الموقف السياسي
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
النداء ..
وماذا بعد ؟
تونس / الصواب / 6/11/2015
أعرف أن الديمقراطية لا تستقيم إلا
بتعددية حزبية.
وأعرف أن الأحزاب هي قاعدة تأطير
الحياة السياسية
وأعرف أيضا أن القبول بمبدأ التداول السلمي على السلطة هو شرط قيام نظام
ديمقراطي
ولكني أقول عاليا أيضا أني وطيلة
حياتي لم أنخرط في حزب ، ولست مستعدا لذلك ، على كثرة ما دعيت إليه من انخراط وفي أحزاب مختلفة.
ليس ذلك لأن أي حزب لم يستهويني، لا
بزعاماته ولا ببرامجه،
ولكن لسببين :
أولهما أن الانخراط في حزب ما ، يعني أن على المرء أن يقبل بتنازلات ( ما يسمونه توافقات) غالبا ما
تكون يوما على حساب القناعات والمبادئ، ذلك هو الانضباط الحزبي. وهو ما لا طاقة لي
به وأنا كما يقول الفرنسيون عبارة عن خلية منفلتة Electron Libre
وثانيهما . أنني كصحفي عشت من هذه
المهنة ولها، وسأموت وأنا أكتب في رحابها ، أرى من وجهة نظري أنها لا تتأقلم مع
الالتزام الحزبي ، الذي يفقد الصحفي موضوعيته وحياده، وإن كنت أحترم اختيار أعداد
من الصحفيين يستطيعون أن يجمعوا بين مهنة المتاعب والالتزام الحزبي.
ورغم ذلك فإني أيضا لا أحرم على نفسي
من الكتابة في الشأن الحزبي من منطلق أنه شأن عام يهمني كمواطن من جهة وكصحفي مكلف
بأن يبدي الرأي ويصدع به م جهة أخرى .
**
و لذلك ورغم أني بعيد عن الأحزاب، فإن
لي أن أتفاعل مع أحداثها عندما، تتلامس، وربما تتصادم مع ما أعتبره مصلحة عامة
للبلاد.
لذلك أيضا فإن ما يجري في نداء تونس ، على المسافة التي
أحرص على أن تكون بيني وبين الأحزاب ، يهمني أن أتحدث عنه وأعبر فيه عن موقف من
منطلق بعيد عن التحزب لألاحظ ثلاثة أمور أخشى منها على توازنات البلاد:
أولا إني ضد التوريث في الجمهوريات،
فهي جمهوريات لأنها قطعت قطعا كاملا مع التوريث الذي تختص به الملكيات.
وسواء كانت تحركات حافظ قائد السبسي
ووالده ذات خلفية توريثية أولا ، فإنها
بحكم السوابق في العالم العربي ما نجح منها وما فشل ، تثير الشكوك.
ثانيا إني لا أجد تفسيرا لانخراط رضا
بالحاج وهو مدير ديوان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ، والد حافظ قائد السبسي
في ما يجري في نداء تونس ، إلا تفسيرا
واحدا أنه مكلف بمهمة إسناد طرف معين ، وكان الذكاء يقتضي تجنب الإيحاء بأن رئيس
الجمهورية يساند ابنه في معركة حزبية ، ليس له أن يتدخل فيها، وهو ما يعيدنا
للعنصر الأول.
ثالثا : عندما أكون في بيتي فإن أي
عنصر خارجي يزاحمني في ذلك البيت هو اعتداء وعدوان ، وأشير فقط إلى موقف نداء تونس
في 5 ديسمبر 2013 عندما جاءت جهات أجنبية عن الساحة بكل زخم رموزها إلى ساحة محمد علي "لتأديب" الاتحاد
العام التونسي للشغل.
أقل ما يقال في الخلافات التي لا
تهمني أنها لا تدل لا على ذكاء سياسي، ولا
معرفة لا قليلة ولا كبيرة بكيفية قيادة
معركة سياسية ، بقطع النظر عن التوريث من عدمه ، وانخراط رئيس الجمهورية عبر مدير ديوانه فيها من عدم انخراطه، تجمعت فيها أوصاف لا أريد
أن أعلنها ويكفي ذكاء القارئ لاكتشافها.
وعلى ذكاء الرئيس ودهائه، فلعله خانه الذكاء و خانه الدهاء هذه المرة ، عندما
أصبحت القضية عائلية.
وأعود لأقول ما كتبته يوما ، قبل
الدورة الرئاسية الثانية منذ أقل من عام
وعلى أعمدة هذه المدونة : "أصوت على كره مني للباجي .. لأني لا أثق في
المرزوقي"، وما زلت عند موقفي ذاك رغم كل شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق