Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 5 أكتوبر 2015

ماذا وراء استقالة العكرمي ؟

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
بعد الاستقـــــالة الأولى
الأســـباب الحقـــــــيقية
والرئاسيات هي الهدف
تونس/ الصواب /06/10/2015
استقالة الأزهر العكرمي من حكومة الحبيب الصيد ، عفوا حكومة الباجي قائد السبسي، والتي اعتبرت أول شرخ في الحكومة المشكلة منذ 9 أشهر ليست مفاجئة ، إلا بالنسبة للذين يحبون المفاجئات.
هناك أمران اثنان :
** طبيعة الاندفاع السياسي للوزير المستقيل، والظهور البارز الذي عرف به.
** طبيعة المنصب الوزاري الذي جاء من نصيبه لدى قسمة الغنائم عفوا الوزارات، والذي لا يمكن أن يحقق له رغباته في الظهور، بل لعله المنصب الذي يفترض التحفظ أكثر من غيره والتزام عدم الخروج على الخط.
تلك أسباب مهمة ولا شك للدفع نحو الاستقالة.
غير أني وبعد أن قرأت عدة مرات رسالة الأزهر العكرمي ، ومآخذه على الحكومة التي قال عنها إنها ليست فقط صاحبة أيد مرتعشة بل بدون أيدي مرة واحدة ، تركتها جانبا وأخذت في البحث عن الأسباب الحقيقية التي دفعت رجلا مثل العكرمي لتقديم استقالته ، وتحدي لا فقط رئيس الحكومة بل وأيضا الباجي قائد السبسي ،انتهيت إلى إزاحة كل المبررات التي قدمها الرجل كسبب للاستقالة ، ليس بسبب عدم وجاهتها، بل لأنها وفق اعتقادي تشكل الأسباب الظاهرية وتحاول أن تخفي الأسباب الحقيقية.
الأزهر العكرمي ، وهو صاحب  الحيوية الفياضة ، وجد نفسه ملتزما بالتحفظ الذي يفرضه عليه موقعه ، فغاب عن الساحة السياسية تماما ، وقدر أنه في موقعه الوزاري قد خسر في نفس الوقت إشعاعه وحضوره ، وأن المنصب الوزاري ، قد ركنه إلى حد ما على رف النسيان ، ولعله تذكر أن محسن مرزوق مثلا سريعا ما غادر المنصب في رئاسة الجمهورية رغم لمعانه ، ليتخذ لنفسه موقعا بارزا داخل هياكل الحزب الحاكم إن لم يكن واقعا فعليا فعلى الأقل الحزب الأكبر على الساحة والذي بات يتصدر مواقع الاهتمام ، ومن الموقع اكتسح الساحة ، وهو وإن كان يقف في موقع بين كثيرين من مؤيديه وكثيرا من معارضيه داخل الحزب وخارجه ، فإن وجوده كمحور حديث دائم يجعله في موقع الاهتمام والأهمية.
ولعل العكرمي قد انتهى إلى أنه وفي منصبه الحكومي الباهت ، بصدد خسارة مواقعه ، ودخول عالم النسيان واللامبالاة.
من هنا كان عليه أن يتحرك : أولا بافتعال استقالة مدوية تعيد حضوره على الساحة الإعلامية التي يتقن فن النفاذ إليها وفرض نفسه فيها وذلك لأسباب تحرك اهتمام الناس وتبرزه كمبادر ، وثانيا بالعودة لاحتلال موقع يسعى لأن يكون متقدما في الحزب منافسا بذلك صوتين مدويين على الأقل محسن مرزوق وابن الباجي قائد السبسي حافظ قائد السبسي الذي يقدر العكرمي أن لا مستقبل له ، باعتبار أن الوراثة ، غير مطلوبة ولا مرغوبة في البلاد، وبالتالي ومن موقع متقدم في الحزب ، يمكن أن تكون له حظوظ أكبر للبروز في المستقبل مما لو بقي لمدة السنوات المقبلة في موقع وزاري ليس في حجم قوته الذاتية ولا في حجم طموحاته غير المعلنة مثل الكثيرين في نداء تونس من المقدرين أن رئيس الجمهورية ليس في وارد الحصول على ولاية ثانية إذا تمكن فعلا من استكمال هذه الولاية الأولى أو إنه كانت له رغبة في تجاوز عائق السن.
ومنذ انتخابات الرئاسة التي كانت بعكس طبيعة الأشياء لاحقة للانتخابات التشريعية ، انفتحت الأبواب مشرعة أمام الطامحين للمنصب الرئاسي بعد 5 سنوات ، ويبدو أن محسن مرزوق وحافظ قائد السبسي وأخيرا فوزي اللومي وقد عبروا تصريحا أو تلميحا بأنهم المرشحين للرئاسية المقبلة  فلماذا لا ينضم الأزهر العكرمي للقافلة، فتطول القائمة من أبناء نداء تونس ، الذي يبدو لطبيعة التوازنات حاليا ( ومن يدري كيف سيكون المستقبل) هو الحزب الأكثر تأهلا لينحدر الرئيس المقبل من صفوفه ، رغم اختلافات كبيرة في صفوفه ، وعدم بروز زعامة تفرض نفسها من بين صفوفه، وبعد أن احترقت أوراق منصف المرزوقي ، الذي لم يعرف كيف يتصرف كرئيس سابق ، و راكم هو وفريقه الأخطاء القاتلة ، والذي لم ينجح حتى الآن في تقديم نفسه على أنه خليفة متوقع ، ملتزما بتحفظ ضروري لم هو في مثل موقعه.
من هنا فالواضح أن الأزهر العكرمي باستقالته المفتعلة ، قد وضع نفسه على قاعدة انطلاق ليكون أحد مرشحي حزبه لانتخابات رئاسية ، وإن كانت ما زالت بعيدة زمنا فإنها طاغية على كل الأذهان ولولا بقية من حياء لباتت هي الحديث السائد لدى طبقة سياسية انصرفت عن المهم والأهم حاضرا ، ووضعت اهتمامها كاملا في انتخابات رئاسية لن تأتي قبل 4 سنوات وتزيد ، وصرفت كل اهتمامها لانتخابات بلدية أقرب بكثير وتشكل تحديا كبيرا لنداء تونس، وربما كيفت مستقبله.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق