قرأت
لكم
|
بترخيص من الأستاذ غابي طبراني مدير ورئيس تحرير مجلة أسواق العرب أوسع المجلات الاقتصادية العربية انتشارا ، ننشر
تحت هذا الباب ، المقال الرائع والمفيد حول حقائق مدى قدرة روسيا على تحمل نفقات
الحرب في سوريا ، لا ينبغي أن ننسى هنا أن الاتحاد السوفياتي في حربه في أفغانستان ، قد ترك
كل قوته ، واضطر أمام الخسائر الفادحة إزاء كلفة حلب لا قدرة له عليها ، على
التخلي عن ممتلكاته في شرق أوروبا وفي آسيا وانحسر إلى وضعه الطبيعي قبل أن ينتشر
، خلال قرنين ، وكيف إنه انتهى إلى طلاق العقيدة الماركسية في أكبر هزيمة تاريخية
وانحسار لم يسبق له مثيل ، والسؤال المطروح ، هل لروسيا في ظل أزمتها الاقتصادية قبل
( بكسر القاف ونصب الباء) بتحمل نفقات حرب
لعلها تكون أطول مما خططت له ، وأكثر كلفة؟
وفي ما يلي المقال المنشور في العدد 35 من أسواق
العرب :
هل تستطيع روسيا
تحمّل تكاليف الحرب في سوريا؟
بقلم
البروفسور جاسم عجاقة
*
بعد صمت
طويل، دخل الدب الروسي إلى المُستنقع السوري لتتغير بذلك المعادلة العسكرية على
الأرض. هذا التدخل، حتى ولو كان مُتوقعاً عسكرياً، لكنه لم يكن مُحتملاً على
الصعيد الإقتصادي خصوصاً أنه ومنذ بدء العقوبات الإقتصادية الغربية على روسيا في
أذار (مارس) 2014 وتصعيدها في نيسان (إبريل) وتمّوز (يوليو) 2014، كان الهدف
الأساسي يكمن في لجم قدرة روسيا على المضي في العمليات العسكرية في أوكرانيا بُعيد
قضمها لجزيرة القرم. هذه العملية أثارت الذعر لدى الأوروبيين وأعادت إلى الأذهان
كوارث الحرب العالمية الثانية وما خلّفت وراءها من مصائب على الصعيد الإنساني
والإقتصادي.
نجحت العقوبات الغربية إلى حدٍ ما في لجم العمليات العسكرية الروسية وذلك من خلال خفض الصادرات الروسية إلى الخارج، وبالتالي خفض الناتج المحلّي الإجمالي. لكن الضربة الكبيرة للإقتصاد الروسي أتت من خلال إنخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من النصف حيث هوى إلى 45 دولاراً خاسراً بذلك 63 دولاراً من سعره في منتصف تمّوز (يوليو) 2014. بالطبع خسرت موسكو الكثير من المداخيل وهي التي تُصدّر النفط الخام بنسبة 39% من مجمل الصادرات، والنفط المُكرر 15% والغاز 9.1% ما يجعل النفط يُشكّل 16% من الناتج المحّلي الإجمالي، و52% من مداخيل الحكومة الفيديرالية، و70% من مداخيل التصدير.
وكنتيحة لهذا الأمر، تراجع الناتج المحلّي الإجمالي الروسي من 2079 مليار دولار في العام 2013 إلى 1857 مليار دولار في العام 2014، ومن المُتوقع أن ينخفض إلى 1176 مليار دولار في العام 2015. وهذا الأمر أدّى بدوره إلى تراجع الإحتياط الروسي من العملات الأجنبية من 510 مليارات دولار في أول العام 2014 إلى 368.5 مليار دولار في 2 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي. بالطبع، إنخفض الإحتياط كنتيجة للدفاع عن العملة الروسية (الروبل) وكنتيجة لتمويل المشاريع القائمة. وتنص النظرية الاقتصادية على أن الإحتياط من العملات الأجنبية يُشكّل صمام أمان للمالية العامة في وقت الأزمات، أي أن هذا الإحتياط يُستخدم لإمتصاص تداعيات الأزمات الاقتصادية، والمالية التي قد تنتج عن خلل إقتصادي أو مالي أو حتى عسكري وأمني.
نجحت العقوبات الغربية إلى حدٍ ما في لجم العمليات العسكرية الروسية وذلك من خلال خفض الصادرات الروسية إلى الخارج، وبالتالي خفض الناتج المحلّي الإجمالي. لكن الضربة الكبيرة للإقتصاد الروسي أتت من خلال إنخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من النصف حيث هوى إلى 45 دولاراً خاسراً بذلك 63 دولاراً من سعره في منتصف تمّوز (يوليو) 2014. بالطبع خسرت موسكو الكثير من المداخيل وهي التي تُصدّر النفط الخام بنسبة 39% من مجمل الصادرات، والنفط المُكرر 15% والغاز 9.1% ما يجعل النفط يُشكّل 16% من الناتج المحّلي الإجمالي، و52% من مداخيل الحكومة الفيديرالية، و70% من مداخيل التصدير.
وكنتيحة لهذا الأمر، تراجع الناتج المحلّي الإجمالي الروسي من 2079 مليار دولار في العام 2013 إلى 1857 مليار دولار في العام 2014، ومن المُتوقع أن ينخفض إلى 1176 مليار دولار في العام 2015. وهذا الأمر أدّى بدوره إلى تراجع الإحتياط الروسي من العملات الأجنبية من 510 مليارات دولار في أول العام 2014 إلى 368.5 مليار دولار في 2 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي. بالطبع، إنخفض الإحتياط كنتيجة للدفاع عن العملة الروسية (الروبل) وكنتيجة لتمويل المشاريع القائمة. وتنص النظرية الاقتصادية على أن الإحتياط من العملات الأجنبية يُشكّل صمام أمان للمالية العامة في وقت الأزمات، أي أن هذا الإحتياط يُستخدم لإمتصاص تداعيات الأزمات الاقتصادية، والمالية التي قد تنتج عن خلل إقتصادي أو مالي أو حتى عسكري وأمني.
ومن
المعروف على الصعيد العالمي، أن الدول التي تشنّ حروباً تتأكد مُسبقاً أن إحتياطها
يسمح لها بتمويل الحرب المنوي شنّها. لذا كيف لروسيا أن تذهب إلى الحرب السورية
وإحتياطها قّل 100 مليار دولار في عام واحد؟ ما لا شك فيه أن حجم الإحتياط الروسي
من العملات الأجنبية يبقى هائلاً (368 مليار دولار) مع العلم أن الحرب التي تقودها
روسيا في سوريا للقضاء على التنظيمات المُسلّحة، قد تصل تكاليفها إلى ما يزيد عن
30 مليار دولار. لذا من المنطقي القول أن الإحتياط الروسي من العملات الأجنبية
يستطيع إستيعاب هذا المبلغ.
لكن هذا الإحتياط يجب أن يسدّ أيضاً الخسارة الناتجة من أسعار نفط متدنية وعقوبات على روسيا تُخسّرها 100 مليار دولار سنوياً. وهذا يعني أنه على هذا الوتر، ستخسر موسكو إحتياطها في غضون ثلاث سنوات. لذا من المنطقي القول أن لروسيا مصلحة في الدخول في حرب في سوريا لأنها بذلك ستُحقق الأرباح التالية:
أولاً: ثبيت حق روسيا في ودائع نفط وغاز سوريا القابعة في البحر مقابل الشواطئ السورية والتي وقعت الحكومة السورية عقد التنقيب عنها مع شركة روسية في العام 2013 ما يُعطي الحق لروسيا بما يوازي الـ 60% من النفط والغاز المُستخرج.
ثانياً: إجبار إيران على تمّويل الحرب التي تقودها روسيا في سوريا من خلال أموال طهران التي ستُحرّر من قبل الغرب والقابعة في المصارف الغربية بحكم رغبة النظام الإيراني بكسرّ المملكة العربية السعودية في بلاد الشام.
ثالثاً: قطع الطريق على أي إمداد برّي للغاز من قطر ودول الخليج العربي إلى أوروبا ومنافسة الغاز الروسي.
رابعاً: الضغط على الدول الغربية لرفع العقوبات على روسيا وذلك من خلال ضرب المعارضة السورية على الوتيرة عينها لضرب “داعش”، ما يعني أن الغرب سيُليّن من موقفه تحت ضغط المملكة العربية السعودية.
خامساً: السعي إلى إحداث مشاكل إقليمية تضغط من خلالها على أسعار النفط صعوداً لإعادة التوازن في موازنة روسيا والتي لن تراه إلا إذا وصل سعر برميل النفط إلى 74 دولاراً.
سادساً: فرض معادلة جديدة تنص على أن روسيا لا تزال قوة عظمى وأن الشرق الأوسط ليس تحت السيطرة الأميركية. وما الخروقات الجوية للطيران الروسي للأجواء التركية واستخدام روسيا لمقاتلات إستراتيجية (س 35) إلا دليل على ذلك.
سابعاً: المقايضة في الملف الأوكراني الذي وصل إلى نقطة جمود، خصوصاً أن الإجتماعات الأخيرة في باريس بين الروس والفرنسيين والألمان والأوكرانيين قد ذهبت في هذا الإتجاه.
من هنا نرى أن روسيا قد لعبت إستراتيجية مُحكّمة عبر انتظار الاتفاق على النووي الإيراني والتصويت عليه من قبل الكونغرس الأميركي، كما وفصل الشتاء حيث يكون الطقس ملائماً للجيش الأحمر وإشراك الصين في هذه العملية.
لكن هذا الإحتياط يجب أن يسدّ أيضاً الخسارة الناتجة من أسعار نفط متدنية وعقوبات على روسيا تُخسّرها 100 مليار دولار سنوياً. وهذا يعني أنه على هذا الوتر، ستخسر موسكو إحتياطها في غضون ثلاث سنوات. لذا من المنطقي القول أن لروسيا مصلحة في الدخول في حرب في سوريا لأنها بذلك ستُحقق الأرباح التالية:
أولاً: ثبيت حق روسيا في ودائع نفط وغاز سوريا القابعة في البحر مقابل الشواطئ السورية والتي وقعت الحكومة السورية عقد التنقيب عنها مع شركة روسية في العام 2013 ما يُعطي الحق لروسيا بما يوازي الـ 60% من النفط والغاز المُستخرج.
ثانياً: إجبار إيران على تمّويل الحرب التي تقودها روسيا في سوريا من خلال أموال طهران التي ستُحرّر من قبل الغرب والقابعة في المصارف الغربية بحكم رغبة النظام الإيراني بكسرّ المملكة العربية السعودية في بلاد الشام.
ثالثاً: قطع الطريق على أي إمداد برّي للغاز من قطر ودول الخليج العربي إلى أوروبا ومنافسة الغاز الروسي.
رابعاً: الضغط على الدول الغربية لرفع العقوبات على روسيا وذلك من خلال ضرب المعارضة السورية على الوتيرة عينها لضرب “داعش”، ما يعني أن الغرب سيُليّن من موقفه تحت ضغط المملكة العربية السعودية.
خامساً: السعي إلى إحداث مشاكل إقليمية تضغط من خلالها على أسعار النفط صعوداً لإعادة التوازن في موازنة روسيا والتي لن تراه إلا إذا وصل سعر برميل النفط إلى 74 دولاراً.
سادساً: فرض معادلة جديدة تنص على أن روسيا لا تزال قوة عظمى وأن الشرق الأوسط ليس تحت السيطرة الأميركية. وما الخروقات الجوية للطيران الروسي للأجواء التركية واستخدام روسيا لمقاتلات إستراتيجية (س 35) إلا دليل على ذلك.
سابعاً: المقايضة في الملف الأوكراني الذي وصل إلى نقطة جمود، خصوصاً أن الإجتماعات الأخيرة في باريس بين الروس والفرنسيين والألمان والأوكرانيين قد ذهبت في هذا الإتجاه.
من هنا نرى أن روسيا قد لعبت إستراتيجية مُحكّمة عبر انتظار الاتفاق على النووي الإيراني والتصويت عليه من قبل الكونغرس الأميركي، كما وفصل الشتاء حيث يكون الطقس ملائماً للجيش الأحمر وإشراك الصين في هذه العملية.
• خبير إقتصادي وإستراتيجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق