اقتصاديات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
إلى أين؟
تونس/الصواب/27/06/2013
البنك المركزي انتهى في الأخير إلى ما سقناه منذ أكثر من سنة في عدد من وسائل الإعلام تأكيدا لآراء صائبة ومتقدمة صدرت عن قمم اقتصادية وخبرات عالية، مثل مصطفى كمال النابلي، ومعز الجودي، وعز الدين سعيدان ومحمود بن رمضان، وغيرهم ممن نبهوا لما ينتظر بلادنا، إذا لم يقع تدارك الأمر، وإذا لم نتفطن إلى أننا نسير على منحدر قوي جدا وخطير،.
وللأسف فإن قرارات اقتصادية مهمة واجتماعية كان ينبغي أن تتخذها الحكومة منذ بدايات 2012، وتأخر اتخاذها حتى الآن دفعت بالوضع إلى حالة تكاد تكون ميؤوسة، ما دفع بمحافظ البنك المركزي الجديد وهو شخصية مرموقة إلى الإصداع بالحقيقة، والتنبيه إلى خطورة وضع يحتاج إلى قرارات حازمة.
فخلال هذا الأسبوع وبمناسبة سفر قريبة لي، إلى فرنسا كان لا بد من التنقل بين 5 وكالات بنوك، في إحدى ضواحي العاصمة لتحويل 3000 دينار إلى العملة الأوروبية، وهو أمر لم يسبق لي أن شاهدته، ويبرز ما تم الإعلان عنه من هبوط مخزون العملات الأجنبية بصورة لم يسبق لها مثيل، إلى الحد الذي بات معه التهديد واضحا ، بدون مدد صندوق النقد الدولي المنتظر، لحالة التوقف عن سداد الديون المحمولة على البلاد، أو التوقف عن التوريد بما يلحق الضرر لا فقط بالتموين اللازم ، ولكن أيضا بما قد تكون له عواقب وخيمة على عملية الإنتاج ، بما يعني لا فقط تراجع حجم الثروة الوطنية، ولكن أيضا تفاقم حالة البطالة التي تشكو منها البلاد.
إن الموازنات الخارجية أصبحت في حالة تدفع إلى الحيرة، فلا الصادرات سائرة نحو الخروج من المأزق، ولا الواردات غير الحيوية اتجهت إلى التراجع، ولا السياحة بعكس ما يقال، توحي بأنها في طريق غير رمادي، وبالخصوص فإن الاستثمارات لا تنطلق بل لعلها إن لم تكن في جمود فهي إلى تناقص.
وإذ كان الوضع كذلك، فإن السياسة تبدو مسئولة إلى حد بعيد على كل ذلك، فالضبابية ما زالت مسيطرة، والانتخابات التي بشر السيد علي العريض في بروكسيل بإجرائها في ديسمبر المقبل ، لا يبدو في الأفق ما يوحي باحتمال إجرائها في ذلك الموعد، أما التجاذبات بشأن الدستور والصيغة التي سيتم تقديمها للمصادقة في أول يوليو تموز، فإنها تبدو وخاصة في توطئتها وفصلها الواحد والأربعين وأحكامها الانتقالية، وكأنها خارج إطار الوفاقات العامة وربما تحتاج إلى وقت طويل للمصادقة إن تمت المصادقة ولم يقع اللجوء إلى استفتاء يبدو مستحيلا، وكل ذلك يحسب على البلاد ووضعها السيء ، ويؤجل أمر عودة الاقتصاد إلى وضع طبيعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق