Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 14 يوليو 2013

سانحة - من يتحمل المسؤولية؟

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
 من يتحمل المسؤولية ؟
 قبل نصف شهر تقريبا نشرنا على أعمدة هذه المدونة "الصواب" سانحة بالعنوان التالي:
سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي  
إلى متى يقبعون في السجن بدون محاكمة؟
تونس/الصواب/29/06/2013

 واليوم نعود ، وفي الأثناء تم إطلاق سراح عدد من الموقوفين بعضهم ، قضى أسبوعين أو ثلاثة في الإيقاف، وبعضهم بضعة أشهر، وآخرون 25 شهرا بالتمام والكمال تحديا لأي قانون، وتجاوزا لكل ما تدعوا إليه كل المواثيق الدولية بشأن التوقيف سواء لدى الشرطة أو ما بعد ذلك، وبدون محاكمة.
وإني إذ قلت يومها في مقالي ذاك ، إن أهم عناصر حقوق الإنسان هو الحياة والحق فيها، والحرية،  وأقصد بها أن لا يجز بالسجن إلا في حالات قصوى ، بحسب خطورة الجرم، وأيضا احتمالات أن لا يكون للشخص محل معروف، أو أن يخشى من عدم وضع اليد عليه في الوقت الذي ينبغي.
دون ذلك يكون الإيقاف بمثابة عملية فيها تجاوز، وفيها عدم إحساس بقيمة الحرية الفردية، وفيها نوع من الشماتة أو التشفي.
وإني لأذكر اليوم مخاطبة مصطفى الخماري لي عشية ذلك اليوم الأسود، وهو يقول لي وقد عرف مصيره، وينتظر أن يأتوا ليأخذونه من بيته ومن بين أيدي زوجته وأطفاله المكلومين : "أنا مظلوم والله أنا مظلوم" وعرفت أكثر قيمة ما معنى أن تسلب حرية شخص ، بمجرد شبهة ، وإذ أدمعت لحظتها، فقد تشجعت لأقول له إني معك، وأعرف أنك مظلوم، وكنت واثقا قبل أيام من أنه سيذهب للسجن، ليقولوا الإيقاف، ولكن لا تفرق، فالحد من الحرية أمر خطير، لا أدري ما إذا كان الذي يأمر به يشعر به، أم لا.
والذي يصدر بطاقة إيداع  لا بد  أن لا يكون له من حل آخر، عندما تثبت الجريمة وإن كانت القاعدة القانونية تقول إن الشخص بريء حتى تثبت إدانته بعد محاكمة نزيهة تتوفر له فيها كل الضمانات، وعندما تكون خطرة، وعندما لا يكون هناك من بد لذلك.
وليلة استمعت للمحامية على قناة التونسية تدافع عن موكلها سامي الفهري الذي قارب السنة وهو في سجنه، ودعني من التفريق القانوني بين السجن والإيقاف، وتقول إن المورطين أكثر منه أي مديري التلفزيون المتلاحقين يبقون مطلقي السراح وهم أكثر تورطا ، وكانت تدافع عن موكلها، أيقنت أنها بذلك تعطي المبرر لإيقاف الخمسة، وهو ما تم بعد أيام.
ليبقوا رهن الإيقاف أسابيع وأشهر عديدة، قبل أن يتم إطلاق سراحهم من قبل المحكمة يوم 12 تموز يوليو، ويعودون إلى النقطة الصفر، كما يتم إطلاق سراح الوزير الأسبق عبد الوهاب عبدالله هو وعبد الله القلال وعبد العزيز بن ضياء ومحمد الغرياني  من قبل دائرة الاتهام وأيضا زهير المظفر ومنجي صفرة على ما أعتقد. وبعضهم قضى حوالي 25 شهرا في السجن و إن سمي إيقافا.
تساءلت والبعض منهم كان لي بالمرصاد وكسر مسيرتي المهنية ، لما اعتبره  دكتور عبد السلام المسدي في كتابه المنشور أخيرا "إرادة مني في أن أكون متحررا في زمن كان فيه التحرر الصحفي جريمة"، فحقت علي الملاحقة ومحاولة قطع الرزق، كيف يمكن أن يحصل هذا  ـ أي السجن بدون محاكمة ـ في دولة ما بعد الثورة.
أ لم تكن لهم عائلات وزوجات وأطفال، قد يحاسب الواحد منهم أي الموقوفين على ما ارتكبه، ذلك جائز ولكن في إطار القانون وبعيدا عن غريزة التشفي.
قد يكون المرء مؤاخذا، ولكن وعندما يطلق السراح إما للبراءة أو في انتظار محاكمة طال أمد انتظارها، من المسؤول عن الآلام والمعاناة، آلام الشخص، والنيل منه وآلام العائلة والأطفال والزوجة.
لقد عاش هؤلاء تلك الآلام في بدنهم، عاشوه وراء القضبان، و عاشته عائلاتهم، ومنهم من لم ولن يثبت ضدهم شيء، فمن يعوضهم ؟.
قد يقال إن المناضلين الإسلاميين وغير الإسلاميين قد عاشوا نفس العنت، أو أكثر، وأنهم وقعوا تحت التعذيب، كل ذلك وجد من الناس من ندد به ، ومن أبلغه للداخل والخارج، وكنت من بينهم، غير أن ذلك لا يبرر، وإني لفي شديد الإعجاب بالتجربة الجنوب إفريقية التي اتسمت بروح الإسلام، وذكرتني بمقولة رافع رفاعة الطهطاوي المصلح المصري الكبير الذي عاش لفترة في باريس في القرن التاسع عشر  ، والذي قال  في كتابه " الإبريز في تلخيص باريز" ما معناه" ذهبت إلى بلاد  غير المسلمين، فوجدت سلوك الإسلام، وعدت إلى بلاد المسلمين فما وجدت سلوك الإسلام.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق