا ومنتظرا ، وليس هناك إلا العميان أو أولئك الذين يتعامون لم ينتظروا ما نحن عليه اليوم ، وما ينتظر بلادنا في قادم الأيام من صعوبات قصوى، ولا من منقذ أو ما يمكن الاعتماد عليه من أشقاء أو أصدقاء.
ووزير المالية وحده الذي بات محبطا لأن الوعود لم تتحقق، في وقت تحتاج فيه موازنة الدولة للعام 2016إلى مدد لتغطية عجز وإن بدا نسبة أقل من العام الذي سبقه، فإنه وبالأرقام المطلقة مفجعا.
لقد أحرقنا أوراقنا ، فلا الأشقاء القادرين نسوا مواقفنا سنة 1990  عندما اندفعنا على طريق خاطئ واختلطت على حكامنا آنذاك السبل وضاع من أقدامهم طريق القانون الدولي ومقتضياته من عدم احتلال الدول ، ولا نحن من الناحية الإستراتيجية في موقع من لا يمكن الاستغناء عنه، ولا نحن دولة من الحجم مساحة أو ديمغرافيا بحيث تكون وازنة ، ثم إن البلد مخترق إرهابيا ، وبلا قيادة سياسية حقيقية بحيث يوحي بالثقة ، تلك حقائق لم يعد بالإمكان إخفاؤها ولا حتى على أنفسنا ، وقد باتت معروفة عربيا ودوليا ، فضلا عن أن دول الـج 8 ، هي نفسها في أوضاع تحتاج الكثير من دولها  إلى مدد، والبعض منها كأحوالنا في حالة انكماش اقتصادي.
ولقد كان ممكنا بعد "الثورة" أن نندفع على طريق صحيحة ، بما تحتاجه من إصلاحات لم يكن بالإمكان تأخيرها ، ولكن الحكومة المنتخبة في سنة 2011 ، أخذت تماطل ما أدى إلى استقالة وزير ماليتها ، وقد أدرك ، وعلم الاقتصاد وإن لم يكن علما صحيحا فله ضوابطه ومساراته التي لا تخطئ ، واضطر وزير المالية حسين الديماسي وقد تفطن مبكرا أن إرادة الإصلاح غائبة عند حكومة النهضة ، وأنها تسير بالبلاد إلى الكارثة إلى تقديم استقالته ، مقدما توصيفا للوضع وكأنه سيناريو مكتوب وهو سيناريو نشهده فعلا اليوم ونكتوي بناره.
المالية العمومية في أزمة خانقة
التوازنات الخارجية في اختلال لم تعرفه البلاد من قبل
السياحة معطلة
الثروات التعدينية والنفطية في أدنى مستوياتها
الدينار ينزلق فتتكسر أطرافه يوما بعد يوم
المديونية ارتفعت نسبتها ومقدر لها أن تصل إلى 53 في المائة من الناتج، وقد خصصت في السنوات الأخيرة للاستهلاك لا لخلق الثروة
البلاد على وشك أن تعجز عن سداد ديونها وقد تضطر لطلب إعادة جدولتها في 2017، وهي الكارثة العظمى.
وبعد ذلك هل سيستمر على المدى المتوسط دفع الأجور والجرايات  خاصة في القطاع الحكومي إلا إذا كان بنقد القردة بدينار تتآكل قيمته يوما بعد يوم
ويستغرب الناس أن تكون بلادنا وصلت إلى هذا الوضع ، وأنها سترهن بصورة أو أخرى بعضا من تراثها الذي تفخر به ، في معاملة بالمالية الإسلامية التي لم يبق للبلاد غير اللجوء إليها لأن الأسواق المالية الدولية فقدت ثقتها فينا ، وباتت إن قبلت إقراضنا فهي لا تفعل ذلك إلا بنسب فائدة ربوية، وهي بكل الأحوال أقل ضغط من الصكوك الإسلامية.
تلك حال بلدنا لأن حكام 2012 و2013 و2013 ، وحتى 2014 رفضوا أخذ الثور من قرونه ، والمواجهة المسؤولة لأوضاع قام حسين الديماسي بتوصيف آثارها بدقة منذ 2012 واضطر للاستقالة بعد أن رفضوا الاستماع إليه، لأسباب انتخابية ، فليس شعبيا تحت أي سماء القيام بإصلاحات موجعة ، واليوم لم يعد هناك  بد  من الإقدام  على هذه الإصلاحات الأكثر إيلاما مما كان عليه الأمر سنة 2012 لو تم تفعيلها.
واليوم وصلنا إلى قاع الهاوية، ونحن في وضع أشبه بذلك الذي كانت عليه تونس قبل انتصاب الحماية ، والأغرب أن لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة ولا وزير المالية ، يشير بأصبعه لمن كان سبب ذلك ، لأن المتسبب شريك حاليا  في الحكم ولا ينبغي التعرض إليه ، وتلك حال البلاد المتخلفة ، تعرف السبب ولا تجاهر به.
ومهما يكن من أمر فنحن جميعا في قارب يوشك على الغرق.
fouratiab@gmail.com



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق