Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

السبت، 13 يوليو 2013

سانحة : تخلف


سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تخلف
تونس/10/07/2013
في سنة 1966 وكنت في زيارة لـ"النازا" في مدينة هيوستن أكبر مدن تكساس أغنى الولايات الأمريكية، ولكنها ليست عاصمة تلك الولاية، أخبرونا ـ ولم يكن ذلك مجهولا ـ أن أول إنسان سيحط على وجه القمر سيكون أمريكيا، وذلك في اليوم كذا والساعة كذا والدقيقة كذا والثانية كذا من شهر  تموز يوليو 1969.
وكانت تونس أيامها قد اعتمدت على الحساب الفلكي في تحديد دخول الأشهر القمرية،  ودعنا نقول الأشهر الهجرية.
كانت أيام دخول شهر الصيام معلومة بصورة مسبقة، وكانت أعيادنا الدينية محددة بفضل العلم، بصورة تسمح بالمعرفة المسبقة وبالتالي بالتخطيط الدقيق، ويقول لي أحد المهندسين التونسيين  المختصين إنه بالإمكان اليوم  وبدون أي احتمال خطأ ضبط دخول شهر رمضان للعام 200 ألف هجري، وكذلك ضبط مواعيد الأعياد الدينية عيد الفطر أو عيد الاضحى أو رأس السنة الهجرية أو المولد النبوي، على مدى غير منظور زمنيا يمكن أن يصل إلى مئات آلاف السنين إذا كتب للحياة أن تبقى وللأرض والقمر أن يستمرا في هذا الوجود.
ومن هنا فنحن بالذات اليوم، وقد تراجعنا على إنجاز علمي كبير منذ الأيام الأولى لحكم الرئيس السابق، المتسم بقلة المعرفة وضعف المدارك، وهي أوصاف كنت أخَيًر  أن لا استعملها، ومهما نالني شخصيا من ظلم طيلة غالب عهده ومنذ ما قبل سنة 1993 ، بعضها بسبب الإسلاميين، فإني لا أنسى أنه قاد البلاد طيلة 23 سنة، ودخل تاريخها إن بخير أو بسوء، نحن إذن بالذات لا بد أن نتوقف قليلا، لنصفع أنفسنا حتى نستيقظ من تخلفنا، ونتخذ من العلم وما يقتضيه منا، الموقف الذي يعيدنا إلى موقعنا ،كدولة الحداثة ،دولة تعيش عصرها، وتقتحم ما يوفره لها العلم من إمكانيات جمة، دولة تستطيع أن تخطط ليومها أو لغدها، تعرف متى تكون أعيادها، ومتى يكون رمضانها.
 بدون ذلك ضمن غيره، سنبقى بلدا متخلفا يجر رجله ولا يعرف إلى أين يسير.
كلمة واحدة نضيفها، أننا نصلي ـ والصلاة هي الفرض الأول بعد نطق الشهادتين والتوحيد ـ نصلي، على أساس حسابات فلكية تحدد لنا مواقيت الصلاة، فننضبط لها، بل إننا نصوم ونفطر اعتمادا على حسابات فلكية.
ولقد كان وقت  كنا نتحدث فيه عن التوقيت الإفرنجي والتوقيت العربي، وأجيال كاملة اليوم لا تعرف ذلك، وفي بيتنا كانت هناك ساعتان معلقتان في وسط الدار إحداهما تشير إلى التوقيت الإفرنجي والأخرى إلى التوقيت العربي، المعتمد في  تأدية الصلاة، والتوقيت الإفرنجي هو توقيت غير دقيق، يعطي وقتا موحدا لكل البلاد وأحيانا لبلدان متعددة، أما ما كنا نسميه التوقيت العربي، فهو توقيت في منطقة معينة صغيرة لا تتمدد على خط العرض، مرتبط بالشمس ومنازلها وساعات الليل والنهار، ومقياسه هو الزوال، والزوال عندما تضع عمودا فينعدم الظل، والزوال بذلك هو منتصف النهار، ومنتصف النهار هو وقت متغير بين تونس وبنزرت مثلا، وغالبا فإن شرق مكان معين يكون فيه الزوال متقدما على المكان المقياس، وبذلك تفطر بنزرت مثلا بثواني أو دقائق بعد العاصمة، فيما تفطر نابل التي تقع شرقا قبلها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق