تونس/ الصواب/29/05/2013
لم يكن الحكام في تونس أي النهضة وشريكاها المؤتمر والتكتل، على وعي بتأثير
السياسي على الاقتصادي، ومن هنا جاء التساهل مع السلفية ومظاهرها المنفرة،
وتحركاتها الباعثة على الحذر، في أدنى الأحوال، والتساهل أيضا مع الإضرابات
المشروعة أسبابا وبعيدا عن احترام القوانين القائمة، وانفلات الأمن وشعور سائد بأن
البلاد غير محكومة، والتأخير المفرط في توضيح الرؤية، والضبابية القاتمة على
المشهد السياسي والمستقبلي للبلاد، وإرادة فرض نمط مجتمعي لا يساعد على تلمس الطريق
المؤدية والسبيل الهادية.
ومن هنا يمكن تفسير حالة الانتظار القلق لتوضيح الصورة وتبديد الظلام
والضبابية. وتأثير السياسي لا يمر فقط عبر
عدم وضوح الرؤية في المواعيد، فالمستثمرون محليون وأجانب، والسياح، مهما
كان مصدرهم، ليس همهم المواعيد فقط على أهميتها في تشكيل قناعتهم بالقدوم لهذه
البلاد أولا، بل يهمهم تصور المجتمع، وإن كان سيحافظ على نمط مقبول أو لا، حيث إن
هذه البلاد لا تعيش في جزيرة مقطوعة عن العالم الخارجي، بل لذلك العالم الخارجي
تأثير واضح لأنه تعود من تونس على مدى المائة وخمسين سنة الماضية، منذ انطلاق
الحركة الاصلاحية التونسية في عهد المشير أحمد باي، على انفتاح تونسي كبير، تعزز
وترسخ على يدي بورقيبة ورفاقه، الذين بقي من روادهم على قيد الحياة رجال بررة، من
بينهم وعلى رأسهم مصطفى الفيلالي الذي نشر قبل بضعة أشهر مقالا حارقا عنونه كما
يلي: هل بقيت في تونس دولة؟
وإذا عرفنا من هو مصطفى الفيلالي، الرجل المتشبث بدينه وقيمه العالية
والكونية المنهج، والمفتوح على العصر، عرفنا ما هو المطلوب لتوضيح الرؤية، أول
شروط التنمية الفعلية الحقيقية، وعودة الثقة، وانطلاق العمل الفعلي من أجل وضع أسس
تنمية فعلية، ليس من سبيل لقيامها، إلا باستثمار مكثف، ومناخ اجتماعي سليم،
وابتعاد عن كل ما ينفر، وانخراط في المنظومة الدولية بكل مكوناتها، المرتكزة على
المرجعية العالمية لحقوق الإنسان وضوابطها دون نقصان، والديمقراطية بمقوماتها
ومنها الانتخابات الدورية النزيهة والشفافة والتعددية،والحريات العامة وفي مقدمتها
حرية التعبير، وحرية المعتقد وحرية الضمير، وهي مقومات قد تبدو ولا علاقة لها
بالاقتصاد وتنميته، ولعب دوره في الرفاه والكفاية مع عدالة التوزيع، ولكنها وهذا
ما ينبغي أن يكون واضحا هي في صميم العملية الاقتصادية والارتباط بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق