يكتبها عبداللطيف الفراتي
المزيد من الزائرين،، فأهلا بهم ومرحبا
تونس/ الصواب /28/08/2013
بعد مرور الأسبوع، وكل يوم أحد أتطلع إلى عدد
زائري هذه المدونة"الصواب" فألاحظ تطورا فاق التقديرات الأولية التي
خططت لها، باعتبار أنها مدونة لم يجر لها أي مجهود دعائي، وباعتبار أنها لا تقدم
أخبارا، بل تكتفي برصد الأحداث وتحليلها.
ففي هذا الأسبوع تم تجاوز الخمسة آلاف زائر، منهم ألفا بين يوم الأحد 18 آب
أغسطس و25 منه، صحيح أن تطور الأحداث، والملاحقة التحليلية كان لها دور في ذلك
الانفجار العددي، ولكن أيضا ، فإن نفاذ المدونة التدريجي لمما يزيد في عدد
زائريها، وأكثر من ذلك في ردود الفعل سواء، تلك المؤيدة أو الناقدة، ومما يسعدني
أن قامات كبيرة ما فتئت تعلق على المقالات ، وسأقدم هنا نماذج منها.
ولعل أكثر الناقدين لمحتوى المدونة، هو صديقي علي اللافي، الذي تحول من قومي
عربي ناصري متطرف إلى نهضاوي متحمس، وكان يجد في مقالاتي في المدونة ، بعينه
الجديدة عزوفا عن الموضوعية، بعد أن كان
يعتقد أني التزمت بها طيلة حياتي المهنية، ولقد كنت أجيبه باستمرار على رسائله،
بأني لا يمكن أن أقف على الحياد، وأنا أرى السلطة القائمة تهدم كل شيء ، وتتصور
لأبنائي وأهلي نمط مجتمع غير النمط الذي
نتصوره، حداثيا عصريا منفتحا، منبثقا من مكاسب البلاد منذ
أربعينيات القرن التاسع عشر.
وهو أول من يعرف لعلاقتنا الوطيدة، (ليس فقط السابقة بل الدائمة، فأنا أعتقد
دوما أن الخلاف لا يفسد للود علاقة)، أنني
لم أكن قط ممالئا للنظام السابق، بل كنت وهو أدرى بذلك أحد ضحاياه، كما يعرف أن
صداقات قوية تجمعني بقيادات من النهضة، وأنني كنت أحد الذين نالهم ضيم بسبب مواقفي
مما تعرضت له من ظلم واضطهاد.
لا علينا فأنا احترمت دوما، وأواصل احترامي لمن يخالفني الرأي.
ووفقا لترتيب ما وصلني من رسائل زمنيا سأتوقف عند ثلاثة منها وصلتني بالبريد
الاليكتروني
** الأولى من الأستاذ محمد عبد الكافي، وهو صحفي عانى ما عانى من ظلم الأنظمة
السابقة في البلاد، فاضطر أن يهاجر بقلمه، وبعد عدة تجارب حط الرحال في إسبانيا
التي اشتغل فيها صحفيا وقد تميز تميزا واضحا، وهو اليوم وقد شارف السبعين
يواصل الكتابة، سواء في إسبانيا أو في عدة مناطق من العالم العربي، وقد عرف بدقة
نظرته، وموضوعيته، ولقد استفدت كبير الفائدة من خبرته الواسعة، فاستكتبته في مجلة"المغرب
الموحد"التي صدرت لمدة سنتين تقريبا، كما استكتبته في صحيفة
"المحرر" القصيرة العمر.
وهو اليوم مستقر بإسبانيا و، كما إنه رئيس جمعية الصحفيين غير الإسبان في إسبانيا ،
له مداخل متميزة ، في الأوساط الحكومية هناك وكذلك في الأوساط المجتمعية.
وإني أعتز بما كتبه "ّللصواب" وجاء فيه ما يلي:
أخي المبجل الأستاذ عبد اللطيف الفراتي
المحترم أسعد الله أوقاتك ، إني أحترم مدونتك وأثني على محتواها الذي جعلني
ويجعلني على بينة مما تمرّ به تونسنا وقاها الله شرّ أعمالنا.
الغريب يا أخي هو أني ، وأنا أتابع الأحداث
وأتخيل عن بعد آثارها العاجلة والآجلة ، أتذكر أني توقعت وحذرت ، صراحة أو
بالإشارة ، إلى ما ألت إليه الأمور فعدت إلى ما كتبت ونشرت أو ألقيت في لقاءات ،
بالعربية والإسبانية ، فوجدت أني لم أكن بعيدا عمّا يجري رغم أني كنت ، آنذاك ،
متفائلا وعلى شبه يقين ، من أن أبناءنا سيتصرفون كما تصرف الإسبان والبرتغاليون
وغيرهم ممن عايشت انتقالهم من الدكتاتورية إلى الديمقراطية ، فيسبّقون الأهم على
المهم ، ويتنازلون عن كلّ ما يمكنه الانتظار ، ويضعون في المقدمة الوطن وإنقاذه ،
ويشرعون في تغيير الطباع وما بالأنفس من ثقافة الظلم وآثاره ، لكن خاب ظني ، وظن
الكثيرين بلا شك ، إذ أن الراقصين في الحلبة وضعوا الحصير قبل الجامع ، وبدؤوا
من الآخر، فغرقت البلاد في ما هي عنه في غنى .
أتعرف يا أخي عبد اللطيف ، لطف الله بك وبتونسنا
، متى شرع الإسبانيون في التناحر الذي بدأ به إخواننا في تونس ؟
بعد
30 سنة من التحوّل أي بعد 2005 وهاهم يتصارعون ويدفعون ثمن نقائص الديمقراطية التي
طبقوها بدون أن يكيفوها على مقاسهم وثقافتهم وتركيبة بلادهم إلى غير ذلك مما
يستوجب التكييف لأن الديمقراطية ، كما وصفتها في أحد مقالاتي ، هي عبارة عن قطعة
قماش يشترط فيه أن يكون من الحرير الطبيعي الصافي، ولكل أن يفصله ويخيطه على
مقاسه. فأول أسس وشروط الديمقراطية هو ضمانها لكل الحريات الطبيعية، ومنها ينسج
كلٌّ قميصه على مقاسه وحسب حاجياته وطبقا لمتطلبات ظروفه ومناخه وبيئته دون إهمال
أصله وجذوره..
لا أطيل عليك يا أخي واعذر لي هذياني واسمح
لي بأن أرفق لك مقتطفات مما نشر لي بالعربية حتى تؤيد أو تفند اعتقادي ولك الشكر
ثانية ودمت في خدمة المهنة التي أراك تشتكي ممن لا يتبع أخلاقها ، وهو ما نالني
ونال غيري من الزملاء منه الكثير، ولله في خلقه شؤون.
دمت في يمن وسلام من أخيك
م.ن.ع.ك
** لقد اطلعت بإمعان على هذه المقتطفات، والصديق العزيز يعلم، أن ضيق المجال
يمنع من نشرها.
**أما الرسالة الثانية ترتيبا وليس
أهمية ، فقد وصلتني بالبريد الالكتروني من الدكتور عبد المجيد الشرفي، وهو قامة من
أعلى القامات في بلادنا، وعلى اتساع عالمنا العربي وحتى العالم، بإضافاته التي لا
يمكن ، لأي كان سواء وافقه في أطروحاته أو خالفه فيها، أن لا يكون على إطلاع
عليها، ولم يكن ما كتبه لي الأستاذ الكبير هو أول ما كتبه لي، وفي ما يلي ما جاء
في رسالته:
عزيزي عبد
اللطيف
أتابع مدونتك
باهتمام، ولذا فلا أعقب إلا على ما يبدو لي في حاجة إلى المراجعة.
وفي تحليلك الأخير للقوى الفاعلة في الشرق
الأوسط ذكرت علويي تركيا ضمن محور إيران والشيعة.
إلا أن ما
أعرفه عن هذه المجموعة أنها ليست مستعدة للتضامن مع الشيعة الاثني عشرية الحاكمة
في إيران.
مشاكلها مشاكل تخص المجتمع التركي أساسا، وخصوصا
طغيان المذهب الحنفي والسنة عموما.
أما فيما عدى
ذلك فلا أظن أنها يمكن أن تتضامن مع حزب الله أو مع نصيريي سورية أو غيرهما.
المخلص
عبد المجيد
الشرفي
وقد كتبت
تعقيبا على ذلك ما يلي:
الدكتور عبدالمجيد الشرفي المحترم
شكرا على الاهتمام المتواصل بالمدونة
التي أسعى لتضمينها بعض أفكاري وملاحظاتي، كما أحرص على التواصل، وإذ أفخر بعدد
المتابعين والزائرين وهو متعاظم فإني أعتز بالخصوص باهتمام قامة مثل قامتكم بهذا
العمل الذي يبقى عملا صحفيا لا يرقى للأعمال الأكاديمية الصادرة عنكم والتي
ألاحقها باستمرار، عذرا عن هذا الخطأ غير المقصود الذي وقعت فيه نتيجة خلط بعد أن
طالعت قبل الكتابة ما طالعت ، وخاصة مقالي في المدونة حول أحداث تركيا ومظاهرات
ميدان "تقسيم".
وبالعودة لمطالعاتي في المجال تأكدت من صحة ودقة
معلوماتكم،.
لذلك واعتبارا لضرورة التقيد بدقة المعلومات، خاصة فإني سأخصص جزء من رسالة
الناشر لملاحظاتكم القيمة بالعودة إليها.
وشكرا على كل هذا الاهتمام
مع وافر الود والتقدير
وتعتبر تركيا فسيفساء ملونة من الإثنيات والأديان
والمذاهب.
وفي ما يلي مقتطفات من مقال سبق لي إصداره على هذه
المدونة بتاريخ 12/06/2013 :
..ومن هذه المدن التي طالها
الاضطراب ديار بكر العربية، ولواء الاسكندرون حيث تعيش أقلية علوية، تنتسب لنفس الطائفة الحاكمة في سوريا من
النصيرية، وحيث توجد أقليات يونانية وأرمنية وأذربيجانية وطاجيك وسريان وتركمان،
عدا التنوع الديني من مسلمين غالبهم حنفية ومن يهود ومسيحيين من كل الطوائف.
كل هذه الأقليات وبعضها مهم
كالأقلية العربية التي تعد لا أقل من 6 ملايين والأقلية العلوية التي يوجد مركزها
في سوريا ولكنها تعد أكثر من علويي سوريا الذين بيدهم حكم دمشق، ويبلغ عددهم حسب
المصادر المختلفة ما بين 10 و15 مليون ،
إذ تؤكد السلطات التركية في غياب إحصائيات حسب الأعراق والديانات أنهم 12 مليونا
بينما تؤكد زعامات العلويين أنهم لا يقلون عن 20 مليونا، وكذلك هناك الأقلية
الكردية وغالبها الأعظم من المسلمين السنة الحنفيين، وهنا أيضا نجد اختلافات عميقة
بشأن تعدادهم وإذ تؤكد السلطات التركية أن عددهم يبلغ 12 مليونا فيما تؤكد
الزعامات الكردية أنهم يفوقون 20 مليونا، وإذا صحت هذه التقديرات فإن نصف عدد
الأتراك أي 35 إلى 40 مليونا من 75 مليونا
هو عدد سكان تركيا، هم من الأكراد والعلويين.
وإذا تم استثناء العلويين وقلة
من المسيحيين واليهود فإن 55 إلى 60 في المائة أو يزيدون هم من المسلمين السنة
الحنفية في دولة تقول بأن 99 في المائة من سكانها هم مسلمون.
وتركيا تقوم على 15 عرقا على
الأقل اليونانيون والأرمن والآشوريون والسريان والجارك أو الجورجيون والغجر هم من
المسيحيين، باعتبار أن إسطنبول كانت عاصمة إمبراطورية مترامية الأطراف يأتيها
المهاجرون من كل فج عميق.
** أما ثالثة هذه الرسائل فقد وافاني بها
الدكتور أحمد القديدي، الذي كان مقربا من
الوزير الأول الأسبق محمد مزالي، وقاسمه سنوات الجمر في المهجر، وقد تولى إدارة صحيفة العمل لفترة معينة ، كما
تولى النيابة في البرلمان وكان مبوبا للوزارة ، وفي تل** أما ثالث هذه الرسائل من
بين غيرها، فوصلتني من الأستاذ الصديق أحمد ك الفترة كنت شخصيا على خلاف شديد مع محمد مزالي بعد
صداقة عميقة سابقة ، تنكر لها الوزير الأول عندما وصل للوزارة الأولى معتقدا أن
تلك الصداقة تجعلني في جيبه، وقد خاب فأله وقتها حيث حضرت روحي النقدية وغابت
المجاملة، فحاربني كما حصل مع غيره من محاربة قبله وبعده، إلا أن أحمد القديدي كتب
بشأني لاحقا، ما أثلج صدري:
ففي كتابه "ذكرياتي من السلطة إلى المنفى"
كتب في الصفحة 83 مايلي:
وفي العام نفسه 1988 صدر استجواب محمد مزالي في جريدة
الصباح(1) (يوم الأحد 3 نيسان أبريل) ، وكان ذلك حدثا بارزا اعتقدنا أنه يفتح باب
الحوار بين مزالي وبن علي ، ويسهل إيجاد حل سياسي
عادل لقضية مزالي السياسية خاصة.
وجريدة الصباح كانت أول وآخر صحيفة تونسية تشير
بشجاعة لطي صفحة الماضي وتدشين عهد بن علي بوفاق وطني يمحو آثار المظلم الذي كرسته
شيخوخة بورقيبة وغرقه في لجج الخرف..
كان قلم عبداللطيف الفراتي في الصباح قلما
استثنائيا.. لكن الخرس الذي اعتراه بعد بضعة أسابيع، أعطانا فكرة أصح عن توجه
النظام آنذاك(2)
وفي كتابه
أيضا وفي الصفحة 119 يقول:
:"لكننا فوجئنا بافتتاحية جريدة الصباح ليوم 18
آذار مارس طالب فيها الصحفي الوطني عبداللطيف الفراتي بشجاعة عودة محمد مزالي وطي
صفحة الماضي في ظروف تحفظ كرامته(3).
حركة جريئة من صحفي مثقف وشهم ظل في نظرنا مثالا للاحترافية الصحفية الخالصة
المصحوبة بفضيلة الاختيار الوطني ، لكن تلك الافتتاحية كانت الأخيرة لعبد للطيف
الفراتي(4)
كما في كتاب الدكتور القديدي مناسبة ثالثة يتحدث فيها
عني حيث يقول:
في تشرين الأول أكتوبر 1990 شارك محمد مزالي في مؤتمر
مساندة الشعب الكويتي الذي انعقد في جدة، وقابل بعض التونسيين ، منهم محمد البلاجي
الذي اعلن أمامه براءته من القضية التي صنعها النظام التونسي ضده، ومنهم منصف بن
مراد الذي يحاول التلاؤم مع عهد جديد بلا حرية، وقال لي محمد مزالي : لم أحترم
منهم سوى عبداللطيف الفراتي(5)
وقد أرفق الأستاذ الدكتور أحمد القديدي تحيته
للمدونة، بمقال عن الأوضاع التونسية ، وتصوره للخروج من المأزق، في إطار النظرة
التي يبشر بها الحزب الذي أصبح ينتمي إليه ، أي الحزب الوطني الحر الذي يتزعمه
سليم الرياحي، والذي يشغل فيه منصب المين العام، وهو موقف يختلف تماما مع موقفنا
في هذه المدونة الأقرب إلى جبهة الإنقاذ، اعتمادا على أن الصحفي في مثل هذه
الأوضاع المتأزمة للحد الأقصى عليه أن يأخذ الموقف الذي يمليه عليه ضميره، والذي
يرى فيه مصلحة البلاد، وإن خرج عن حياده، كمثل الموقف في حالة مقاومة قوة خارجية
تماما.
وسننشر مقال الدكتور القديدي في هذه الدفعة من
"الصواب".
وإلى اللقاء.
(1)
أجرى
الحديث في باريس الأستاذ عبدالجليل دمق
(2)
رغم
اشتغاله بالصحافة كمدير ، لم يكن الدكتور القديدي ليدرك، أن الصحيفة ليست حزبا
يطالب ويعيد الطلب بل اعتمادها على الظرفية والحدث.
(3)
بالعودة
لتلك الافتتاحية وجدت أنها كانت تخص كل الزعماء المغتربين المنفيين وليس محمد مزالي
وحده
(4)
هل كان
يعتقد المؤلف أننا سنحبر افتتاحية في الموضوع كل يوم،
(5)
كنا 6 أو
7 صحفيين تونسيين تمت دعوتنا من جملة
المئات إلى مؤتمر كويتي انعقد بعد احتلال العراق للكويت تضامنا مع الشعب الكويتي
fouratiab@gmail.com