Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

بيئيات - الخطر الداهم

بيئيات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الطاقات المتجددة ،، تمنع الإنحباس الحراري
ولكنها مهددة بانخفاض أسعار الطاقات الأحفورية*
تونس / الصواب /15/09/2014
خلال ثلاثة أشهر ، ستنعقد في باريس أكبر ندوة في تاريخ البشرية ، للعمل على الحد من الانحباس الحراري ، الذي يتهدد البشرية بأعظم الأخطار في مستقبل منظور ، ويهدد أجزاء كبيرة من العالم بأن تغمرها المياه ، نتيجة ذوبان المحيطات المتجمدة ، وهجرة مياهها إلى المناطق المنخفضة ، ومنها بعض المناطق في تونس ذاتها ، عدا بلدان بأكملها يهددها ارتفاع منسوب المياه.
ويستهدف قادة العالم في قمتهم المقررة في باريس ، إلى خفض درجة الحرارة على الكرة الأرضية بنقطتين اثنتين للحفاظ على الوضع على حاله بعد ما بين 30 و50 سنة في انتظار أيام أفضل.
ولعل أكبر تحد اليوم أمام كل مخططات مكافحة الانحباس الحراري ، هو ذلك الذي يتمثل ، ليس فقط في انهيار أسعار المحروقات الأحفورية من بترول وغاز، بل احتمال مزيد الانهيار نتيجة وفرة إنتاج متوقعة ، فإضافة إلى أن الولايات المتحدة باتت تحقق أو تكاد كفايتها الذاتية بفضل استغلال غاز الشيست ، الذي نحجم عن استغلاله أسوة بفرنسا ، وتقوم حملة مضللة للحيلولة دون استعماله ، فإن التطورات التكنولوجية مكنت من الذهاب بعيدا  في التنقيب ، وإيجاد مواقع جديدة لم تكن قابلة للاستغلال، ففي مصر وحدها تم الكشف في عرض البحر عن مخزون ضخم من الغاز ، لعله ثاني أهم مخزون في العالم بعد المخزون القطري ، ما سيحول وهذا من حظ الرئيس السيسي مصر ، إلى دولة غنية.
وعلى أهمية هذا قطريا فإنه سيمثل ولا شك كارثة إزاء اللجوء إلى الطاقات المتجددة ، التي وإن كانت إلى ماض قريب تمثل ، المستقبل نظرا لتهاود أثمانها رغم الاستثمارات الثقيلة التي يتطلبها وضع تجهيزاتها ، فإن انهيار أسعار البترول والغاز ، لا يشجع اقتصاديا على التوجه إليها ، إذ لعله يجعلها بمثابة القريب الفقير بالمقارنة مع أسعار بترول وغاز رخيصين في أثمان كل منها ، فينصرف الصناعيون والباحثون عن توفير طاقات جديدة ونظيفة غير ملوثة ، وغير منتجة لثاني أكسيد الكربون المتسبب الرئيسي في الانحباس الحراري ورفع درجة الحرارة على سطح الأرض بكل سلبياته الكثيرة.
ومن هنا فإن إرادة حقيقية من دول العالم ، وخاصة تلك الملوثة ، وهي بالذات الدول الغربية المتقدمة والصين والهند، لا بد أن تتوفر رغم الحسابات الاقتصادية القصيرة النظر ، للمواصلة على اعتماد الطاقات المتجددة كالشمس والريح ومساقط الأنهار ، مهما انهارت أسعار البترول والغاز ، فالقضية ستصبح لا مجال فيها للاختيار، أو على الأصح اختيار المستقبل على الحاضر، والقضية هي ماذا سنترك لا فقط لأبنائنا بل ماذا سنوفر لأنفسنا، وكيف سنحمي من دفق مياه ستأكل سواحلنا بكل ما فيها من مباني ومرافق.





*الأحفورية هي الترجمة المعتمدة للكلمة الفرنسية fossile  والتي تعني العائدة لما قبل التاريخ وأحيانا لملايين السنين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق