من الذاكرة
|
يكتبها عبد اللطيف
الفراتي
لا ولاء إلا لتونس
تونس / 20/08/
2013-
غمرت تونس لوحات
حمراء جميلة، تقاسمها العلم الوطني وعبارة
"لا ولاء إلا لتونس"، والذين انغرست تونس في أعماق أنفسهم، لا
يبدلون بها أي وطن، مثل حالي، لا يمكن أن تكون لهم من هوية إلا تونس، قد تكون لهم
ميول عروبية، أو إسلامية أو بربرية أو إفريقية، أو حتى إنسانية ، لا يهم لكن
القاسم المشترك الأعظم هو الانتساب لهذه
الأرض، التي نحملها في جوارحنا، أو على الأقل الأغلبية منا، ممن ضربت عروقهم في
أعماق أرضها، يستوعبون كل تاريخها، يعترفون بكل رجالها ونسائها، يجدون في أنفسهم
شيئا من حنبعل، ومن سبقه، القديس أغسطينوس، بن خلدون، سيدي إبراهيم الرياحي،
خيرالدين باشا، عبد العزيز الثعالبي، الحبيب بورقيبة، عزيزة عثمانة ، السيدة
منوبية، لا يرفضون أحدا.
يلتقون عند الدولة
الوطنية، بحدودها الدولية، لا يتنكرون لاحتمالات الوحدة، ولكن على أساس من قرار
وطني، يحافظ على هوية البلد وتاريخه.
من كل هذا، جاءت
عبارة لا ولاء إلا لتونس.
هذه العبارة كانت
أول ما جاءت، أو معناها، في قانون توجيه التعليم ، لسنة 1992، حتى ينشأ أبناء هذا
الوطن، على حبهم لتونس، فنائهم فيها، لا ولاء لهم إلا لوطنهم تونس.
كان ذلك في إطار
إقامة الدولة العصرية ذات الشخصية المتميزة، التي كان بورقيبة قد بنى ركائزها، بعد
محاولات سابقة يائسة وغير ناجحة لطمس تلك الشخصية ، خلال كل الفترة التركية
العثمانية أو الفرنسية ، غير أن الشخصية التونسية بدت أصلب من أن تذوب أو تمحي،
وعلى مدى القرون فإن التونسيين كان ولاؤهم لهذه البلاد.
ووفقا لما عرفته
في تلك الفترة من بداية التسعينات، فإن محمد الشرفي هو الذي أشرف على عملية جريئة
وقتها لإصلاح التعليم وعصرنته، وفي هذا الإطار اتجه إلى ترسيخ الولاء لتونس ، كثابت من أكبر الثوابت.
ولعل ما أعرفه أن
تلك الصياغة ، كان مسؤولا عنها تحت إشراف الوزير، الفيلسوف المتميز حمادي بن جاب
الله، الذي أثرى المكتبة الفلسفية والأدبية ، بأكثر الكتب عمقا.
وبالعودة لتلك الفترة
فقد كان المجتمع متجاذبا بين متناقضين أو ثلاثة،
ليس بينها انجذاب إلى تونس أو انغراس فيها.
فمن جهة وفدت على
تونس أصوليات ذات ثلاثة أبعاد:
إحداها تنتسب إلى
الفكر الماركسي وتضع الدولية الاشتراكية فوق الوطن والولاء له، وتنظر إلى موسكو أو
بيكين أو تيرانا أكثر مما تنظر لتونس.
وثانيتها تنتسب
للفكر العروبي وتجعل الوطن العربي فوق الوطن التونسي ، وتعتبر القاهرة أو بغداد أو
دمشق هي المرتكز قبل تونس.
وثالثتها تنتسب
للفكر المتأسلم،وتخرج بالوطن من خصائصه الوطنية إلى خصائص أوسع لنسميها إمارة أو
خلافة. و تنظر نحو بلدان أخرى كمصدر للارتكاز، ولا تعترف لتونس بأي دور إلا في
إطار انصهارها في إمارة أو خلافة.
وثلاثة الأصوليات إما إنها لا تعترف بالوطن، أو
أنها تجعله في مرتبة ثانية في أحسن الأحوال.
وكان لا بد من
التوجه لتربية الأجيال، على الولاء لوطن، والذوبان فيه، وتقديسه، لأنه الأصل في كل
شيء.
وفي هذا الإطار،
وفي زمن يشكك البعض ممن يحملون علما أسود بدل العلم الأحمر والأبيض، رمز دم
التضحيات وصفاء القلوب، ومعاني الإسلام ، جاءت هذه المعلقات المنتشرة لتذكر بأن
الولاء للوطن هو الأصل.
fouratiab@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق