اقتصاديات
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تقهقر عن الوعود
تونس/الصواب/24/07/2013
عندما تمت مناقشة موازنة الدولة للعام 2013، تم الإعلان على أن نسبة النمو، ستكون في حدود 4.5 في المائة لهذا العام، وعلى أقل تقدير 4 في المائة.
ورغم أن كل الخبراء كانوا متفقين وقتها على استحالة تحقيق ذلك باعتبار تعطل كل ، محركات التنمية التي هي الاستثمار والاستهلاك والتجارة الخارجية، إلا أن الحكومة كانت تؤكد أن ذلك الهدف سيتحقق ـ رغم الداء والأعداء ـ وأنه يمكن تحقيق نسبة أفضل.
وإذ نبه محافظ البنك المركزي، في المدة الأخيرة ، إلى أن الوضع صعب، فقد تحدث رئيس الحكومة علي العريض خلال لقائه الصحفي مع أربع إذاعات بنبرة مفرطة في التفاؤل، معتبرا أن ما أعلن من إنجاز نسبة نمو بـ2.5 في المائة خلال الثلاثية الأولى من العام الحالي يعتبر إيجابيا، متناسيا وعود الحكومة بأن تكون نسبة النمو للعام الحالي في حدود 4.5 في المائة.
ولعله من الغريب أن الصحفيين الأربعة لم يتول أي منهم تذكير رئيس الحكومة، بالوعود المقطوعة بتحقيق نسبة نمو أعلى من تلك التي تم التبشير بها للفترة المنقضية من العام 2013 ، هذا فضلا على أن يتم التذكير بأن تلك النسبة هي نسبة ضعيفة جدا لا تكاد تغطي تأثيرات الزيادة السكانية ، وبالتالي تبرز تراجعا لا تقدما، فإنه يبدو وكأن السلطة تواصل سياسات إخفاء الحقيقة.
ويقول الخبراء إن النسبة الدنيا لما يمكن أن يكون تطورا في الوضع الاقتصادي للبلاد، لا ينبغي أن تقل عن 5 في المائة، وأن النسبة الواجب الوصول لها لا ينبغي أن تقل عن 7 في المائة، لامتصاص العمالة الوافدة، أي القادمة إلى سوق الشغل سنويا، وتحرك المؤشرات الإقتصادية.
و من هنا وإذا كانت سنة 2011 أي سنة الثورة شهدت انكماشا اقتصاديا بنسبة ناقص 2 في المائة، وسنة 2012 شهدت تحركا بنسبة حوالي 2 أو 2.5 في المائة، أي بأقل من التقديرات على الأقل بواحد في المائة، فإن النسبة المنجزة للثلاثية الأولى من السنة الحالية لا تبشر بخير لا قليل ولا عميم في المستقبل، وتبرز تواصل الجمود، خصوصا بعد أن تواصل قصور في الاستثمار، واستحالة الاعتماد على تواصل الاستهلاك كمحرك للتنمية، وضعف التغطية من الصادرات للواردات، وإن تحسن الوضع بصورة ضئيلة، وعطالة السياحة التي لم تسجل على مستوى المداخيل أي تحسن، وإن شهدت عدديا بعض الرعشة، في عدد السائحين الوافدين.
و لقد كان أفضل لرئيس الحكومة أن يصارح المواطنين بحقيقة الوضع، كما فعل مؤخرا محافظ البنك المركزي، بعد تفاؤل دام أشهرا، ولكنه انتهى إلى المصارحة بحقيقة وضع صعب جدا، ومرشح لمزيد التأزم والصعوبة، على المدى المتوسط على الأقل.
كل هذا دون الحديث عن المؤشرات كلها، ولا شيء فيها يوحي بالخير، بل لعلها كلها تبدو سلبية بشهادة مجلس إدارة البنك المركزي ذاته، إن حكومة لا تعتمد حتى على وزير واحد، يتقن التعامل مع الاقتصاد الكلي،
La macro économie
يعتبر في حد ذاته أمرا محيرا، ويحتاج إلى تطعيم لتلك الحكومة بالصورة التي تكون أمامها لوحة جديرة بأن تستطيع أن تتخذ معها القرارات الواجبة.
ولعل إنشاء جهاز للتحليل الاقتصادي، بتركيبة جيدة ولو منقوصة، من أكبر الخبراء الناقدين لسلوك السلطة الاقتصادي، بداية ضرورية، ولكنها غير كافية طالما إن وزارات الاقتصاد ليست بين أيدي رجال تتوفر لهم الكفاءة العالية في هذا الميدان.
كل هذا إضافة إلى أن الضبابية السياسية، وانعدام الثقة في احترام موعد تنظيم الانتخابات، باعتبار التراخي في تحقيق الرزنامة المعلنة، وتحديد موعد مضبوط لقيام حكومة دائمة منتخبة لمدة 4 أو 5 سنوات، لا يساعد لا هذه الحكومة ولا أي حكومة أخرى على تحقيق أي نجاح اقتصادي.
غير أن ذلك لا يعفي هذه الحكومة من مصارحة الشعب بحقيقة وضع لا يبعث على الأمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق