الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
عودة
العمالقة
تونس/ الصواب
/ 28/09/2015
قبل أشهر
قليلة دعاني الأستاذ نور الدين العرباوي أحد القياديين في النهضة على قهوة في أحد
مقاهي شارع خير الدين باشا غير بعيد عن مقر حركته ، وكان الحديث معه شيقا ، وكانت
ثقافته واسعة ، وتسنى لي أن أتعرف على شخص
يمكن أن تتبادل معه الحديث بكل أريحية بعيدا عن أي تعصب تلاحظه عند المتحزبين مهما
كان انتماؤهم.
وانتهى
الحديث مع القيادي النهضاوي بإهدائه لي كتابه " نهاية البورقيبية"
ممهورا بتوقيعه ، وبالمناسبة قمت في إطار ترتيب مكتبتي خلال الصائفة الماضية ،
وفصلت الكتب الممهورة بإهداء فوجدت عددها
437 كتابا ، أعتز بها ، اعتزازا كبيرا من بينها عدة كتب من شخصيات كبيرة من وزراء
ورؤساء منظمات وطنية وإقليمية ودولية ، ومؤسسات ثقافية واجتماعية واقتصادية من
بينها كتابان للرئيس السابق منصف المرزوقي ، الذي فقد الصلة بالذين كانوا معه في
الأيام الصعبة وخاصة في قيادة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان .
لا علينا ،
شكرت الأستاذ العرباوي على استضافته وعلى هديته ، وقرأت كتابه ، الذي لم أكن
مقتنعا بما جاء فيه ، حتى جاءت مناسبات زادتني اقتناعا ، وما أثارني ودفعني
للكتابة اليوم في هذا المجال ، ذلك الفيض من المقالات التي رأيتها اليوم على موقع
الفايس بوك بشأن الرئيس جمال عبد الناصر،
وربما مئات ما تم من ضغط على علامة التأييد إن عبر النقر على جام أو عبر النقر على المشاطرة. بارتاج .
كان ذلك
بمناسبة ذكرى وفاة الرئيس الراحل عبد الناصر الذي وصف بأنه أشرف القادة العرب وأكثرهم
نزاهة وأعظمهم إطلاقا، وبقطع النظر عن مشاطرة المعلقين من عدم مشاطرتهم فإن الفكرة التي يخرج بها المرء
تتمثل في أن عبد الناصر بعد 45 سنة على وفاته ، ما زال حيا في أذهان الناس ، علما
وأن أصدقائي الافتراضيين وعددهم 5 آلاف لا ينتمون إلى توجه معين واحد ومن بينهم
قوميون وإسلاميون ويساريون ومتدينون وعلمانيون وغيرهم .
غير أن ما
أثارني هذه المرة أن هذه الظاهرة تكررت
فقد لاحظت نفس الشيء بالنسبة لبورقيبة في 3 أوت الماضي ، على أني كنت رصدت الظاهرة
ولم أكن على قدرة على تسجيلها وقتها ، حيث أقعدني المرض عن ذلك وكنت أيامها في
المستشفى.
وبعكس ما ذهب
إليه صديقي نوز الدين العرباوي ، فإن
الظاهرة الملفتة هي أن البورقيبية لم تصل إلى نهايتها كما يبدو أن الناصرية كذلك،
واسألوا الشيخ راشد الغنوشي ، الذي عاد فاعترف لبورقيبة بفضل قد يكون كبيرا أو صغيرا
ولكن فضل على كل حال .
هكذا انتهيت
إلى هذا العنوان لهذا المقال وهو عودة الكبار.
فالكبار
يموتون بيولوجيا ولكنهم يبقون أحياء في ضمائر الشعوب ، وهم رغم سلبيات
ارتكبوها فإنهم يبقون عابقين بذكريات حية
ذكية الرائحة ، خالدين لا تخبو لهم ذاكرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق