صندوق النقد الدولي
في نظر التونسيين
تونس /الصواب/06/06/2013
ما زال البعض من التونسيين وحتى المسؤولين في المجلس التأسيسي، يقفون موقف
المعارضة، من القرض الذي قد تكون الحكومة
قد وقعت بعد اتفاقا بشأنه، وتأتي المعارضة من عدد كبير من النواب ، بمن فيهم نواب
من حزب الحكومة النهضة.
وتأتي هذه المعارضة من سببين في تقدير المعارضين:
أولهما : أن هذا القرض مشروط بمجموعة التزامات تنال من مصالح التونسيين،
وتضيق عليهم سبل حياتهم.
وثانيهما: أن هذا القرض ينال من السيادة الوطنية، بالتدخل لدى الحكومة فرضا
لأمور تدخل في سيادة قرارها.
لنقل أولا، أن صندوق النقد الدولي، لم يأت إلى تونس ليستجدي منا قبول قرض
منه، بل إن تونس هي التي ذهبت إليه طالبة
هذا القرض.
ولنقل ثانيا أن أي بلد لا يلجأ إلى صندوق النقد الدولي طلبا لقرض إلا وهو
مجبر وليس له خيار آخر.
ولنقل ثالثا إن أي بنك في العالم وأن أي مؤسسة مالية، لا تصرف قرضا سواء
لفرد، أو لمؤسسة، أو لدولة إلا بعد أن تتأكد من أن سداد أقساطه مضمون وفي زمنه
المحدد.
وتونس وهي تذهب لصندوق النقد الدولي، لم تكن مختارة، ورغم ما تقوله الحكومة
بأنه لن يفرض عليها شيئا، فإن ذلك غير صحيح، بل إنه يضع شروطا جمة وثقيلة، تقبل
بها أي حكومة في مثل أوضاع تونس أي إن اقتصادها في حالة ولنقلها بصراحة كارثية.
فمن جهة يشكل الميزان التجاري التونسي نقطة السلب الكبيرة، وبدون الدخول في
التفاصيل المملة، فإن البلاد تشكو من تدهور قدراتها على التصدير، فيما يبدو أن
حاجاتها التوريدية لا يمكن ضغطها،إما لحاجات تزويد السوق أو لحاجات السلع اللازمة
لتدوير عجلة الإنتاج.
ومن جهة ثانية فإن مصدرا ثانيا لتوازن ميزان المدفوعات وهو السياحة يبدو
معطلا تعطيلا كبيرا.
ومن جهة ثالثة فإن إرساليات الجالية التونسية تبدو إلى نضوب، لطبيعة نوعية
المهاجرين، ووصول الجيل الثاني وحتى الثالث، وهؤلاء لا لزام عليهم لإرسال أموال
لآبائهم المتناقصين عددا عاما بعد عام.
ومن جهة رابعة تعطل الاستثمارات الخارجية المباشرة، بالنظر إلى ضبابية
سياسية تزداد إظلاما، وعدم وضوح رؤيا فضلا عن أمن وإن تحسن فإنه يبدو بالنسبة
للخارجيين مفقودا.
ومن هنا فليس لتونس خيار آخر، غير
اللجوء لصندوق النقد الدولي وتجرع الدواء المر الذي يأتي في وصفته، لقيام الجواد
من كبوته.
وللمرء فقط أن يتمنى أن تقدر تونس على الإيفاء بالتزاماتها في سداد هذا
القرض الثقيل، ولعل مدى النجاح في ترشيد الاقتصاد التونسي، والخروج به من
الاصطناعية المفرطة، هو وحده باب النجاح في المستقبل.
على أن للمرء أن يتوقف قليلا عند مقولة سائدة، ومؤسفة، وهي القول بالتوقف
عن سداد الديون السابقة ورفض ذلك السداد، بحجة أنه لم يقع تدقيق مجالات صرفها،
وهنا لا بد من القول أن التزامات الدولة باقية محمولة على عاتقها، وأنه ليس من
كارثة أكبر من أن تعلن دولة أي دولة سواء عن طواعية أو تحت ظرف قاهر، عن وقف سداد
الديون، ووقتها فلن يثق أحد بها مستقبلا وهذا يعني عدة أمور لعل أهمها، عدم
استطاعة التوريد لا للسلع ولا الخدمات لأنه لن تكون بين يديها عملات أجنبية،
وعندها فلن نجد قمحا للغذاء البشري، في أحسن وأول التقديرات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق