اقتصاديات
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
الصعود إلى
... الهاوية
تونس/ الصواب
/ 19/08/2013
للمرة
الثالثة أو الرابعة ، تقدم ستاندار آند بورس ، التي تعودنا (وللأسف) على اسمها على
تخفيض الترقيم السيادي للمديونية التونسية ، وباتت تونس تتجه نحو القاع، كتلك
الدول الإفريقية السيئة السمعة، غير القادرة على الإيفاء بالتزاماتها، والسيئة
التصريف لأعمالها.
ولا يغيب عن
المرء أن هذا الانحدار نحو الجحيم والذي بدأنا نتعود عليه، لم يحصل في تونس من
قبل، وأخذ يتوالى منذ تولت النهضة حكم البلاد، نتيجة سياسات سياسية واقتصادية
متسيبة لا تخضع لمنطق.
ولعل الذين
يدافعون عن "إنجازات " حكومة النهضة، لا يمكنهم أن يواصلوا "تغطية
عين الشمس بالغربال" كما يقول المثل التونسي الشهير، ولا يسعهم إلا الاعتراف
بفشل مدو.
ما هو سبب
هذا التخفيض الجديد ؟، وبدون الدخول في تفاصيل التفاصيل ، تؤسس مؤسسة ستاندار آند
بورس، تقييمها الذي يقدر الخبراء أنه سيكون متبوعا كما هي العادة بتقييمات بقية
المؤسسات الدولية الثلاثة الأخرى للتقييم وفي نفس الاتجاه.
وفي نظر هذه
المؤسسة فإن استمرار عدم وضوح الرؤيا السياسية ، وانعدام آفاق مفتوحة، وضبابية
المواعيد المؤدية إلى انتخابات عامة رئاسية وتشريعية، يجعل اقتصاد البلاد معلقا
إلى خيط رفيع، ليس من شأنه لا استقدام استثمارات وطنية ولا أجنبية، ولا سياحة، ولا
احتمالات لتحسن لا ميزان تجاري ، ولا ميزان للمدفوعات، ما ينزل للأسفل باحتمالات
تحقيق نسب النمو المعلنة كما كان الأمر سنة 2012 أو ربما أدنى منها، رغم الأرقام
النصفية التي تقول الحكومة إنها مشجعة، فيما إنها تبدو مشكوكة وغير كافية باعتبار
المخطط غير الواقعي لها.
غير أن ما
زاد الطين بلة كما يقولون هو استقرار الإرهاب في البلاد، متمثلا في استمرار
الاغتيالات السياسية في البلاد، التي وصل عددها إلى 4 في بضعة أشهر،بدون وضوح رؤية
بشأن وقف هذا المسلسل، أو تمرير المتسببين الحقيقيين فيه إلى المحاكمة، هذا فضلا
عن تواتر العمليات الإرهابية في الجبال لحد مقتل 8 بين ضباط وجنود في يوم واحد،
ومحاولات وصول الإرهاب حتى العاصمة، مركز الثقل السياسي والاقتصادي في البلاد،
وتأخذ ستاندار آند بورس في الاعتبار هذا المعطى وتدخله لأول مرة ضمن عناصر تقييمها
للوضع التونسي السيء، والذي لم يتحسن ولن يتحسن في ظل الحكومة القائمة، والتي وهذا
لا يقوله التقرير ، ولكنه يبدو واضحا من التحليل، غير قادرة على إصلاح وضع لم
تستطع له شيئا، لا هي ولا الحكومة التي سبقتها، رغم رفع العقيرة والقول بأن
الأوضاع تتحسن.
ولكن السؤال
يبقى مطروحا، هل يمكن لحكومة جديدة حتى من التكنوقراط ومن الخبرات والكفاءات شيئا
أمام وضع مترد لهذا الحد؟
من الأكيد أن
أمر التقييمات هذه لن يتحسن، وسيكون من الصعب حتى المحافظة على هذا الوضع للترقيم
السيادي التونسي، باعتبار ثقل التركة التي تركها للبلاد حكم النهضة خلال 20 شهرا
من التخبط، وعدم القدرة على مواجهة الواقع، وتأجيل القرارات الضرورية ، في ظل
حسابات انتخابية لا تضع لمصلحة البلاد أي اعتبار.
لقد أوصلت
سياسات النهضة البلاد ليس إلى حافة الهاوية، ولكن إلى قاع الهاوية التي تدحرجت
إليها صعودا يوما بعد يوم، ورغم ذلك ما زالت تواصل نفس التوجه ،بالإصرار على
الحكم، رغم النتائج الكارثية التي لم تعد تخفي على أحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق