Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 1 يوليو 2013

سانحة

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي  
إلى متى يقبعون في السجن بدون محاكمة؟
تونس/الصواب/29/06/2013
أولوية الأولويات في حقوق الإنسان وفقا للمواثيق الدولية تقوم على عنصرين اثنين رئيسيين، وإن كانت هناك حقوق أخرى مهمة وذات أولوية، ولكنها لا ترقى إلى هاتين الأولويتين:
أولاهما: الحق في الحياة، وتتفق اليوم كل التشريعات الدولية على أن الحياة هي مكسب إلهي أو طبيعي بقطع النظر عن المعتقدات، لا يحق لأي إنسان سحبها، وتعتبر أولوية الأولويات المطلقة.
أما ثانيهما: فهي الحرية الفردية، وهذه الحرية تختلف من حرية التعبير إلى حرية المعتقد إلى حرية التنقل، إلى غيرها من الحريات، التي نصت عليها تلك المواثيق وأكدت عليها تأكيدا شديدا. والحريات العامة في التعريف المتفق عليه هي مجموعة الحريات الفردية المتناسقة بحكم القوانين أو الأعراف والتقاليد المرعية.
ولعل أهم ما ركزته الثورة منذ حصولها هو التأكيد المطلق على هاتين الأولويتين، فسادت حرية التعبير عموما، وإن باتت حاليا مهددة بشكل واضح في ما يتعرض له البعض من عنت وأحيانا من اعتداء بسبب ممارسة تلك الحرية ، وخاصة من الإعلاميين، بقصد إرهابهم، ومحاولة تكميم أفواههم، والعودة بهم إلى مربع الخنوع والصمت أو تزييف الحقائق، أو الخضوع للرقابة الخارجية أو الذاتية  وتحويلهم إلى مجرد أدوات بروباغندا.
كما أن عدم تنفيذ أي حكم بالإعدام هو ولا شك مكسب، وإن كان يعود عموما إلى العهد السابق من حيث ، إن الأحكام الصادرة  بالإعدام لم ينفذ منها ، إلا القليل والقليل جدا، فيما بقي العشرات معلقين، لزيارات آخر الليل لاحتمال جرهم إلى المشانق.
ومن المؤسف أن يكون صدر منذ أيام حكم بالاعدام، ليس منتظرا له تنفيذ ما دام الرئيس منصف المرزوقي في موقعه، باعتبار كونه من منظومة حقوق الإنسان الرافضة لهذه العقوبة.
ولعله وعلى الأقل، يقدم عى إصدار عفو على كل الذين صدرت بشأنهم أحكام إعدام، يحول بموجبه تلك الأحكام إلى أحكام بالأشغال الشاقة بحكم صلاحياته الدستورية.
لكن هذا ليس موضوعنا اليوم وموضوعنا بالأساس يتعلق بالحرية الفردية، وهذه الحرية ليست  حرية مطلقة، فهي مقيدة بالقوانين المضبوطة المحددة.
وبما أن الثورة أعادت لهذه البلاد حقها في السلامة البدنية  للأفراد، و ضمنت الحرية الفردية، فإنه يبدو غريبا أن يستمر التجاوز، والتطاول على القانون، سواء من طرف السلطة التنفيذية أو القضائية.
وهنا نود أن نلاحظ أن مجموعة من كبار من سبق أن تولوا السلطة وبقطع النظر عما ينسب لهم من أفعال، يقبعون في السجون منذ الأسابيع الأولى لسنة 2011 أي لأكثر من سنتين.
ومن حق العدالة ولا شك، أن تحاسبهم على ما بدا لها من تجاوزات من طرفهم، وكل تغيير في الأنظمة عبر التاريخ عرف مثل تلك التصرفات، بغض النظر على تقييمها، ولكننا كنا  نحن والكثيرون نعتقد أن دولة القانون قد جاء أوانها، وأن المظنون فيهم لا بد أن يتمتعوا  بالحق في محاكمة عادلة، وفق للمعايير المتعارفة والنزاهة اللازمة، وذلك في الآجال التي ضبطها القانون للاحتفاظ بهم بين يدي العدالة.
ولعل الأصل في الشيء هو أن يبقى المرء في حالة سراح، ما دام يتمتع بمحل إقامة معروف، وما دام محروما من السفر بقرار قضائي لا ينبغي أن لا يكون محدودا في الزمن، وما دام انسحابه من أمام العدالة غير وارد.
ومن هنا فإن الاحتفاظ بعدد من الوزراء والمسئولين السابقين خارج حتى الزمن المسموح به قانونا ، وتجاوزه بأشهر عديدة تكاد تبلغ السنة ، ليس من دولة القانون في شيء، فإما محاكمة تتوفر فيها الضمانات جميعا ، أو ليطلق سراحهم في انتظار محاكمة لا يبدو أن موعدها في الأفق ،  خاصة وأنه يبدو أن الكثيرين منهم لا تتوفر  ضدهم أدلة لا قاطعة ولا غير قاطعة، أو يمكن أن يكونوا خاضعين  لنصوص سابقة الوضع، وبالتالي فلعل الخوف لدى السلطات هو أن تنتهي محاكمات فعلية، بعد اتهامات كثيرة متنوعة، إلى تبرئة لا تريدها الطبقة السياسية أو لعلها تخشاها.
وعموما فلعله جاء الوقت لتوفير ضمانات للمواطنين، ونحن نعيش في أعقاب ثورة، ولا نقول قصدا تحت ظل ثورة، لأن الكثير من التصرفات والسلوكات داخل الطبقة السياسية بحكامها ومعارضيها تتناقض مع روح الثورة ، إذن توفير ضمانات للمواطن، في التحديد من حريته ووضعه في حالة إيقاف، لمدة أيام أو أسابيع أو أشهر، ثم إطلاق سراحه.
لعل قضاتنا المحترمين من ما يسمى بالقضاء الواقف يستسهلون وضع الناس وراء القضبان، غير شاعرين دوما بمآسي للعائلات داخل المجتمع، والإضطراب الذي يدخل على حياتهم إضافة للأضرار النفسية على من يتم إيقافهم ، ثم يطلق سراحهم بعد أن يتبين أنهم براء مما ينسب إليهم، ألم يكن أنسب أن يبقوا خارج السجون مع اعتماد الضمانات المعتمدة في البلدان الديمقراطية، حيث حرية الفرد مقدسة.
أم إننا نوالي المسير على خطى الماضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق