Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 18 أكتوبر 2015

اقتصاديات : الميزانية التي يمكن أن تسهم في إنقاذ البلاد ، إذا توفرت الإرادة

اقتصاديات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
هل يمكن تفادي المصير المظلم ؟
تونس/ الصواب/ 18/01/2015
بدأ ماراتون الميزانية العامة للدولة ، في أفق لا ينبئ  بخير ، واقتصاد يسير نحو التأزم ، في ظل انكماش يدفع إلى الخوف الشديد ونسب نمو هابطة ، ومالية عمومية ، متأرجحة ، ولكنها تبدو منذرة بكل الأخطار إن لم يتم التدارك.
ولعل بصيص الأمل الوحيد ، هو ذلك الذي يبدو في أبواب الميزانية الجديدة ، التي أعدها الوزير سليم شاكر  وفريقه، والتي تدل على وعي بطبيعة المرحلة ، وسليم شاكر ، يذكر ( برفع الياء وتشديد الكاف وكسرها) هنا بالتوجهات التي كان يمكن اعتمادها سنة 2012 ،على يدي الوزير الديماسي ، والتي كان يمكن أن تنقذ البلاد، ولكن حكومة الجبالي صرفت النظر عنها  هي وما جاء بعدها من حكومات، ودفعت البلاد إلى الأزمة الخانقة التي نشهدها اليوم، فهل يكون مصير شاكر شبيها بمصير الديماسي قبل 3 أو أربع سنوات ، فإما يبقى مكرها ، في إطار ما يمكن اعتباره التضامن الحكومي ، الذي لا يخفي إرادة البقاء في المنصب ، أم إنه في حالة رفض المشروع المنقذ الذي تقدم به يقدم استقالته وينصرف ، تاركا البلاد على حافة هاوية سحيقة.
فمشروع الميزانية الجديدة للعام 2016، تقتضي تضحيات كبرى ، ضرورية لتقويم وتصحيح المالية العمومية المنهارة ، وتقطع مع ميزانيات الأعوام القليلة الماضية التي اعتمدت على القروض الخارجية وربما الداخلية لتمويل الموازنة، بحيث جاء الوقت للسداد وليس هناك القاعدة التي عليها نرتكز لنسدد.
فبعد أن "أكلنا" الاحتياطي المتمثل في مداخيل بيع قسط من أسهم اتصالات تونس لمؤسسة إماراتية ، وأصبحنا على "الضحضاح" كما يقال ، وبعد أن استنفذنا القروض الخارجية والداخلية ، استهلاكيا في تمويل ميزانية العنوان الأول ، أي الأجور والنفقات غير المنتجة ، جئنا إلى فترة سداد لا قبل لنا به ، إلا إذا طلبت تونس لأول مرة منذ الاستقلال أو منذ حوالي قرن ونصفا ، جدولة ديونها ، بكل ما يحمله ذلك من ضرر محدق وكبير ، ندفعه من سمعة هذه البلاد التي بنت مصداقيتها عبر السنين باحترام تعهداتها دوما وفي مواقيتها ومن استحالة الاقتراض مجددا بما يؤدي به ذلك من خنق لمسيرة البلاد، ومن المؤكد أننا سنصل إلى ذلك في سنة 2017 ، إلا إذا حزمت هذه الحكومة أمرها ، وقررت خوض الإصلاحات خاصة الجبائية  التي يستوجبها وضع أصبح كارثيا منذ استلمت حكومات  الترويكا  وما بعدها زمام الأمور ، فأحجمت لأسباب انتخابية وضيعة من مسك الثور من قرونه ، كما اقترح عليها الوزير المستقيل الديماسي سنة 2012.
ولقد بات متأكدا شديد التأكد ، تمويل النفقات العادية للدولة ، وحتى بعض النفقات الاستثمارية ، بالمجهود الخاص للبلاد، ما يتطلب الاعتماد على الذات ، وصنع المستحيل عبر إقدام المواطنين على تضحيات جسيمة  وتحقيق عدالة ضريبية ، فتونس ليست لها عائدات ضخمة من باطن أرضها ، وتونس ليست لديها احتمالات فتح حنفيات مالية لا تنضب مثل مصر،  وتونس ليس أمامها إلا ما يوفره لها أبناؤها.
من هنا جاء مشروع الميزانية الجديدة مستجيبا لذلك ربما ضرورة وليس اختيارا، وهي ليست أول مرة في تاريخ البلاد تتحرك فيها الحكومة لفرض دفع الضرائب على كل الفئات لا فقط على الأجراء ، والمؤسسات المنظمة، ولقد فشل منصور معلى في ذلك سنة 1972 عندما ، تراجعت حكومة الهادي نويرة تحت ضغط الفئات المترفهة،  ليس فقط على ما تقرر من تحصيل الضرائب من الفئات الأغنى، بل وترك ما كانت قررته سلطة تشريعية ، من أول مهامها كما أبرزته الثورة الفرنسية ، ومجلس العموم البريطاني منذ القرن السابع عشر ، فرض الضرائب على مواطنيها.
هل سينجح سليم شاكر وفريقه  في ما فشل في فرضه قبل أكثر من أربعين سنة منصور معلى ، من تحقيق العدالة الجبائية ، وبالتالي ملء خزائن الدولة ، والكف عن اللجوء لاقترض مدمر لاقتصاد البلاد، وتوفير القاعدة التي انطلاقا منها يمكن سداد ديون ، انفجرت خلال السنين الأخيرة  الأربع وباتت تهدد توازن البلاد وحتى استقلال قرارها كما حصل في السنوات التي سبقت 1981 ، سنة فرض الحماية الفرنسية على بلادنا .
إن القرارات الجريئة التي اهتدت إليها وزارة المالية ، لمن شأنها أن تسهم في إنقاذ البلاد ، إذا تحمست لها حكومة تعرف معنى المسؤولية الوطنية لا كما سابقاتها ، وإذا لم تمزقها سلطة تشريعية متمثلة في مجلس نواب الشعب ، بدعوى التخفيف عن المواطنين (أي مواطنين)، وإذا التزمت مصالح الدولة بالتنفيذ الدقيق للقرارات التي يجب أن تصبح قوانين لها قوة النفاذ بسلطة الدولة الإجبارية.


هناك تعليق واحد:

  1. أظن استاذي الكريم اننا نتخبط عشوائيا في كل شيء اقتصادنا منهارا و هناك عجز مالي كبير والضرائب يجب ان تخفض الى ادنى حد ويعاقب من لم يؤديها اولا وثانيا القضاء على بارونات التهريب ورجال الاعمال الفاسدين كما ان الحكومة وقعت في غلط كبير عندما لم تفوت في بيع الثلاث البنوك المفلسة الى الخواص حتى يستقيم عودها فعملت على بقاء حليمة لعادتها القديمة الادارة في موت سريري ولا من مغيث واصبحت تونس تمشي على رأسها واخير أقول اننا في حاجة الى رسكلة البنوك حتى يستقيم عودها وتساهم من جديد فى وضعنا المالي والاقتصادي من جديد مع اجمل تحياتي

    ردحذف