Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 7 يوليو 2013

اقتصاديات - مصر الكارثة الاقتصادية

اقتصاديات
يكتبها عبداللطيف الفراتي
مصر،، الكارثة الاقتصادية.
تونس/ الصواب/ 06/07/2013
إذا كانت تونس، تشكو من صعوبات اقتصادية، قد تزداد حدة وتصل إلى وضع كارثي ، إذا استمرت الضبابية السائدة، ولم تنته الفترة الانتقالية ولم تتضح الصورة، فإن الوضع  الاقتصادي في مصر قد وصل إلى حالة كارثية حقيقية.
وبالفعل فإن فترة ما بعد الثورة شهدت محاذير كبيرة، ومصر إذ حافظت على نسبة نمو محترمة للعام 2010/2011 وهي السنة التي قامت خلالها الثورة ابتداء من 25 كانون يناير وذلك بنسبة 4.2 في المائة وهي النسبة المتوسطة التي حافظت عليها على مدى 25 سنة، فإن نسبة النمو انحدرت فيها إلى 2.2 في المائة في السنة المالية 2011/2012  وحسب التقديرات المتاحة  حاليا ، إلى 2.4 في المائة للعام 2012/2013.
وهذه النسب وإن كانت من الناحية النظرية أفضل مما هي في تونس، التي شهدت نسبة نمو سلبي في سنة ،2011 ونسبة لا تزيد عن 2 أو 2.5 في المائة في سنة 2012، فإنها لا تخفي وضعا كارثيا، باعتبار التزايد السكاني المنفلت، الذي جعل مصر تبلغ بعدد سكانها التسعين مليونا، وهو ما يعني تقسيم الكعكة الهزيلة للناتج المحلي الإجمالي بين عدد من السكان ما فتئ يتزايد بشكل سريع.
وإذ كانت مصر تحقق معدلا نسبة نمو تعتبر عالية  للسنوات الخمس والعشرين الماضية ، لولا تآكلها بما يزداد من سكان، فإن الأقل من ذلك يبدو كارثيا وهو ما يحصل حاليا ، وخاصة وأن السنة 2012 /2013 كانت واعدة، إلا أن حلول الاسلاميين في السلطة ، قد أخاف المستثمرين من جهة محليين وأجانب، والمقبلين على السياحة من جهة أخرى، فيما إن مداخيل الإقتصاد المصري تأتي بالأساس  وبالترتيب من تحويلات المغتربين المصريين ثم عائدات قناة السويس ثم صادرات البترول ثم السياحة ثم التجارة الخارجية للسلع والخدمات الأخرى.
وأمام تظافر عاملين اثنين، هما التخوف من المستقبل في ظل ضبابية غير منطقية من وصول رئيس من الإخوان المسلمين من جهة، وقلة خبرة فادحة في تسيير شؤون الدولة من جهة أخرى ، مرفوقة بالإعتماد على "أهل الثقة" دون أهل الكفاءة من الوزراء، والوظائف الأدنى، وأيضا انفلات إداري وعودة الفساد بصورة أكبر مما كان عليها، فضلا عن إهمال الشباب ومطالبه، كل هذا إلى تغول لدى الحزب الحاكم ، الذي استأثر لنفسه بالمناصب بعكس النهضة في تونس، التي أشركت حزبين اثنين ممن يعتبران نفسيهما من العلمانيين،  وهوتشريك ولو بصورة رمزية وغير فاعلة، فإنه كان ذكيا ومتسقا مع طبيعة المرحلة ومتطلباتها، وطبيعة الأغلبية النسبية التي حاز عليها الإسلاميون في تونس.
وقد ارتكب محمد مرسي العياط وهو اسمه الحقيقي ، من الأخطاء القاتلة ما لم يكن مفترضا أن يرتكبه، مما جعل المصريين يطلقون عليه تسمية الفرعون الصغير، فأصدر ما أسماه إعلانا دستوريا جمع فيه الكثير من السلطات بين يديه، فأصبح مشرعا متوليا سلطة تشريعية تكاد تكون بلا رقابة، و انقض على القضاء، فأقال النائب العام، وهو ما لم يجرؤ عليه عبدالناصر نفسه، وسيعيد القضاء في أعلى مراتبه النائب العام المقال إلى وضعه، من قبل محكمة النقض التي تعتبر قراراتها بلا رد، تماما كمحكمة التعقيب عندنا ، والتي تم تجاوز قراراتها وتم الضرب بها عرض الحائط.
وإذ اجتمع التغول مع قلة الكفاءة وقلة الخبرة، فقد تم وضع مواد التفجير، وأشعل فتيلها، وهو ما يفسر قيام حركة تمرد التي استطاعت أن تجمع 22 مليونا من التواقيع، قبل أن تدعو إلى تلك الإعتصامات الملييونية التي لم ير التاريخ مثيلا لها في أي موقع من مواقع العالم.
اليوم يبدو الاقتصاد المصري بعد سنتين من الثورة ، وسنة من التصرف الإخواني في أسوإ حال في تاريخه الطويل، بسبة تضخم عالية، بما أن نسبة عجز الميزانية تبلغ 10.5 في المائة،( في تونس 6 في المائة وتعتبر عالية جدا وتحمل كل الأخطار) وعجز في الميزان التجاري ، وتدهور السياحة بحوالي 35 إلى 40 في المائة، ستزداد حدة، باعتبار قرارات التضييقات السلوكية التي فرضها ويوالي فرضها الإسلاميون وديونية كثيفة جدا لم يسبق للاقتصاد المصري معرفتها، ولا توقع تداعياتها.
وإذا كانت تونس تقف على أبواب الخروج المأمول من وضع اقتصادي متردي ولكن غير ميؤوس، فإن الاقتصاد المصري ما فتئ يدخل أكثر فأكثر في عنق الزجاجة، وليس أمامه ما يؤذن بانفراج.
fouratiab@yahoo.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق