بكل هدوء
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
مصر على صفيح ساخن
ولكن ما هي التداعيات على الأنظمة الإسلامية؟
تونس/ الصواب/30/06/2013
طوفان من البشر، وفقا لوصف الصحافة العالمية لاعتصام 30 يونيو في كل مصر.
17 مليونا في ميدان التحرير وكبريات الأحياء الأخرى في القاهرة وفي ميادين المحافظات وفقا لتقديرات الجيش المصري، في أدنى التقديرات وفقا للمراقبين في مصر، 30 مليونا وفقا لتقديرات صحف أمريكية عديدة، في مقدمتها الجريدة الجدية جدا "واشنطن بوست".
إذا صحت هذه التقديرات فإن ذلك يعني أن ثلث الشعب المصري (90 مليونا) خرجت للساحات والميادين واعتصمت بها، هاتفة للرئيس محمد مرسي ارحل، أو لا بديل عن انتخابات رئاسية سابقة لأوانها.
قالت الصحافة العالمية إنه لم يسبق في التاريخ وعبر العالم أن اعتصم مثل هذا العدد في شوارع أي بلد.
في نفس الوقت اتخذ الجيش المصري(3 ملايين) قرارا بعدم قمع المعتصمين، فيما إن الأمن المصري عبر عن انحيازه للشعب.
خلال الليل وطوله بين الأحد والاثنين تواصل الاعتصام، مهددا بالتواصل بعد أن أنذرت قياداته بإعطاء مهلة حتى الخامسة من ظهر الثلاثاء للرئيس مرسي بالدعوة لانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، وذلك في مناسبة كان يود الاحتفال فيها بمرور سنة على انتخابات حملته إلى السلطة.
وقادة التمرد الذين استطاعوا وفقا لأقوالهم جمع 22 مليون توقيع لدعوة الرئيس المصري للمغادرة، بعد ما اعتبروه فشل فشلا ذريعا واكتفاى بالتوجه لأسلمة المجتمع، ونشر أنصاره في مفاصل الدولة، وتغيير النمط المجتمعي، بينما القضايا الحارقة وخاصة الاستجابة لمطالب الثورة ، وشبابها وعمادها ، لم تكتف إلا بالمراوحة في مكانها، بل تأخرت في تحقيق الأهداف المنتظرة.
في برنامج عماد الدين أديب على القناة الواسعة الانتشار سي بي سي ، ذكر أحد المشاركين إن القاعدة الحقيقية لمحمد مرسي لا تتجاوز عدديا الخمسة ملايين الذين صوتوا له في الدورة الأولى من الرئاسية، وأن الثمانية ملايين الآخرين الذين صوتوا له في الدورة الثانية جاؤوا من آفاق مختلفة، وكلهم ليسوا بالضرورة من الإسلاميين المنحدرين من جماعة الإخوان.
في الأثناء وبعد خطاب متصلب ألقاه قبل ثلاثة أيام ، وأمام ضغط الملايين الذين خرجوا للشارع، بدأ محمد مرسي في تقديم تنازلات عن طريق الناطق الرسمي باسم الرئاسة، معلنا أنه سمع الرسالة وأنه على استعداد للجلوس على طاولة المفاوضات، بقصد النظر في المطالب التي رفعتها الجماهير، ودعا لانتخابات تشريعية مبكرة.
غير أن قيادات التمرد أجابت على هذا العرض بالرفض مؤكدة أن الوقت قد فات لمثل هذه المفاوضات، وأن مرسي قد فوت على نفسه عندما كان طلب التفاوض قائما، وقد أبرز أنه ليس رئيس كل المصريين وأن عليه أن يذهب، ولن تترك له فرصة للبقاء.
والسؤال في هذه المرحلة، هو هل يكون الاعتصام والبقاء في الشارع سيكون بطول نفس ثورة 25 يناير 11 فبراير 2011، وبالتالي ما هي النتائج المتوقعة لهذا التحرك الذي فاق كل التقديرات ، وبين ضيق الشعب المصري برئيس وصف بأنه خلال سنة كان أقل من كل التقديرات، وأنه لم يفعل شيئا مفيدا للشعب المصري.
ومع هذا السؤال يطرح سؤال آخر، هل هي ثورة جديدة تقوم في مصر، أم إنها حركة تعمل على تصحيح المد الثوري، وسحبه من القوى "الرجعية" التي اغتصبته واغتصبت معه أمل الشعب المصري.
الأيام المقبلة وحدها هي الكفيلة وحدها بالجواب على هذا السؤال، وإذا فقد الرئيس مرسي غطاء الجيش، والأمن ، بعد أن فقد سند الحكم القطري الذي يبدو أنه قطع الحبل السري مع الحركات الإسلامية ، التي كان يدعمها الأمير السابق القطري الشيخ حمد ورئيس وزرائه جاسم آل ثاني، وانقطعت مع الأمير الجديد تميم بن حمد، فضلا عن فقدان السند الأمريكي، فإن مستقبل مرسي على رئاسة الجمهورية المصرية يبدو في أدنى الاحتمالات مهزوزا .
السؤال الآخر المطروح، إذا كان حسني مبارك قد استطاع أن يصمد 25 يوما، فكم يستطيع محمد مرسي أن يصمد، وهو لا يتمتع لا بتجربة سلفه، ولا سيطرته على السلطة والأجهزة ، خصوصا وأنه بدأ منذ اليوم الأول للاعتصام في تقديم تنازلات، هي بالتجربة تقود إلى منحدر قاسي وتعتبر أول طريق المغادرة.
فمساء الثلاثاء 2 يوليو كفيل بالإجابة على هذا السؤال، بعد نهاية المهلة، هذا إذا تواصلت التعبئة الشعبية حتى ذلك الحين، وربما بعده.
السؤال الثالث، هو ماذا ستكون عليه تداعيات التطورات المصرية، مهما كانت نهايتها ونتائجها، على الأنظمة الإسلامية التي قامت على أنقاض ثورات شعبية ركبتها، ولم تستطع أن تستوعب مطالباتها، ولا أن تستجيب إلى فروضها.
في الأثناء حصلت تطورات دراتيماكية، فبعد استقالة 5 من الوزراء، أعلنت القوات المسلحة في ما يشبه الإنذار أن على الرئيس مرسي أن يمتثل خلال 48 ساعة لطلبات الشعب، وإذا عرفنا أن طلبات الشعب لا تتمثل إلا في استقالته والدعوة لانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، بدا أن الطريق أمامه واحدة.
كيف المخرج ، يبدو أن هناك نية تتجه لرئاسة جماعية تتولى في الثناء إدارة البلاد والدعوة لانتخابات رئاسية في زمن قريب، ولكن عل سيقبل الإخوان المسلمون بذلك ألن "يحرقوا "البلاد.
في كل الأحوال فإن ما يجري في مصر، قد ينتهي إذا سقط الرئيس المنتخب قبل عام في حالة فوضى عارمة، واحتمالا فراغ سياسي ومؤسساتي يدخل البلاد في مأزق، وفي تونس يلاحظ بوضوح أن البلاد منقسمة ، حزب حركة النهضة مشفق مما يجري، ويخشى من تأثيراه على تونس إذا سقط محمد مرسي، وجهات تسمي نفسها ديمقراطية وليبرالية ويسارية ، تتمنى نجاح التحركات الشعبية المصرية علها تحرك السواكن في تونس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق