Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

الموقف السياسي : ..وذهب الوزير الأكثر نزاهة من الحكومة

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الأستاذية.. المثقف .. الانضباط الحكومي ..
 و جاذبية الخطة الوزارية.
تونس/ الصواب/20/10/2015
بعد ظهر الاثنين الماضي خاطبت تليفونيا الأستاذ الجامعي المتميز ،محمد الصالح بن عيسى ، الصديق وليس الوزير، طالبا موعدا  للقاء لتبادل الحديث، وليس من عادتي منذ كنت رئيس تحرير طلب المواعيد مع الوزراء، أو التمسح على أعتابهم  بل واقع الأمر أنه غالبا ما كان يطلبني الوزراء ، والبعض منهم تشرفت بهم في مكتبي ، وآخرون جاؤوا لحد بيتي.
أجابني محمد الصالح بن عيسى أنه قد نزل للتو من المصعد، وأنه سيخاطبني بمجرد وصوله للمكتب ، ولقد انتظرت حوالي نصف ساعة ، ولاحظت أنه على غير عادته لم يعد لمكالمتي ، فهو وكما عهدته منذ سنوات طوال محافظا للحد المرضي على مواعيده ، كما إنه في غاية التأدب سواء كان أستاذا جامعيا لامعا أو عميدا لكلية العلوم القانونية أو وزيرا في بدايات الثورة ، ويعتبره رجال القانون حجة في مجاله أي القانون العام بما فيه القانون الدستوري، وخاصة في القانون الإداري والمتفرع عنه من قانون العمل وقانون الأنظمة الاجتماعية.
لم أكرر المخاطبة عشية ذلك اليوم، وقدرت أنه قد يكون مشغولا جدا، خصوصا بعد ما سمعت من احتمالات أن يغادر الحكومة.
لذلك لم يفاجئني في اليوم الموالي شيء  عندما علمت في أول العشية ، أنه لم يعد وزيرا للعدل.
أحجمت عن مخاطبته ، ثم رأيته في المساء على أكثر من قناة .
أولا ، محمد صالح بن عيسى يزين الوزارة ، وهي من جهتها لا تضيف إليه شيئا.
ثانيا : إنه يعتبر من أكثر الكفاءات قدرة وبصيرة
ثالثا : إنه رجل مبادئ ومواقف ثابتة ، وليس من أولئك الذين ينحنون أمام منصب أو منفعة.
وإذ عرفت لاحقا الأسباب التي غادر من أجلها الحكومة أو على الأصــــح "غادروه " الحكومة فإنه زاد رفعة في نظري ، وزاد هذه الحكومة ذات الأيدي المرتعشة كما قال بعضهم تدنيا في النظر العام.
من الطبيعي أن لا يجد محمد الصالح بن عيسى مكانه في هذه الحكومة، ولكني سأقف عند أمرين اثنين ولا أطيل:
** أنه مهما بلغت الخلافات فقد كان أجدر بالنسبة لحكومة تحترم نفسها ، أن تجد إخراجا أكثر تقديرا لمن عملوا في صفوفها ، ولقد كان ممكنا (تحت حيط) دعوة الرجل للاستقالة مثلا ، لا المواجهة بالإقالة .
** أنني استغربت شديد الاستغراب من موقف الوزراء كل الوزراء فلم يعبر واحد منهم عن تضامنه مع زميله ، وكنت أقدر أنه في مثل هذه الأحوال فإن عددا من الوزراء سيقدمون استقالتهم ، ولكن الكرسي يشدهم شدا ، وللتذكير ففي سنة 1977 عندما أصر الهادي نويرة على إقالة الطاهر بالخوجة واستغل سفره للخارج واضطر بورقيبة للتوقيع على أمر وهو كاره له، فإن  5 أو 6  من الوزراء استقالوا تضامنا مع زميلهم وهم الحبيب الشطي وزير الخارجية ، ومنصف بالحاج عمر الكاتب العام للحكومة وأقرب الوزراء للهادي نويرة ، ومحمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية (رئيس مجلس نواب الشعب حاليا) والمنجي الكعلي وزير الصحة وأحمد بنور كاتب الدولة للدفاع، كان ذلك زمن بورقيبة ومن لا يعرف كيف كانت السلطة المادية والمعنوية للرئيس الأسبق.
ولكن الوقت غير الوقت، والشجاعة تحضر و تغيب،  والمنصب الوزاري له لمعانه وجاذبيته، ومقولة التضامن الحكومي تقوم حجة لدى البعض ، بمعنى أنه ليس للوزير أن يتمرد على رئيس الحكومة وعلى البرلمان ولو كان الاثنان مخطئان.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق