اقتصاديات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تراجع النمو في البلدان الناهضة
تونس / الصواب / 18//07/2012
منذ أواخر القرن الماضي، أطلق اسم البلدان الناهضة ( ترجمة غير دقيقة
لعبارة LES PAYS EMERGENTS) على عدد من البلدان
الآسيوية والأمريكية اللاتينية، أخذت تسجل نسب نمو عالية، مثل الصين والهند
والبرازيل وكوريا الجنوبية وسينغفورة وإندونيسيا وغيرها مما سمي بالنمور، تراوحت
سنويا وباستمرار بين 7 و 10 في المائة وحتى أكثر من ذلك.
وواصلت هذه
البلدان مسيرتها التنموية على نسق سريع ومتواصل، واعتبرت قاطرة للنمو في بقية
بلدان العالم، وحتى في فترة الأزمة المالية/الاقتصادية التي امتدت من الولايات
المتحدة، إلى أوروبا الغربية وحتى روسيا من بداية 2008، واصلت هذه البلدان نموها
العالي وتحدت أسباب الأزمة وتداعياتها.
غير أن
استمرار الأزمة، وإن كانت الولايات المتحدة قد بدت وكأنها خرجت منها سيصل لاحقا
إلى حد النيل من المعجزة، وإلحاق الضرر بتلك البلدان الناهضة، وبداية من 2011 أخذت
نسبة النمو في تلك البلدان في الإنخفاض، فالصين مثلا التي تعةذت على مدى أكثر من
عقد على تسجيل 10 في المائة سنويا شهدت نموها يتوقف عند 7.3 في المائة، أما الهند
فإن نسبة نموها التي كانت بين 7و8 في المائة فإن معدل النمو فيها وصل بالكاد إلى
5.6 في المائة، ويهدد بمزيد النزول في المستقبل، بينما كوريا وتايوان وسنغفورة وإن
كانت طاقة مقاومتها أفضل فإنها هي الأخرى بدأت تشهد بدايات الأزمة ولو نسبيا.
ولعل
البرازيل كانت الأكثر تأثر.
ويعيد
الخبراء في بنك التنمية الآسيوية هذه الظاهرة، إلى نقص في الطلب الدولي بينما، قام
النمو فيها على التجارة الخارجية وبالذات التصدير، ومن هنا فإن الأزمة وانخفاض
مؤشرات الاستهلاك في الغرب وخاصة في أوروبا، التي تشهد تقلصا في الاستهلاك
وبالتالي في التوريد قد أعطى آثاره التي وإن لم تكن كارثية فإنها تبقى مؤثرة.
فبلدان مثل
فرنسا التي تشهد انكماشا اقتصاديا، وإيطاليا وإسبانيا واليونان التي تمر كلها
وربما غيرها بأزمة هيكلية، يؤثر تراجعها في التجارة الدولية، التي كانت لسنوات أحد
المحركات الرئيسية، لتسجيل نسب نمو عالية.
أضف إلى ذلك
ارتفاع أسعار المواد الخام والأغذية بصورة كبيرة جدا، وحتى البترول الذي استقرت
أسعاره ما فوق مائة دولار للبرميل، فإنه بات معرقلا كبيرا.
والسؤال الآن
وبعد أن ظهر تأثير، الأزمة الاقتصادية الأمريكية الأوروبية واضحا لدى بلداننا
العربية والإفريقية، في شح في الاستثمار الخارجي المباشرـ وتقليل وفود السياح
وإرساليات العمالة العربية والإفريقية في أوروبا خاصة، ونقص الصادرات كأثر مباشر للتقشف السائد سواء كان معلنا أو
غير معلن، فهل إن انخفاض نسب النمو في البلدان الناهضة سيؤثر على بلداننا.
يبدو أن ضعف
معاملات إفريقيا والعالم العربي لن يكون له تأثير كبير، وحتى الاستثمارات الصينية
الكثيفة في عدد من الدول الافريقية فإنها تبدو غير مهددة، على اعتبار أن الصين
بالذات تتكئ على مخدة وثيرة جدا من العملات الأجنبية، غير القابلة للنفاد على
الأقل في مستقبل منظور، خصوصا وأن حجم الصادرات الصينية، على ما أصابه من فتور نسبي ما يزال عاليا جدا، ويمكن من
توازن إيجابي جدا لميزان تجاري بقي سليما جدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق